خذ وخل: معرض الكتاب في كازا

نشر في 16-02-2011
آخر تحديث 16-02-2011 | 00:00
 سليمان الفهد * تزامن حضورنا إلى القاهرة مع يوم اندلاع ثورة اللوتس المصرية 25 يناير 2011، وهو كما ترى فأل حسن! وغادرناها عشية 10 فبراير الذي تمخض عنه تنحي السيد الرئيس ونجاح الثورة، وكان عيدا وطنيا وقوميا كما تبدى ذلك في فضاء التلفزيون والنت وعلى الأرض التي تهذر وتهدر بالعربية!

في الطائرة المصرية الميممة صوب «كازابلانكا» حاول قبطان الطائرة أن يلتقط أي إذاعة لمعرفة فحوى الخطاب الأخير دون جدوى! كنت قد رتبت حجز سفري إلى كل من مصر، ومن ثم المغرب بتأريخ يتزامن مع معرض الكتاب العربي في كلا القطرين الشقيقين.

ومن نافل القول الإشارة إلى أن اندلاع الثورة قد قوض معرض الكتاب بالقاهرة، وبات نسيا منسيا، إلى درجة أن القيمين عليه لم يأبهوا للإعلان عن تأجيله إلا بعد مرور أربعة أيام! ولست بمعرض لومهم لأن يوم قيامة الشعب المصري هو يوم عجب.

«يوم يفر المرء من أبيه وصاحبته وبنيه» ما علينا. الشاهد أن إذاعة ميدان التحرير دعت الناشرين المصريين والعرب إلى إقامة المعرض البديل في ميدان التحرير، لاسيما أن الكتب العربية والأجنبية الواردة من خارج الحدود باتت موجودة داخل القاهرة، ولو استمر الدكتور جابر عصفور في منصب وزير الثقافة لربما تجلى معرض الكتاب العربي في فضاء ميدان التحرير.

أقول ذلك اتكاء على مقولاته التي أدلى بها إثر تكليفه بوزارة الثقافة، حيث صرح بأنه بصدد وضع خطة ثقافية تعنى بالحوار والتواصل مع الشباب؛ لتأصيل قيم المجتمع المدني بكل ما ينطوي عليه من حقوق وواجبات، وبشأن قبول الدكتور «عصفور» منصب وزير الثقافة يرى العديد من أصدقائه كالروائي خيري شلبي «أنه كان عليه الاعتذار. من هنا أحسب أن استقالته كانت استجابة لغضب محبيه وليس لأسباب صحية كما زعم خطاب استقالته! ولا بأس عليه إذا «خسر» الوزارة؛ مادام أبقى على الأديب الناقد؛ الذي أثرى المكتبة الثقافية بمصنفات أدبية شتى؛ تشي بعطائه الثر وإبداعه المتواتر في الإدارة والإبداع سواء.

* وفي صباح الحادي عشر من فبراير الجاري توجهنا- أم البنين وأنا- إلى حي «العنق»، حيث أرض المعارض بالدار البيضاء التي تحتضن الدورة السابعة عشرة لـ»المعرض الدولي للنشر والكتاب» من 11 الى 20 فبراير، مرصعا بشعار «القراءة الهادفة لبناء مجتمع المعرفة»، وقد فؤجئت بأن ثلاث منظمات ثقافية مغربية قد اتخذت مقاطعة المعرض جملة وتفصيلا، والمنظمات قوامها: اتحاد كتاب المغرب، وبيت الشعر في المغرب، والائتلاف المغربي للثقافة والفنون على خلفية اتهامات موجهة إلى وزير الثقافة بشأن «سوء تدبير الشأن الثقافي»، و»الإجهاز» على مكاسب الفنانين على ذمة صحيفة المساء الصادرة الاثنين الماضي.

ومن المعروف أن الوزير الحالي هو «سالم بنحميش» الشاعر والروائي المعروف، وكان المأمول حين يكون المبدع في موقع الوزارة؛ أن يكون أكثر قدرة على التواصل مع المنظمات الثقافية، توسلا لإيجاد حلول للتحديات التي تجابه الحياة الثقافية في المملكة المغربية، لكن المقاطعة تشي بغير ذلك.

وقد زرت المعرض ثلاثة صباحات متتالية، ولاحظت حضور المشهد الذي بات متجليا دوما في معارض الكتب العربية كافة، كما يظهر في كثرة عدد دور النشر المحلية والعربية المعنية بالإصدارات التراثية الإسلامية، وأحسبها الأكثر رواجا ومبيعا من جراء ازدحامها بالإخوة الإسلاميين «السلفيين» كما يتضح من علاماتهم الفارقة، حيث تجد السيدات و»العيالات» متشحات بالنقاب، بينما الرجال و»الذراري» يعتمرون العمامة، ويرتدون «الجلابة» القصيرة، وينتعلون «البلغة» الوطنية، ويكثرون من صبغ اللحى بالحناء! ما علينا ثانية. فالمهم هو أنهم الأكثر حضورا في معرض الدار البيضاء، كما هو شأنهم في كل معرض كتاب عربي كما أسلفنا. واللهم لا اعتراض لاسيما أن القراءة حق للجميع.

والمفرح بحق هو ذلك الحضور البهي لأطفال المدارس من الجنسين، وقد حظيت بتحايا وسلامات لسني العجوز وملابسي العربية الوحيدة الحاضرة في فضاء المعرض.

ولاحظت أن الأطفال- بمعية مدرساتهم ومعلميهم- يمضون نهارا كاملا، تقام لهم فيه ورشات عدة للفنون التشكيلية ورسم الخط وأخرى توعوية تحرضهم على مصادقة خير جليس؛ منذ هذه السن البرعم ليتجذر في وجدانهم عشق القراءة المكتوبة والرقمية سواء. إن حضور الأطفال المغاربة، كما شهدته عن كثب، يتجاوز الحضور «الفلكلوري» الشكلي الذي ترتكبه وزارة التربية مع تلاميذ المدارس في معرض كتاب الكويت وضواحيها، وأحسبه حضورا يتناغم مع إيقاع مضمون شعار المعرض «القراءة الهادفة لبناء مجتمع المعرفة»، وهو مجتمع لا يحضر ويتخلق ليدب على أرض الواقع بحضور الرقيب العتيد المتكئ على أن الممنوع هو القاعدة، والمسموح هو الاستثناء.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top