المهن البسيطة ليست عيباً شباب «?Why Not» يعملون بلا خجل

نشر في 16-06-2007 | 00:00
آخر تحديث 16-06-2007 | 00:00

«إنجاز» مؤسسة أميركية نشأت في العالم العربي بعد الحرب العالمية الأولى. هدفها تعليم الشباب الاعتماد على النفس والعمل على مشروع خاص مربح يصقلهم ويجعلهم أكثر قدرة على مواجهة المجهول. عرفت المؤسسة في الوطن العربي منذ ثلاث سنوات. أما في الكويت فقد بدأت منذ سنة قام خلالها الشباب الكويتي بمشاريع ناجحة. لكن ما أقدم عليه شباب ثانوية عبد الله الرجيب من مشروع لغسل السيارات «?why Not» لم يكن مشروعاً مربحاً فحسب بل رسالة إلى الشباب والشعب الكويتي بأسره، ليكسر حاجز الخجل وليبرهن للجميع أن الشاب الكويتي صلب وغير مترف.

«الجريدة» التقت هؤلاء الشباب في مكان عملهم للاطلاع على أعمالهم وعلى رد فعل الشارع الكويتي حيالهم.

انطباع خاطئ

يوضح رئيس مجلس إدارة «?Why Not» محمد النجدي (17 عاماً) الانطباع الخاطئ الذي لازم الشاب الكويتي لسنوات: “عُرف عن الشاب الكويتي أنه مترف وغير قادر على تحمل المسؤولية. بالطبع هذا انطباع خاطئ. نحن جُبلنا على الكد والعمل. مشروع غسل السيارات مقابل دينارين للسيارة برهان واضح عن تنامي الولوج في مختلف المجالات إذا أتيحت لنا الفرصة”.

وفي حين تراوحت ردود فعل الشارع الكويتي بين مؤيد رأى فيها مبادرة طيبة ومعارض اتهمها بتشويه صورته بقيت قناعات شباب «?Why Not» بأن العمل الشريف لا يعيب صاحبه. “لذلك آثرنا مواصلة المشروع إلى النهاية والحمد الله نجحنا، كما لاقى مشروعنا استحسان الكثيرين” يقول النجدي.

عباءة الترف

غسل السيارات مهنة تتطلب جهداً ووقتاً مضاعفين، لكنها كما يراها هؤلاء الشباب، نافذة للخروج من تحت عباءة الترف وتوضيح صورة الشباب الكويتي للجميع داخل الكويت وخارجها بأنه شباب طموح، يشغل الكثير من المهن وإن كانت بسيطة.

من هذا المنطلق يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في الشركة مهنا الغربة (18 عاماً): “لا أرى عيباً في هذا العمل الشريف ولا يهمني إن ذهبت إلى المنزل كل يوم وثيابي متسخة”.

عبادة

تبدو السعادة على وجوه شباب «Why Not» الفريدين بين أقرانهم. محمد العيسى مدير الإنتاج (16 عاماً) يصف فرحته بهذا العمل قائلاً: «لا أستطيع أن أصف مدى سعادتي وأنا أغسل السيارات، إنه مجرد مشروع اليوم لكنني قد أغسل السيارات في المستقبل أيضاً فلا عيب في عمل الشريف». ويفصح العيسى عن تعلقه بهذا المشروع الذي وجد فيه جرأة كسرت الحواجز الاجتماعية والمهنية: “ذات يوم ترجل كويتيّ من سيارته ليعطيني ألف دينار كويتي، مقابل أن أحمل عدة الغسل وأعود إلى منزلي! غير أن ديناراً أكسبه من هذا العمل بعرق جبيني يوازي في نظري ألوف الدينارات».

ويضيف «لا أرى أن هذا العمل يهين صاحبه، فالعمل الشريف عبادة. أتمنى من النفوس المريضة أن تتقبل مثل هذه الأعمال وتدعم المشاريع التي نقوم بها».

أمّا سعود بوشهري أحد أعضاء الموارد البشرية (17 عاماً) والمعارض للمشروع في بدايته فيقول: «بعد قيامي بهذه التجربة وجدت أن نوع العمل لا يقلل من قيمة الشخص بل على العكس يزيد من احترام الآخرين له. نحن هنا اليوم لنبرهن أن الشباب الكويتي يستطيع العمل والكد، ولنغير نظرة الآخرين إلينا بأننا مترفون وغير قادرين على تحمل المسؤولية».

متعة وتحدي

يرى أحمد الوقيان عضو العلاقات العامة والإعلام (18 عاماً) في غسل السيارات متعة وتحدياً للآخرين في الوقت نفسه ورسالة صريحة بأن الشباب الكويتي قادر على العمل في سائر المجالات من دون خجل.

وبينما يفضل كثيرون عدم الاستعجال في مزاولة هذا النوع من المهن يجد أعضاء المشروع باباً واسعاً من خلالها لتشجيع العمالة الوطنية.

يستنكر عضو دائرة الإنتاج يوسف مالك (18 عاماً) الآراء المعارضة قائلاً: «رغم تفشي البطالة في مجتمعنا يصر البعض على اعتبار مزاولة الكويتيين للمهن البسيطة إساءة لهم، لذلك أرجو من المسؤولين إعادة النظر في هذا الموضوع، كما أتمنى منهم تشجيع العمالة الوطنية كي نرقى إلى غدٍ أفضل».

يؤيد هذا الرأي الأخير عضو دائرة التسويق والمبيعات عبد الرحمن المطوع (17 عاماً): «أنا من مشجعي العمالة الوطنية وأتمنى من الجميع أن يدعموا هذه المشاريع الغريبة نوعاً ما على مجتمعنا لكسر حاجز الخجل وتغيير النظرة الدونية إلى المهن البسيطة»، متمنياً على الشباب الكويتي «العمل على صقل أنفسهم بحرف ومهن تعود عليهم بالمنفعة»، مضيفاً «الكويتيون شباب مميزون لكنهم يحتاجون إلى فرصة ليثبتوا أنهم قادرون على خوض مختلف المجالات بنجاح وتميز».

رأي الشارع

للشارع الكويتي رأي أيضاً وإن خالف هؤلاء الشباب في بعض النقاط إلا أنه يلتقي معهم في نقاط أخرى كثيرة.

يصف عبد الوهاب العبد الجادر سعادته بهذا الإنجاز غير المسبوق: «إنها المرة الأولى التي نرى فيها شباباً كويتيين يغسلون سيارات المارة. إن مشاهدتهم وهم يقومون بحمل عدة التنظيف لمباشرة العمل تبعث فينا السعادة وحب التحدي».

ويؤكد العبد الجادر «أن في الكويت كادراً لا يستهان به من الشباب المتميز والواعد، علينا تشجيعهم ودعمهم لاستثمار طاقاتهم المبدّدة في التخلص من البطالة».

الشباب الكويتيون الآخرون يدعمون شباب «?Why Not» وإن رأوا في الخطوة قدراً من الغرابة، إلا أنهم ينظرون اليها كفرصة فيتجرأون بدورهم.

في ذلك يقول خالد منصور «الكويتي يحب بلده ولن يمتنع عن العمل بيديه والاستغناء عن العمالة الخارجية، لكنه في حاجة إلى دعم المسؤولين».

وعلى الخط نفسه ترى أم محمد أن لا عيب في العمل الشريف: «أذكر أن ابناء الكويت كانوا يحملون أكياس القمامة إبان الغزو العراقي على الكويت، لذلك قدمت لهم سيارتي ليغسلوها تشجيعاً لهم».

back to top