الأعراس التقليديّة بين التحليل والتحريم

نشر في 11-06-2007
آخر تحديث 11-06-2007 | 00:00
No Image Caption
إنتشرت الأعراس الإسلامية الخاصة بالنساء في مجتمعنا الكويتي عوضاً عن الأعراس التقليدية المعروفة. الكثير من العائلات ترفض إحياء الأعراس التقليدية، المتعارف عليها منذ القدم، وآخرون لا يحضرونها ولو من باب أداء الواجب، معللين ذلك بأن هذه النوعية من الاحتفالات يكثر فيها العزف والغناء المحرّمان وغير الجائزين شرعاً. في المقابل يؤكد البعض عدم وجود قاعدة أساسية ثابتة لمراسم حفل الزفاف ينبغي على المسلم أن يلتزم بها، فكلٌ على طريقته تحكمه عادات وتقاليد، وفق ضوابط وشروط بحدود الشرع.

في الكويت، الأعراس الخاصة بالنساء لا يحضرها الرجال، لذلك حلل الشرع إقامتها والبعض حرم، وآخرون لديهم رغبة في المحافظة والالتزام ، وبين هذا وذاك يبقى السؤال : هل أعراسنا التقليدية «محرمة»؟

الإختلاف في الموسيقى

لا ترى أمل المطيري (طالبة جامعية) فرقا بين العرس التقليدي المتعارف عليه والعرس الإسلامي: «ليس هناك فرق بين العرسين التقليدي والإسلامي، باستثناء الفرقة الموسيقية التي تقوم بإحيائهما، الإسلامي لا تحوي أغانيه من الآلات الموسيقية إلا «الطار» وهو آلة موسيقية خليجية شبيهة بالدف، أما العرس التقليدي فتحتوي أغانيه على الأورغ والآلات الوترية بأنواعها وكذلك الإيقاعات».

تلبّي أمل الدعوة سواء أكان العرس اسلامياً ام تقليدياً من باب أداء الواجب ليس إلا: «من الجائز إحياء العرس التقليدي وحضوره، ما لم يكن فيه عريّاً ولهواً».لا تمانع أن يكون عرسها مستقبلاُ اسلامياً ليتسنى للملتزمات ونساء العائلة الكبيرات في السن الحضور.

في السياق نفسه ترفض سارة الصانع (طالبة جامعية) التسميات الحديثة للأعراس، وترى أنه من الواجب أن يكون «العرس» مصدراً لإدخال الفرحة على قلوب الحضور. «الأعراس التي تسمى بالأعراس الإسلامية لا تعطي ليلة العمر حقها في الشكل المطلوب: «إنها مملّة ولن أقوم بتلبية الدعوة إلى هذه النوعية من الأعراس إلا إذا كانت هناك صلة قرابة بيني وبين أهل العرس». وتفضّل أمل أن يكون عرسها في المستقبل تقليدياً مع المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا التي لا يمكننا تجاهلها.

«دي جي» إسلامي

زارت «الجريدة» مجموعة من محال التسجيلات لمعرفة نوعية الأغاني المطلوبة في الأعراس الإسلامية. التقينا دي جي يعمل في أحد المحال حيث رفعت لافتة «لدينا دي جي اسلامي» فأخبرنا أن الـ «دي جي» المعتمد في الأعراس الإسلامية هو الـ «دي جي» الإسلامي الذي لاقى إقبالاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية. عرف باسم «طق اسلامي»، تمنع فيه الآلات الوترية والصاجات والطبل البحري، ويعتمد على «الطيران» فحسب. ذكر أن نوعية الأغاني عادةً تكون خليجية معروفة، والكلمات هي ذاتها، لكن في بعض الأحيان يطلب أهل العرس حذف بعض الكلمات أواستبدالها. الأمر في النهاية يعود إليهم ونحن نحترم ذلك ونحرص كل الحرص على ارضائهم.

لا تجد خبيرة التجميل حنان دشتي فرقا بين «مكياج» الأعراس الإسلامية والتقليدية لناحية المكياج المستخدم لتزيين العرائس: «العروس المتدينة تملك بشرة نظيفة ونضرة في العادة نظراً إلى عدم استخدامها «الفاونديشن» باستمرار، وإن حدث ذلك ففي فترات متباعدة».

أما وسائل الزينة الأخرى، فثمّة من يرغبن فيها. لا تجد المتديّنة مشكلة في وضع العدسات اللاصقة، الكثيرات يرغبن فيها ولا يمانعن في استخدامها في حفل زفافهن. وعن وصلات الشعر «الإكستنشن» توضح أن الإقبال عليها يختلف من سيدة إلى أخرى فبعضهن يستخدمن الحشوة كإكسسوار, وبعضهن لا يقبلن بها البتة. تؤكد حنان عدم انزعاجها من الحواجب العريضة وإيمان زبوناتها بأن رسمهما حرام. «احترم وجهة نظر زبوناتي في ما يخص حواجبهن، لا يزعجنني على الإطلاق لأني خلطت مادة تخفي جزءاً من الحاجبين قبل وضع الماكياج، ثم رسمت الحاجبين وبعدهما العينين لتظهر العروس المتدينة في أبهى صورة. معظم زبوناتنا المتدينات يرحبن بفكرة اخفاء الحاجبين كي يظهرن بصورة جميلة في ليلة العمر».

على طريقته ووفق الشرع

يعتبر المنشد عادل الكندري أن الأعراس التقليدية مباحة لو تمّت وفق قواعد ديننا الإسلامي وشروطه، «لا يوجد في الإسلام قاعدة ثابتة لمراسم حفل الزفاف يلتزم بها جميع المسلمين في العالم، ففي دول الخليج تختلف مراسم الزاوج عن اليمن مثلاً أو مصر أو المغرب العربي أو العراق أو الشام أو المشرق الإسلامي كله, فللعادات والتقاليد أثر كبير في إحياء تلك الأعراس، كلٌ على طريقته لكن وفق ضوابط الشرع الحنيف».

ويشير عادل إلى أن بعض العائلات المحافظة والملتزمة لا يستخدم الآلات الموسيقية في أغاني الأعراس، فيستبدلها بأغان لا تحتوي على تلك المعازف، باستثناء الدفوف في بعض الأعراس، وأغان يكثر فيها المدح والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض الأغاني من الغزل العفيف المحمود الذي لا يخدش الحياء والمشاعر. هذا من جانب, ومن جانب آخر تخلو تلك الأعراس من بعض الأمور التي طرأت على مجتمعنا المحافظ في بعض الأعراس مثل اختلاط الرجال بالنساء وغيره من الأمور التي تخالف الأعراف والتقاليد والشرع، ومن المتعارف عليه أن في الأعراس الإسلامية تتم الاستعانة بأغان فولكلورية معروفة لأنها محبوبة ومرغوبة لدى العامة، «جميل أن تعاد هذه الأغاني وتغنى بقالب جديد مع المحافظة على هويتها الأصلية وإن غيّرنا أحيانا بعض الكلمات وحوّرناها في مدح أهل العروسيّن».

زفّة العروس

زفات العروس كثيرة، وإن كانت مشتركة في الكثير من الأعراس،إلا انها تتنوع حتى في العرس الواحد أحيانا. يشير الكندري إلى أن الزفّات: «شمس الشموس، كحلوها، هب السعد» هي الأكثر اعتمادا في الأعراس الخليجيّة: «من خلال تجربتي في شريط «يا عريس» الخاص بالأعراس الذي لاقى رواجاً في الأعراس التقليدية وجدت أن «شمس الشموس» تغنّى ولأكثر من مرة عند دخول العروس عوضاً عن الأغاني المعروفة، واعتمدت لدى محلات الـ «دي جي» لإحياء حفلات الأعراس».

الدف في الإسلامي والتقليدي

يوضح الكندري أن الدفوف أو ما يسمى «الطيران» ليست محصورة في العرس الإسلامي إنما تستخدم كذلك في كثير من الأعراس التقليدية، وتم تطوير تلك الإيقاعات بسبب انفتاح الشعوب على الثقافات الأخرى وتأثرهم بها خلال سفرهم وتجوالهم، فقد بدأ قائمون على إحياء حفلات الأعراس في استخدام بعض الآلات الإيقاعية مثل البنجر والكونجا وهما آلتان أفريقيتان تستخدمان في الأغاني الكاريبية واللاتينية، كذلك آلة الدرامز الغربية التي تستخدمها بعض الفرق لإضفاء لون جديد على الأغاني. في المقابل تبقى أغنية «الطار» أو الدفوف هي الأجمل لأنها تربطنا بعبق الماضي وتراثنا الأصيل. وأشار أن العرس الإسلامي، أو المحافظ، يلقى اليوم رواجا في الخليج والوطن العربي كله، لا سيما أنه يتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا وأعراف بلادنا وديننا الحنيف قبل كل شيء، لكن في الكويت ما زال الأمر صعباً لعدم وجود فرق إنشاد.

رأي الدين

يبيّن رجال الدين الذين التقيناهم أنه من الواجب على كل مسلم ومسلمة التقيّد بالأحكام الشرعية في حفل الزفاف فلا يحصل فيه اختلاط بين الرجال والنساء. اما استعمال الآلات الموسيقية فهو منكر، وثمة إجماع على تحريم الاستماع إلى آلات العزف ما عدا الدف، فقد اجيز استخدامه في الأعياد والأعراس ، فالدف عند النكاح ليس بمنكر إذ أمر به الرسول» صلى الله عليه وسلم» في قوله «أعلنوا النكاح». كما ان الغناء جائز ومباح للنساء ايضاً وإظهارالفرحة محبب لكن وفق أحكامنا الشرعية.

back to top