رائد في الإذاعة والتلفزيون والمسرح عبد العزيز الفهد... 50 عاماً من العطاء المتميّز

نشر في 10-09-2010 | 00:00
آخر تحديث 10-09-2010 | 00:00
عندما نتذكّر النهضة الفنية والأدبية وازدهار الحركة المسرحية الكويتية في مرحلة الستينيات، لا بد من أن يتبادر إلى ذهننا الرواد، وهم كثر، الذين نذروا أنفسهم من أجل الفن، فحفروا لهم طريقاً بين الصخور. من هؤلاء عبد العزيز الفهد، الرائد المسرحي والإذاعي الذي استمر متألقاً حتى وفاته، ولم يمنعه المرض من ممارسة عمله بجدّ وإخلاص وصمت لتخرج إبداعاته في برنامجه الإذاعي «نافذة على التاريخ» الذي تولى إخراجه سنوات طويلة، معتمداً على خبرته في التعامل مع النجوم وعلى أدواته الفنية التي اكتسبها من عمله في الإذاعة الكويتية على مدى خمسين عاماً من العطاء المميز.

عبد العزيز فهد عبد الرحمن المذن من مواليد عام 1940 في منطقة الشرق في فريج العاقول، متزوّج وله: سعود وفهد وعلي وبنتان. عن أصل عائلته قال الفهد إنها من مدينة الإحساء، «لكن منذ هاجرت إلى الكويت أُطلق عليها لقب المذن لأن والد جدّنا الكبير كان مؤذناً في أحد المساجد، ونجد الآن أكثر من عائلة تُعرف بهذا الإسم...»، أما والدته فمن عائلة العصفور (النواخذة) أهل شرق.

في طفولته التحق الفهد بمدرسة الملا محمد المسباح حيث تعلّم قراءة القرآن الكريم وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة ملا رضا ثم المدرسة الشرقية حيث أكمل دراسته الابتدائية وبرز لديه ميل في تلك المرحلة إلى الرياضة لا سيما كرة السلة وكرة الطائرة.

عام 1956 انتقل الفهد إلى مدرسة المتنبّي وهناك التحق بفريق الكشافة والرياضة والنظام والإذاعة حيث كان يقدم برامج إذاعية مدرسية، وفي هذا القسم تعرّف إلى الفنان منصور المنصور وشكّل معه فريق كرة القدم، فكان الكابتن وأمين الصندوق. إلا أن هذا الفريق لم يستمر طويلاً، لأن الأندية الرياضية آنذاك كانت قريبة من منزله فارتاد نادي التعاون ومارس فيه رياضة كرة القدم وبعدها انتقل إلى نادي الخليج.

بعد الانتهاء من المرحلة المتوسطة، التحق الفهد بثانوية الشويخ وتابع دروسه فيها، بعد ذلك ترك الدراسة وطرق مع الفنان منصور المنصور أبواب الوزارات بحثاً عن عمل، إلى أن وافقت الإذاعة الكويتية على تعيينهما وقبولهما كمذيعين وممثلين، فخضعا لدورات تدريب، من ثم عُينا للعمل مع الأديب عبد الله خلف، وكان معهما آنذاك حمد المؤمن وباسمة سليمان ومبارك الميال وعبد الرزاق السيد.

بدأ الفهد مشواره الفني عام 1956 في الإذاعة ثم على خشبة المسرح ومن ثم في التلفزيون.

مشواره مع الإذاعة...

انطلق مشوار الفهد مع الإذاعة الكويتية عام 1958عندما كان طالباً في مدرسة المتنبي، ذلك من خلال النشاط المدرسي وفرقة التمثيل. من زملائه في المدرسة: نجم عبد الكريم، محمد الشمالي، صالح حمدان، منصور المنصور، بعد ذلك عباس عبد الرضا، صالح موسى، أحمد درويش. وقد لمس مدرّساه آنذاك أحمد علي وفتحي قنديل موهبته الفنية، لذا رددا أمامه في أكثر من مناسبة: « لا بد من أن نأخذك معنا إلى الإذاعة»...

في الإذاعة شارك الفهد في تمثيليات قصيرة في برنامج «من الدريشة»، تقديم الإعلامي القدير رضا الفيلي، مع منصور المنصور ومحمد الشمالي وصالح حمدان، واستطاع التوفيق بين الدراسة والعمل في الإذاعة.

في عام 1960 أصبح الفهد مع الإعلامي الفنان منصور المنصور موظّفين في قسم الأرشيف وكانت مهمتهما فتح الرسائل التي ترد إلى الإذاعة لتوزع على البرامج ذات الصلة وتدريب المذيعين... بعد ذلك انتقل إلى مكتبة التسجيلات ثم إلى المكتبة الشعبية مع الموسيقي المصري الراحل أحمد علي عندما أنشأ الإذاعة الشعبية (1964).

حقق الفهد خطوته الأولى كمذيع في مجال تقديم الأغاني، وفي إحدى المرات أخطأ، أثناء التقديم، في عبارة «هذا الليل يا نغم»، فقال: «هذا الليل يا غنم»، فسمع مدير الإذاعة ما تفوّه به الفهد واستدعاه إلى مكتبه وقال له: «لا أريدك أن تكون مذيعاً، ولكن لا تغضب، نحن نريد الشباب الكويتي ولا أود أن تترك الإذاعة». كان راتبه آنذاك 80 ديناراً وكان يعمل في المكتبة أيضاً.

بعد ذلك قرر الفهد خوض مجال الإخراج الإذاعي، لهذه الغاية سافر في بعثة لدراسة الإخراج مع مجموعة من العاملين في الإذاعة من بينهم عبد الرحمن الهادي، والتحق بمعهد الدراسات للإخراج حوالى خمسة أشهر، وبعد العودة في منتصف عام 1966 ترك العمل كمذيع وتفرّغ للإخراج الإذاعي.

أول برنامج إذاعي أخرجه الفهد مثّل فيه سعد الفرج وسعاد عبد الله، إلا أنه لم يُذع بسبب خلل فني لافتقار الفهد إلى الخبرة آنذاك، إذ وضع الميكروفون في مستوى غير مناسب، وعندما سمع محمد الصوان، مدير البرامج آنذاك، الحلقة رفضها. أما أول برنامج على الهواء مباشرة فشاركه فيه المخرج منصور المنصور والمذيعين محمد الراشد ومحمد المطوع وأمل عبد الله.

أول عمل أخرجه الفهد كان خماسية بعنوان «الشك»، تأليف عبد الأمير التركي، تمثيل سعاد عبد الله ومحمد المنصور، فشكلت هذه الخماسية بداية انطلاقته كمخرج، وتتالت من ثم الأعمال الإذاعية أبرزها: «وجوه في الحي القديم» إعداد فواز الشعار، «حياة بحار»، «يوميات أم عليوي»، «بوطبيلة»، «صناع الحضارة» (1997) إعداد هباد الظفيري وإخراج عبد العزيز الفهد، «ضباب بن الأرث» مسلسل درامي تاريخي إسلامي يتكون من ثلاثين حلقة تأليف نزار شرابي، يروي قصص البداوة والحضر التي تحوي دروساً وعبراً لما فيها من مواقف بطولية سامية، شارك فيه كاظم القلاف وسعاد عبد الله وعلي المفيدي وجاسم النبهان وعايدة عبد العزيز وناعسة الجندي. «أبو محمد البطل» (2001) تأليف يوسف عساف، تمثيل سعادعبد الله، غانم الصالح، أحمد الصالح، علي المفيدي، محمد حسن،

عبد الإمام عبدالله، جمال الردهان.

ومن أبرز البرامج الإذاعية التي أخرجها الفهد واستمر فيها سنوات طويلة: «نافذة على التاريخ» إعداد درويش الجميل، يطرح أحداثاً حقيقية جرت في التاريخ العالمي منذ قرون خلت خصوصاً في التاريخ الأوروبي بالإضافة إلى أحداث مهمة تدور في عالمنا العربي، وذلك بصيغة درامية.

مشاركاته التلفزيونيّة

على رغم قلة مشاركاته التلفزيونية كممثّل إلا أن للفهد مجموعة من الأعمال المميزة من بينها: «صواري الليل»، «الركاده زينه»، «العليل» (مسلسل بدوي) إخراج عبد العزيز المنصور، سهرة «المتهم» مع أحمد الصالح وحسين الصالح الدوسري ومريم الصالح، إخراج إبراهيم الحربي، «عودة السندباد» تأليف الكاتبة أقبال الأحمد، إخراج حسين المفيدي، مع علي المفيدي وابراهيم الحربي وعبد الرحمن العقل ومحمد حسن وعبد الناصر الزاير وخليل زينل وأحمد مساعد، «ديوان السبيل» (مسلسل-2001) مع عبد الحسين عبد الرضا وخالد النفيسي ومريم الصالح ومحمد المنيع وإبراهيم الصلال ومشعل القملاس وعبد الرحمن العقل ومحمد العجيمي وهدى الخطيب وأحمد الجسمي .

مسرح الخليج

كانت بداية الفهد الفنية في المسرح مع إنشاء «فرقة مسرح الخليج العربي» في 13 مايو (أيار) 1963 إذ كان أحد المؤسسين مع 15 عضواً، واستمر فيها لغاية 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1968 بالإضافة إلى مشاركته في أعمال مسرحية عدة.

تولى الفهد مناصب عدة داخل الفرقة من بينها: عضو لجنة المسرح، عضو مجلس إدارة (أمين الصندوق) من 1963 إلى 1965، رئيس للعلاقات العامة (1965 1966-)، مشرف فني

(1967-1966)، نائب رئيس العلاقات العامة (1967 1968-)، مساعد مخرج، مخرج ومسؤول لجنة التخطيط، عضو لجنة التنظيم، عضو لجنة العلاقات العامة، عضو اللجنة الثقافية، رئيس شعبة الديكور والأكسسوار والملابس، عضو لجنة الخدمات الإنتاجية الفنية.

شارك الفهد في التمثيل مع الفرقة في مسرحيات:

- «بسافر وبس»، عرضت على خشبة مسرح نادي العمال الثقافي في الدسمة في 15 يونيو (حزيران) 1963، تأليف ثلاثي المسرح، إعداد صقر الرشود وإخراجه، مع سالم الفقعان ومنصور المنصور ومحمد الراشد.

- «الخطأ والفضيحة»، عرضت على مسرح نادي الثقافة العمالي في 1 سبتمبر (ايلول) 1963، تأليف مكي القلاف، إخراج صقر الرشود مع حياة الفهد، منصور المنصور وسالم الفقعان.

- «الأسرة الضائعة»، عرضت على مسرح كيفان في 25 ديسمبر (كانون الأول) 1963، فكرة

عبد العزيز السريع، إعداد اللجنة الثقافية المكونة من عبد العزيز السريع وصقر الرشود ومحبوب العبد الله، إخراج صقر الرشود، مع سالم الفقعان ومنصور المنصور وحياة الفهد.

- «أنا والأيام»، عُرضت في 12 مايو (أيار) 1964 على خشبة مسرح كيفان، تأليف صقر الرشود وإخراجه، مع حياة الفهد، أسمهان توفيق، سالم الفقعان، عبد الرحمن الصالح، محمد المنصور، عبد الأمير مطر، محمد حسن.

- «الحاجز (الملاله)»، عُرضت في 6 إبريل (نيسان) 1966 على خشبة مسرح كيفان، تأليف صقر الرشود وإخراجه، مع سعاد عبد الله، خالد العبيد، منصور المنصور، محمد المنصور، أسمهان توفيق، عبد الأمير مطر.

- «الأوانس»، عُرضت عام 1987 على مسرح كيفان، تأليف محمد السريع، إخراج منصور المنصور، مع حياة الفهد، عائشة إبراهيم، إبراهيم الصلال، محمد السريع، اسمهان توفيق، سليمان ياسين، فيصل بوغازي. وهي آخر مسرحية شارك فيها الفهد مع فرقة مسرح الخليج العربي.

- كذلك أخرج الفهد مسرحية «الله يا الدنيا» التي عُرضت في 12 فبراير 1967 على خشبة مسرح كيفان، إعداد ثلاثي الخليج: خالد العبيد وعبد الأمير مطر ومحمد السريع، شارك فيها: إبراهيم الصلال، نوال باقر، سعاد عبدالله، عبد العزيز المنصور، سالم الفقعان، محمد السريع. حضرها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح مع ضيفه رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق شارل حلو.

{فرقة المسرح الشعبي}

شارك الفهد في إخراج مجموعة من الأعمال المسرحية مع «فرقة المسرح الشعبي» من أبرزها:

- «صورة»، عُرضت في 7 يوليو (تموز) 1969 على مسرح كيفان، تأليف عبد الأمير التركي، شارك فيها: أحمد الصالح، إبراهيم الصلال، مريم الصالح، عبد العزيز المسعود، طيبة الفرج، عبد الرحمن الضويحي، مريم الغضبان.

- «ألبوم»، عُرضت في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 1971 على مسرح كيفان، إعداد محمد دخيل البحيري وهي مقتبسة عن مسرحية «جسر آرتا» للكاتب اليوناني ليوتوكا، شارك فيها: أحمد الصالح، جاسم النبهان، حياة الفهد، جاسم الصالح، أحمد مساعد، عبد الله الحشاش، طيبة الفرج، عبد العزيز المسعود.

- «ثور عيده»، عُرضت على خشبة مسرح كيفان في 15 ديسمبر (كانون الأول) 1982، تأليف إبراهيم الهنداوي، إعداد اللجنة الثقافية، شارك فيها: أحمد الصالح، مريم الصالح، جاسم النبهان، حسين غلوم، جاسم الصالح، طيبة الفرج، مكي القلاف، مريم الغضبان،

عبد العزيز المسعود.

- مثل الفهد في مسرحية واحدة بعنوان «إبراهيم الثالث»، عُرضت في 4 يونيو (حزيران) 1973على مسرح كيفان، تأليف جعفر المؤمن، إخراج عبد الرحمن الضويحي، شارك فيها: أحمد الصالح، إبراهيم الصلال، سعاد حسين، عبد العزيز المسعود، مريم الغضبان، عبد العزيز النمش، عبد الله خريبط، فيحان العربيد، خالد الصقعبي.

{فرقة المسرح الحرّ}...

عام 1974 أسس الفهد {فرقة المسرح الحرّ} مع الفنانين عبد الله خريبط وعايشة إبراهيم وانضم إليهم لاحقاً محمد جابر (العيد روسي) وماجد سلطان وأمبيريك وعبد الله المسلم. كان للفرقة نشاط قليل، من أبرز أعمالها: مسلسل «بندر في قطر» (30 حلقة) لتلفزيون قطر، سهرات لتلفزيون أبو ظبي من بينها: {ما شفتو شي، مسرحية «أفراح والشجعان الثلاثة» (1983)، تأليف خليفة الربيعة، إخراج عبد العزيز الفهد، مسرحية «عيال الديرة» (1986)، تأليف عبد الله

عبد الرسول، إخراج حسين جمعة.

في عام 1987 أنتجت الفرقة خمس سهرات تلفزيونية استمدّت حكاياتها من البيئة البدوية وركزت على العادات والتقاليد الأصيلة. كذلك، سعت عبر مجموعة من الأعمال إلى تجاوز الأعمال الهامشية التي شوّهت تراث البادية الرائع المليء بالصفاء والمحبة من بينها: «عابر سبيل» و{آخر أيام الشواهر» و{فتنه وسعد»، تأليف شاكر المعتوق، شارك في البطولة: محمد المنيع، علي البريكي، عايشة إبراهيم، ماجد سلطان وحشد من النجوم.

آخر مشاركات الفهد كممثل مسرحي كانت في مسرحيتي «البستان» و{فرسان بني هلال» مع عبد الرحمن العقل وجاسم النبهان.

وفاته...

غيّب الموت الفهد ظهر الخميس في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 إثر أزمة قلبية حادّة بعد معاناة طويلة مع مرض القلب تحديداً في عضلة القلب.

جوائز وشهادات تقديريّة

حاز الفهد مجموعة من الشهادات التقديرية والجوائز والميداليات من بينها:

- شهادة تقدير من وزارة الإعلام (الإذاعة) عن دورات رمضانية.

- ميدالية ذهبية من الإذاعة الكويتية لمناسبة تكريم الموظفين القدامى.

- درع نجم مسرح أول لمناسبة تكريمه في «يوم المسرح العربي لتكريم الفنان المسرحي» في 21 فبراير (شباط) 1977.

- درع شهادة عطاء لمناسبة تكريمه في احتفالية مرور أربعين عاماً على تأسيس «فرقة المسرح الشعبي» في 2 ديسمبر (كانون الأول) 1996.

- آخر تكريم له كان في «مهرجان أيام المسرح للشباب» في دورته السادسة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 مع مجموعة من الرواد ونجوم التمثيل في الكويت.

back to top