سن التقاعد.. ما بين الكويت والنرويج

نشر في 11-06-2007
آخر تحديث 11-06-2007 | 00:00
 محمد عثمان العنجري النرويج دولة اسكندنافية بلغت صادراتها في عام 2007 نحو 3 ملايين برميل نفط يومياً، مما يجعلها ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم بعد السعودية وروسيا، ويبلغ عدد سكانها-الذين تبلغ نسبة الأمية فيهم صفرا- 4.6 مليون نسمة، ويمثل الدخل النفطي نسبة 21 % من الدخل القومي للنرويج. وقد سعى البرلمان النرويجي في عام 1990 الى حماية التأمينات الاجتماعية من العجز، وعدم إمكان دفع الرواتب في المستقبل، إلى تأسيس صندوق تحول إليه جميع مبيعات النفط والغاز ليؤمن البرلمان بذلك دخلاً كريماً للموظف النرويجي، بعد أن يفنى شبابه، وبلغت قيمة هذا الصندوق في إبريل 2007 نحو 323.3 مليار دولار ليصبح بذلك ثاني أكبر صندوق تقاعدي في العالم بعد صندوق متقاعدي كاليفورنيا.

ولوزارة المالية النرويجية منهجية خاصة في إدارة الصندوق، إذ إن الصندوق مخصص للمتقاعدين وكبار السن، ويعبر عن ذلك تور ميدسك ممثل الوزارة بقوله: « نحن لا نقبل المخاطرة بأموال الصندوق، فنحن نقوم باستثمار مبالغ صغيرة في عدد ضخم من الشركات، ومن سياساتنا ألا يتحمل الصندوق نصيبا أكثر من 3 % من أسهم أي شركة نستثمر فيها، والاستثمارات موزعة على عدد كبير من دول العالم»، ومن أجمل ما ذكر أنه قال: « نريد أن نتجنب ما يسمى بالمرض الهولندي*، فقد أثبت لنا تاريخ الأمم أن الدول التي تثرى بسرعة، خاصة من الموارد الطبيعية، نادرا ما تستطيع إدارة ثروتها بحكمة، وقد حدث هذا مراراً وتكراراً في التاريخ، لذا يجب علينا كنرويجيين التنبه، وقد تنبهنا على ألا نعتمد أو ندمن ثروة النفط».

فإذا تركنا النرويج وعدنا إلى الكويت وتساءلنا: هل من المعقول أن يبقى سن التقاعد في الكويت 45 سنة في الوقت الذي يبلغ فيه سن التقاعد في النرويج 67 سنة؟ وهل نأخذ درساً من النرويج ولا ندمن ثروة النفط؟ وهل نريد تجنب المرض الهولندي؟ أم سنمرض وندمن ويتقاعد موظفونا في ريعان شبابهم حتى تأتي اللحـظـة الحاسمة ونفاجأ بالعجز عن دفع الرواتب؟ الكيّس من وعظ بغيره وليس بنفسه.

 

* المرض الهولندي مفهوم اقتصادي تتلخص نظريته بأن الزيادة في العائدات من المصادر الطبيعية تجعل اقتصاد الأمة لا يعتمد على الصناعة عن طريق رفع سعر الصرف، الأمر الذي يجعل القطاع الصناعي أقل تنافسية.

back to top