سعد الفرج: الأصوات النشاز جعلتنا نؤسّس أول مسرح خاص

نشر في 18-08-2010 | 00:00
آخر تحديث 18-08-2010 | 00:00
الفنان والمؤلف المسرحي سعد الفرج هرم فني كبير، عشق المسرح لرسالته النبيلة، وأسس «فرقة المسرح العربي» مع رفاق الدرب من بينهم عبدالحسين عبد الرضا الذي أسس معه أول مسرح خاص في الكويت.

في دردشة معه أزاح الفرج الستار عن قصص شائقة في مشواره المسرحي.

كيف يتمّ قبول الأعضاء في فرقة مسرحية؟

من خلال دراستي في الولايات المتحدة الأميركية وانكلترا، لمست أنني لا أستطيع الحكم على الممثل من خلال مشهد أو موقف يقدّمه.

وماذا عن «فرقة المسرح العربي»؟

في مرحلتها التأسيسية عام 1961، كانت الأوضاع تحتّم على زكي طليمات اختيار الممثلين وفق مشهد يؤدونه أمامه، هنا لا بد من الإشارة إلى أنه ليس كل من يقوم بالاختبار لديه إمكانية طليمات، الذي يحزر، بلمحة سريعة، إن كان المتقدم ممثلاً أم لا، وهذا صعب على شخص آخر غيره.

كيف يتم اختيار الممثلين في الدول الأخرى؟

عبر الكليات الفنية التي تنظّم دورات تدريبية مدتها أربعة أشهر ونصف الشهر، ووفقاً للدرجة التي يحصل عليها الممثل يُتخذ القرار باستمراريته في المجال.

ما كان دورك في أول مسرحية لك مع «فرقة المسرح العربي»؟

جسدت شخصية قائد الجيش المرواني في مسرحية «صقر قريش» وهي من تأليف محمود تيمور وإخراج زكي طليمات.

متى برزت موهبتك في التأليف؟

منذ كنت طالباً على مقاعد الدراسة. تمحورت كتاباتي الأولى حول القصص القصيرة.

ما أول مسرحية كتبتها؟

«أنا ماني سهل»، تتألف من فصل واحد أخرجها عادل صادق وعرضت عام 1962 على مسرح سينما الأندلس في أول عيد وطني كويتي وهي من النوع الكوميدي. بعد سنة قدمت مع «فرقة المسرح العربي» «استارثوني وأنا حي» التي أخرجها زكي طليمات.

كيف أصبح «المسرح العربي» مسرحاً خاصاً بعدما كان منضوياً تحت لواء الحكومة؟

عندما «غسل ايده» طليمات من المسرح عام 1964 ومن الجمهور الكويتي، شكلنا مجلس إدارة جديداً للمسرح بدعم من الراحل حمد الرجيب ليصبح مسرحاً أهلياً مدعوماً ويتبع لدائرة الشؤون الاجتماعية كجمعية نفع عام بعدما كان حكومياً بمنزلة مسرح قومي.

لماذا تخلى طليمات عن «المسرح العربي»؟

ليتفرغ لتأسيس معهد الدراسات المسرحية.

ماذا تخبرنا عن تلك الفترة؟

بعد انسحاب طليمات أصبح العبء الأكبر علينا، فإما أن يستمرّ المسرح أو يتوقف، أذكر أنني سافرت في أغسطس إلى فلسطين وتحديداً إلى «برك سليمان» في مدينة بيت لحم في الضفة الغربية وكتبت أول مسرحية شعبية كاملة للفرقة بعنوان «عشت وشفت» تتكون من ثلاثة فصول، وذلك بعد تشكيل المجلس الجديد، ولدى عودتي أجرينا التمارين فوراً وقدمناها للجمهور فكانت فاتحة خير على المسرح.

كيف شاركت عائشة ابراهيم في المسرحية وهي عضو في «المسرح الكويتي»؟

عندما بدأنا في المسرح العربي بعد مرحلة زكي طليمات كان العنصر النسائي شبه مفقود على رغم وجود مريم الصالح ومريم الغضبان، لكنهما بدآ التعاون مع «فرقة المسرح الشعبي» ومعهما الراحل عبد الرحمن الضويحي الذي بدأ معنا، فعرضنا الدور على عائشة ابراهيم، ولما قرأته أعجبت به ووافقت عليه، كذلك أقنع خالد النفيسي مريم عبد الرزاق التي جلبت معها زميلتها في معهد التمريض طيبة، هكذا اكتمل فريق المسرحية المكوّن من ثماني شخصيات بينها ثلاثة عناصر نسائية: الأم، الحماة، زوجة العمّ. أدت ابراهيم الدور الأول، ومريم عبد الرزاق الثاني، وطيبة الثالث.

كيف جاءت فكرة مسرحية «الكويت سنة 2000»؟

عندما كتبتها كان اسمها «دقت الساعة»، وبحكم أن المسرح العربي أيام طليمات (بقي حوالى 4 سنوات)، كان يقدم أعمالاً باللغة العربية، ارتأى مجلس إدارة المسرح، وكنت أحد أعضائه بمنصب مدير المسرح، تغيير الاسم كي لا يظن الجمهور أنها باللغة العربية الفصحى، فصُوّت بالإجماع على تسميتها «الكويت سنة 2000».

ما أبرز خطوطها من ناحية المضمون؟

تدور حول شخص يشاهد حاضره ويتخيّل المستقبل، وتدعو إلى البناء والتصنيع، إذ عندما قدمناها عام 1965 كانت الكويت تعتمد اعتماداً كلياً على البترول وتفتقر إلى أي نظرة الى الصناعات، لذا تخيلنا أن النفط قد نضب وتساءلنا: كيف سيجابه الشعب الكويتي مستقبله؟ إذاً تدق المسرحية ناقوس الخطر إن لم نبادر إلى سدّ الفراغ بإقامة صناعات جديدة.

كيف نشأت فكرة تأسيس المسرح الخاص؟

بعد النجاحات التي حققتها «فرقة المسرح العربي» وإقبال الجمهور عليها، ظهرت أصوات نشاز في المسرح، وأصابت الغيرة الفرق المسرحية، كذلك أسهم التلفزيون في شهرة ممثلي «المسرح العربي»، فبدأ الأعضاء يتحدثون عن المكافآت وزيادتها ومن يعمل ومن لا يعمل، عندها اقترح عبد الحسين، بما أننا من العناصر الأساسية في المسرح، أن نعمل من خلال المسرح الخاص ونستقطب الممثلين المناسبين ونقرر لهم مكافآتهم، فالتقينا في الرأي لعوامل كثيرة آنذاك.

لكنك سافرت في تلك الفترة في بعثة إلى الخارج.

صحيح، عرضت عليّ وزارة الإعلام بعثة دراسية طويلة لمتابعة دراستي في الإنتاج التلفزيوني والإخراج، فخضعت لدورة تدريبية في إذاعة الـ «بي بي سي» البريطانية أولاً ثم درست في الولايات المتحدة الأميركية.

آنذاك، كنت وعبد الحسين على اتصال مستمرّ، وعندما أصيب بجلطة وسافر إلى انكلترا للعلاج وافيته إلى هناك وتباحثنا حول تأسيس الفرقة الخاصة.

هكذا، بعد عودتي أسسنا أول مسرح خاص لعبد الحسين عبد الرضا وسعد الفرج تحت اسم «المسرح الوطني» (1974)، قدمنا خلاله مسرحيات ناجحة من بينها: «بني صامت»، «ضحية بيت العز»، و{على هامان يا فرعون».

وماذا حدث بعدما أسس عبد الحسين مسرحه المنفرد؟

في سنة 1980 أسس عبد الحسين مسرحه الخاص باسم «الفنون»، وبقيت أنا في «المسرح الوطني»، آنذاك تلقيت عرضاً من عبد الأمير التركي اقتنعت به، لأن همي في ذلك الوقت كان تقديم مسرحيات جيدة تسير وفق قناعاتي ومبادئي في عالم المسرح، فقدمنا معاً مسرحيات تحت اسم «المسرح الكوميدي» الذي يملكه التركي، وبدأنا مسيرة جديدة في مسرحيات: «حرم سعادة الوزير»، «ممثل الشعب»، «دقت الساعة»، «حامي الديار»، «هذا سيفوه» التي انضم إلينا فيها عبد الحسين عبد الرضا، «مضارب بني نفط». لا تقلّ هذه الأعمال مستوى عن مسرحية «الكويت سنة 2000» التي عُرضت عام 1965.

كيف ترى مسرحنا اليوم؟

المسرح اليوم على عاتق الشباب ولكل حصان كبوة، لا يأتي الليل إلا وبعده النهار والبركة في الشباب الذين أعمل معهم، فهم متحمّسون للمسرح ورسالته ودوره، لذا أنا على يقين بأنه سيحقق نهضة.

الجوائز والتكريم

على مدى مسيرته الفنية نال الفرج جوائز تقديراً لعطاءاته وكرّم في المهرجانات داخل الكويت وخارجها، من بينها:

- ميدالية وشهادة تقدير من وزير الإعلام (1981) لمناسبة مرور عشرين عاماً على إنشاء تلفزيون الكويت.

- درع من نادي اليونسكو في جامعة الكويت بعد إلقائه محاضرة عن المسرح.

- درع وشهادة تقدير من المسرح العربي (1977).

- وسام بمناسبة «يوم المسرح العربي» (1980).

- المواطنة الفخرية من ولاية كنتاكي- الولايات المتحدة (1981).

- جائزة سلطان عويس في الإمارات (1997).

- جائزة مهرجان الرواد العرب الأول (1999).

- كرّم في «مهرجان الكويت المسرحي» - الدورة الثامنة (2005).

- جائزة الدولة التقديرية (2006).

- كرّم في «مهرجان أيام المسرح للشباب» - الدورة السادسة (2009).

- كرم في «مهرجان محمد عبد المحسن الخرافي المسرحي» - الدورة السابعة (2010).

- جائزة الشارقة للإبداع المسرحي- الدورة الرابعة (2010).

التأليف والإعداد

تأليف مسرحي: «أنا ماني سهل» (1962)، «استارثوني وأنا حي» (1963)، «عشت وشفت» (1964)، «الكويت سنة 2000» (1965)، «جنون البشر» (1997)، «قطع غيار» (1999)، «صنطرون بنطرون» (1993).

تأليف مسرحي مشترك: «بني صامت» (1975)، «ضحية بيت العز» (1977)، «دقت الساعة» (1985)، «حامي الديار» (1986)، «هذا سيفوه» (1989)، «مضارب بني نفط» (1990).

إعداد مسرحي مشترك: «على هامان يا فرعون» (1978)، «حرم سعادة الوزير» ( 1980)، «ممثل الشعب» (1982).

قالوا عنه:

عبد الحسين عبد الرضا

كلما التفت وجدته أمامي ومعي، يرفد كل منا الآخر ويثري كل منا مسيرة الآخر، فنحن لبعضنا كما الوشم في الذاكرة والزمن، وهو وشم يسعدني لأنه مقرون بفنان كبير بمستوى الفنان القدير سعد الفرج.. يعرف ماذا يريد وضحى بالكثير لتظلّ سفينة المسرح في الكويت والخليج مرفوعة الأشرعة تمخر عباب الزمن وتتجاوز المصاعب.

سعاد عبدالله

الحديث عن سعد الفرج هو بمثابة الوقوف على حدّ الطريق والالتفات إلى الوراء حيث البدايات وخطوات الصبا الواسعة في عالم الفن الذي كان وليداً بكراً احتضنته عقولنا وتبنته طاقاتنا، لنهديه سمعاً وبصراً إلى مجتمع، كان حديث العهد به، ونكوّن قاعدة جماهيرية وإرثاً مسرحياً ودرامياً وإذاعياً ما زال ممتداً إلى يومنا هذا. سعد الفرج فنان وإنسان يتوق إلى التغيير نحو الأفضل، حامل الهم السياسي وصاحب نزعة وطنية، ما زال ممثل الشعب وحامي الديار إذا دقّت الساعة.

عبد العزيز السريع

أي منصف يتابع إبداعات سعد الفرج يضعه في طليعة صنّاع الفن في الكويت، كلنا نتذكر أداءه دور الأب المميز في مسرحية «عشت وشفت» أو مسرحيته الطريفة «الكويت سنة 2000» أو تمثيله المتقن في مسرحية «حرم سعادة الوزير» ومسلسل «درب الزلق» كذلك «الأقدار» فضلاً عن دوره الذي لا يُنسى في فيلم «بس يا بحر» للمخرج خالد الصديق.

فؤاد الشطي

هو من القلائل من أبناء مرحلته وجيله من الفنانين الكويتيين الذين اتكأوا على الثقافة والعلم. الأفكار السياسية التي آمن بها هي ابنة مرحلتها استفاد منها في أعماله الفنية تأليفاً وتمثيلاً وإدارة. قد تتغير منطلقاته الفكرية من مرحلة إلى أخرى لكنه ينطلق دائماً من مبدأ الموقف، وهذا ما يحسب له لا عليه.

د. شايع الشايع

سعد الفرج جريء في اختيار الأدوار، دقيق في طرحه، جاد في مواضيعه، راق في كوميديته، وهذه الصفات لا تتوافر إلا للمحترفين، أجزم أنه أحد أساتذة فن التمثيل وإحدى منارات الفن في الوطن العربي.

أحمد الجسمي

عرفته صاحب مدرسة في الأداء المسرحي الكوميدي المقتضب بلغته وشكله والنابع من فهم خاص للشخصية الدرامية وحالتها. سعد الفرج ... المؤمن بأن الاستعداد والموهبة وحب العمل كلها شروط الممثل الناجح وبأن الهواية في مجال المسرح أبقى مع كريات الدم مدى الحياة من الاحتراف الذي ينتهي بالاعتزال والتقاعد.

من أقواله

- الفنان الملتزم لا يتجنى على بلده أو ناسه، لكن إذا حقق المسرح الكويتي مكانة كبيرة على مستوى الوطن العربي فإن ذلك نتيجة مساحة الحرية التي كنا نتمتع بها، إنما بعدما ضاقت هذه المساحة بتنا لا نصلح للمسرح ولا المسرح يصلح لنا.

- شهدت حقبتا الستينيات والسبعينيات نهضة فنية وثقافية في الكويت، تميزت بالإبداع في المجالات كافة: الفن التشكيلي والمسرح والتلفزيون، كذلك الأغنية التي احتوت على الكلمة القوية واللحن الرائع والأداء الجيد.

- كنت من أوائل من نادوا بحقوق المرأة منذ سنوات، وها هو الحلم يتحول الى حقيقة، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، كانت البداية في العام 1964 في مسرحية «عشت وشفت» حين طالبت بمساواة المرأة بالرجل في الدراسة.

- اليوم أصبحت الرقابة تدار من الخارج، بإمكان أي شخص من الشارع أن يرفع قضية علينا، للأسف الكلام الذي رددناه في الستينيات لا نستطيع قوله اليوم.

- طرحت على وزارة الإعلام، عام 1974، تدريس الشخصية الخليجية في منهج التمثيل لكن الأمر لم يرَ النور حتى الآن.

- اختار المخرج الأميركي جون جيري مسرحيتي «عشت وشفت» التي ترجمت تحت عنوان «lived and saw» (هi1980) كعمل لا يحدّه زمان ولا مكان حيث عرضت في كنتاكي وحصلت حينها على المواطنة الفخرية لولاية كنتاكي.

- عندما كنت رئيس قسم الدراما في تلفزيون الكويت في الستينيات أخرجت تمثيلية تلفزيونية لنقل خبرتي إلى المخرجين الشباب آنذاك إلا أنني فضّلت الانخراط في الكتابة والتمثيل لأن ميولي ليست اخراجية.

back to top