الأونكتاد: هجرة الكفاءات تقوّض أركان التقدم في أقل البلدان نمواً

نشر في 22-07-2007 | 00:00
آخر تحديث 22-07-2007 | 00:00
يحذر تقرير أعده «الأونكتاد» من أن هجرة ذوي الكفاءات ظاهرة متفشية في معظم أقل البلدان نمواً، وتشكل حاجزاً خطيراً أمام استغلال التكنولوجيا لمساعدة هذه الدول على توسيع نطاق اقتصاداتها والنهوض بمستويات المعيشة فيها.
جاء في تقرير أقل البلدان نمواً لعام 2007: «المعرفة والتعليم التكنولوجي والابتكار من أجل التنمية»(...) أن خمسة من أقل البلدان نمواً، هي هايتي والرأس الأخضر وساموا وغامبيا والصومال، قد خسرت في السنوات الأخيرة ما يزيد على نصف كوادرها من المهنيين الخريجي الجامعات الذين رحلوا إلى بلدان صناعية بحثاً عن أوضاع وظيفية ومعيشية أفضل. وشهدت سبعة بلدان أخرى من أقل البلدان نمواً رحيلَ ما يزيد على ثلث كوادرها من المهنيين المدربين (انظر المخطط البياني).

ويقدَّر على وجه الإجمال أن نحو المليون من ذوي المهارات من أقل البلدان نمواً كانوا يعيشون ويعملون في بلدان متقدمة في عام 2004، ما يشكل هجرةً لذوي الكفاءات بما نسبته 15 في المئة، نظراً إلى أن عدد من تلقوا تعليماً جامعياً في أقل البلدان نمواً يبلغ نحو 6.6 ملايين نسمة. ويفيد التقرير بأن أقل البلدان نمواً في العالم، وعددها 50 بلداً، هي أكثر تضرراً جرّاءَ هجرة ذوي الكفاءات من تضرر البلدان النامية عموماً من هذه الظاهرة، حيث يقل معدل هذه الهجرة في البلدان النامية عن 8 في المئة.

إن فقدان «رأس المال البشري»، حسبما يسمى، قد تترتب عليه آثار خطيرة. فعمل المهنيين المهرة هو من الشروط المسبقة لرفع سوية البُنى الإنتاجية لدى أقل البلدان نمواً والارتقاء بصادرات هذه البلدان، ولزيادة تطوير المؤسسات التجارية المحلية، ناهيك عن تحسين المرافق والخدمات الصحية والتعليمية المحلية، التي تعود بالنفع على مجموع كامل السكان. ففي حال عدم كفاية الكوادر المدرَّبة من الخبراء الزراعيين وعلماء الأحياء والمهندسين والعلماء والأطباء والممرضات وأخصائيي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يتعذر على شركات أقل البلدان نمواً ومزارعها استغلال التكنولوجيا اللازمة للارتقاء بسوية منتجاتها ورفع كفاءتها، ما يجعل من الصعب عليها مواجهة المنافسين الأجانب. ومن ثم، فإن هجرة ذوي المؤهلات تعود بالضرر على فرص النمو والتنمية على الأجل الطويل. ويسري هذا بوجه خاص على أقل البلدان نمواً، نظراً لأن عدد ما لديها من مهنيين مهرة منخفض نسبياً.

وأقل البلدان نمواً الأكثر تضرراً نتيجة هجرة ذوي الكفاءات هي أقل البلدان نمواً في أفريقيا، فضلاً عن هايتي وبعض أقل البلدان نمواً الجزرية (انظر المخطط البياني). ومعدلات المهاجرين «ذوي المهارات» مرتفعة بوجه خاص لدى البلدان التي شهدت عدم استقرار سياسي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، ولدى أشد البلدان فقراً، ولدى البلدان الجزرية الصغيرة. وعلى خلاف ذلك، فهجرة الكفاءات هي أقل حدة في أقل البلدان نمواً في آسيا. فقد فقدت بنغلاديش وميانمار ونيبال وبوتان ما لا يزيد على 5 في المئة من ذوي المهارات لديها الذين غادروها متوجهين إلى بلدان متقدمة.

وهجرة ذوي الكفاءات من أقل البلدان نمواً ظاهرة ناجمة عن قوى متكاملة. فالحاصلون على تعليم جامعي تجذبهم إلى خارج بلدانهم الأجور والمرَتّبات الأعلى كثيراً في البلدان المتقدمة (بما يربو في بعض الحالات على 20 ضعفاً في مهن مطابقة)، وتدفعهم إلى المغادرة فرص العمل القاتمة في أوطانهم. وفي الوقت ذاته، تسعى البلدان الصناعية جاهدة إلى توظيف عاملين مهرة من البلدان النامية، بما فيها أقل البلدان نمواً، لسد الثغرات في أسواق اليد العاملة لديها. وتعود أسباب هذه الثغرات إلى شيخوخة السكان وحالات النقص في ميادين آخذة في النمو السريع -كتكنولوجيا المعلومات والاتصالات- وندرة القوى العاملة ذات المهارات التي تتراوح بين المستويين المنخفض والأوسط، مع عجز النظم التعليمية عن توفير الأعداد الكافية من الأخصائيين في الأشغال الفنية والكهربائية ومن الممرضات والمعلمين. وازدادت هجرة ذوي المهارات من البلدان النامية (ومن بينها أقل البلدان نمواً) إلى البلدان المتقدمة بما نسبته 66 في المئة أثناء التسعينيات من القرن الماضي.

وعلى الرغم من أن المهاجرين يرسلون عادةً أموالاً إلى أوطانهم، وأن هذا بات مصدراً مهماً من مصادر الإيرادات الأجنبية لدى بعض أقل البلدان نمواً -حيث التحويـلات النقديـة ما برحت تشكل في السنوات الأخيرة مصدراً للقطع الأجنبي أكبر مما تشكلـه الصـادرات في بنغلاديش وليسوتو وأوغندا والسنغال والرأس الأخضر وساموا- فإن الدلائل التي تشير إلى أن هذه التحويلات تستخدم مـن أجل الاستثمار قليلة. فبدلاً من ذلك، تستخدم هذه المبالغ إلى حد كبير من أجل الاستهلاك، الذي تلبي الواردات احتياجات جزء كبير منه. ومن ثم، فيبدو أن هذه المبالغ من الأموال الوافـدة لا تسهم إسهاماً يُذكَر في النمو الاقتصـادي الطويل الأجل لأقل البلدان نمواً.

ويوصي الأونكتاد أقل البلدان نمواً بأن تحاول إبقاء مهنييها المدربين لديها بأن توفر لهم فرصاً وظيفية ومهنية أفضل؛ كما يوصيها بوضع برامج لإغراء المهاجرين منها على العودة إلى أوطانهم، ولو لفترات مؤقتة على الأقل، ليسهموا في النمو الاقتصادي والمعرفة محلياً؛ ويوصيها كذلك بإقامة روابط مع مغتربيها في الدول الصناعية للحفز على تدفقات التكنولوجيا والدراية الفنية.

back to top