بعض الشرطة... كروش ومسابيح وسكسوكة وجِل وكسرات!

نشر في 23-06-2007 | 00:03
آخر تحديث 23-06-2007 | 00:03
«ماكو فايدة»...

قالها لاهثا العريفُ في وزارة الداخلية، وهو يتوقف عن الهرولة تدريجيا محاولا الحفاظ على اتزانه كي لا يسقط. من بعيد كان عامل آسيوى يبتسم وهو يتأمل رجل الأمن بسخرية، بعد أن توقف عن الركض وتابع طريقه منتشيا، يحمل «بسطته» التي خطفها بسرعة لافتة كأفعى، بعد هروبه من دورية الشرطة التي حاولت اعتقاله لأنه كان يبيع أفلاما إباحية على أقراص DVD في أحد الاسواق المكشوفة. بدا واضحا للعيان عدم قدرة الشرطيين على الجري، لافتقارهما الى «اللياقة البدنية...».

تقع مثل هذه الاحداث بين الفينة والأخرى، بعضها يظهر في الصحف اليومية وبعضها لا يذكر، وباتت تشكل ظاهرة، ليس لهروب المتهمين فحسب، بل لأن كثير من منتسبي الشرطة أصحاب «كروش» وبطون كبيرة، لا تنسجم مع بديهيات العسكرية. ويبدو أن هؤلاء لا يستطيعون السيطرة على نظامهم الغذائي، فنراهم يقفون في بعض المرافق العامة بمظهر يدعو إلى الرثاء بدلا من الوقار والهيبة. وأحيانا يحفز بعض المستهترين على التمادي، مشهدُ شرطي يتحرك تحت ثقل من «كرش» مترهلة بطيات من الشحوم تعجز عن إذابتها أعتى الجيوش...!

يعترف مسؤول في وزارة الداخلية بأن العديد من رجال الشرطة والقيادات اصحاب «كروش» كبيرة، فقدوا لياقتهم حال تخرجهم في الكلية، في حين أن بعضا منهم تخرج في الكلية على هذا الاساس ولم يتغير، ويضيف المسؤول الذي لا يحبذ ذكر اسمه

«أحياناً تجد الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، فترى أحيانا شرطيا سمينا لا يطيق نفسه، مفتقدا الهيبة، وآخر يضع كتلة سميكة من مثبت تسريحة الشعر «الجل» وثالثا يطلق «سكسوكة» فكيف ينشد احترام الناس أو خوفهم؟!». ويزيد المسؤول «الوضع في الكويت لا يسمح بالرياضة، لأن الشرطي ينتقل من مائدة طعام الى اخرى من دون خوف على فقدانه لياقته البدنية أو مظهره العام، خصوصا في ظل انعدام قانون أو نظام داخلي يجبرهم على حفظ هذه اللياقة او يلزمهم دخول دورات رياضية متخصصة، ولهذا يصبح طبيعيا هروب مطلوبين او متهمين من قبضة رجال الشرطة».

رغم أن المسؤولين لا يهتمون بمسألة «الشكل» ولا يعتبرونها «قضية استراتيجية» لكنها بالتأكيد تعطي انطباعا غير حضاري عن البلد برمته، لأن رجال الشرطة موجودون في كل مكان، خصوصا في المنافذ الرئيسية للبلاد، كالمطار مثلا، ومنظر بعضهم وهو غير حليق الذقن ليس لطيفا، والكويتيون يتذكرون قبل الاحتلال العراقي، كيف كان رجال الشرطة يتحلون بـ «الضبط والربط»، ويظهرون بصورة عصرية، ومن دون «لحية» كثة وغير مرتبة، والآن يتعذر البعض بـ«الهوية الاسلامية» وهــو أمر غير مبرر، لأن الدين في الجوهر وليس في المظــــــهر، ويبدو أن المسؤولين يخشون الخوض في هذه المسائــل، خوفا من سطوة التيارات السياسية الاسلاموية.

تبدو بعض ملابس الشرطة رثة غير نظيفة، حتى لون اللباس باهت ويشبه بدلة الجيش، في حين كانت الملابس الزرقاء التي يرتديها رجال الشرطة أكثر أناقة، لقد جرى تغييرها الى الزي الحالي، فازدادت بشاعة مع التغييرات التي يجريها بعض أفراد الشرطة، عبر وضع «الكسرات» وتضييق بعض الملابس أو تقصيرها من جانب بعض الغلاة من المتدينين، فيبدو مظهر بعض رجال الشرطة مضحكا، لدرجة أن بعضهم يظهر لباسه الداخلي الأبيض الطويل متدليا من بزته العسكرية، فضلاعن منظر آخرين يدخنون السجائر أثناء العمل أو يمسكون «المسباح» يقلبونه بين أيديهم أثناء العمل كأنهم في الديوانية!

يفتقر بعض منتسبي الشرطة الى «أدب الحديث»... ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة بين رجال الأمن، خصوصا في نقاط التفتيش أو في المخافر، لا سيما في التعامل مع غير الكويتيين، بالطبع ليس مع الأوروبيين أو الأميركيين...فقط مع الآسيويين المساكين أو مع الجنسيات العربية «تعال .هيه، روح، شحقة واقف هنيه؟، إطلع بره، يلاااااا، اقضب الباب» وسواها من مفردات غير حضارية. ويبدو أن الكلية العسكرية تركز في دورات الإعداد على «الحركات» العسكرية، من دون التشديد على كيفية التعامل مع الناس، ولعل الوزارة تقدم دروسا في الدبلوماسية والعلاقات العامة لمنتسبيها ضمن دورة الاعداد، وتعلمهم أصول الاحترام.

رغم وجود بعض الملاحظات، فإن أجمل ما في شرطة الكويت أنهم مسالمون، فرؤيتهم لا تثير الرعب كما في معظم الدول العربية القمعية، وهم ديموقراطيون الى حد كبير وغير ظالمين، ووجود شرطي في المكان لا يثير الريبة بقدر ما يثير الارتياح ويمنح شعورا بالأمان، وفي الغالب يبتسمون للمراجعين، وأحيانا حتى للموقوفين، ولا يمكن القول بوجود ظاهرة تعسف، لولا بعض الحالات التي تأتي من جانب قلة، وهي بالتأكيد تصرفات شخصية، صادرة من أشخاص سيئين بطبيعتهم، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين وأحيانا صحافيين!

back to top