زرقاء اليمامة: البدون خسارة للكويت!

نشر في 11-01-2008
آخر تحديث 11-01-2008 | 00:00
الكويت بحاجة إلى برنامج تخطيط لكل قضاياها، الكويت تحتاج إلى برنامج بحَمَلة أكفاء ينهون قضاياهم، ولا يماطلون بها، أمناء دين ودنيا، الكويت بحاجة إلى من يعمل لصنع القرار الذي يرضي الناس وليس لفئة معينة، ففعل الحق يرضي كل الأطراف وكل التكتلات، وهو الوحيد الذي يجمع الناس، والظلم يفرقهم، فعش ودع الناس تعيش تحت مظلة الدستور.
 الجوهرة القويضي «عش ودع غيرك يعيش»... من يرد أن يصبح بريطانياً من أي جنسية أخرى فعليه أن يقضي خمس سنوات من الإقامة القانونية في بريطانيا، ومنذ عام 2005 أصبح على المهاجرين أن يثبتوا إلمامهم باللغة الإنكليزية وتجاوزهم بنجاح اختباراً يعرّف بالحياة في بريطانيا، وفي ذلك السياق يبرز وزير الداخلية البريطاني مثل هذا الشرط بالقول: «يتحتّم على المتقدمين أن يكونوا على دراية ولو بسيطة بطبيعة الحياة في وطنهم الجديد»، كذلك في ألمانيا يعيش نحو سبعة ملايين أجنبي بأمان محترمين مبادئ الدستور، والاختبار المعنوي والمعرفي شرط لمنح الجنسية الألمانية، كما تخطط فرنسا لاعتماد الاختبار اللغوي والمعرفي شرطاً لمنح الجنسية الفرنسية، وفي الدانمرك يجب ألا تقل الإقامة عن ثماني سنوات إقامة شرعية بالإضافة إلى الإلمام باللغة الدانمركية، وكذلك في هولندا هناك اختبار فقط لا يقل عن ثلاثمئة ساعة دراسية للتمكن من اجتيازه، وكذلك للحصول على الجنسية في النمسا وإيطاليا وإسبانيا لابد من الإقامة عشر سنوات، وهذا ليس في الاتحاد الأوروبي بل في كل دول العالم، إلا في الكويت الأمر مختلف جداً.

مجموعة من البشر أغلبيتهم من مواليد الكويت، عاشوا منذ الستينيات أي منذ الاستقلال ولم يعرفوا غير الكويت وطناً، سواء كانوا عشائر أو من دول الجوار زحفوا أو هاجروا، أياً كانوا، فكل ما جرى ليس مجرد قمع لحقوق الإنسان وكفى، إنما سوء في التخطيط للمستقبل، هذه الفئة التي لازمت الكويت وأحبتها ويريد أبناؤها أن يعيشوا فيها كمواطنين وليس كلاجئين ليس لديهم أي حقوق معيشية، وإن ضمّهم إلى الدولة مكسب وليس خسارة، فهم أناس مسالمون ولا يريدون بالكويت شراً.

وما جرى في التسعين ليس ذريعة للتوقف والمشاورة والمداورة، وما ظهر من نمط جديد اسمه الأعمال الجليلة... محور جديد لذريعة جديدة، لنسلم بهذه الجزئية، فمن حاول أن يتقصى عن «البدون» ليجدهم من حملة الشهادات والكفاءات الممتازة، ومع ذلك هم مشلولو الحركة، يغمرهم اليأس، وحالهم مزرية.

لن أستعرض كفاءتهم ومشيهم «جانب الحائط» وذلهم وقطع أبسط الحقوق عنهم بمنطق «جوّعه ليهرب»، لنأخذ مثالاً لدولة مجاورة، وهي مملكة البحرين، إذ يسكن أي مواطن عربي ويقيم خمس عشرة سنة، ويحق له أن يستبدل جنسيته بالجنسية البحرينية، ويصبح مواطناً يحمل هوية البحرين، فما بال مجموعة البشر المسميين «بدون» الذين يعيشون منذ الاستقلال في الكويت، وليفترض أن لهم جنسيات أخرى أحرقوها إبان عام 1990 فما المشكلة في إعطائهم الجنسية الكويتية؟! أهي قضية اقتصاد قومي؟ لا... قضية أمن دولة؟ لا... ولولا حبهم لهذا الوطن لما التصقوا به.

لا أكتب مقالي هذا انتقاداً لعدد التجنيس وقلة أفراده وانتحار المنتظرين للجنسية، ولم تظهر أسماؤهم، وموت آبائهم وأجدادهم قبل أن تكتب لهم هوية!! ولكن لحل القضية من جذورها... هؤلاء البشر مجموعة من القبائل العربية سيغيرون الدماء الكويتية، وسيتم تنشيطها وسيجعلون للحياة مذاقاً آخر، وستهل أمطار الخير لرفع الظلم، وستهلّ السماء خيراً، ليرى القادمون صنيع الخير ورفع الظلم.

لابد من اتخاذ قرار حاسم وإقفال هذا الملف الذي كلف ميزانية الدولة بفتح إدارات لشؤون «البدون» أكثر مما سيكلفهم لو قدموا الجنسية إلى هؤلاء المنتظرين، الكويت بحاجة إلى برنامج تخطيط لكل قضاياها، الكويت تحتاج إلى برنامج بحَمَلة أكفاء ينهون قضاياهم، ولا يماطلون بها، أمناء دين ودنيا، الكويت بحاجة إلى من يعمل لصنع القرار الذي يرضي الناس وليس لفئة معينة، ففعل الحق يرضي كل الأطراف وكل التكتلات، وهو الوحيد الذي يجمع الناس، والظلم يفرقهم، فعش ودع الناس تعيش تحت مظلة تلك الحياة، مظلة الدستور، الذي قبله الجميع، وإلا أيها الكويتيون الذين قد حصلتم على هوية هذا البلد المعطاء، وأنتم في الأصل مثلهم أو حصلتم عليها قريباً، هبّوا من أجل إخوانكم البدون، فقد كنتم «بدون» من قبل، فناصروهم مثلما انتصرتم، وتجمعوا كلكم واتحدوا وتظاهروا عند باب مجلس الحق والديموقراطية الذي بات يلجلج بالمهاترات، وأوقف عجلة النهضة باستجواب فلان وفلانة، ولأسباب شكلية، فمتى ننتهي من الشكليات ونتعمق في الجوهر؟!

ستمطر لنا سماء الكويت خيراً... ومن المؤكد سيكون قادمنا أجمل!!

وقفة شفافة:

أوراق موقوفة وأحلام مسروقة، ويأس بالحياة ولا هناء مع اليأس، لا تسل عن الكرماء فقد ماتوا، أتنتظرون أم تنتحرون؟ ستحل كلمات خضراء يوقعها بطل!! عندها سيحلّ الفرح، ولكن بعد موت الأحبة، والبقاء مع الأوراق خالية هكذا يريدون التعساء.

back to top