كارول سماحة: ولدت مُحاربةً لا تعرف الاستسلام

نشر في 28-09-2008 | 00:01
آخر تحديث 28-09-2008 | 00:01
حصدت سابقًا لقب {الفنانة الشاملة} وتصفه بالأعز على قلبها. إنها كارول سماحة، التي استطاعت تخطي التهديد بمنعها من  دخول مصر إثر حفلتها على شاطئ  la plage السياحي، بفضل قوتها وإيمانها برقيّ الفن الذي تقدمه. تقول إنها فنانة عنيدة ولا تحب أن توصف بالاستعراضية. ضعيفة جدًا أمام الحب والطفل في مقابل صلابة استثنائية في مواجهة مشاكلها.

عن تهديدها  بعدم دخول مصر ونظرتها الى الفن ومشاريعها المستقبلية، كانت معها الدردشة التالية.

استحقيت لقب {الفنانة الشاملة} وفزت بـ murex d'or عن أفضل مطربة لهذا العام، في حين اتهمت أخيراً في مصر بالعري والإغراء الى حدّ طالب البعض هناك بمنعك من دخولها، كيف تعلّقين على هذا التناقض في النظرة إليك وإلى الأعمال الفنيّة التي تقدمينها؟

أعرف تمامًا أن الصحافة المصرية تقدّرني، وإذا هاجمني بعض الأقلام بطريقة غير علمية وغير منطقية  بُعيّد حفلتي على مسرح la plage السياحي في مصر فهذا ليس مبرراً للتعميم. اختارتني الأمم المتحدة في لبنان أخيراً لأكون الوجه الإعلامي لها، وذلك دليل على أنني فنانة غير مبتذلة، مثلما اتهمني أحد الصحافيين المصريين. هل من المعقول أن نخلط بين الرقص الراقي والمحترف والهادف وبين الخلع والرقص المبتذل؟ لا شك في أن دخلاء كثرًا تعدّوا على المجال الفني، خصوصًا عارضات الأزياء اللواتي لا يمتلكن الصوت والموهبة ويخضن تجربة الغناء تحت شعار فنانات استعراضيات.

هل تعتبرين أن المشكلة تكمن في عدم التمييز عربياً بين الاستعراض كفنّ وبين الابتذال؟

أتأسف على الأقلام الصحافية التي تطلق لقب «فنانة استعراضية» على كل واحدة تعتلي خشبة المسرح وتهزّ بخصرها مع بعض الراقصين، لأن تلك الأقلام  لا تعرف أصلا المعنى الحقيقي لكلمة استعراض. من اعتبر أن رقصة التانغو التي أديتها على المسرح السياحي هي وصلة رقص ساخنة، يفتقر إلى الثقافة.  

الفنان الاستعراضي هو أولا من يتقن جميع أنواع الرقص من الهندي الى الكلاسيكي الى الجاز الى الصيني... ثانيا يجب أن يكون ممثلاً محترفاً قادراً على أداء الأدوار المركبة وليس بالضرورة أن يمتلك صوتا جميلا بل يكتفي بالأداء. شريهان مثلا فنانة استعراضية وتحتل الصدارة لأنها راقصة وممثلة محترفة. لا يجب أن تطلق الصحافة لقب فنانة استعراضية عشوائيًّا.

هل تحبين أن يُطلق عليك لقب فنانة استعراضية؟

كلا. أشعر بأنه يقلل من قدراتي الفنية وأفضِّل لقب الفنانة الشاملة، لأني أمتلك صوتًا لديه إمكانات تخوِّله أداء الألوان الغنائية المختلفة إضافة الى رقصي المحترف نوعًا ما، من دون أن ننسى أنني ممثلة بالدرجة الأولى.

تتعرض الفنانات اللبنانيات للمضايقات والمنع في بعض الدول العربية خصوصًا في مصر، فيما لم تحصل أية أمور مشابهة لأية فنانة عربية داخل لبنان، لماذا برأيك هذا الهجوم والتحذير؟

شخصيًّا حزت تقديراً كبيراً في مصر وغيرها، ولدي الكثير من المحبين والمعجبين. لست عنصرية او متعصبة لبلدي، لكن كون لبنان أكثر البلدان انفتاحا في العالم العربي جغرافيا وثقافيا واجتماعيا لا نجد فيه مثل تلك الأمور، مثلا المسموح في لبنان يمكن أن يحرّم في بلد عربي آخر. هناك اختلاف في ثقافة كل مجتمع وكوني فنانة وإنسانة، عليّ احترام تقاليد كل مجتمع وعاداته ونظرته الى الفن. كذلك أحاول ألا أخدش نظر المشاهد في الأعمال الفنية التي أقدمها، ساعدتني  دراستي للتمثيل في إيصال فكرة أغنياتي بشكل صحيح الى الناس عبر الأدوار التي أجسّدها في «كليباتي».

لا يمكن إرضاء الجميع ، لذلك أتعرض أحياناً لانتقادات غير بناءة وأتهم بالإغراء على الرغم من محاولاتي لأظهر في أحسن صورة. أذكّر هنا أنني حملت السيف في مسرحية «زنوبيا» ولبست رداء الحرب وكنت نصف رجل وتخليت عن أنوثتي تمامًا، لماذا لم أسمع حينها أي اعتراض؟ كل دور له شكله وحكمه. الفن بالنسبة إلي هو الحرية ولست فنانة اللون الواحد، وهو مرآة المجتمع، لذا عليّ أداء الحالات المختلفة والأدوار التي تحاكي المجتمعات كافة، خصوصاً أن لدي الإمكانات لتحقيق ذلك.  

يلومك البعض لأنك ابتعدت عن المسرح الرحباني وأعطيت الحصة الأكبر للغناء، هل يزعجك الأمر؟

أستفيد من هذا السؤال لأعود وأذكِّر أن الدور الأول الذي شاركت فيه مع الرحابنة كان في مسرحية «سقراط»، وكان من أجرأ الأدوار التي أديتها في حياتي، جسدت شخصية غانية مع لباس جريء ضمن رقصة استعراضية لا تخلو من الإغراء. لماذا لم أسمع حينها أي انتقاد على ما قدمته؟ هل لأنه من توقيع الرحابنة وهم بنظرهم لا يخطئون ولا يُنتقدون؟

كانت المرأة في المسرح الرحباني كلاسيكية ومهذّبة، كسرتُ تلك الصورة من خلال دور عاشقة سقراط  الذي كتبه لي الأستاذ الكبير منصور الرحباني في مسرحية «سقراط». كذلك شاركت في مسرحيات عدة، في المسرح الدرامي مع السيدة نضال الأشقر والمخرج روجيه عساف ومع المخرج التونسي فاضل الجعايبي ومع المخرج العراقي جواد الأسدي...

أنزعج حين يردد البعض مقولة:  «كارول فنانة محترمة فلماذا ترقص على المسرح أو في الكليب؟» ألا يعتبر هؤلاء أن الرقص فن راق مثله مثل الغناء والتمثيل! لا أتعمد أي حركة، أرقص لأن الله أعطاني موهبة الرقص وفي حال عرض علي دور راهبة سأغطّي رأسي وأؤديه. أبتكر خطاً جديداً في الفن، لذلك أتعرض للهجوم أحيانا، أؤمن أن النصر حليفي لأني فنانة عنيدة وأستمع الى النقد البنّاء وأستفيد منه.

يظهر من خلال حديثك أن شخصيتك صلبة، هل اكتسبتها عبر تجسيد الأدوار التاريخية التي تقوم على القوة والعنفوان؟

ولدت محاربة ولا أعرف الاستسلام، أنا صادقة الى أبعد الحدود ولا أقوم بأي عمل سرًّا. لكن في الوقت نفسه، أشعر ببعض الضعف أو الانكسار وأبكي وحدي أحيانا، لأن الفنان إنسان في النهاية ويعاني في بعض الأوقات، لكن أتعمد دائماً أن أظهر شخصيتي القوية. يتأثر الناس بالفنان ويجب أن يكون قدوة لهم ويحفّز فيهم القوة والإندفاع.

ما هي الحالات التي تشعرين أمامها بالضعف؟

أشعر بالضعف أمام الأطفال، لذلك أؤخر في اللاوعي مشروع زواجي، لا أتصوّر نفسي مثلا أغني على المسرح وابني يبكي في البيت! أو أن أسافر وأبتعد عنه فترة طويلة! أشعر أن طفلي هو الشخص الوحيد القادر على كسري. ثم أنا ضعيفة أمام الحب، أنا إنسانة عاطفية ورومانسية وأحب العطاء الى أبعد الحدود.

لمن تقولين راهنًا كلمة أحبك؟

(تضحك) أقولها لمجهول، لا أريد ذكر أسماء.

الى أي مدى تشبهك أغنيتك الجديدة «مجنونة»؟

الى حدّ بعيد لأنها تتميز بالحركة والنشاط والإيقاع السريع وتجسّد تجربة معينة، أعتقد أن كل امرأة عاشتها ولم تتقبل عودة حبيبها إليها بعد هجره لها ورددت أمامه: «جيت كأنك يعني منّك عامل شي». سعدت بنجاح الأغنية وأفرح عندما أسمع الناس يرددونها معي على المسرح.

نشعر أن لديك موقفاً سلبياً من الرجل الشرقي؟

على العكس، أنا معجبة بكرمه وشهامته، لكن لا أعرف الى أي مدى يتقبل نجاح المرأة وتميّزها. أحب الرجل الذي يقدّر المرأة العاملة ويقتنع بأنها قادرة على التوفيق بين حياتها العملية والعائلية.

ما هي الأسباب التي دفعت الأمم المتحدة في لبنان إلى اختيارك كوجه إعلامي لهذه السنة؟

أعتقد أن مسيرتي وخياراتي الفنية الصحيحة هي التي دفعتهم إلى اختياري لأكون صورة السلام والحب والفرح في وجه صورة الحرب والعنف والحزن. لاحظوا أن لدي ابعادًا إنسانية مهمة ورقياً في عملي، وهذا دليل نجاحي الكبير في العالم العربي.

هل صحيح أن دور أسمهان الذي تجسّده النجمة السورية سلاف فواخرجي عرض عليك سابقًا؟ وفي حال قررت تجسيد حياة فنانة معيّنة من تختارين؟

عُرض عليّ الدور قبل ثلاث سنوات وكنت متحمسة له، لكن كانت فترة التصوير طويلة ولم أستطع إيقاف حفلاتي وأعمالي الغنائية والالتزام بالمسلسل لمدة خمسة أشهر متتالية، إضافة الى أن المردود المالي لم يناسبني، على الرغم من أنها فرصة لا تعوّض، لكن لا يمكن أن نحصل على كل شيء في الحياة. أعطيت التمثيل حيزاً كبيراً في حياتي وحان الوقت للتركيز على الموسيقى والأغنيات. أحب السير الذاتية لكن لا أطمح إلى تجسيد حياة فنانة معينة في المستقبل.

لماذا ابتعدت عن الأغنيات الخليجية؟ وهل تعتبرين نفسك فشلت في تجربتك السابقة؟

لم أفشل، لكن الأغنية لم تنجح لأنها كلاسيكية وليست جماهيرية، ولم تكن من اختياري.  أنا معجبة بالشعر الخليجي وهناك مشروع أغنية خليجية قريب، إضافة الى جمهوري العريض في دول الخليج الذي أحترمه جدا.

أحضر راهنا أغنية بعنوان «علي» وهي جديدة شكلا ومضمونا ولا تشبه أية أغنية في الشارع العربي لا قديما ولا حديثاً، أعتبرها مجازفة وأنا بطبعي امرأة مغامرة. كذلك أحضر ألبوماً جديداً سيطرح في الأسواق خلال مارس (آذار) المقبل يتناول القضايا الاجتماعية في طابع إيقاعي ورومانسي.

لمن تقولين شكرًا؟

شكرًا لله أولا، ثم لوالدي الراحل، وهو فنان حقيقي على الرغم من أنه لم يمارس الفن، لكنه مبدع صوتا وكتابة وشعرا وتمثيلا وثقافة، ونقل إليّ هذا التميز، ولا أنسى ما قاله لي مرة «يا بنتي انت خلقتِ لتكوني فنانة». أشكر أمي لأنها تقف الى جانبي، وحدها تعرف المعاناة التي مررت بها لتحقيق النجاح وتمدّني بالقوة وتتحمل انفعالاتي. طموحي كبير وأتمنى التقدم أكثر فأكثر بفضل تعبي واجتهادي.

 

back to top