مأساة هايتي والفرق بين الاتحاد الأوروبي وأميركا

نشر في 20-01-2010
آخر تحديث 20-01-2010 | 00:01
يكمن الفرق الحقيقي الوحيد بين كارثتي تسونامي وهايتي في أن الاتحاد الأوروبي، خلال السنوات الخمس التي انقضت منذ عام 2004، يصر على ادعاء أنه يُعتبر "قوة عظمى عالمية"، كما كان توني بلير يكرر، أي قوة قادرة على الوقوف كطرف مساوٍ للولايات المتحدة على الساحة العالمية.
 ديلي تلغراف لنجرِ مقارنة بين ردود الفعل الأولية التي أبدتها "قوتان عظمييان عالميتان" تجاه كارثة الزلزال في هايتي. بعد ساعات قليلة من تحوّل مدينة بورت أو برنس إلى أنقاض، كانت الولايات المتحدة قد أرسلت حاملة طائرات تضم 19 طائرة مروحية، ومستشفى، وسفناً هجومية، بالإضافة إلى الفرقة رقم 82 المحمولة جواً مع 3500 جندي ومئات الأطباء. كذلك، أُعيد تشغيل مطار البلاد الصغير وتعهّد الرئيس أوباما بتقديم 100 مليون دولار كمساعدة طارئة أولية.

في غضون ذلك، وراء المحيط الأطلسي، نظّم الاتحاد الأوروبي مؤتمراً صحفياً في بروكسل بقيادة نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، بارونيس آشتون، التي أصبحت الآن الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي- أي وزيرة الخارجية الجديدة. حضر عدد من الصحافيين الذين بدا عليهم الملل إلى قاعة المؤتمرات الصحافية الفخمة في المفوضية الأوروبية ليسمعوا رئيسة الهيئة الصحية السابقة في هيرتفوردشاير، وهي تتلعثم في إلقاء تصريح معد مسبقاً، قالت فيه إنها عبّرت عن "تعازيها الحارة" لأمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، وتعهدت بتقديم مساعدة بقيمة ثلاثة ملايين يورو.

بعد المؤتمر، توالت مجموعة أخرى من المتحدثين باسم المفوضية لنقل أنباء عن المساعدات الفردية التي سيقدمها عدد من الدول الأعضاء، مثل بعض فرق البحث والإنقاذ وخيم ووحدات تنقية المياه. سمعنا أيضاً أن أحد ممثلي الاتحاد الأوروبي الرسميين سيحاول الوصول إلى هايتي من الجمهورية الدومينيكية، لإمضاء بضع ساعات هناك قبل العودة لنقل ما رآه.

تعيدنا هذه الكارثة بالذاكرة إلى ديسمبر من عام 2004، وهي الفترة التي شهدت ردود فعل متناقضة على هذا الشكل تجاه كارثة تسونامي في المحيط الهندي التي أودت بحياة 300 ألف شخص تقريباً. مجدداً، كانت الولايات المتحدة هي السباقة في تشكيل تحالف مع أستراليا والهند واليابان، خلال بضع ساعات، وإرسال مجموعتين قتاليتين مجهزتين بالكامل لمعالجة هذه الحالة الطارئة، بما فيها 20 سفينة تقودها حاملتا طائرات تضمان 90 مروحية. تعهد الرئيس بوش فوراً بتقديم 35 مليون دولار، وسرعان ما ارتفع المبلغ إلى 350 مليون دولار. نفذت القوات الأميركية، بما أنها مكتفية ذاتياً، عملية إنقاذ ناجحة على نحو مدهش، وهو أمر تجاهلته وسائل الإعلام البريطانية بشكل شبه كامل، وتحديداً قناة "بي.بي.سي" (مع أن الصحافيين الميدانيين التابعين لها كانوا مسرورين حين أقلتهم المروحيات الأميركية).

على خلاف ذلك، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم ثلاثة ملايين يورو إلى ضحايا تسونامي، ودعا إلى الوقوف ثلاث دقائق صمت (أي لفترة أطول بثلاث مرات من المدة الاعتيادية المخصصة لتذكّر ملايين الأشخاص الذين سقطوا خلال حربين عالميتين)، واقترح عقد "مؤتمر مانحين" في جاكرتا، بعد أسبوعين تقريباً، لمناقشة ما يمكن فعله.

يكمن الفرق الحقيقي الوحيد بين الكارثتين في أن الاتحاد الأوروبي، خلال السنوات الخمس التي انقضت منذ عام 2004، يصر على ادعاء أنه يُعتبر "قوة عظمى عالمية"، كما كان توني بلير يكرر، أي قوة قادرة على الوقوف كطرف مساوٍ للولايات المتحدة على الساحة العالمية. كلّ من شهد العرض المثير للشفقة الذي قدمته الممثلة العليا خلال المؤتمر الصحفي، يوم الخميس، سيشعر بالخجل لدى التفكير بأمر مماثل، علماً أن مؤتمراً مماثلاً ما كان ليمرّ على هذا الشكل خلال اجتماع المجلس في الهيئة الصحية في هيرتفوردشاير.

Christopher booker

back to top