حباً في الكويت


نشر في 27-11-2009
آخر تحديث 27-11-2009 | 00:01
 سعود راشد العنزي لو كنت مكان سمو رئيس الوزراء لاعتذرت عن عدم قبول التشكيل الثاني للحكومة، ولما انتظرت حتى الحكومة السادسة لأُراكِم كل هذه الأخطاء.

وقد كتبت عن الوضع البالغ الصعوبة الذي وجد الرئيسُ نفسَه فيه ليسجل السابقة الأولى في مَن تولوا رئاسة هذا المجلس، فهو أول رئيس للوزراء لا يمكنه ممارسة صلاحياته الدستورية كاملة لأسباب اجتماعية، لا سياسية، وهو ما دفعه إلى ارتكاب أخطاء سياسية واتخاذ قرارات متناقضة كما تراجع مرغما عن قرارات كان يُفتَرض به استخدام سلطاته الدستورية والاستمرار فيها، لكنه كمَن بلع «الموس»؛ فإنْ استخدم سلطاته الدستورية أغضب البعض من أسرة الحكم، وإنْ تراجع عنها بدا ضعيفاً ومتناقضاً، لذا كان الأحرى به إما أن يحصل على تفويض صريح، وحماية أسرية ودستورية من تدخل الكبار وإما أن يعتذر عن المنصب.

ولو كنت مكانه لاعتذرت أيضا لأسباب أخرى، منها أن أوضع في موقفٍ لا يستطيع وزرائي ممارسة حريتهم في التصويت لرئاسة مجلس الأمة! وكنت سأعتذر عن التشكيل الثاني عندما شعرت بحظوة أحد خصومي من أبناء عمي وتحديداً مَن أعلن الحرب ضدي.

أقول كنت أنا سأعتذر لو وجدت نفسي في مكان سمو الرئيس، لكنه قَبِل التكليف خمس مرات بعد ذلك، وفي كل مرة يجد نفسَه وقد التفّت حوله الشباك وازدادت تعقيداً، حتى وصل به الأمر إلى الانقلاب على نفسه، «أو على صورته التي رسمها لنفسه في أول تشكيل وزاري»... فغيَّر تحالفاته وقرَّب خصومَه الذين عادوا أقوياء وبشروطهم، بما فيها القاسية جدا التي تزيد صورة الرئيس ضعفاً.

وكان الثمن لهذا الانقلاب خسارة الرئيس وكل مَن وقف معه عندما أعلن حربَه على الفساد ورعاته، فخلق لنفسه خصوما من النواب، ناسياً أنه منحهم قوةً إضافيةً.

الآن وصل الأمر إلى اتهام الرئيس باستخدام المال السياسي لشراء مواقف بعض النواب، وهي تهم خطيرة للغاية، وأتمنى صادقاً أن يستطيع مقارعتها وإثبات خطئها.

أَفهَم جيدا أن اعتذار الرئيس يشكل خطورة عليه في منافسته على موقع أعلى، لكن استمراره في منصبه فيه إساءة لشخصه وللمنصب وللموقع الذي يرتجيه.

الآن يجد الرئيس نفسَه معزولاً حتى من رفاق الأمس الذين طالبه بعضهم ونصحه البعض الآخر بالتنحي، فلم يعد بإمكان مَن له اعتداد بنفسه الدفاع عنه، ولم يبقَ له سوى مَن يعلم وزنهم الحقيقي في المجتمع، فهل يستحق الأمر يا سمو الرئيس كل هذا؟ وهل ستقبل أن تكون أنت تحديدا بإصرارك على المضي في هذا الدرب المسدود سبباً في انحراف مسيرة الكويت الديمقراطية والانقلاب للمرة الثالثة على الدستور؟ إجابتك أقوى إن أتت فعلاً لا قولاً.

back to top