بين حمد وفهد يرتفع الأمل

نشر في 22-05-2016
آخر تحديث 22-05-2016 | 00:01
مفارقة جميلة، حمد الجوعان ينشئ مؤسسة التأمينات الاجتماعية ويهندس قانونها ويترأسها، ويأتي د. فهد الراشد بعد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ليوقف اعتداء سافراً على أموال المتقاعدين فيها... أليس في ذلك أمل وخير في أهل البلد؟!
 مظفّر عبدالله أول العمود:

هناك قرار يمنع تشغيل العمال في فترات الظهيرة الحارقة، كثير من العمال يجهلون ذلك، لذا فالتوعية واجبة لمعرفة حقوقهم.

***

"نعم ولسوف أعود لبلدي"، هذا عنوان مقال كتبه الراحل رجل الدولة حمد الجوعان أثناء علاجه في أميركا من جراء محاولة اغتياله بعد تحرير البلاد من غزو العراق بيومين. في المقال يقول إن محبيه نصحوه بعدم العودة للكويت لأن علاجه يتطلب اهتماماً خاصاً، وأيضا لأن من حاول قتله لم يشفِ غليله فلربما عاود الكرّة.

هذا الرجل الذي فارقنا من طراز فريد، فقد قرر العودة رغم التحذيرات، واستكمل حربه ضد المفسدين وهو في البرلمان. هناك خيط يربط حمد بأحداث متسارعة وخطيرة، وجوده في مجلس ١٩٨٥، حيث اختير لعلاج ملف الشيكات المالية فيما يعرف بقضية سجلات البنك المركزي- والذي حُلّ بعد سنة- ولم تتم المهمة، لاحقا حدث الغزو في ١٩٩٠ وتعرض لما تعرض له بعد التحرير، وترشح مرة أخرى لمجلس ١٩٩٢ وقاد جهدا لتشريع قانون حماية المال العام الذي استبيح بشكل بشع، والكويت تذبح على يد "جار الشمال"! أظن أن إصراره كان كفيلاً بمحاولة اغتياله، كما هي الحال بالنسبة إلى عضو المجلس عبدالله النيباري الذي ناله ما حصل لحمد.

نترك الجانب التاريخي للحدث، لنقول إن هذا الرجل أعطى درسا في الأمل والإصرار وهو على الكرسي المتنقل رغم قوة صوت المحبطين من الإصلاح، وهو صوت المستفيدين من بقاء الحال على ما هي عليه، واليوم ازدادت حدّة الإحباط واليأس الذي لم يعرفه حمد.

شعب الكويت يرفض الظلم، هو صبور نعم، لكنه لا يسكت عن الحق وهناك شواهد تاريخية وأحداث مدونة، والمفارقة التي تدل على حيوية هذا الشعب أن يأتي شخص مخلص، وهو د. فهد الراشد ليدافع عن مؤسسة التأمينات التي بناها حمد الجوعان بعد أكثر من ٣٠ عاما، ويكشف جرائم التعدي على أموال المتقاعدين التي باتت حديث الناس هذه الأيام، فيا لها من مفارقة جميلة… نعم، في الكويت شرفاء ومخلصون يقدمون حياتهم من أجل حقوق الناس ومصالحهم.

نعم هناك تعثر في حال البلد، لكنّ في الناس خيرا باقيا، فلننظر إلى عشرات من الأحكام القضائية التي رفضت التعدي على الدستور وهو ما يشيع الاطمئنان، ولننظر إلى مجاميع من الشباب الكويتيين المتنورين والمنفتحين الذين بدؤا حياتهم العملية بجهدهم الخاص، وقدّموا دروساً في النجاح، ولننظر أيضا إلى وقوف الجمعيات الأهلية سداً منيعاً ضد مشروع قانون تكبيلها، وحصول نقابات النفط على أحكام قضائية أكدت حقوق أعضائها العمالية... نعم هناك أمل كبير في الشباب ودورهم في الإصلاح.

نعود إلى قصة حمد الجوعان، فهذا الرجل نموذج عندما نتحدث عن الوطنية، خاصة للجيل الشاب، فمسيرته العملية والنضالية فيها من دروس التربية الوطنية الكثير.

لو قدر أن تنشئ الدولة جائزة سنوية لمكافحة الفساد لكانت جديرة بحمل اسم "جائزة حمد الجوعان".

back to top