إذبحوا ذبّاح الكلب...!

نشر في 23-05-2008
آخر تحديث 23-05-2008 | 00:00
 عبدالله بن خميس ظل قلب جزيرة العرب ما يقرب من تسعة قرون، وهو في حال من الفوضى واضطراب الامن لا مزيد عليهما، فمن بعد ان تقلص نفوذ الدولة العباسية، وغلبت الخلافة على امرها في القرن الثالث الهجري انفرط عقد الامن.. واصبحت القوة هي الحاكم المُطاع في هذه المناطق، فكل من يملكها فله السيادة والقيادة.. واذاً فلا غرابة ان تستأسد النفوس، ويمتلكها شعور نحو الآخرين انهم لن يتركوا حقاً رحمة او مروءة، وانما يتركونه خشية فقط...

لهذا لم يكن الشيخ حينما اعتدى احدهم على كلبه وذبحه، ليستقر له قرار او يهدأ له بال حتى يُقتل قاتل الكلب... لقد نادى ابناءه فور قتل الكلب ان اقتلوا قاتله، فكبر في نفوسهم ان يقتلوا رجلا في كلب، فسكت الشيخ على مضض.

وفي يوم كانت إبلهم على الماء فصدّها رجل آخر، وضربها في وجوهها، وطردها بحجة ان الورد له، فتكدروا وتأثروا واخبروا الشيخ، فلم يزد على ان قال: اذبحوا ذباح الكلب... فقالوا: وما علاقة هذه بهذه... انت شيخ هرم قد اهتز معقولك، وشاخت اعصابك... فسكت...

وفي يوم آخر جاء راعي الابل مشجوج الوجه، ينزف دمه فتأثروا له ايضا، اخبروا اباهم، فلم يزد على ان قال: اذبحوا ذباح الكلب... وكان العرب يعتقدون - وهو اعتقاد له مدلوله وحقيقته - يعتقدون ان الخؤلة لها دخل كبير في انجاب الولد... وكان لهذا الشيخ ابن من امرأة ثانية، اهلها اهل شجاعة وهيبة وسطوة، لا يداني حماهم، ولا يعبث بشرفهم... وقد كبر الولد وشب عن الطوق، ولحق بأبيه واخوانه، فكان اول عمل قام به هو ذبح ذباح الكلب، وبعده جاء من صد النياق، ومن ضرب الراعي مستغفرين تائبين... وبعده حذر القوم حماهم، وتحاموا الخطأ عليهم... واستشعروا قول الشاعر:

اذا لم تكن ذئبا على الأرض اطلسا

كثير الاذى بالت عليك الثعالب

ولكن الاسلام جاء بما هو خير من هذا، بما هو اصدق فلسفة، وانجع علاجا، قال: «ولا تستوي الحسنة ولا السيّئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يُلقّاها الا الذين صبروا وما يُلقّاها الا ذو حظ عظيم واما ينزغنكَ من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم». صدق الله العظيم.

back to top