وجهة نظر: زلزال بوتو في باكستان وتوابعه الاقتصادية على دول الخليج

نشر في 01-01-2008
آخر تحديث 01-01-2008 | 00:00
No Image Caption
 حسين العويد لم يكن ارتفاع اسعار النفط، هو المظهر الوحيد لتأثير اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بينظير بوتو، على المشهد الاقتصادي العالمي.

فباكستان برغم انها دولة غير منتجة للنفط، وليست من المستهلكين الكبار له، لكنها جزء من قوس الازمات الذي يحيط بالمناطق النفطية الرئيسية في العالم، وبالتالي فإن تطور سياسي رئيسي كاغتيال بوتو، سيخلق تداعيات مختلفة على الاستقرار في المنطقة، خاصة أن اصابع الاتهام تشير الى اكثر من طرف وبأكثر من اتجاه.

واذا كانت انعكاسات الحادث المأساوي الذي اودى بحياة الزعيمة الباكستانية البارزة، على دول الخليج، هي انعكاسات ايجابية من الناحية النفطية ، لكن لا يجب قراءة التأثير الاقتصادي من هذه الزاوية فقط، بل من الزوايا الاخرى التي يمكن منن خلالها رسم صورة كاملة للتداعيات الاقتصادية لهذا العمل الارهابي.

وأولى هذه الزوايا هي الزاوية الامنية، فأمن باكستان مكمل لأمن منطقة الخليج، وهذا الارتباط الامني ليس وليد العلاقات التاريخية التي تربط المنطقة بباكستان فقط، بل له امتدادات سياسية لا بد ان تؤخذ في الحسبان، فدول الخليج وباكستان شريكان في العمل من اجل اجتثاث آفة الارهاب التي ألصقت ظُلما بالاسلام، واي نجاح للمتطرفين في باكستان بفرض اجندتهم على الشارع السياسي الباكستاني، ستكون له - بلا شك - انعكاسات مؤثرة على منطقة الخليج، التي تشكل باكستان بالنسبة لها الحديقة الفكرية الخلفية، والتي نبتت فيها الكثير من الافكار التكفيرية وايديولوجيا التطرف السياسي والديني والمذهبي.

ولعل اهتمام العالم باغتيال زعيمة المعارضة الباكستانية بوتو، لا يعود فقط إلى المكانه التي تتمتع بها في التاريخ السياسي الباكستاني، ولا الى الشعبية التي كانت تتمتع بها بين الباكستانين، بل لانها الشخصية السياسية الابرز التي كان يعول عليها لاجتثاث حركة التطرف في باكستان، من خلال عزل هذه الحركة سياسيا، بعد ان فشلت حملة المواجهة الامنية معهم.

اما الزاوية الثانية التي نرى من خلالها ابعادا اقتصادية لحادث الاغتيال، فتتمثل في الاستثمارات الخليجية والعربية التي تدفقت على باكستان في الاعوام الستة الاخيرة، في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي طرحته حكومة الرئيس مشرف، والذي سمح بتخصيص عشرات من المؤسسات المصرفية والخدمية التي كانت مملوكة للحكومة.

ومع انه لا توجد تقديرات بشأن حجم الاستثمارات الخليجية والعربية في باكستان، الا ان طبيعتها تعطي مؤشرات على حجمها، فمن هذه الاستثمارات امتلاك حصص كبيرة في بنوك تجارية، وامتلاك حصص اغلبية في شركات الاتصالات، فضلا عن مساهمات في مشروعات عقارية كبيرة، ومع الامل في ان تظل هذه الاستثمارات بمنأى عن حال الفوضى التي اصابت الشارع الباكستاني بعد حادث الاغتيال، فإنه من المؤكد ان المستثمرين سيعيشون فترة من القلق، قبل ان تستقر الاوضاع وتعود عجلة الحياة الى سابق عهدها ونشاطها.

والزاوية الثالثة هي الزاوية المتصلة بحركة التجارة والنقل، وهي زاوية التأثير المباشرة التي شهدنا لها بعض المظاهر في اكتظاظ المطارات وتكدس البضائع في الموانئ، بسبب الاضرابات التي عمت الشارع الباكستاني وعطلت مظاهر الحياة فيه.

ومع ان هذه الاضرابات تعد بالمعايير السياسية مظاهر موقتة، الا انها في حال باكستان التي تتعدد فيها القوى السياسية والقبلية والعشائرية، يمكن ان تمتد لفترة طويلة تماما، كما حدث في لبنان بعد حادث اغتيال الرئيس الحريري، الذي قسّم الشارع السياسي اللبناني، وعطّل الحياة الاقتصادية لمدة ثلاث سنوات متواصلة، واذا تكررت الصورة اللبنانية في باكستان - لا سمح الله - فإن تجارة دول الخليج مع باكستان ستكون من بين القطاعات التي ستدفع ثمن الجريمة التي زلزلت اركان باكستان، واثرت توابعها وتداعياتها على عموم المنطقة واجزاء عديدة من العالم.

back to top