سحر الخطيب: ليس خطأ أن يكون الاعلامي محامي الشيطان

نشر في 25-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 25-09-2007 | 00:00

استطاعت الإعلاميّة في تلفزيون «المستقبل» سحر الخطيب ابراز دورها المميز في «التوك شو» السياسي من خلال برنامجها «بصراحة» الذي استهلّ قبل اشهر. رغم الازمة السياسية التي تحيق بلبنان ورغم ان تلفزيون «المستقبل» تملكه جهة سياسية معروفة، أدّت سحر دور المحاورة غير المنحازة لأي جهة. تميزت بصوتها الرخيم ولغتها الأنيقة واستقبالها الضيوف من مختلف الأطياف السياسية. حول البرامج الحوارية السياسية والإعلام في لبنان معها هذا الحوار.

يبدأ برنامجك بمقتطفات من النشرات الإخبارية اللبنانية متوخياً بذلك الموضوعية، هل تعتبرين الموضوعية هدفاً أم أنها من الفخاخ الإعلامية لاستقطاب المزيد من المشاهدين؟

خلال تحضيرنا برنامج «بصراحة» لم نكن نعرف، إدارة تلفزيون «المستقبل» وأنا، كيف ستكون النتائج. لكن بعد انطلاقة «بصراحة» تبين ان الموضوعية هي التي تثبت نفسها وهي الأساس في الاعلام العصري.

عندما أدركت هذه المحطة ايجابية الموضوعية لماذا لم تغير شيئا في بقية برامجها ؟

أعتقد ان برامج تلفزيون «المستقبل» ليست بعيدة عن الموضوعية وأنا أتابعها. هذه المحطة ارادها الرئيس رفيق الحريري شبيهة بالبيت اللبناني ووظف فيها من الاطياف كلها.

أتحدث عن الموضوعية في البرامج السياسية؟

لا يمكنني القول ان برنامجي يتمتّع وحده بالموضوعية بين البرامج السياسية على شاشة «المستقبل». اليوم تنتقل هذه المحطّة من مكان إلى آخر من خلال قناة « الإخبارية future». لننتظر ونشاهد برامجها السياسية حتى يثبت ما أقول.

كيف استطاعت سحر الخطيب في خضم أزمة الإنقسام السياسي في لبنان جمع شخصيات من المعارضة ومن الموالاة في حلقة واحدة؟

تشجّع الموضوعية والمسافة الواحدة من الجميع الشخصيات السياسية على المشاركة في برنامجي. منذ البداية اتبعت مبدأ ترك انتمائي السياسي خارج الاستوديو وطرح الاسئلة التي تعني سائر الاتجاهات السياسية من دون الانحياز الى أحد. هذا الأمر يُشعر أي ضيف بالارتياح وبأنه ليس امام «مؤامرة» اسئلة. صحيح أن أي ضيف يتوقع اسئلة قد لا تتناسب مع موقفه السياسي لكنها لا تزعجه.

الا تشعرين بأن مقدمة برنامجك أشبه بالسوريالية اذ تتضمن اخباراً من مختلف المحطات التلفزيونية اللبنانية ويرد الخبر نفسه في تناقضات كثيرة، لِمَ اخترت هذه الترويسة؟

عندما قررت وادارة تلفزيون «المستقبل» تقديم برنامج سياسي لم نكن متفقين على التوقيت. طلب مني أن أعدّ برنامجا سياسيا واقدمه. إشترطت ان يكون البرنامج موضوعيا ويستضيف سياسيين من جميع الانتماءات السياسية وان اطرح الاسئلة التي اريد. رحبت ادارة التلفزيون بالشروط كي لا يكون البرنامج مجرد «توك شو». اقترح الزميل حسين الوجه، المشرف على البرامج السياسية في تلفزيون «المستقبل»، ان نضع في المقدمة مختصراً لنشرات اخبار المحطات اللبنانية لأن الناس يتابعونها كثيرا اليوم بسبب الازمة السياسية. النشرات الاخبارية المختصرة أشبه بالتمهيد لكل حلقة اقدمها واكملها من خلال المناقشة. تبين ان الخبر نفسه يقدم بأطر مختلفة كل بحسب انتمائه السياسي. هكذا تفرض التناقضات السياسية اللبنانية نفسها. لم اعمل على خلقها بل نقلتها كما هي. تتحدّث كل محطة بلسان الجهة التي تنتمي اليها. كان الاقتراح ان نقدم خدمة للناس كي يكونوا على اطلاع على ما يجري في لبنان فتكرّست موضوعية البرنامج. لم نفرض لونا واحداً عليه.

ما موقفك من الذين رفضوا المشاركة في برنامجك، خاصة انه يبث في وقت متأخر ليلاً وتملكه جهة سياسية معروفة؟

لم يرفض احد عدم المشاركة في برنامجي. رغم ان وقت البرنامج في ساعة متأخرة لكنه جذب الناس والسياسين معا. أمسى السياسي يعرف انه يأتي لسماع الرأي الآخر، خاصة انه في نهاية النهار يكون مشحوناً بمجموعة مواقف وعليه ان يعبّر عن رأيه. أصبحنا في لبنان امام مشهد واحد: النهار مشحون بالتصريحات السياسية التي سرعان ما تتفاعل بسبب العصبيات. في منتصف الليل يمكن السياسي او الضيف في برنامجي ان يقدم خلاصة المشهد او يستنبط رأيه مما يجري على الساحة اللبنانية. في البدء كان توقيت البرنامج مزعجا وفيه كثير من التحدي لكن سرعان ما تعوّد الناس عليه. معظم السياسيين الذين ادعوهم إلى المشاركة في البرنامج يلبون الدعوة ونادرا ما يرفض البعض لأسباب غير متعلقة بالموقف من البرنامج، بل لأنهم صائمون عن الكلام في هذه المرحلة بحسب تبريريهم. استضفت شخصيات من الالوان والأطياف كلها، من حركة امل الى حزب الله والتيار الوطني الحر ومن قوى 14 اذار. يجب ألا ننسى ان البرنامج يومي وهذا يجعل البعض يعتذر لأسباب شخصية لا سياسية. فوجئت بأن البعض كان يرفض المشاركة في برامج تلفزيون «المستقبل» لكنهم قبلوا المشاركة في برنامجي وكانوا متعاونين جداً، اطرح عليهم الاسئلة المحرجة ويتقبلونها بصدر رحب. يقولون: «اسئلتك صعبة وما يشفع بك أنك لا تنحازين في برنامجك الى اي فريق سياسي». هذه شهادة أفتخر بها.

هل ثمة ضيف اربكك؟

يحصل الأرباك عندما يأتي المقدم الى الحلقة من دون تحضير واطلاع على ما يحصل على الساحة السياسية او حين تفوته المعلومات. لا أهمل متابعة ادق التفاصيل السياسية اليومية من الصحف ونشرات الأخبار التلفزيونية. اقسو على نفسي في هذا المجال وابقى من الصباح الى المساء باحثة عن كل شاردة وواردة. اعرف ان المواطن يهدف من خلال متابعة «التوك شو» الى سماع معلومات توضح له ما يحصل على الساحة السياسية. هدفي تسليط الضوء على أمور سياسية قد لا يراها المرء.

يقول احد الروائيين اللبنانيين في مقالة كتبها في جريدة «القدس العربي» ان «التوك شو» اصبح «كلاما استعراضاً»، ما رأيك في هذا الموقف أو التعبير؟

هذا رأيه، لا استطيع تصنيف «التوك شو» لأسباب عديدة، أولا لأنني اقدم برنامج «توك شو» وبالتالي ليس لائقاً ان اطلق التصنيفات على احد. اسعى الى ألاّ يكون البرنامج الذي اقدمه مجرد كلام، بل اقدم المعلومة واحلل الخبر واستعمل اللغة الفصحى من دون تصنّع. لا أخفي أني حين بدأت العمل في تلفزيون «المستقبل» طلب مني التخفيف من استعمال الفصحى. مع ذلك أظل وأقول انني من مدرسة الفصحى البعيدة عن التنميق والتكلف. هذه قناعتي واتمنى ان تكون في مكانها.

كتبت احدى الصحافيات عن دور جديد للإعلاميين هو دور «محامي الشيطان» وذكرت اسمك بينهم، ما تعليقك؟

قرأت المقال جيداً. قالت الصحافية انها ليست مؤمنة بالادوار الجديدة (محامي الشيطان) وتعتبرها مصطنعة. لكن اقول صدقاً أنها ليست مصطنعة بل مهنية حقيقية. ليس خطأ ان يؤدّي الاعلامي دور {محامي الشيطان» فهذا شكل من اشكال المهنية في البحث عن حقيقية ما. لكن الخطأ ان يؤدّي هذا الدور مع اشخاص دون سواهم. لا اخفي انني وقعت مرات قليلة في خطأ محامي الشيطان مع ضيف دون سواه وسرعان ما تنبهت وصححت الخطأ.

أضحى تقديمك معروفا بكلمات لطيفة مثل «ضيفي العزيز» و»سيدي الكريم»، لِمَ هذه الطريقة في تكريم الضيف في البرنامج؟

تكريم الضيف من الأمور المحببة بالنسبة إليّ والاستوديو بيتي الثاني. من واجبي تكريم ضيفي. حين افعل ذلك واوجه اليه اسئلة صعبة لا يشعر بأنه منزعج إذ يعرف انني احترمه كشخص وأن اسئلتي تطرح من منطلق مهني. هدفي من البرنامج صوغ فسحة حوار لا اثارة التشنج والعصبيات.

الا تشعرين بالإرهاق من تقديمك برنامجاً يومياً وفي ساعة متأخرة ليلاً؟

بلى، لكن البرنامج الحواري السياسي اليومي يصبح مع الوقت كأي عمل آخر. الأفضل لمن يتأفف من العمل أن يستريح ويأخذ عطلة من الحياة. لعل السهر الطويل هو العنصر الوحيد في البرنامج الذي يضّر بصحّتي إذ انتهي من عملي الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل لأصل الى منزلي عند الواحدة ولا أتمكن من النوم حتى الرابعة فجراً من جرّاء التناول المفرط للقهوة قبل بدء الحلقة كي أتمكن من السهر. هكذا غيّر العمل ايقاع حياتي، لكن عندما اجد ان لهذا التعب ثماراً تنضج يوماً تلو الآخر يخف ليمسي متعة لا يكتمل يومي من دونها.

ماذا أرادت سحر حين اعتمدت البساطة في زينتها وشعرها وملابسها؟

احب ان اكون على طبيعتي لكن ليس بالضرورة ان يكون جميع الاعلاميين مثلي. دورنا كصحافيين تسليط الضوء على الحدث لا على انفسنا. ليس التلفزيون مجرّد استعراض للشكل والملابس والأكسسوارات بل وسيلة جماهيرية يجب أن يكون هدفها البحث عن الحقيقة والمعلومات ذات القيمة الإنسانية لتوصلها الى الناس. الترتيب صفة يجب أن يتحلى بها كل الناس والصحافي واحد منهم، لكن ليس بالضرورة أن يجلس أمام الكاميرا كأنه أمام مرآة. أحبذ البساطة التي تحترم ذوق المشاهد فلا اسمح لنفسي ان اكون «ثقيلة» على نظره ولو أتيح لي لقدّمت البرنامج من دون ماكياج، لكن ضرورات الكاميرا تحتم عليّ وضعه.

لا أتخيلك كمشاهدة الا في المجال السياسي، ألا تفكرين في العمل في الميدان السياسي؟

السياسة تعني في المفهوم اللغوي قيادة الناس. لا احب قيادة أحد فالاهمية ليست في القائد الممسك بزمام الأمور بل في الناس. القائد لا يساوي شيئا من دون التفافهم حوله. اخترت مهنة الصحافة وأنا مؤمنة برسالتها. لو لم اكن على اقتناع تام بهذه المهنة وما يمكن أن تحدث من تغيير لما خطوت خطوة فيها. ولو لم اكن صحافية لاخترت وظيفة في مركز أبحاث او في أي وسيلة إعلامية تنقل المعلومة.

back to top