إقصاء الكويتيات عن المناصب القيادية في القطاع المالي والاقتصادي مسؤولية يتحملها متخذو القرار

نشر في 22-07-2007 | 00:00
آخر تحديث 22-07-2007 | 00:00
المطلوب خطى متسارعة لتمكين المرأة الكفؤ من فرصتها العادلة
على الرغم من تمكينها من حقوقها السياسية، لاتزال المرأة الكويتية غير موجودة بعدالة في المناصب القيادية في القطاع المالي والاقتصادي لعدة أسباب. وقد حاولت «الجريدة» استطلاع رأي بعض المعنيين بهذه القضية لمعرفة الأسباب والعوامل التي حالت دون ذلك.

إن مراحل إقصاء نساء الكويت بدأت بحرمانها من المشاركة السياسية، وانتهت بوصول سيدتين فقط إلى الوزارة بمقعدين من أصل 16 حقيبة وزارية، على الرغم من أنها تمثل 51% من السكان وأكثر من 70% من مخرجات التعليم، و41% من نسبة المشاركة في سوق العمل، إلا أن وصولها إلى المراكز المهنية المتقدمة لم يقدم لها بطبق من ذهب كما يشاع، والدليل على ذلك تواضع نسبة تمثيلها في المراكز القيادية، وللتعرف عما إذا كان إقصاء نساء الكويت عن مراكز اتخاذ القرار مستمراً، أو متعمداً، أو ان قضية علاجها لا تحظى بالأولوية لدى متخذ القرار، تسلط «الجريدة» الضوء على أحد القطاعات الإنتاجية وهو القطاع المالي والاقتصادي، ومن خلال البحث عن النساء في مجالس إدارات المؤسسات والهيئات الحكومية التابعة لذلك القطاع، نجد أن النساء منسيات هناك باستثناء تجربة كل من الآنسة سهام رزوقي، والمرحومة شيخة سعد العبدالله بمجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، ولم تتكرر لآخريات، والدكتورة إقبال الرحماني بمجلس إدارة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، والسيدة وفاء الرشيد في لجنة سوق الكويت للأوراق المالية، وهي تجارب لم تستمر طويلا.

الدكتور محمد الصباح

وعن تجربة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وعن تمثيل النساء في مجلس إدارة الصندوق، أفاد وزير الخارجية الدكتور محمد الصباح في حديثه لـ«الجريدة» بهذا الصدد، أن المرأة الكويتية تحظى باحترام وتقدير عميق في الصندوق، مشيراً الى أنها تتقلد وظائف قيادية عديدة بمختلف الادارات، حيث هناك على سبيل المثال مديرة لادارة المحاسبة، ومديرة لادارة الاعلام، بالاضافة إلى 3 نواب مديرين جميعهن من النساء، فضلا عن 8 من مساعدي نواب المدير وهن أيضا من السيدات. ونفى الصباح بأن هناك ما يحول دون وصول المرأة الى مواقع قيادية في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.

عبدالوهاب البدر

من جهته، أفاد المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبدالوهاب البدر، بأن الكويت لا تخلو من وجود نساء قادرات على إدارة مصالحهن المالية، وهناك نساء متميزات في القطاع المالي والاقتصادي إلا أن أعدادهن قليلة، وبالرغم من أن ظاهرة تراجع تمثيل النساء في مجالس إدارات المؤسسات المالية والاقتصادية موجودة أيضا في الدول المتقدمة، إلا أنها تبدو أكثر وضوحا في الكويت، وذلك يعود برأي البدر لطبيعة المجتمع، وتأخر التحاق النساء في العمل بتلك القطاعات. لكنه اعتبر ان هناك مؤشرات واضحة بأن هذا الوضع معرض للتغيير لمصلحة المرأة في المستقبل القريب.

الشيخة شذا الصباح

أما العضو المنتدب للتدريب والتطوير رئيس مجلس التعليم والتطوير بمؤسسة البترول الكويتية، الشيخة شذا ناصر الصباح، فقد رأت انه لا يمكن الجزم بأن هناك معوقات كثيرة تمنع وصول النساء إلى مواقع اتخاذ القرار، أو عدم الاستمرارية في حال حدوثها في بعض المؤسسات والهيئات، حيث أن تلك القضية تحددها معايير أهمها على الإطلاق، الكفاءة، وهو المعيار المتوافر لدى الكثير من نساء الكويت العاملات في وزارات الدولة ومؤسساتها، كما علينا أن نقر بأن التأخير في إقرار الحقوق السياسية أثّر سلباً على عملية وصول النساء إلى التمثيل البرلماني، حيث تم من خلال عملية التوزير، بامرأتين من أصل 16 وزارة. وقالت الصباح أن هناك بعدا آخر يمكن أن يؤثر على سهولة وصول النساء إلى مواقع اتخاذ القرار، وهو توجهات بعض المسؤولين تجاه النساء، بعدم تفضيل المنافسة بينهم وبين النساء على المواقع القيادية، في حين أن النساء عندما يمنحن الثقة يكن عونا للرجال في الكثير من القرارات التي المصلحة العامة للدولة.

المهندسة سارة أكبر

بدورها نائب الرئيس العضو المنتدب لشركة كويت انرجي، المهندسة سارة اكبر، رأت أن معايير الاختيار للتمثيل في مجالس ادارات المؤسسات المالية والاقتصادية والنفطية الحكومية، تتطلب دعما وتستند الى اعتبارات سياسية اما بغرض توزيع المناصب على أسس المحاصصة، او نتيجة لضغوط التنظيمات الحزبية السياسية، وليس لاعتبارات الاداء والكفاءة والمعرفة كما هو الوضع في القطاع الخاص. والنساء مغيبات لاعتبارات كثيرة، منها أن معايير الاختيار المذكورة لا تسند النساء لدى متخذ القرار، كما أنها لم تحظ بالاولوية لدى جماعات الضغط السياسي، بالاضافة الى غيابها لدى التنظيمات الحزبية، لكن السيدة أكبر لفتت الى انه الان وبعد حصول المرأة الكويتية على الحقوق السياسية قد تتغير الامور مستقبلا، مشددة على وجوب أن يكون المعيار الحقيقي للاختيار هو القيمة المضافة التي سيخلقها ذلك الانسان الذي سيتم اختياره لتلك المناصب سواء كن من النساء أم كانوا من الرجال.

الدكتور يوسف الزلزلة

من جهته، أفاد وزير التجارة والصناعة الاسبق والنائب في مجلس الامة سابقاً الدكتور يوسف الزلزلة الذي يشغل حاليا رئيس مجلس إدارة «كي جي ال بتروليوم» بأن القضية مرتبطة بـ3 أسباب رئيسية تتمثل باستمرار بعض الآثار الاجتماعية المتعلقة في أذهان الكثير من الكويتيين الذين ينظرون الى المرأة كمواطنة من الدرجة الثانية، وليس كانسان، وهذا هو الخطأ الكبير، مشيراً الى أنه من الخطأ النظر الى المرأة كجنس امرأة والى الرجل كجنس رجل وينبغي النظر الى المرأة والرجل كانسان. ويقول الزلزلة انه بنهاية الامر صحيح أن هناك بعض الجوانب التي تخص المرأة وبعضها يخص الرجل لكن هناك %95 من الامور يتم التعامل معهما كانسان، لافتا في الوقت نفسه الى ان الكويتيين في موروثاتهم الاجتماعية لا ينظرون الى المرأة بالتساوي مع الرجل، بل ينظر اليها دائما بأنها أقل، وأثرت تلك العوامل حتى في اقرار القانون الذي مكن المرأة من حقها السياسي في الانتخاب والترشيح.

أما السبب الثاني فيعتقد الزلزلة انه حتى الان ليس هناك وعي لدى النساء بأنهن قادرات على تبوؤ أعلى المناصب وتقديم الكثير كما يقدم الرجال، ولو ان بعض الناشطات في قضايا النساء يتطرقن إلى هذه الامور، لكن بصورة يشوبها نوع من الاستعلاء غير المحمود بمعنى أن المرأة اقوى من الرجل وأن بامكانها اعطاء البلد اكثر منه.

أما السبب الثالث وهو الجازم برأي الزلزلة فهو انه ينظر الى المجتمع في الكويت على أنه مجتمع ذكوري. وحتى ننتقل من المجتمع الرجولي فقط الى المجتمع بجنسيه نحتاج الى الوقت «معتقدا أن الكويت تسير بخطى متسارعة بهذا الصدد، بالاضافة الى أن وجود مجموعة من النساء الآن في مواقع قيادية سيعجل في زيادة الوعي لدى الكثير من الناس فالمرأة والرجل كلاهما واحد، وكلاهما يستطيع ان يقدم الكثير الى الكويت.

رنا الخالد

وفي هذا السياق اعتبرت رئيس مجموعة الاستثمارات المباشرة بشركة الوطني للاستثمار السيدة رنا الخالد أن عضوية مجالس إدارات المؤسسات والهيئات المالية والاقتصادية الحكومية نتاج تحرك مجموعات لها تأثير على متخذي القرار، وعادة الرجل عندما يقرر اختيار شخص لمنصب ما، يفكر في رجل مثله، ولن تكون للنساء أولوية في ذلك الاختيار، وهذا الوضع متكرر في كثير من دول العالم، إلا أنه في حال رغبة متخذي القرار في تجاوز تلك المرحلة، لا بد من تبني ذلك الهدف ضمن السياسة العامة للدولة، كإصدار توجيهات للمسؤولين في تلك المؤسسات والهيئات بضرورة وأهمية تمثيل النساء في مجالس إداراتها. ورأت الخالد هذا ما نحن بحاجه إليه في البداية حتى يصبح نظاما متبعا ونجده يتحقق تلقائيا، إما إذا تركت الأمور على حالها، فالصعوبات لوصول النساء إلى تلك المراكز ستستمر.

صفاء الهاشم

هذا ورأت رئيس مجلس ادارة «ادفانتج للاستشارات» صفاء الهاشم أن الكويت سبّاقة في موضوع المرأة، والتي لم تقف عند سقف معين لكن فرص حصولها على مناصب حيوية في وزارات حيوية لم تحصل حتى الآن.

وقالت الهاشم ان الحكومة سعت بخطوات جريئة محاولة الوصول في سباق محموم مع ما يحصل في دول الخليج الاخرى، وأشارت إلى أنه في القطاع الحكومي في الكويت هناك مناصب حساسة يمكن أن تنجح وتتميز فيها النساء أكثر من الرجل كوزارة الخارجية مثلا، حيث ان المرأة بدبلوماسيتها المقدرة على تحليل الامور أفضل من الرجل، مضيفة أن وزارة الشؤون أيضا يجب أن تديرها امرأة بدلا من الرجل.

ولفتت الهاشم الى انه منذ تسلم الدكتورة معصومة المبارك لوزارتي المواصلات والصحة أظهرت اداء ممتازا وشخصية ديناميكية ونجحت في الوقت الذي راهن الكثير من الناس على فشلها. كما أشادت الهاشم باختيار نورية الصبيح لأنها من صلب القطاع التربوي. وأيضا السيدة ساره الدويسان ووصفتها بأنها من الشخصيات الاقتصادية العبقرية، حيث وصلت الى وكيلة مساعدة في وزارة التخطيط بكفاءتها.

أما في ما يعتبره البعض ان المرأة تحارب في الكويت تقول الهاشم انها ضد كلمة «المرأة تحارب»، لافتة الى ان الكويت مجتمع متحضر ومتعلم ومثقف وثقافته ليست ثقافة كتب. ورأت الهاشم انه لا يوجد رجل وامرأة في بعض الخلافات والسياسات المتبعة، لكن ظروف المرأة الاجتماعية كأم وجدة تقف عائقا امامها وتحد من الطموح الموجود لديها، ضاربة على سبيل المثال في الكويت ليتمكن المرء ويصل ويتواصل مع الناس ويبني شبكة علاقات يحتاج الى ديوانية، والمرأة الكويتية ليس لديها ديوانيات بعد علما ان %70 من «الطبخات» تتم في الديوانيات كما ان ليس لها تواصل مع راسمي السياسات الحكومية.

الباب ما زال مفتوحاً

حاولت «الجريدة» الاتصال بعدد من الجهات الرسمية ومنها وزارة المالية، الهيئة العامة للاستثمار، البنك المركزي، مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، المؤسسة العامة للتأمينات وبنك التسليف والادخار، لكنها لم تتمكن من الحصول على آرائهم بشأن هذه القضية، وذلك إما بسبب عدم وجود الشخص المناسب للرد على هذا الموضوع أو لأسباب اخرى. ولأن «الجريدة» تهتم بآراء جميع الجهات ذات العلاقة فإنها تشدد على أن بابها مفتوح للجهات المشار إليها أعلاه لإبداء وجهات نظرها بشأن هذا الموضوع المهم والحيوي.

back to top