سعاد الصباح تعقّب على ذكريات أحمد الخطيب (1)

نشر في 28-07-2007 | 00:00
آخر تحديث 28-07-2007 | 00:00
رحيل الشهود على الذكريات جعل المؤلف مطمئناً إلى عدم التكذيب والنفي
عندما قررت «الجريدة» نشر مذكرات الدكتور أحمد الخطيب، فقد جاء ذلك القرار عن ادراك، ليس لأهمية ما ورد فيها من معلومات وأفكار وآراء فحسب، ولكن انطلاقا من رغبتنا في كسر حاجز وهمي طالما ظل يسيطر على الحياة السياسية الكويتية، وهو أنه على الرغم من ثراء وتنوع الفعل والنشاط الكويتي العام، إلا أننا نادراً ما نجد من يقدم تجربته من جيل الرواد لكي يتداولها الناس، ويتعرفوا عن كثب على شخصيات ورموز أثّرت وأثْرت وأعطت لبناء هذا الوطن، فأغلبية ما صيغ وما نشر من تلك التجارب لا تعدو كونها سردا طوليا، أو ملفات للصور، لا تحلل ولا تشرح بقدر ما تبين البعد الايجابي للشخص صاحب المذكرات، وقد ترتب على هذا نقص حاد وقصور شديد في المكتبة الكويتية الخالية من المذكرات الشخصية التي تمارس نقدا ذاتيا، وتلتزم الأصول المتعارف عليها لفن كتابة المذكرات، فكتابة المذكرات ليست كما قد يتصور البعض بأنها كتابة مؤرخين يستندون في كتابتهم الى مصادر موثوقة بالضرورة يتم استقاؤها من رسائل أو كتب، ولكنها سيرة ذاتية لصاحب المذكرات كما رآها هو، وكما فهمها هو، وكما عايشها هو، وهذا الامر يعني بالضرورة أنه قد تكون هناك حقائق مكملة غابت عن مشاهدة صاحب المذكرات، وهو أمر لا تثريب عليه، بل انه قد يكون حافزا لآخرين لأن يصححوا، ان كانوا يتصورون أن اغفالا ما قد حدث، دون الحاجة الى التجريح أو التجريم.

وهكذا كان قدر «الجريدة» أن تصدر في الوقت ذاته الذي انتهى فيه الدكتور أحمد الخطيب من كتابة مذكراته، فالتوقيت بالنسبة لنا كان فرصة لا تعوض للاقدام على هذه الخطوة، التي نسعى الى ان تتبعها خطوات أخرى مع شخصيات كويتية كانت لها اسهاماتها في مسيرة هذا الوطن، ونحن إذ نفتخر بأننا نشرنا مذكرات الدكتور أحمد الخطيب فإننا في الوقت ذاته نرحب بجميع الردود والتعقيبات.

من هذا المنطلق يأتي ترحيبنا بنشر رد الدكتورة سعاد الصباح التي نكن لها الكثير من المودة والاحترام، ونحن في «الجريدة» وإن كنا نقدر الرغبة الصادقة للدكتورة سعاد الصباح في تثبيت الدور الذي أداه زوجها ورفيق دربها الشيخ عبدالله المبارك في مسارات الحياة السياسية الكويتية حتى مغادرته الكويت عام 1961، إلا أننا نختلف مع بعض الأحكام والنعوت التي وصفت بها الدكتور الخطيب، ولكننا على أي حال ملتزمون بنشرها كما وصلت الينا من دون حذف أو تعديل من أي نوع.

لقد أوضح نشر مذكرات الدكتور الخطيب صحة ما ذهبنا إليه من الناحيتين المنهجية والاعلامية، فمن حيث المنهج فإننا فتحنا الباب لأسلوب جديد في التعاطي مع التطور السياسي في الكويت ظل مفقودا طوال هذه السنين، ونحمد الله اننا وفقنا في كسره مع شخصية بأهمية الدكتور أحمد الخطيب ورمزيته.

أما من الناحية الاعلامية فقد كانت المتابعة غير المسبوقة للمذكرات وتجاوب القراء معها دليلا آخر على أنه مازالت هناك مساحة واسعة لتقديم مادة ذات نوعية جادة ومقروءة في الوقت ذاته.

ولا يسعنا هنا إلا التقدم بالشكر للدكتورة سعاد الصباح على مسعاها الذي نعلم انه سيثير أيضا جدلا وردود أفعال نأمل ان تستمر، فتاريخ الكويت ليس ملكا لأحد، بل هو ملك للكويت كلها، وطالما اننا مازلنا نتنفس نسائم الحرية، فللجميع الحق -من دون استثناء - في أن يقول رأيه.

الجريدة

ترى الدكتورة سعاد الصباح في هذه الحلقة ، أن من حق الدكتور أحمد الخطيب أن تكون له رؤاه وأفكاره، مع اعطاء الآخرين حقهم في أن تكون لهم رؤاهم وأفكارهم في ما يعتقد به هو، كما تطرقت الى فترة المد القومي العربي وموقف الكويت منه، بما في ذلك رفض الكويت أن تصبح ساحة للخلافات العربية - العربية، ودور زوجها الراحل الشيخ عبدالله المبارك في المحافظة على أمن بلاده واستقرارها في مواجهة التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية.

وتناولت الحلقة كذلك الزيارة التي قام بها أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الى العراق ثم لحق به نائبه الشيخ عبدالله المبارك، والعرض الذي قدمه لهما نوري السعيد بتسوية موضوع الحدود بين البلدين مقابل الانضمام إلى لاتحاد الهاشمي، إلا انهما رفضا المشروع.

أصدر د. أحمد الخطيب كتاباً بعنوان «الكويت: من الإمارة إلى الدولة، ذكريات العمل الوطني والقومي» ضمّنه مسيرة حياته، وإسهامه في العمل العام الكويتي، وتضمن معلومات وآراء جديرة بالتوقف، وتستحق الرد وذلك احتراماً لحقائق التاريخ.

وحسناً فعل المؤلف حين قدم لكتابه بقوله: «هذه ليست دراسة علمية ولا ينبغي لها أن تكون كذلك، فهي ليست إلا رحلتي ورؤيتي عبر الحياة كما عشتها وشاهدتها، لا كما عاشها أو شاهدها غيري، وبالتالي فليس المطلوب هنا أن تكون مرآة عاكسة لما حدث ولكنها الأشياء كما رأيتها... إلا أن الحقيقة هي أن أفكاري وآرائي لم تكن إلا وليدة وقتها... وبالتالي فهي أفكار وآراء مرتبطة في مجملها بالزمن الذي ظهرت فيه وتأثرت بمعطياته» (ص13). وأضاف أنه سجل هذه الذكريات من الذاكرة، لأنه لم يكتب مذكرات ينقل عنها ويقول «ولم أكتب أي مذكرات طول حياتي» (ص14).

لقد قرر المؤلف هنا أمرين مهمين: أولهما، أن هذه الأوراق التي نشرها هي وليدة لرؤيته هو فقط، وثانيهما، أن تلك الأفكار والآراء مرتبطة بزمنها ومتأثرة بمعطياته، ومن قراءة هذه الأوراق يبدو واضحاً أن د. الخطيب لم يراع ِحق الآخرين في أن تكون لهم رؤاهم وأفكارهم، وبالتالي ممارستهم النابعة من زمنهم ومعطياته، ومن ثقافتهم المتصلة بمجتمعهم، ومن موقعهم في الحياة، فهناك فارق كبير في الظروف الموضوعية التي تحيط بالكاتب أو الناشط السياسي مثلاً، وتلك المحيطة بمن يتولون الحكم ويتخذون القرارات التي تؤثر على مسيرة المجتمع والدولة، فعلى هؤلاء أن يتدبروا عواقب ما يتبنونه من مواقف أو يتخذونه من قرارات، لأن آثارها وتداعياتها لا تلحق بهم فقط وإنما على مجمل شعب الكويت.

لقد أعطى د. الخطيب نفسه الحق في أن يكون له رؤاه وأفكاره، وهذا حق طبيعي ومشروع، ونحن نحترم ذلك، لكنه لم يعط ِ الآخرين حقهم في أن تكون لهم رؤاهم وأفكارهم المختلفة مع ما يعتقد فيه هو، والتي ينبغي فهمها وتقدير أسبابها في إطار ظروفهم ومواقعهم.

والقارئ لذكريات د. الخطيب يخرج بانطباع عن أنها تعبّر عن كراهية عميقة لأسرة الصباح ولدورها في الحياة الكويتية، ولا أعرف أسباب ذلك، وهو على أي حال أدرى بمصادرها ودوافعها، وحافظ المؤلف على حجم الكراهية التي انزرعت في نفسه قبل 50 عاماً، مما يجعل القارئ الباحث عن الحقيقة في حيرة من أمره، إذ يكون عليه أن يتزود بكراهية مماثلة، وهو ما أعجز عنه، أو يكون عليه أن يتعامل مع بعض الحوادث الواردة في الكتاب باعتبارها رواسب واسقاطات يخضع تقييمها للمنطق وحده، ما دام جميع الشركاء فيها أو الشهود عليها قد رحلوا عن دنيانا إلى دنيا الحق، ولم يبقَ إلا صاحب الكتاب حياً ليروي من الأحداث ما يشاء، ويحدد ظروفها ووقائعها، وهو في طمأنينة كاملة إلى أن أحداً لا يستطيع نفيها أو تكذيبها، وهو شاهدها الحي الوحيد.

ولكن هذه الحقيقة كانت تفترض أن يكون د. الخطيب أكثر حرصا على تذكر الوقائع وتمحيصها بالدقة الممكنة، خصوصاً حين يعرض لحادثة مضى على وقوعها خمسون أو ستون عاماً، وليس هناك ما يؤكد وقوعها بالصورة التي يرويها، فضلا عن غياب الآخرين، خصوما كانوا أم شهودا، وهنا أتساءل: لماذا لم يكتب د. الخطيب هذا الكتاب من قبل حتى يرد عليه من تعرض لهم، مثل الشيخ عبدالله المبارك، وشهود آخرين كانوا في ذلك الوقت أحياء، وكان هو في لياقة ذهنية أكثر تألقاً؟

ورواية أخرى لا تقل طرافة وغرابة، يقول الراوي: «أما في صباح اليوم الثالث، فوجئت بقوى الأمن وهي تطوّق بيتي، ثم دخل عبداللطيف الثويني ـ مدير الأمن العام ـ آنذاك ، وحذرني من المقاومة لأن عنده اوامر بإطلاق النار علي إن فعلت ذلك، وقام بوضع الحديد في يديّ وأخذني بسيارة جيب عسكرية على الأمن العام في مجلس عبدالله المبارك، وكان المجلس مكتظاً بكويتيين وصحافيين أجانب وعرب، فبدأ بالمسبات البذيئة كعادته وأمر بإجلاسي على الأرض، وتقدم نحوي وهو يمسك سيفاً ليقطع رأسي، فهرول عبدالله الجابر نحوه وأمسك به طالباً منه أن يعفو عني، ولم أستطع أن أمسك عن الابتسامة لهذه التمثيلية السمجة، لأنه من غير المعقول أن يقطع رأسي في مجلسه وعلى السجاد الفاخر ويلطخ ملابسه الفاخرة وملابس ضيوفه الكرام بدمي» (ص190 ـ 191).

سواق التاكسي

ثم أضاف أنه عندما خرج من مبنى الأمن العام «تراكض سواق التاكسي الكويتيون الموجودون في الخارج نحوي يحمدون الله على سلامتي وأوصلوني إلى بيتي» (ص191).

الحقيقة لم أمسك، أنا الكويتية القريبة من الحدث، نفسي عن الابتسام لهذه الرواية، فكيف، مثلاً، لم يسجلها أو يذكرها أي من الصحافيين العرب والأجانب الذين كانوا في المجلس كما يذكر المؤلف، فيا سبحان الله كيف قُيّض لروايات د. أحمد الخطيب أن يكون الذي حاول قتله هو الشيخ عبدالله المبارك والذي أنقذه هو الشيخ عبدالله الجابر، وكلاهما في رحاب الله، ويلقي الله عز وجل بالصمت على كل الحضور، ويجعل الصحافيين أعضاء في جمعية الصم والبكم، فسبحان واهب النظر والنطق كيف حرم جميع الحضور من نعمه، حتى يترك للدكتور الخطيب فرحة التفرد بالرواية مرة بعد مرة.

ومن الصعب للغاية تصديق رواية د. الخطيب بشأن تهديد الشيخ له بقطع رأسه، فالشيخ لم يكن يحمل سيفاً، كما أن السيوف لم تكن من الأدوات التي كانت تستخدمها دائرة الأمن العام، ولم نسمع أن أحدا قد قُطع رأسه.

ولابد من التعليق على ما ذكره المؤلف بشأن «تراكض سائقي التاكسي للترحيب به وتهنئته بالسلامة»، فكما أذكر ويذكر المعاصرون، لم يكون مسموحا لسائقي التاكسي بالانتظار أمام مبنى دائرة الأمن العام... ثم إن هذه الرواية تفترض أن يكون وجه الدكتور الخطيب معروفا للناس في وقت لم يكن هناك صحافة أو تلفزيون، وأن خبر استدعائه إلى دائرة الأمن العام انتشر بين الناس... فيا سبحان الله!!!

عندما يريد أحدنا إلقاء الضوء على تاريخ الكويت في تلك الفترة، لابد لنا أن نقدر الأمور حق قدرها، ونضع الأحداث في سياقها التاريخي، ومن الضروري أن نتذكر التطورات الجسام التي شهدتها المنطقة العربية في حقبة الخمسينيات وتداعياتها على الوضع في الكويت ومنطقة الخليج.

فقد شهدت السنوات الأولى من هذه الحقبة قيام ثورة 1952 في مصر، ثم الالتزام البريطاني بالانسحاب من قاعدة السويس ـ أكبر قاعدة بريطانية في المنطقة ـ وذلك بمقتضى اتفاقية الجلاء مع مصر عام 1954، فنشوب الصراع بين القاهرة وبغداد في عام 1955 حول كيفية الدفاع عن المنطقة، بعد قيام حكومة نوري السعيد بإنشاء حلف بغداد مع باكستان وإيران وبريطانيا.

وشهد العام 1956 احتدام المواجهة بن الثورة المصرية - والقوى القومية العربية عموما - والدول الغربية، فقام البنك الدولي والقوى الغربية الكبرى برفض تمويل بناء السد العالي، وردّ الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم شركة قناة السويس، وأعقب ذلك العدوان الثلاثي على مصر، الذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا واسرائيل، والذي ألهبت أحداثه حماسة ملايين العرب ووجدانهم في كل مكان.

مشروع أيزنهاور

وفي عام 1957، طرحت الولايات المتحدة مشروعا لملء الفراغ في الشرق الأوسط، الذي عرف باسم «مشروع ايزنهاور»، الذي أيّدته حكومات الأردن ولبنان والعراق، وكان ذلك مدعاة لمزيد من النزاعات بين الدول العربية. وفي 28 فبراير من عام 1958، توحدت مصر وسورية في دولة واحدة هي الجمهورية العربية المتحدة، وفي مواجهتها أعلن عن قيام الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق.

وجاء قيام الثورة العراقية في يوليو عام 1958 بمنزلة انتكاسة للقوى المعادية للجمهورية العربية المتحدة، فقد أعلن النظام الجديد إنهاء الاتحاد، وخروج العراق من حلف بغداد، وارتباطه بالتوجهات القومية للثورة المصرية، ولكن بتفرّد عبدالكريم قاسم بالسلطة في العراق، وتصفية العناصر القومية وتحالفه مع القوى الشيوعية والاتحاد السوفييتي، بدأت مرحلة جديدة من النزاعات بين الدول العربية.

وهذه الأحداث التي ألخّصها في كلمات قصار، ملأت التاريخ العربي - وقتها -طولا وعرضا، وحرّكت الملايين من العرب، الذين ارتبطوا بقيادة عبدالناصر وبما جسّدته من تطلعات وطموحات نبيلة، ولم تكن الكويت بمنأى عن هذه الأحداث، فقد ارتبط أهلها بمصر وبالثورة المصرية، وتابعوا أحداثها وتطوراتها ومعاركها، وشاركوا فيها بالرأي والسياسة ولم يكن هذا الارتباط من دون مشكلات او عقبات، فالكويت لم تكن دولة مستقلة، وكانت بريطانيا صاحبة الاختصاص في إدارة العلاقات الخارجية، مما أعطاها فرصة التدخل وإمكان التأثير. ثم إن الكويت هي دولة جوار للمملكة العربية السعودية، وتربطها بها وشائج وثيقة على مستويات شتى، وعندما كانت العلاقات بين السعودية ومصر تتوتّر كانت الكويت تجد نفسها في موقف حرج.

كذلك، فإن العراق دولة جوار أخرى، وربطته بالكويت علاقات من نوع آخر. فمن ناحية، عبّرت الحكومات العراقية قبل ثورة عام 1958 عن أطماعها الإقليمية والاقتصادية في أرض الكويت وثروتها. ومن ناحية أخرى، أقامت جالية عراقية كبيرة في الكويت تعاطفت مع العراق، كما استخدمت الحكومة العراقية - في عهد عبدالكريم قاسم - بعض عناصرها للتغلغل بين أفراد الجالية وللعمل السياسي الشيوعي في وسطها.

علاوة على ذلك، فقد كانت الكويت بلدا مفتوحا للعرب وسواهم، وعاشت فيه جاليات فلسطينية ومصرية وأردنية وايرانية كبيرة. وكان في داخل كل منها اتجاهات سياسية متباينة ومتنوعة.

في هذا الإطار، كان على الشيخ عبدالله المبارك ان يحافظ على أمن الكويت واستقرارها في مواجهة التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية. لقد تفاعل الشيخ عبدالله المبارك - كمواطن عربي - مع الثورة المصرية، ومع التطلعات القومية العربية، وعبّر عن ذلك في أوضح العبارات وأصرحها. ولكنه رفض ان تكون الكويت ساحة للخلافات بين الدول العربية، او ان تستخدم كأداة لأحد الأطراف في مواجهة خصومه، وذلك لكي لا يعطي لبريطانيا الفرصة للتدخل في شؤون الكويت بدعوى المحافظة على الأمن والنظام.

وكان حريصا على ان يكون القرار الكويتي نابعا من المصلحة الكويتية بغض النظر عن أي اعتبار آخر.

تأميم قناة السويس

ومثّلت أحداث عام 1956 اختبارا لقدرة الشيخ عبدالله المبارك ومهارته، فقد حرّكت احداث تأميم شركة القناة والعدوان الثلاثي على مصر مشاعر المصريين والفلسطينيين الذين مثّلوا أغلبية المدرسين في الكويت. وتحرّك مؤيدو التيارات القومية بين أندية الشباب لجمع التبرعات لمصلحة مصر، وكان الشعور المعادي لبريطانيا في ذروته. أصبحت الكويت معقلا لتحدّي النفوذ البريطاني في الخليج، ومثّلت خطرا على المصالح وشركات البترول البريطانية هناك، وبالفعل، انفجرت ست عشرة قنبلة في حقول البترول، ودمّرت بعض خطوط الأنابيب، فضلا عن اكتشاف عدد من القنابل الزمنية قبيل انفجارها.

وكان موقف الحكومة الكويتية - والشيخ عبدالله المبارك - غاية في الدقّة. فلم يكن من الممكن الدخول في مواجهة مع التيارات القومية، التي كانت قد اكتسبت شعبية كبيرة، علاوة على ان الشيخ عبدالله المبارك كان مؤيدا لقرار مصر بتأميم شركة القناة، ورافضا للتدخل الغربي. ولكن، من ناحية اخرى، لم يكن من الممكن ايضا الدخول في مواجهة مع سلطة الحماية البريطانية التي امتلكت الكثير من أدوات الضغط العسكري والسياسي.

فماذا فعل الشيخ عبدالله المبارك؟ جمع قادة التيارات القومية وأخبرهم بأن دعم مصر لا يكون بتفجير الأنابيب أو إلقاء القنابل، ولكن بالتبرع لها بالمال او بالنفس. «أمّا الذين يريدون التبرع بالمال، فباب التبرع مفتوح، وأنا أول المتبرعين. والذين يريدون التبرع بالنفس والتطوع، فإن الطائرات موجودة، والسلاح موجود، وأنا أضمن وصولكم الى مصر». وهكذا استطاع الشيخ عبدالله المبارك التعامل مع الأزمة وحفظ الأمن بمهارة فائقة، عبّر عنها رالف هيونز بعبارة He Saved the Day. (Ralph Hewins A Golden Dream.The Miracle of Kuwait.London: W.H.Allen. 1963)

ويذكر تقرير الوكيل السياسي عن هذه الأحداث (From Political Agency (Bell) to Political Residency (Burrows).November 9.1956، ان الشيخ عبدالله المبارك عاد الى الكويت بعد ساعة او ساعتين من مغادرة الأمير في اليوم الأول من شهر نوفمبر عام 1956 الى جزيرة فيلكا وتولّي الشيخ عبدالله المبارك في الحال السيطرة على الموقف الذي كان محتدما، والذي كان الجميع يخشى عواقب انفجاره، وقام الشيخ عبدالله المبارك بالحديث مع ممثلي الأندية وأخبرهم أنه اذا لم تتم المحافظة على النظام فإن القوّات البريطانية سوف تحتل الكويت، كما حدث في البحرين وأنّ ذلك سوف يمثّل نكسة كبيرة للتطور السياسي للكويت.

المظاهرات

ورفض الشيخ عبدالله المبارك الموافقة على خروج المظاهرات في الشوارع، وحسب رواية د. أحمد الخطيب في كتاب «رجال في تاريخ الكويت» فإنه «كانت هناك ظروف معينة استدعت هذا الرفض، خاصة وان الانكليز كانوا ينتظرون أي عذر للتدخل في البلاد».

لذلك فعندما تجمّع بعض الجمهور في مسجد السوق، ذهب اليهم الشيخ سعد العبدالله والشيخ عبدالله الجابر واخبرا المتظاهرين «بوجود اسطول انكليزي قريب من سواحلنا، وطالبا بالتزام الهدوء وفض المظاهرة حتى لا يجد الانكليز اي ذريعة للتدخل». (يوسف شهاب، «رجال في تاريخ الكويت»)، (الكويت،1993).

وفي الثاني من نوفمبر، اجتمع الشيخ عبدالله المبارك مع الشيخ صباح السالم والشيخ جابر الأحمد مساعده في الكويت، وقام الشيخ صباح بوضع قوات دائرة الشرطة تحت قيادة الشيخ عبدالله المبارك، وشارك رجال الأمن العام مع البوليس في السيطرة على الموقف، وجاء في أحد التقارير البريطانية تعليقا على ذلك، ان نفوذ الشيخ عبدالله المبارك قد زاد بشكل كبير بعد تعامله الماهر مع الموقف From Political Agency (Bell) to Political Residency (Burrowws) November 19. 1956 . وخلال هذه الأحداث، لم يتم اعتقال أي كويتي أو أي من المدرسين العاملين في الكويت أو المساس بهم Hewins .

وشهد عام 1957 تطوّرا مهما تمثل في ازدياد نشاط أنصار بعض الاتجاهات الثورية واليسارية في داخل الأندية الاجتماعية، وزّعوا منشورات تدعو الى القيام بمظاهرات في شهر مايو. إزاء ذلك، اجتمع الشيخ عبدالله المبارك بعدد من أبناء العائلات الكويتية المعروفة، وحذّرهم من أن المظاهرات ممنوعة، لأنها تضر برخاء الكويت واستقرارها، وأن أيّ مظاهرة سوف تواجه برد فعل سريع.

واستطاع السيطرة على الموقف والقضاء على المظاهرات في مهدها، وذكر الشيخ عبدالله المبارك - كما ورد في الوثائق الأميركية- «انه لن تكون هناك مظاهرات في الكويت... اجتماعات، خطب، كلمات: نعم انما مظاهرات: لا» From American Consulate (Seelye) to Department of State. November 5.1957 .

عام 1959، فقد شهد أزمة سياسية أخرى، وهي تلك التي حدثت في فبراير بمناسبة الاحتفال بمرور عام على الوحدة المصرية -السورية، وحسب ما تذكر الوثائق الأميركية، فإنه في يوم 31 يناير ألقى الشيخ عبدالله المبارك - نائب الحاكم - كلمة في إذاعة الكويت «أشاد فيها بذكرى الوحدة واعتبر قيام الجمهورية العربية المتحدة حدثا تاريخيا عظيما في حياة الأمة العربية وطلب من أئمة المساجد الدعاء للوحدة العربية».

وأعلن اليوم التالي إجازة حكومية احتفالا بالمناسبة. وكان رد الفعل الشعبي ايجابيا، ورحب الشعب بكلمة الشيخ عبدالله المبارك.

وفي اليوم التالي (1 فبراير)، أغلقت الدوائر الحكومية وتزاحم حشد كبير أمام دائرة الأمن العام لتحيّة الشيخ عبدالله المبارك، فخرج اليهم وألقى فيهم كلمة عن أهمية الوحدة العربية وضرورتها.

في هذا الوقت كانت الأندية الاجتماعية والرياضية، التي تضم النخبة المتعلّمة من أبناء الكويت، قد دعت الى اجتماع خطابي في مدرسة الشويخ، ووافق الشيخ عبدالله المبارك على عقد الاجتماع ولكنه حذّر المنظمين له من الخروج بمظاهرة، لأن ذلك يعطي الفرصة للعناصر الشيوعية للتحرك والانحراف بالاجتماع عن هدفه، كما يعطي للإنكليز ذريعة التدخل في شؤون الكويت الداخلية.

خطاب القطامي

وبالفعل اجتمع - حسب تقدير الوكيل السياسي - قرابة 20 الفا من الجمهور، وبدأ الاجتماع في حوالي الثانية والنصف بعد الظهر بكلمة من د. أحمد الخطيب عن الوحدة العربية. وتلاه جاسم القطامي الذي ألقى خطابا حماسيا هاجم فيه الشيوخ وأسرة الصباح ونظام الحكم في الكويت. ثم تحدث احمد سعيد المذيع الشهير بصوت العرب - والذي كان برنامجه «اكاذيب تكشفها حقائق» يثير حماسة العرب في كل مكان - بطريقته الحماسية وأثار عواطف الحضور وألهب مشاعرهم.

وجاء خطاب القطامي مفاجأة للجميع لخروجه عن موضوع الاجتماع، ولوجود الشيخ عبدالله الجابر رئيس دائرة التعليم ضمن الحضور، ولان الاجتماع تم بتنسيق مع الدوائر الحكومية، وبترتيب معها، وكان احمد سعيد مقيما في بيت الضيافة الخاص بالشيخ عبدالله المبارك، وكان من شأن ما حدث اثارة عدد من الحاضرين، وحدوث احتكاكات بين بعض المشاركين ورجال الشرطة.

إغلاق الأندية

وترتب على ذلك صدور قرار باغلاق الاندية، وهي: نادي الخريجين، والنادي الثقافي القومي، ونادي المعلمين، ونادي الاتحاد العربي، وبوقف صحيفتي الفجر والشعب، ويمنع عدد من الشخصيات من السفر بسبب تحديهم لسلطة الحكومة، ثم اصدر الامير مرسوما في 7 فبراير باعادة تنظيم الدوائر الحكومية ودمج دائرتي الامن العام والشرطة تحت رئاسة الشيخ عبدالله المبارك (تفاصيل احداث 1959 في الوثائق البريطانية في: From Political Agency (Halford) to Foreign Office. February and 11.1959، تقرير 11 فبراير.

وللاسف، فان بعض الكتابات التي تناولت هذه الازمة قد ألقت باللوم على الشيخ عبدالله المبارك، ولم تميز بين مواقفه الشخصية، من ناحية، ودوره الوظيفي باعتباره رئيسا لدائرة الامن العام، والمسؤول عن تطبيق قرارات المجلس الاعلى، من ناحية اخرى.

وتوضح التقارير الاميركية بعض الجوانب المتصلة بما حدث وقتذاك، فتشير الى ان سلوك الشيخ عبدالله المبارك المتعاطف، من خلال كلمته في الاذاعة واعلانه اليوم التالي اجازة للعاملين في الدوائر الحكومية، كان «الخطأ الأول له»، واشارت برقية القنصل الاميركي الى وزير الخارجية بتاريخ 4 فبراير عام 1959 الى ان موقف نائب الحاكم الشيخ عبدالله المبارك «يعكس الى درجة كبيرة انحيازاته الناصرية المتزايدة» Telegram From American Consulate (seelye) to Secretary of State, February 4, 1959.

وفي الاجتماع الذي عقده المجلس الاعلى برئاسة الشيخ عبدالله السالم، امير البلاد - والذي قطع رحلته في لبنان وعاد في صباح 2 فبراير - انتقد الشيخ فهد السالم كلا من الشيخ عبدالله المبارك والشيخ صباح الاحمد، لسلوكهما المتعاطف الذي كان من شأنه تشجيع العناصر المعارضة. وفي مساء يوم 3 فبراير، عقد المجلس الاعلى اجتماعا آخر، واتخذ القرارات التي نفذها الشيخ عبدالله المبارك كرئيس لدائرة الامن العام From American Consulate (seelye) to Department of State. February 10,11,1959، الوثيقة رقم (7) (سعاد محمد الصباح، صقر الخليج) .

وفي يوم 4 فبراير، اصدر الشيخ عبدالله السالم بيانا ورد فيه: «لقد نبهت المرة تلو المرة عن تكدير العلاقات بيننا وبين جميع اصدقائنا واخواننا من العرب، وذلك حسبما تقتضيه مصلحة البلاد. اذ لا فائدة من تكدير علاقات يجب المحافظة عليها طيبة ما امكن. ولكن هؤلاء الشباب ركبوا رؤوسهم وتعاموا عن المصلحة العامة... ولقد اوعزت بردع هؤلاء عن التمادي في جهلهم، مؤملا ان يكون بذلك سدّ ثلمة تأتينا منها ريح لا نريدها» (نص البيان في الوثيقة رقم 8، سعاد محمد الصباح، صقر الخليج).

كما اصدرت دائرة الامن العام والشرطة بيانا، جاء فيه على لسان رئيسها: «واننا اذ نعيد للذكر ما وجهه سمو الأمير الى ابناء شعبه، فاننا نود وقد اخذت الامور طريقها الى ان تستقر في نصابها الحق، نود ان ننبه الى ان اعين رجال الشرطة والأمن ساهرة على مصالح البلاد، والمحافظة على مصلحة الجماعة وهي تعلو على مصلحة الافراد وقد اعذر من انذر».

(الكويت اليوم، عدد 212، بتاريخ 15 فبراير 1959، نص البيان في الوثيقة رقم 9، سعاد محمد الصباح، صقر الخليج).

وبالفعل قام الشيخ عبدالله المبارك رئيس الدائرة باستدعاء د. الخطيب وغيره من الشباب الذين كانوا مسؤولين عما حدث وتم توجيه اللوم لهم وسحب جوازات سفرهم.

وبعد ان هدأت الاوضاع، وافق الشيخ عبدالله المبارك على اعادة فتح الاندية وطالب الشبان الكويتيين بان يحافظوا عليها كساحات للانشطة الرياضية والاجتماعية، وان يبتعدوا عن المظاهرات والاعمال المخالفة للقانون From Political Agency to Political Residency. October, 1, 1959.

وفي اوائل ابريل من عام 1959، ومع اتساع الخلاف بين عبدالناصر ونظام عبدالكريم قاسم في العراق، شنت دائرة الامن العام حملة واسعة النطاق ضد الشيوعيين، ونشرت جريدة «الاهرام» المصرية ان الشيخ عبدالله المبارك، امر بترحيل خمسمئة من العراقيين الذين وصلوا حديثا الى الكويت عن طريق البصرة، وأن حضورهم «ليس كما ادعى بعضهم طلبا للعمل، بل لاثارة الشغب والتمهيد لاثارة الفتنة» (جريدة الاهرام بتاريخ 1 ابريل 1959).

وحول الحادث نفسه، ذكرت الوثائق الاميركية ان الشيخ عبدالله المبارك قال: «ان اي محاولات لزرع طابور خامس في الكويت ستواجه بكل حزم» From American Consulate (seelye) to Department of State. April, 4. 1959، وانه امر بترحيل الاشخاص المشتبه فيهم خارج البلاد. واشارت الى اتخاذه اجراءات حاسمة للحفاظ على الامن، اثر استفحال الصراع السياسي بين القاهرة وبغداد، ومحاولة انصار كل منهما استخدام الكويت كساحة لاظهار التأييد لأحد الطرفين، وللهجوم على الطرف الآخر (مجلة الاثنين والدنيا بتاريخ 28 يونيو 1959).

وعلى ضوء ذلك، يمكن للمراقب الموضوعي ان يفسر ويفهم بعض الاجراءات التي اتخذها الشيخ عبدالله المبارك.

والخلاصة، ان كتاب ذكريات د. احمد الخطيب لم يحترم الاصول المرعية في تناول التاريخ، بغض النظر عما اذا كنا نتحدث عن مذكرات او ذكريات. فالوقائع لا ينبغي ان يكون هناك خلاف بشأنها، لانها احداث وقعت تستند الى وثائق وشهود، ويمكن التدقيق بشأنها من خلال دراسة الوثائق التي سجلتها وشهادات من عاصروها وعاشوها، اما تقييم هذه الوقائع، فمن الطبيعي ان تختلف الآراء بشأنها وتتنوع.

وذكريات د. الخطيب لم تميز بين تسجيل الوقائع وتقييمها، وبعض ما يرويه ليس له سند من وثائق التاريخ او شهود المعاصرين.

أكتب دفاعا عن تاريخ وطن وعن رجال كبار في تاريخنا تعرض لهم الدكتور الخطيب في كتابه، وسأستكمل المعلومات بكل الموضوعية والتجرد والحيدية نقلا عن الوثائق البريطانية والاميركية، وما نشر في الصحف والمجلات والدوريات، واعطي كل ذي حق حقه.

الاستعانة بالموت

اختار د. أحمد الخطيب الاستعانة بالموت ليتحدث عن كيف حاول عبدالله المبارك إطلاق النار عليه وقوله «فمد يده إلى مسدسه الموجود في جيبه ليطلق النار عليّ، فأمسك عبدالله الجابر بيده، ويبدو أنه أفهمه خطورة تصرفه فأعاد المسدس إلى جيبه، أو أنها كانت تمثيلية مثلما حدث معي في الأمن العام سابقاً، ولكونهما في الصف الاول من القاعة فلم يتنبه الحاضرون لما حصل» ص136.

هكذا يتذكر الدكتور... والمكان الذي حدثت فيه هذه القصة الغريبة ليس غرفة مقفلة عليهما، بل قاعة في ثانوية الشويخ والشهود ليسوا اثنين بل أعداد كبيرة. لذلك، كان لابد للرواية من مخرج لدرء شبهة الكذب عنها، فكان التبرير أن الشيخ عبدالله المبارك والشيخ عبدالله الجابر كانا يجلسان في الصف الأول من القاعة فلم يتنبه الحاضرون لما حصل.

ترى ألا تستحق تلك الرواية أن نسـأل: وهل كان الشيوخ إذا حضروا احتفالاً يظلون بعيدا عن أنظار الناس، أو على الأقل أنظار الحرس... وألم يكن هناك جلوس آخرون في الصف الأول؟ وهل كتب لجميع روايات د. احمد أن يكون شاهدها الوحيد الحي هو نفسه، ويكون جميع الحضور شهوداً «ما شافوش حاجة»، أم إن روايات د. الخطيب كانت الروايات التي يؤلفها ويرويها ويشاهدها المؤلف وحده.

رفض تدخلات بريطانيا

كان الشيخ عبدالله المبارك حريصا على عدم السماح لبريطانيا بالتدخل في الشؤون الداخلية - وبالذات الامنية - للكويت، لذلك تزخر التقارير البريطانية بالنقد لسلوك الشيخ عبدالله المبارك في هذا المجال. وعلى سبيل المثال، فعندما عرض الوكيل السياسي (البريطاني) على الشيخ عبدالله المبارك تقديم المعونة لبريطانيا في تحديد اسماء الشيوعيين، ثار الشيخ عبدالله المبارك وغضب غضبا شديدا لما اعتبره تدخلا بريطانيا في شؤون الكويت الداخلية، واكد لوكيل السياسي ان مسؤولية لندن تتعلق بالشؤون الخارجية فقط From America Consulate (Akins to Department of june 10,1959، الوثيقة رقم (11)، سعاد محمد الصباح، صقر الخليج.

وفي شهر يونيو من عام 1959، ذكرت جريدة «الاخبار» المصرية ان الشيخ عبدالله المبارك يقوم بحملة ضخمة لمقاومة الشيوعية في الكويت، وانه طرد 330 شيوعيا، وقال الشيخ عبدالله المبارك: «ان الكويت جزء من البلاد العربية ولا يمكن ان يكون للشيوعيين مكان بها، وان خمسة وعشرين موظفا من الشيوعيين قدموا استقالاتهم وهربوا، وان ثلاثة شيوعيين اردنيين فضلوا الاعتقال في الكويت على العودة الى الاردن»، وانه يشرف بنفسه على عملية التطهير في جميع الدوائر الحكومية.

(يتبع)

back to top