العقارات في دبي نحو الثبات بعد أعوام من التبدلات

نشر في 04-05-2016 | 10:39
آخر تحديث 04-05-2016 | 10:39
No Image Caption
تشهد اسعار العقارات في دبي منذ اكثر من عام، نسق انخفاض بطيء، بعد عشر سنين راوحت خلالها بين ارتفاع بلا ضوابط ساهم في تكوين ثروات ضخمة، وانخفاض حاد كبّد كثيرين خسائر فادحة.

وباتت امارة دبي مقصدا عقاريا رئيسيا للاجانب بعدما اطلقت في العام 2002، مناطق تملك حرة يتاح فيها لهم شراء العقارات. وبلغت الاسعار اعلى مستوياتها في 2008 بدفع رئيسي من المضاربات الاستثمارية، الا انها انخفضت بشكل حاد بعد ذلك بسبب الازمة المالية العالمية.

وأدت الازمة الى فقدان القطاع العقاري زهاء نصف قيمته. الا ان الطلب عاود الارتفاع بعدها، لتسجل اسعار العقارات والايجارات مستويات قياسية بين 2012 و2014، مترافقة مع مخاوف من "فقاعة" عقارية جديدة.

وبعد عام 2014، عاودت الاسعار الانخفاض وان بوتيرة بطيئة وأقل حدة.

ويقدر كريغ بلامب، رئيس بحوث الشرق الاوسط وشمال افريقيا في "جونز لانغ لاسال" للاستشارات العقارية، ان اسعار العقارات في دبي تراجعت بنسبة 12 بالمئة خلال العام 2015.

ويقول لوكالة فرانس برس "السوق تشهد نوعا من الهبوط الناعم حاليا، لذا الاسعار تشهد تراجعا منذ اكثر من عام... نعتقد ان السوق ستواصل التراجع بشكل اضافي، لكن ليس بقدر ما حصل حتى الآن".

يضيف "اعتقد اننا شهدنا الجزء الاكبر من التراجع".

من جهتها، تقدر رئيسة قسم بحوث الشرق الاوسط وشمال افريقيا في "نايت فرانك" للعقارات دانا سلباق، انخفاض اسعار العقارات في دبي خلال 2015 بزهاء عشرة بالمئة.

وتوضح "رأينا تباطؤا في القطاع السكني. رأينا الاسعار تنخفض بنحو عشرة بالمئة على مدى العام 2015"، مضيفة ان هذه الاسعار "لم تنخفض بشكل كبير" في الربع الاول من سنة 2016.

ويشكل الطلب الخارجي المحرك الرئيسي للطلب على العقارات بدبي.

الا ان هذا الطلب يشهد تراجعا سببه بشكل رئيسي تراجع العملات ازاء الدولار الاميركي الذي يرتبط به الدرهم الاماراتي، ما رفع قيمة العقارات في دبي بالنسبة للشراة الاجانب، بحسب بلامب.

وورد في تقرير "نايت فرانك" العام الماضي، ان "العقارات في دبي باتت اعلى كلفة للشراة الذين يتعاملون بعملات اخرى".

ويتربع الهنود على قائمة المستثمرين الاجانب في عقارات دبي. ففي عام 2015، انفقوا اكثر من 20 مليار درهم (5,4 مليارات دولار)، من اصل 135 مليارا (26 مليار دولار) هي قيمة مجمل التعاملات العقارية.

ويليهم المستثمرون البريطانيون (10,8 مليارات درهم) والباكستانيون (8,4 مليارات). اما الايرانيين، فبلغ حجم استثماراتهم العقارية العام الماضي 4,6 مليارات، مقابل 3,7 مليارات للكنديين، و2,7 مليارين للروس.

وساهم تراجع الروبية الهندية واليورو والروبل الروسي بشكل كبير امام الدولار، في تقليص قدرة مواطني هذه الدول على شراء العقارات في دبي.

ويشير بلامب الى ان سوق العقارات تأثرت ايضا بالتباطؤ الاقتصادي الذي يؤدي الى انخفاض نمو الوظائف، ما يعني تراجع عدد القادمين الجدد للعمل، والذين يساهمون عادة في زيادة الطلب على العقارات.

وعلى رغم ان دبي تعتمد بشكل محدود على ايرادات النفط، مقارنة بإمارات اخرى ودول خليجية، الا ان تراجع اسعار النفط وتأثير ذلك على ايرادات دول المنطقة، تسبب بضغط غير مباشر على سوق العقارات.

وتقول سلباق ان فقدان النفط لجزء كبير من قيمته والتباطؤ الاقتصادي "أثّرا على المستثمرين وارادتهم وشهيتهم للاستثمار"، ودفعهم الى اعتماد "مقاربة حذرة" في عملياتهم العقارية.

وعلى رغم هذه العوامل المتضافرة، يستبعد المحللون ان تشهد سوق العقارات انهيارا مشابها لذاك الذي شهدته في العام 2009.

ويقول بلامب "لا نعتقد ان ثمة احتمالا كبيرا لانهيار السوق نتوقع حصول تراجع اضافي، ما بين خمسة الى عشرة بالمئة، في 2016"، على ان تبدأ الاسعار بالتعافي في نهاية السنة الجارية.

وترى سلباق ان "الاسعار ستستقر عند المستويات الجديدة الحالية، وتلك اشارة جيدة (...) الى ان السوق وصلت الى ادنى مستوى قد تصل اليه"، قبل ان تنتعش السنة المقبلة.

وتعتبر ان تعهد حكومة دبي مواصلة زيادة الاستثمار في البنى التحتية يبعث "برسائل ايجابية للسوق بان الحكومة لا تزال ملتزمة بهذا القطاع، بقطاع العقارات، بالبناء".

ويعكس محمد العبار، رئيس مجلس ادارة شركة "اعمار" العقارية التي نفذت مشاريع ضخمة في دبي ابرزها برج خليفة، تفاؤلا بتحسن السوق.

وقال لفرانس برس ان "لا بأس" بالانخفاض الراهن للاسعار، معتبرا ان سوق العقارات هي عمل بعيد المدى، وتفاوت الاسعار فيها امر معتاد.

اضاف بعد اعلان عزم شركته تشييد مبنى اعلى من برج خليفة، ان التراجع الحالي في الاسعار "ليس بذلك السوء"، معتبرا ان عدم صعود الاسعار "بشكل جنوني" كالعام 2007 هو امر جيد.

وتابع "الجميع يريد ارتفاع الاسعار، لكن اعتقد ان على هذه الاسعار ان تكون مقبولة اعتقد ان التوازن بين العرض والطلب مشجع جدا".

وبحسب سلباق، يخضع العرض حاليا "للضبط"، اذ بات المطورون العقاريون "اكثر حذرا وادراكا لحاجتهم الى الشروع تدريجا في تسليم مشاريعهم، بشكل يتلاءم مع الطلب".

back to top