الأفلام الأميركية لا تباع في الخارج بسهولة!

نشر في 13-05-2016 | 00:01
آخر تحديث 13-05-2016 | 00:01
مثل كثيرين في قطاع توزيع الأفلام، تحمل ميمي ستاينباور قصتها الخاصة («أطرف قصة على الإطلاق»!) عن خدعة مبتكرة لتسويق الأفلام الأميركية في الأراضي الأجنبية.

في هذه الحالة، حمل الفيلم عنوان Machete (المنجل) للمخرج روبرت رودريغز عن تاجر مخدرات مكسيكي وعميل سابق في مكتب التحقيقات الفدرالي وسيناتور عنصري من تكساس. بمزيجٍ من الكوميديا والسخرية والكاريكاتور، كان الفيلم عبارة عن تعليق عنيف ومباشر على الجدل الأميركي حول توافد المهاجرين.

لكن لم يهتم العملاء في تايلند بالجوانب السياسية الضمنية. قالت ستاينباور، رئيسة شركة Radiant Films الدولية في لوس أنجلس ومديرتها التنفيذية: {سمّاه التايلنديون Machete:Splatter Blood (المنجل: رشّ الدم) وانتشرت الدماء على جميع زوايا الملصق. قلتُ لهم إنهم لا يستطيعون إطلاق هذا العنوان على الفيلم. لكنهم قالوا إنه سينجح وتحقق ذلك. لم تكن كذبة بمعنى الكلمة مع أنّ العمل لم يتمحور حول العنف وسفك الدماء. لكنهم كانوا يعرفون طبيعة جمهورهم}.

يشكّل توزيع الأفلام الأميركية وتسويقها في بلدان أخرى لعبة لفك رموز النواحي الجمالية والثقافية. ما يجذب بلداً معيناً قد ينفّر بلداً آخر. تفضّل أوروبا الجنس على مشاهد إطلاق النار، بينما تحبّذ آسيا ومنطقة الشرق الأوسط مشاهد الحركة والعنف. يستمتع الإيطاليون من جهتهم بالخيال العلمي ويميل الأرجنتينيون إلى أعمال تحمل ثقلاً فكرياً، بينما يعشق الروس شخصيات {مينيونز} لكنهم يتقبّلون قصص الحب المتداخلة عرقياً وقد وصف أحد الموزعين الأفلام الدرامية الأميركية بعبارة {أكبر كلمة قذرة في قطاعنا}.

جماهير أوسع

لا بد من فهم الخيارات المفضلة على الساحة العالمية حين تحاول هوليوود وصانعو الأفلام المستقلون الوصول إلى جماهير عالمية أوسع. قال بيدرو رودريغز، رئيس شركة International Distribution التي تتولى توزيع الأفلام في أميركا اللاتينية منذ ثلاثة عقود: {يجب أن نتنبّه إلى الاختلافات والمعايير الثقافية في كل بلد. لكل بلد حمضه النووي الخاص. نحن لا نبيع الأحذية هنا. يكون كل فيلم تحفة فنية بحد ذاتها. لكن كيف نجد الجمهور الذي يناسبه؟}.

تعقّدت هذه العملية بسبب الجيل الأصغر سناً كونه ينجرف وراء مواقع التواصل الاجتماعي: تطوّرت أسواق التلفزيون وزادت شعبية شبكة {نتفليكس} وموقع {أمازون}، فقد قدّمت هذه الجهات للمشاهدين الوسيلة اللازمة لتصميم نشاطاتهم الترفيهية. تواجه الأفلام الأميركية المنافسة أيضاً من شركات الإنتاج المحلية وصانعي الأفلام في بلدان مثل ألمانيا وتركيا وفرنسا وكوريا الجنوبية والمكسيك وغواتيمالا التي تشمل قطاعاً إنتاجياً ناشئاً وحيوياً.

تُراجِع شركات توزيع الأفلام المستقلة مثل SquareOne Entertainment في ألمانيا مئات المشاريع سنوياً وتتنافس على دور السينما مع أنجح أفلام هوليوود والإنتاجات المحلية التي حققت في ألمانيا نسبة قياسية بلغت 27.5% من حصة السوق في عام 2015. ارتفع عدد الأفلام التي تصدر في ألمانيا من 300 في عام 2003 إلى 600 تقريباً هذه السنة. توزع شركة SquareOne نحو 12 إصداراً سنوياً.

قال المدير التنفيذي في شركة SquareOne، آل مونتيانو: {لم يسبق أن بلغ عدد العملاء الذين يشترون الأفلام مستواه الراهن. تُصنَع أفلام كثيرة يُفترَض ألا تصل إلى الأسواق الدولية. يكون إيجاد أفلام عالية الجودة أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش}.

تستهدف شركة SquareOne المفكرين الأكبر سناً. حقق فيلم All Is Lost (كل شيء ضاع) للممثل روبرت ريدفورد نتيجة جيدة مع هذه الفئة الديمغرافية ولم تحتج المقتطفات والإعلانات الترويجية لتعديلات كثيرة. قال مونتيانو: {إنها قصة رجل في مركب يحاول البقاء على قيد الحياة. ما من اختلافات ثقافية}. لكنه واجه مصاعب كبرى مع الأفلام التي تتناول حربَي العراق وأفغانستان (عارض الأوروبيون تلك الصراعات واعتبروا أنها تعكس شكلاً من الغطرسة الأميركية المضلِّلة) ومع الأفلام التي تروي قصص النازيين والحرب العالمية الثانية.

في ألمانيا، برزت الحاجة إلى تعديل فيلم Lone Survivor (الناجي الوحيد)، قصة جنود أميركيين احتجزتهم {طالبان} في أفغانستان، من بطولة مارك والبيرغ. قال مونتيانو: {كانت القصة تتمحور حول الحرب وعكست مقاربة أميركية وطنية جداً. لكن في أوروبا، خفّفنا جرعة الوطنية وحوّلنا العمل إلى فيلم يحث المشاهدين على التفكير بجوانب الحياة. كان تسويقه هناك أكثر عمقاً من الحملة الأميركية}.

واجه رودريغز مشاكل تسويقية مماثلة. شكّلت جينيفر لورانس وسلسلة Hunger Games (مباريات الجوع) ماركة عالمية قوية حين فكّر رودريغز المُطَّلع على الأذواق السينمائية في ساو باولو بقدر اطلاعه على خيارات دور السينما في بوينس آيرس بطريقة ترجمة عنوان Mockingjay (الطائر المقلد) إلى اللغة البرتغالية لأجل الجماهير البرازيلية.

قال رودريغز: {الطائر المقلد غير موجود. إنه اسم جميل ولكن...}.

كان إيجاد ترجمة مناسبة لعنوان The Hunger Games: Mockingjay (مباريات الجوع: الطائر المقلد) عملاً شائكاً. ارتكزت النسخة البرازيلية من الفيلم على استبدال كلمة برتغالية تعني {الأمل} باسم الطائر الخيالي. أوضح رودريغز: {لم نجد خياراً آخر. كان يجب أن نحترم قاعدة المعجبين هناك ومن المعروف أن الأمل كلمة شاعرية جداً}.

طاقم يجذب الناس

شددت ستاينباور، رئيسة شركة Radiant Films، على أهمية إيجاد طاقم ممثلين يجذب الناس عالمياً، لا سيما الممثلين الذين حصدوا حديثاً إشادة نقدية في الولايات المتحدة ويتم التداول بأسمائهم دوماً على مواقع التواصل الاجتماعي. تعمل  Radiant Filmsعلى توزيع فيلم Carrie Pilby على الساحة الدولية، علماً أنه من بطولة بيل باولي بدور شابة تائهة تتخرّج من رابطة {أيفي}. وهي حصدت الإشادة في السنة الماضية بعد دورها في The Diary of a Teenage Girl (يوميات فتاة مراهقة).

قالت ستاينباور التي شاركت في تمويل الأفلام وتوزيعها لأكثر من 20 سنة وعملت في سلسلةThe Lord of the Rings (سيد الخواتم) و The Matrix(المصفوفة): {أصبحت تلك الممثلة تحت المجهر الآن، لكن منذ سنة لم يكن أحد يعرفها}. تزداد أهمية الحسابات المسبقة ووسائل التوزيع (سواء ارتبطت بنجم ناشئ أو مقتطف دعائي ذكي) لجذب رواد السينما الشباب.

أضاف رودريغز، ابن مترجِمة: {يشهد القطاع تقلبات مستمرة ولا أحد يعرف ما ستؤول إليه الأوضاع في النهاية. منذ 30 سنة، لم نكن نملك الهواتف الخلوية والحواسيب المحمولة. أما اليوم، فيمضي أولادي الأربعة حياتهم على فيسبوك وإنستغرام. يجب أن نتعلّم لغتهم}.

back to top