سياسة الاحتواء والمراجعة

نشر في 09-04-2011
آخر تحديث 09-04-2011 | 00:00
 د. فهد الهاجري كان وقع اكتشاف الشبكة الاستخباراتية وحجم المعلومات التي تم اكتشافها من قبل السلطات المسؤولة, كالصاعقة على المسؤولين الكويتيين، وألقى بظلاله على العلاقات التي كانت أكثر من ممتازة بين دولة الكويت وجمهورية إيران الإسلامية, وسبب مفاجأة وتصدعا في مسيرة هذه العلاقات التي بنيت منذ سنوات طويلة, والتي وشّج أواصرها سمو أمير البلاد- حفظه الله- حين كان وزيرا للخارجية، وسار على نهجه من تعاقب من وزراء الخارجية جميعهم، بتمتين هذه العلاقة التي كانت قائمة على الاحترام المتبادل، بمن فيهم وزير الخارجية الحالي الدكتور محمد الصباح، الذي حمل هموم هذا الملف وكان من المدافعين عن العلاقة، ومد جسور الصداقة وحسن الجوار، سواء كان على المستوى الإقليمي أو الدولي.

فما تتعرض له إيران من ضغوط دولية، كانت الكويت دائما في جانب الدفاع عن وجهة النظر الإيرانية ضد الغرب، الذي يعتقد الإيرانيون أنه عدو للثورة الإسلامية وضد الإسلام والمسلمين, وهول المفاجأة التي تلقاها وزير الخارجية الدكتور محمد الصباح كان طعنة للظهر من قبل منْ كان يعتقد أنهم مخلصون للكويت، ويحترمون حسن الجوار، ويصرحون دائما بعدم التدخل في شؤون الكويت الداخلية، وأنه لا أطماع توسعية لهم.

لقد أحس هذا الرجل، خريج جامعة هارفرد أرقى الجامعات التي كان لها أثر كبير في نفسيته، أن فاقد الشيء لا يعطيه، بمعنى أن إيران بلد له إيديولوجية راديكالية قائمة على منهجية ولاية الفقيه، والشواهد قريبة جدا، وما حدث في انتخابات الرئاسة الإيرانية من قمع وسحل وقتل لشعوب لا تؤمن بالرأي والرأي الآخر.

وما يحصل في الأقليات المذهبية والعرقية في إقليم بلوشستان والأحواز والأكراد في الشمال من قمع وقتل وترويع يعطينا مؤشرا إلى أن رئيس الجمهورية لا يملك قراره، وأن من يحكم هو الذي خلف الستار، وأن أحمدي نجاد ما هو إلا موظف في بلدية طهران، وما حصل لوزير الخارجية السابق الذي تمت إقالته خير برهان من عدم الاحترام، وهو في زيارة لإحدى الدول الإفريقية، كل هذه الأمور تعطينا انطباعا بعدم الدهشة والغرابة مما تفعله إيران وتقوم به، فهي دولة هدفها الأساسي تصدير الثورة إلى خارجها، وهي تمتلك النفس الطويل في فن الحوار والصبر والمرواغة.

علينا أن نحتوي هذه الأزمة ونطويها ونتعامل معها كما عهدنا الدبلوماسية الكويتية باحتواء الأزمات ومراجعتها، وهذا هو الأهم، والمهم مراجعة أوضاع الدولة الداخلية وغربلة جميع الوزارات بعين ثاقبة، وخلف غرف مغلقة بعيدا عن المصالح الشخصية والمادية، كما قالت العرب قديما «شمر وائتزر والبس لهم جلد نمر».

«هرمنا... هرمنا... اللهم اغفر وارحم بوعزيزي».

back to top