الفنان الراحل محمد محمود نجم... مسرحيّته عمر بن الخطاب شهدت ولادة المسرح الكويتي

نشر في 17-09-2009 | 00:00
آخر تحديث 17-09-2009 | 00:00
No Image Caption
بعد أن تكفّل في إعدادها وإخراجها، انطلق الفنان محمد محمود نجم مع مسرحية «عمر بن الخطاب في الجاهلية والإسلام»، التي حددت ظهور فن المسرح في تاريخ الكويت المعاصر، وجاء تقديمها ثمرة طيبة لدور البعثات التعليمية الفلسطينية في الكويت.

شهد عام 1936 قدوم أول بعثة تعليمية فلسطينية إلى الكويت، وكانت تتألف من أحمد شهاب الدين، محمد المغربي، خميس نجم، جابر حسن جديد، الذين بدأوا العمل مع زملائهم الكويتيين في كتابة سطور التعليم الحديث في الكويت الأولى، وفي عام 1938 تألفت البعثة التعليمية الثانية من محمد محمود نجم وعبد اللطيف الصالح وسعدي بدران ومجموعة مدرسات. هكذا أصبح الجو ملائماً لقيام حركة مسرحية، فعُرضت {عمر بن الخطاب في الجاهلية والإسلام} على ساحة المدرسة {المباركية} في 7 يونيو (حزيران) عام 1939.

حضر العرض سمو أمير البلاد آنذاك، الشيخ أحمد الجابر الصباح، وأثنى عليه مطالباً باستمرار إقامة المسرحيات، فنشأت بعدئذ الفرق المسرحية في مدارس الكويت المختلفة.

تذكّر نجم بداية مسيرته الفنية، متوقفاً عند التمثيل الذي عشقه منذ الصغر: {تخرجت في دار العلوم في مصر عام 1938، وأحد أساتذتي كان الفنان القدير زكي طليمات، الذي كان يقدم لنا محاضرة أسبوعياً عن فن الإلقاء. كانت مصر آنذاك مدرسة للفنون والآداب، ومن يذهب إليها يتعلم كثيراً}.

اختيار الكويت

 

عن اختياره التدريس في الكويت والصعوبات التي واجهته في طريقه الذي سلكه مع مجموعة من مدرسي البعثة الفلسطينية الثانية ومدرساتها للسفر إلى الكويت، أوضح نجم: «سعدت بالقدوم إلى الكويت، وأحسست بأنني مقدم على عمل ضخم، لذلك أعددت نفسي، وبدأت وزملائي وزميلاتي الرحلة مع أحمد شهاب الدين. انطلقنا من يافا في فلسطين إلى بيروت، حيث مكثنا ليلة، ثم انتقلنا إلى دمشق، حيث التقيت بالراحل الشيخ دعيج الإبراهيم، وسعدت به. كان يمثل الدماثة والبساطة والكرم».

تابع: «انتقلنا بالباص من الشام إلى بغداد، وفي القطار انتقلنا إلى البصرة، فكانت رحلة سيئة جداً، لأننا انتقينا الدرجة الثالثة، توفيراً للميزانية أيضاً استخدمنا في الرحلة سيارة متواضعة تسمى «بوعرام». وصلنا المطلاع، ثم انتقلنا إلى مدرسة المباركية. كانت الكهرباء متوافرة في الكويت، وتدار عن طريق مولد كهربائي لشركة خاصة، وعلى رغم أنها كانت ضعيفة، إلا أنها كانت تؤدي الغرض منها، فشاهدنا «رئة الكويت» ساحة الصفاة. شاهدت مرتادي المقاهي يجلسون على «دكة» خشبية، وحشود من الناس في سوق التجار (السوق الداخلي)، إلى أن دخلنا مدرسة المباركية، وكان في استقبالنا عبد الملك الصالح، وعدد من المدرسين لاستقبال الشيخ عبد الله الجابر، ما هوّن علينا تعب الطريق، ونمنا في تلك الليلة في ساحة المدرسة. كان أحمد شهاب الدين ناظر «المباركية» آنذاك وكانوا يريدون تأسيس الصف الثانوي الثاني، فتم اختياري كي أدرس اللغة العربية في الصف الأول ثانوي، وكان معي زميلي عبد اللطيف الصالح (رحمه الله)... كنا نحب العمل كثيراً».

تقدّم تربوي

عن تفاصيل ذكرياته مع مسرحية {عمر بن الخطاب في الجاهلية والإسلام} قال نجم: {توجهت إلى تمثيل رواية عمر بن الخطاب، وكان هدفي تحقيق تقدم تربوي واجتماعي في الوقت نفسه، وأحمد الله أنني وجدت صدراً رحباً من زملائي في مدرسة المباركية، وتشجيعاً من الجميع، على رغم أن المهمة كانت صعبة، لكنني كنت في عنفوان شبابي، متحمساً وقادراً على العطاء}.

أدّى نجم دور {عمر}، فيما جسّد محمد المغربي دور {حمزة}، ووزّعت الشخصيات الأخرى على التلامذة الكبار. أمّا شقيقة عمر {فاطمة} فتبرع الفنان الراحل حمد الرجيب بتجسيد دورها. تذكّر نجم: {بدأنا ندرّب التلامذة على التمثيل. حفظوا أدوارهم جيداً، وكانوا مطيعين. كانت قيمة تذكرة الدخول نصف روبية، وفعلاً سارت الأمور كما خططنا لها}.

حضور كثيف

ذكر نجم أن الحضور كان كثيفاً وأُعجب بمشاهدة المسرحية. كانت النساء تجلسن على سطح مدرسة المباركية، وقد جهزنا خشبة مسرح وستارة حمراء، وقام بدور الملقن الأستاذ المرحوم عبد اللطيف الصالح، والديكور خلفية رسمها مدرس التربية الفنية بالمدرسة، وهي عبارة عن صورة لسور القدس، وقد حضر العرض المسرحي مع الشيخ أحمد الجابر الصباح المعتمد البريطاني دكوري في 7 يونيو (حزيران) 1939، ويذكر المؤرخ الأديب خالد سعود الزيد أن المسرحية {لاقت استحسان الجميع، خصوصاً المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي عبر عن اغتباطه وإعجابه، بما شاهده، بأن أقام حفلة عشاء للمدرسين الفلسطينيين في قصر دسمان، وأمر المرحوم محمد السيد عمر عاصم بأن يعرض لهم فيلماً سينمائياً للكوميدي المشهور شارلي شابلن، وقد حضر سموه معهم لمشاهدته}.

كذلك كُرّم نجم في الدورة الثامنة من مهرجان الكويت المسرحي تقديراً لدوره في وضع لبنات العمل المسرحي الكويتي الأولى.

نبذة

ولد نجم في بلدة أسدود في فلسطين عام 1916. نشأ في بيت للعلم والقرآن، فوالده أحد خريجي الأزهر الشريف، ومن هنا تنسم المربي الفاضل عبير القرآن وعلومه منذ الصغر. خلال أيام الدراسة، وفي أوقات الفراغ، كان والده يحرص على تحفيظه كثيراً من المتون القديمة في النحو والفقه والتوحيد.

بدأ مراحله التعليمية النظامية في المعهد الأحمدي في عكا، ثم التحق بمعهد أحمد باشا الجزار، ليسافر بعد ذلك الى القاهرة، حيث التحق بالأزهر الشريف، وحصل على الشهادة الأهلية، التي ساهمت في التحاقه بدار العلوم العليا (كلية دار العلوم في القاهرة راهناً).

أبرز أساتذته في دار العلوم آنذاك كان د. علي عبد الواحد، د. زكي المهندس، د. أحمد ضيف، والأستاذ السباعي بيومي. كذلك درس نجم فن الإلقاء على يدي الفنان زكي طليمات.

back to top