كيف تخرج البلاد من أزمتها السياسية؟

نشر في 24-09-2007 | 00:07
آخر تحديث 24-09-2007 | 00:07
التوتر بين الحكومة ومجلس الامة كان السمة الغالبة في العلاقة بين السلطتين طوال دور الانعقاد الفائت، وألقت هذه الاجواء بظلالها على الحياة السياسية في الكويت في ظل تكرر الحديث عن حل مجلس الامة وتعطيل الحياة البرلمانية، رغم ان موضوع الحل غير الدستوري او حتى الدستوري تم حسمه من قبل سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المحلية اخيرا، غير ان الازمة السياسية لاتزال موجودة والتوتر بين السلطتين لايزال قائما، رغم ان دور الانعقاد المقبل دخل مرحلة العد العكسي لالتئامه مجددا في ظل الرغبة في ان تكون المرحلة المقبلة مرحلة انجاز وعمل ودفع لعجلة التنمية والاصلاح. فما هو السبيل للخروج من الازمة التي تمر فيها البلاد؟

«الجريدة» طرحت السؤال على عدد من النواب يمثلون كتلا وتيارات سياسية مختلفة، وجاءت الاجابات متفاوتة في شأن كيفية الخروج من هذا الوضع، تبعا لرؤية كل نائب للوضع السياسي وكيفية التعامل معه.

الاختناق السياسي

النائب ناصر الصانع قال إن هناك أكثر من طرف عليه دور للخروج من الأزمة السياسية، واصفا الحوار بين التيارات السياسية خارج مجلس الأمة بالحوار الصحي، متمنيا أن ينتهي بمخارج واضحة للاختناق السياسي.

ورأى الصانع ضرورة التنسيق بين الكتل البرلمانية والاتفاق على قاعدة لضمان ألا ينفرط عقد تكتل الكتل، مبينا أن اجتماعات التكتل لا تكفي، مطالبا بأن يكون هناك التزام أدبي للاشتراك بأجندة واحدة. ودعا النظام الى أن تكون لديه رؤية واضحة في كيفية دعم تركيبة حكومية متجانسة وكفؤة، مشيرا الى خلل كبير تعانيه التركيبة الحكومية واختراقا من قبل أصحاب المصالح للقرار الحكومي لصالح المال الخاص على حساب المال العام.

واشار الصانع الى ان هذا الاختراق سيكون مصدر توتر في العلاقة ما بين السلطتين، مبينا أهمية اعادة بناء الحكومة من جديد للمرحلة المقبلة.

قرارات الغرف المغلقة

بدوره، رأى النائب أحمد لاري أن الأزمة السياسية تحتاج الى تضافر جهود الجميع، مبينا أن السلطة لا يمكن أن تنفرد بالخروج من الأزمة من خلال قرارات تخرج من غرف مغلقة ولا للقوى السياسية ان تفرض رؤية معينة من قبلها دون التعاون مع السلطة.

وقال إن على الحاكم والمحكوم ان تكون لهما رؤية للخروج من الازمة، مشيرا الى أن تاريخ الكويت يؤكد وجود تنافس ومن يكون في مصدر السلطة والقرار لا يقبل أن يتنازل عن الصلاحيات التي يمتلكها، والناس لهم متطلبات والحق في الاستفادة من ثروات وخيرات البلد وادارة أمورهم لما هو أفضل ومن حقه أن يكون له دور ومشاركة في الحكم.

وشدد لاري على أهمية الوصول الى مساحات مشتركة والتنازل عن بعض المطالبات والاتفاق على رؤية معينة، مشيرا الى أن التحدي الحالي قائم على كيفية نقل التجرية الحالية التي هي عبارة عن ادارة توافقية في ادارة الأمور في البلد الى ما يكون أقرب الى الديموقراطية الكاملة ضمن اطار الدستور دون تعديله، مشيرا الى أن القوى السياسية تسعى الى الخروج من الازمة برؤية واضحة.

طريقة تشكيل الحكومة

من جهته، أكد النائب خضير العنزي ان الخروج من الازمة السياسية التي تمر فيها البلد يكون عبر اعادة النظر في طريقة تشكيل الحكومة، مشيرا الى ان اسلوب المتبع في اختيار الوزراء وراء ضعف الحكومات. ودعا الى الابتعاد عن اسلوب المحاصصة في التوزير واعتماد آلية الكفاءة والخبرة كأساس لتعيين الوزراء.

واشار الى ان المشكلة التي تعاني منها البلد تكمن في الحكومة الضعيفة غير القادرة على مواجهة النواب وتبني مشاريع الاصلاح والتنمية. وشدد على ضرورة ان تكون الحكومة تضم اغلبية نيابية لتحقيق الانسجام والتعاون مع المجلس وتقريب وجهات النظر في الكثير من القضايا المطروحة.

ورأى اهمية الاتفاق بين الكتل النيابية والقوى السياسية وايجاد اجندة عمل مشتركة يتفق عليها الجميع لتقريب وجهات النظر وتجاوز اوجه الخلاف.

واكد العنزي انه يرفض اي توجه لحل المجلس سواء بشكل دستوري او غير دستوري، لان المشكلة التي تواجهها البلد لا تكمن في المجلس انما في الحكومة وبالتالي فإن حل المجلس لن يحقق اي نتيجة في اتجاه تجاوز الوضع الحالي.

وكشف ان الحركة الدستورية بدأت مشاورات واتصالات مع اطراف سياسية عدة للخروج من الازمة التي تمر فيها البلد، مشيرا الى ضرورة اشتراك جميع الاطراف المعنية في الملف السياسي في حل قضية التأزم والتأزيم.

واشار الى ان قضية الثوابت والحفاظ على الدستور والمكتسبات الشعبية ثمة اتفاق عليها بين جميع القوى السياسية وبالتالي فإن عملية الوصول الى رؤية موحدة للمرحلة المقبلة التي نأمل ان تكون مرحلة انجاز، سهلة التحقيق متى توافرت الارادة والرغبة لذلك.

اسطوانة الحل

أمّا النائب فيصل الشايع فقال ان الكلام عن حل مجلس الامة يجب ان يتوقف بعدما قال سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد كلمته بأنه لا يوجد حل غير دستوري او حتى دستوري، رغم ان هذا الامر بيد سمو الامير، لذلك علينا ان نلتفت لمشاريع الاصلاح والتنمية بدلا من تكرار اسطوانة الحل التي توتر الاوضاع ولا توفر ارضية الاستقرار والعمل والبناء.

واشار الى ان الخروج من دائرة التأزيم في العلاقة مع الحكومة يكون عبر الحد من التصعيد الذي يمارسه كل طرف تجاه الآخر، فمن غير المقبول ان نؤزم الاوضاع في قضايا تافهة لن يتحقق من اثارتها اي نتيجة.

وذكر ان الناس بدأوا يشعرون بالملل والضيق من حالة عدم الاستقرار واجواء التوتر المخيمة على الساحة لأسباب تافهة لذلك علينا ان نوقف التصعيد غير المبرر ونلتفت الى القضايا المهمة.

وأوضح الشايع ان استخدام الادوات الدستورية يجب ان تكون للقضايا والمشاكل الخطيرة، لان هذا دور مجلس الامة والنواب في عملية الرقابة والمحاسبة، اما التصعيد في قضايا ثانوية فيمكن ايجاد الحلول لها بالتنسيق والمشاورات فليس من مصلحة احد، خصوصا ان الناس تريد الانجاز والتنمية والاصلاح.

ودعا الشايع الى ضرورة ان يضع النواب يدهم بيد الحكومة والتحرك معها في اتجاه تحقيق الاصلاحات السياسية والاقتصادية، مؤكدا ان الحكومة اذا خطت خطوة واحدة فسنخطو معها خطوتين.

واشار الى ان الحكومة اذا وضعت الخطة المناسبة فيمكن لها ان تتجاوز المشكلات التي تواجهها البلد، موضحا ان التقدم الى الامام لن يكون من دون خطوات واضحة ومحددة من الحكومة.

حلقة مفرغة

من جهته، قال النائب علي العمير ان الخروج من الازمة السياسية التي تمر بها البلاد يكون عبر بناء الثقة المتبادلة بين الحكومة ومجلس الامة، غير ان هذه الثقة يجب ان تبنى على الاعمال وليس الاقوال لضمان وضع اسس فعلية للعلاقة المطلوبة بين السلطتين، اما استمرار الحديث دون اتخاذ خطوات عملية نحو تعزيز العلاقات بين السلطتين فسنبقى ندور في حلقة مفرغة.

واشار الى ان السلطة التشريعية بحاجة ان ترى من السلطة التنفيذية نوعا من التشريع والقوانين وادارة عجلة التنمية، وفي المقابل تريد السلطة التنفيذية من مجلس الامة عدم المبالغة في المحاسبة واستخدام الادوات الدستورية. ودعا الى ان يكون لكلمات سمو امير البلاد بعدم وجود اية نية للحل غير الدستوري تقدير كبير من القوى السياسية والنواب وان يتم التعامل مع الوضع السياسي على هذا الاساس، مشيرا الى ان استمرار الترديد بوجود نية لتعطيل الحياة الدستورية في البلد يشغل المجلس والحكومة ولا يحقق اهداف التعاون والتنمية المنشودة.

وشدد على ضرورة ان تتضافر القوى الشعبية والسياسية للحفاظ على الدستور والمكتسبات الشعبية وعدم القبول بالتنازل عنها لكن ايضا من دون تصعيد واساءة لاي من الاطراف، فالهدف بالنهاية استمرار العمل بالدستور وبقاء الديموقراطية.

واشار الى انه ما لم تكن ثمة اتفاق بين الكتل والتيارات السياسية حول اجندة اولويات واضحة ورؤية موحدة فلن يتحقق شيء وتظل عملية التأزيم والازمات مستمرة.

تحرير الاقتصاد

من جانبه، رأى النائب مرزوق الغانم أن التجاذب السياسي بين السلطتين يتحمله المجلس والحكومة على حد سواء، قائلاً إن المخرج يكون عبر إيجاد حكومة قوية تأتي ببرنامج عمل إصلاحي متكامل تستطيع تطبيقه ومقرون بجدول زمني والتشريعات اللازمة التي تساعد على تطبيق هذا البرنامج ليقرها مجلس الأمة.

وأضاف الغانم أن المخرج الآخر يأتي عبر تحرير الاقتصاد من القوانين المعرقلة وهيمنة الدولة، مشيراًَ إلى أن اعتماد الاقتصاد الكويتي على النفط يجعل البلاد أسيرة لأسعاره، ما يحتم إيجاد مصادر بديلة للدخل وهذا لا يكون إلا عبر إيجاد البيئة المناسبة للقطاع الخاص ليشارك في التنمية بشكل أكبر.

back to top