اتفاق «هاليبرتون - بيكر هيوز» دليل حماقة

نشر في 07-05-2016 | 00:03
آخر تحديث 07-05-2016 | 00:03
No Image Caption
شركات ومديرون اندفعوا في مسار الاستحواذ قبل أن يتبين لهم أنه طريق مسدود
يدل اتفاق الاندماج، الذي كانت هاليبرتون وبيكر هيوز قد خططتا له منذ نوفمبر 2014، على مدى حماقة مديري الشركات الذين يرون في عمليات الاندماج والاستحواذ بديلاً معقولاً للنمو الحقيقي، وعموماً كانت السنة الماضية فترة مراجعة لمن اعتقدوا ذلك.

ألغت «هاليبرتون»، ثاني أكبر شركة خدمات بترولية أميركية صفقة الاندماج مع منافستها «بيكر هيوز»، بعد أن رفعت وزارة العدل دعوى في أبريل الماضي لمنع هذا الاندماج، الذي قد يؤدي إلى بقاء شركة واحدة فقط تنافس «شلمبرغير» في مجالي حفر الآبار والإنشاءات في قطاع النفط.»

اتفاق الاندماج، الذي كانت هاليبرتون وبيكر هيوز قد خططتا له منذ نوفمبر 2014، يدل على مدى حماقة مديري الشركات الذين يرون في عمليات الاندماج والاستحواذ بديلاً معقولاً للنمو الحقيقي، وعموماً كانت السنة الماضية فترة مراجعة لمن اعتقدوا ذلك.

ولا يقتصر الأمر على هاليبرتون، ذلك أن عدداً لا بأس به من الشركات والمديرين قد اندفعوا في مسار الاستحواذ، لكن تبين لهم فيما بعد أنهم في طريق مسدود.

لقد أمضت كومكاست Comcast مثلاً أكثر من سنة وأنفقت 336 مليون دولار في محاولة الحصول على «تايم وارنر كيبل»، قبل أن تضطر إلى إلغاء الاتفاق، كما أخفقت عملاقة الأدوية «فايزر» مرتين وهي تحاول إبرام صفقات كبيرة.

ويتعين على الرئيس التنفيذي لشركة «فايزر» ايان ريد القيام بعمل بغيض، وأن يثبت للسوق أن شركته يمكن أن تنجح بمفردها بعد أن أمضى الكثير من الوقت خلال السنتين الماضيتين، وهو يقول: إما عملية مهمة أو فشل. إضافة إلى شركة فاليانت Valeant، التي كانت تتمتع بنموذج عمل يعتمد أساساً على الاستحواذ وشهدت العديد من الإخفاقات خلال الأشهر الستة الماضية.

لكن حتى بين تلك الاتفاقات يحتل خطأ اندماج واستحواذ هاليبرتون مرتبة عالية على لائحة الفوضى والمآزق، وكان الاتفاق قد أُعلن في شهر نوفمبر من عام 2014، وانعكس بحدة على الشركتين خلال الأشهر الـ18 الماضية.

وفيما لم يساعد هبوط أسعار النفط العمل التجاري، فإن الضغوط المتزايدة من أجل اتمام الاتفاق لم تساعد هاليبرتون أيضاً. وقد هبطت أرباح الشركة بأكثر من 100 في المئة خلال السنة الماضية، لتصل إلى خسارة تقارب 700 ألف دولار، بعد تحقيق ربح بمبلغ 3.5 مليارات دولار في 2014.

ويقابل ذلك هبوط بنسبة 50 في المئة للشركة المنافسة «شلمبرغير»، التي كسبت 2.5 مليار دولار في 2015.

3.5 مليارات دولار

والأكثر من ذلك أن استحواذ «بيكر هيوز» بدا أنه يواجه بشكل مؤكد ومنذ البداية عقبة تجميع رساميل كبيرة. وعلى الرغم من ذلك، فقد وافق مديرو هاليبرتون على دفع 3.5 مليارات دولار على شكل رسوم انفصال مع عدم الاستثناء من دفع هذا المبلغ، أي تحوله إلى ما يشبه الغرامة الجزائية في حال تعطيل الجهات التنظيمية للاتفاق. بينما لم تدفع «كومكاست» إلى تايم وارنر كيبل أي مبلغ من المال، وهو ما يجب أن يدفع مساهمي هاليبرتون إلى إعادة النظر في ثقتهم في تقييم مديري الشركة وقدرتهم على التفاوض.

كما أنه وحتى الآن في هذه السنة، تم التخلي عن اتفاقات اندماج واستحواذ بقيمة تصل إلى 465 مليار دولار – وهي الأعلى منذ عام 2007 وأكثر من ضعف الـ 189 مليار دولار، التي نتجت عن الانسحاب من اندماجات في مثل هذا الوقت من السنة الماضية.

لقد كانت عمليات الاندماج والاستحواذ تمثل بديلاً أميركياً لنقص الابتكار. وخلال السنوات القليلة الماضية – ومع تباطؤ الاقتصاد – كانت النصيحة من وول ستريت ومن أماكن أخرى تقول، إن الاندماجات تمثل الفرصة الأفضل لتحقيق النمو، ولكن الأدلة على نجاح اتفاقات الاندماج والاستحواذ بصورة عامة كانت غير موثوقة في أفضل الأحوال.

وفي سنة 2012 عرضت دراسة هدفت إلى استعراض الرابحين في عروض التنافس على الاستحواذ، وتبين لي أنها كانت تزداد سوءاً بصورة عامة خلال السنوات القليلة التالية، وبقدر يفوق الشركات التي خسرت.

ويبدو أن العوائد كانت تزداد سوءاً – وفي سنة 2014 أنفقت الشركات الأميركية 1.4 تريليون دولار على اتفاقات الاندماج، وهذا رقم قياسي. وفي سنة 2015، ارتفع نمو الأرباح من وفق «ستاندرد آند بورز» 195 مليون دولار من عوائد استثمارات الاندماج والاستحواذ، أي 0.01 في المئة فقط.

وهذه ليست عوائد جيدة بالطبع، ولا يمكن أن تكون قد نتجت بسبب مصاريف إعادة الهيكلة الناجمة عن تلك الاتفاقات.   

على الرغم من ذلك، لا يبدو أن المديرين التنفيذيين قد تعلموا، ففي الأسبوع الماضي وحده تم الإعلان عن اتفاقات دمج بقيمة 50 مليار دولار في قطاع الرعاية الصحية.

ونظراً إلى تراجع الأرباح في شركة التقنية الحيوية «غيليد ساينسز» Gilead Sciences، فإن المساهمين ومحللي وول ستريت يقولون، إن الرد بالنسبة إلى الشركة يكمن في القيام بعملية مهمة. وكانت الشركة تقاوم حتى الآن هذه الدعوة وهذه أنباء جيدة – فعملية الاندماج والاستحواذ ليست الدواء الشافي لـ«غيليد» أو لبقية الشركات في وول ستريت.

back to top