مقترحات النواب ... فنتازيا تغازل الناخبين

نشر في 02-06-2007
آخر تحديث 02-06-2007 | 00:10
No Image Caption
لا يمكن للمتتبع للمقترحات النيابية إلا أن يتخيل ما ستكون عليه البلاد لو طبقت جميع هذه المقترحات، وفي هذا الموضوع تصحبكم «الجريدة» في جولة على مقترحات بعضها «فنتازيا» قدمها نواب الأمة كاقتراحات برغبة منذ بدء العمل بالمجلس الحالي في شهر يوليو من العام الماضي.
أرض زراعية لكل أسرة و أعلاف بالمجان إذا كانت تربي الماشية، وفيما نتذكر مقولة الفنان سعد الفرج في مسرحية «حامي الديار» عندما قال «بتصير الكويت كلها جسور» فلم يختلف كثيراً عما اقترحه أحد النواب في ربط كافة مناطق الكويت بأنفاق تحت الأرض. لكن هذه الاقتراحات لم تأت في مسرحية ، بل كانت ضمن مئات من الاقتراحات برغبة التي قدمها أعضاء مجلس الأمة خلال عامهم الأول في المجلس.

ولعل من يطلع على اقتراحات النواب يرى تخصص البعض منهم في اقتراحات معينة، فالنائبان علي الدقباسي وحسين مزيد المطيري اشتملت معظم اقتراحاتهما على أمور تخص المعاقين، فيما أخذ النائب جابر المحيلبي على عاتقه التخصص في الاقتراحات الخاصة بالطرق والإشارات في منطقته الانتخابية وكذلك النائب جمال الكندري الذي اقتصرت غالبية اقتراحاته على خدمات لمنطقة الرميثية التي يمثلها وكذلك النائب سعد الشريع الذي ركزت اقتراحاته على المنقف والقرين والفحيحيل.

الدوائر الخمس

ولم تغب إسقاطات الدوائر الخمس التي أقرها المجلس بعد انتخابه مباشرة عن الاقتراحات النيابية، فحاول البعض التقرب للمناطق الانتخابية الجديدة أو بالأحرى «مغازلتها»، ولعل أبرز تلك الاقتراحات هي الخاصة بالنائب فيصل الشايع الذي «يغازل» مناطق جنوب السرة التي ستكون ضمن منطقته الانتخابية في الانتخابات المقبلة، حيث قدم الشايع عدداً من الاقتراحات الخاصة بالمنطقة كإنشاء مرافق صحية وإطفاء وحدائق ومراكز شباب وشوارع لمناطق جنوب السرة، فيما حاول النائب وليد الطبطبائي ، الذي سيمثل الدائرة الانتخابية نفسها (الثالثة) أن يسبق الشايع في ما بدا كأنه حرب مزايدة ، حيث قدم الطبطبائي 10 اقتراحات خاصة بجنوب السرة منها إنشاء 5 حدائق في الزهراء ومثلها في مناطق أخرى. فيما كان لافتاً كذلك محاولة النائب مرزوق الغانم التودد لمناطقه الإنتخابية الجديدة ، حيث اقترح معالجة المياه الجوفية في السكن الخاص في تلك المناطق.

الفائض مع الطلبة

كان من اللافت خلال استعراض المقترحات رأي عدد من النواب في استغلال «الفائض المالي» والوفرة المالية التي تعيشها البلاد بسبب «ارتفاع أسعار النفط» حيث دفع هذا الفائض النائب محمد الخليفة لاقتراح بعثات دراسية للجميع من خلال «رصد ميزانية من الفائض المالي لدفع الرسوم الدراسية مع المصاريف الشهرية لمن يتلقون تعليمهم الجامعي داخل البلد وخارجها على نفقتهم الخاصة»، كما لم يفت الخليفة اقتراح «صرف مكافأة شهرية للطلبة الذين يتلقون تعليمهم الجامعي خارج البلاد» على حسابهم الخاص. أما زميله النائب محمد المطير فلم يبتعد باقتراحاته خارج حدود الكويت، فاقترح منح طلبة الجامعة كافة الكتب الدراسية بالمجان، دون أن ينسى اقتراح «توفير جهاز كمبيوتر لكل طالب في جامعة الكويت!»

إلا أن أغرب اقتراح من بين الاقتراحات الخاصة بالطلبة كان ذلك الذي تقدم به النواب أحمد لاري و أحمد الشحومي وحسن جوهر وخالد العدوة بإعادة الوجبة الغذائية للمرحلة الابتدائية ، فيما ذهب زميلهم النائب حسين مزيد إلى أبعد من ذلك ليقترح «توفير وجبات طعام للطلبة والطالبات في المدارس الحكومية» إنطلاقاً من ضرورة «توفير كل ما هو ضروري لطلبتنا» كما جاء في مسودة الاقتراح.

إلى ذلك ، استنكر النائب عبدالله عكاش الزيارات المفاجئة التي يقوم بها مسؤولو وزارة التربية للمدارس، حيث رأى عكاش أن زيارات المسؤولين لمدارس البنات تحديداً باتت تتم «دون مبرر ودون موعد مسبق مع إدارة المدرسة» ما يسبب الكثير من الحرج لإدارة المدرسة والمدرسات، ونظراً لذلك اقترح عكاش «أن لا تتم زيارة أي مسؤول من وزارة التربية أو المناطق التعليمية إلى مدارس البنات في مناطق الكويت المختلفة وبجميع المراحل إلا بعد إخطار مديرة المدرسة بموعد الزيارة مسبقا!» مما يطرح سؤالاً إن كان النائب يرغب في أن يعمم هذا المقترح على كافة المرافق الحكومية التي يعمل بها النساء.

نقل الجيش

ومع تفاقم مشكلة الإسكان، يسعى كافة النواب العمل على حل المشكلة كل من خلال موقعه ، سواء في لجنة شؤون الإسكان بالمجلس أو تقديم القوانين أو الاقتراحات التي جاء منها اقتراح من النائبين وليد الطبطبائي وعبدالله عكاش نص على «نقل وزارة الدفاع ومعسكرات الجيش ورئاسة الأركان العامة للجيش والكلية العسكرية وأكاديمية الشرطة من منطقة الجيوان إلى مناطق أخرى» ومنح الأرض للمؤسسة العامة للرعاية السكنية لتوزع الأراضي -التي كانت للقوات المسلحة- كقسائم للمواطنين طالبي الرعاية السكنية.

وعلى خطى نقل المباني والمعسكرات الخاصة بالجيش ، اقترح الخليفة «إزالة ونقل معسكر لواء المغاوير الخامس والعشرين» بالإضافة إلى إلغاء موقع أكاديمية علي الصباح العسكرية بغية إنشاء واجهة بحرية ومتنزهات للمواطنين.

مجاناً مجاناً مجاناً

ولم يغب عن النواب تشجيع العمل الزراعي، فقد اقترح الخليفة أن تقوم الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية بتوزيع «أراض على المواطنين من أرباب الأسر بمساحة 200 متر مربع لكل أسرة» بإيجار رمزي ، على أن «يتعهد رب الأسرة بتشجير هذه الأرض وجعلها كمنتزه لأسرته خلال فترة زمنية محددة»، وإن كانت الأسرة ترغب في تربية الماشية من إبل وأغنام فلا داعي للقلق، فقد اقترح مزيد بدوره أن تقوم هيئة الزراعة «بتوزيع الأعلاف بالمجان على رعاة الإبل والأغنام». أما إن كانت كل هذه المعاملات الحكومية تستوجب رسوماً رمزية، فلا داعي لأن يجزع المواطن ، فقد اقترح عكاش «إلغاء كافة الرسوم التي تفرض على المواطنين في جميع الدوائر الحكومية.

مقترحات المسلم

ولا يمكن لأي باحث في المقترحات النيابية أن يقرأها دون أن يقف عند مقترحات النائب فيصل المسلم، وهو الذي قدم 113 اقتراحاً برغبة، إلا أن ثلاثة منها كانت ملفتة للنظر وهي اقتراح بإضافة اسم الزوج للبطاقة المدنية للزوجة، ولعل البعض لازال يذكر وجود اسم الزوج في جواز سفر الزوجة قبل سنوات إلى أن تم إلغاؤها، فيما لا تزال إحدى الدول الخليجية تعمل بهذا النظام، وقد برر المسلم اقتراحه بأن «إثبات اسم الزوج بالبطاقة يعد من المعلومات المهمة الأمر الذي قد يغني المراجعين عن حمل وثيقة الزواج أثناء إنجاز المعاملات». فيما كان الاقتراح الثاني الملفت للنظر هو الخاص «بربط مناطق الكويت بأنفاق تكون تحت الطرق السريعة» وذلك مساهمة في حل الأزمة المرورية ، فيما كان الاقتراح الأخير المسلم الخاص بالأخذ بنظام التوقيت الصيفي، وذلك عبر تقديمه ساعة، اعتبارا من أول يوم جمعة في شهر إبريل حتى آخر يوم جمعة من شهر سبتمبر من كل عام، وجاء في مسودة المقترح أن التوقيت الصيفي كان قد «حقق إيجابيات ملحوظة في معظم الدول التي قامت بتطبيقه وذلك فى نواحي الحياة المختلفة» إلا أنه لم يورد ما هي الإيجابيات.

أحلام وردية

وسط هذه المقترحات النيابية العديدة التي شملت كل ميادين الحياة، علق أحد النواب لـ «الجريدة» أن الاقتراحات البرلمانية ليس بالضرورة أن ترى النور ، فيما تعد «سد ذريعة» للنائب أمام ناخبيه الذين يقترحون على النواب معظم هذه الاقتراحات وللنائب تقديم المقترح سعياً منه لرسم أحلام الناخب «الوردية».

اقتراحات لم تبصر النور

لم تقتصر الاقتراحات برغبة من قبل النواب على الأمور المالية، أو التي قد يراها البعض «غريبة»، بل كان هناك عدد من الاقتراحات التي لم تبصر النور ومنها على سبيل المثال:

فقد اتفق النائبان صالح عاشور وضيف الله بورمية ، في اقتراحين منفصلين ، على ضرورة إدراج مواد تتعلق بثقافة الحوار والنقاش وتقبل الرأي الآخر واحترام ثقافة التعددية في مناهج وزارة التربية، فيما اقترح النواب أحمد باقر وعادل الصرعاوي ومحمد المطير ومرزوق الغانم وناصر الصانع أن يقدم محافظ البنك المركزي بياناً عن السياسة النقدية للدولة مرتين في السنة على اللجنة المالية لمجلس الأمة ، ما يذكرنا بجلسات الكونغرس لمدير الخزانة الأميركية السابق آلان غرينسبان التي كان يعرض من خلالها السياسة المالية للولايات المتحدة وسط ترقب أنظار العالم.

أما النائب احمد المليفي ، فقد تقدم باقتراح يقضي بإنشاء عاصمة قديمة وأخرى جديدة للكويت على أن تكون القديمة محافظة على طراز معماري مميز في قلب العاصمة الحديثة، مذكراً بمشروع تطوير وسط بيروت (السوليدير)، فهل ينتقل للكويت؟

أما النائبان فيصل الشايع وعبدالله الرومي فقد اقترحا -كل على حدة - إنشاء مركز للثقافة والفنون والآداب والتراث وصالة تعنى بالفنون البحرية القديمة.

أما النائب مسلم البراك فقد تقدم باقتراحات ذات طابع «وطني» منها تكليف وزارة الإعلام بإطلاق جائزة باسم النائب السابق سامي المنيس باسم «جائزة سامي المنيس للإبداع الصحفي»، كما اقترح إقامة احتفال سنوي بيوم الدستور الموافق 11 نوفمبر من كل عام.

back to top