وزراء... من ورق

نشر في 10-06-2007
آخر تحديث 10-06-2007 | 00:00
 سعد العجمي حيث الديموقراطيات الأخرى، يُسأل الوزير تلو الوزير، بل حتى رئيس الوزراء، وبعض الاستجوابات هناك تستمر أشهراً، ومع ذلك لا تلحظ أي أجواء تؤثر في عمل وزارات ومؤسسات تلك الدول، فالخطط التنموية ماضية وتنفيذ المشاريع مستمر

أن يصل النضج والفهم السياسي لدينا الى درجة أن يقوم برلماننا باستجواب وزير بسبب تصريح أدلى به، أو تستقيل حكومتنا جراء خطأ ارتكبه أحد وزرائها، فهذا يعني اننا مجتمع حي يستحق الديمقراطيه التي ينعم بها، لأننا لم نكن سلبيين (كما يريد بعضهم)، تجاهها بل فعّلناها ورضينا بها كإطار يحكم واقعنا السياسي.

من هنا فان ما تروج له بعض الأطراف من حديث حول التأزيم، وأن هدف كتلة العمل الشعبي من التصعيد عبر استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح، دفع باتجاه حل المجلس، ومن ثم الحصول على كرسي الرئاسة، هو في الواقع أسلوب عفّى عليه الزمن وترديد لـ «أسطوانه مشروخة» مل الجميع سماعها.

لنكن واضحين ياسادة، «الشعبي» لم يستهدف الجراح قبل التصريح الشهير، وهو الوزير الذي تولى عددا من الحقائب الوزارية قبل حقيبة النفط، أعضاء التكتل تخلوا عن فكرة استجواب وزير المالية بدر الحميضي بعد اتخاذه جملة من القرارات التي تهدف إلى حماية المال العام، بل أشادوا به، التكتل داعم فاعل لرئيس الحكومة وتوجهاته الإصلاحية .. هذه الحقائق تدحض تلك الافتراءات، ومن يرد أن يعرف الأطراف التي تسعى للحل أو تكرار مشهد الاستقالات الحكومية المتوالية فما عليه إلا أن «يفتش» عما دار في جلسة استجواب الشيخ أحمد العبدالله ..

على كل، فإن للتكتل الشعبي أو غيره من الكتل و النواب، الحق في استجواب الجراح أو غيره من الوزراء، كحق دستوري مكفول بشرط ألا يكون استجوابا بالوكالة !! فالاستجوابات لا علاقة لها بتأخير التنمية أو إدخال البلاد في أزمة سياسية سوى في الكويت .. حيث الديموقراطيات الأخرى يُسأل الوزير تلو الوزير، بل حتى رئيس الوزراء، وبعض الاستجوابات هناك تستمر أشهراً، ومع ذلك لا تلحظ أي أجواء تؤثر على عمل وزارات ومؤسسات تلك الدول، فالخطط التنموية ماضية وتنفيذ المشاريع مستمر.. أما لدينا فالوضع مختلف تماماً ، ففي أجواء الاستجوابات تتعطل الحياة في الوزارات، وتتحول مكاتب الوزراء كافة إلى ما يشبه خلايا النحل – من كثرة نواب المعاملات - وتشكل فرق طوارئ، وكأن إعصاراً على غرار ( غونو ) سيضرب البلاد .. وبالطبع ليس لتسريع تنفيذ المشاريع ومصالح الناس المعطلة في تلك الوزارت، بل لحشد الدعم للوزير المستجوب، لأنه وحده أضعف من أن يدافع عن نفسه .. كون حكوماتنا لم تعد عامل جذب لوزراء من نوع «رجال دولة» الذين اعتذر بعضهم عن دخول الحكومة الحالية، ودخلها بدلاً منهم «وزراء من ورق».

back to top