Nina... البطلة ليست المشكلة الوحيدة

نشر في 03-05-2016
آخر تحديث 03-05-2016 | 00:01
يتمحور فيلم السيرة الذاتية المنتظر منذ فترة طويلة للمخرجة سينثيا مورت حول تجارب نينا سيمون العظيمة، وقد تعرّض لانتقاد لاذع منذ عام 2012، حين انتشر الخبر عن تجسيد الممثلة زوي سالدانا شخصية مغنية السول وعازفة البيانو «الشابة والموهوبة والسوداء»، علماً أنها استعانت بماكياج أسود داكن وأنف اصطناعي لأداء الدور.
الآن وقد صدر فيلم Nina أخيراً في دور السينما وأثبت أنه حكاية باردة وغريبة في تركيبتها ولا ينجح في طرح حياة النجومية التي عاشتها سيمون أو فخرها المعروف بعرقها، لا مفر من التساؤل: هل كان ضرورياً أن ينشأ ذلك الجدل كله بشأن فيلم سيئ لهذه الدرجة؟

تتعدد الشوائب في Nina ولا تقتصر على بشرة سالدانا الفاتحة وأدائها المقبول.

(حين وقع الاختيار على سالدانا، صرّحت ابنة المغنية، ليزا سيمون كيلي، لصحيفة {نيويورك تايمز}: {نشأت والدتي في زمنٍ كان يعتبر أنفها عريضاً وبشرتها داكنة أكثر من اللزوم. من ناحية المظهر، لم يكن أفضل خيار ممكن}).

ثمة ارتباك واضح في بنية الفيلم ومحوره. كانت مورت شاركت في كتابة سيناريو فيلم التشويق Brave One (الشجاعة) من بطولة جودي فوستر في عام 2007، وها هي تخوض تجربتها الإخراجية الأولى في هذا الفيلم وقد اختارت عدم التركيز في انتقال سيمون من بداياتها المتواضعة في كارولاينا الشمالية إلى الشهرة العالمية كمغنية وصوت مؤثر ضد الظلم.

رمز ملهم

بل يركز Nina على سنوات التراجع في حياة المغنية، بعد ذروة نجاحها بفترة، حين يصبح سلوكها غريباً، فتُقدِم على طعن رب عمل ثرثار في نادٍ ليلي لأنه يمنعها من التركيز وتُبعِد أقرب الناس إليها.

لا يبقى لها إلا كليفتون هندرسون (ديفيد أويلو)، ممرّض تقابله حين كانت تخضع لعلاج نفسي في لوس أنجلس، فتقنعه بأن يصبح مساعدها قبل أن يتحول في النهاية إلى مدير أعمالها. ثم ينتقل الاثنان إلى قصرها في جنوب فرنسا، بما يشبه أجواء فيلم Sunset Boulevard (شارع الغروب).

قدّم أويلو أداءً قوياً بدور مارتن لوثر كينغ جونيور في فيلم Selma لكنهم أهدروا موهبته في هذا الفيلم بسبب ضعف الدور الذي يقتصر على التعبير عن مشاعر الغضب.

ولا تتعلق مشكلة سالدانا الوحيدة بغياب الشبه الخارجي بين الممثلة التي تبلغ 37 عاماً وسيمون التي توفيت في عام 2003 عن عمر يناهز السبعين. لا تبدو نجمة الفيلم امرأة مريضة في الستينيات من عمرها بتأثيرٍ من الكحول والسرطان.

ربما نجح الفيلم في استعمال علاقة نينا وكليفتون كإطار عام لقصة تلك الموسيقية الشهيرة ومن دون أن يطرحها بطريقة نافرة بما أن سيمون أصبحت رمزاً ملهِماً وقوياً بالنسبة إلى حركة {حياة السود مهمة} المعاصرة (يعود الفضل جزئياً إلى الفيلم الوثائقي المدهش الذي أصدرته ليز غاربوس في عام 2015 على شبكة {نتفليكس} بعنوان What Happened, Miss Simone? {ماذا حصل يا آنسة سيمون؟}).

جوانب إيجابية ومشاكل

ثمة لقطات من الماضي لكن تم اختيار معظم المشاهد بطريقة عشوائية. مع ذلك، يبرز بعض الجوانب الإيجابية: نظراً إلى غياب التسجيلات الأصلية التي يمكن استعمالها، تغني سالدانا بنفسها ولا يبدو أداؤها سيئاً بأي شكل. صحيح أنها لا تضاهي نينا سيمون الآسرة والمميزة، لكنها لا تُحرِج نفسها.

على صعيد آخر، يشمل الفيلم بعض المشاهد الظريفة والكوميدية، حين يحاول كليفتون هجر المغنية فتطارده وتصل إلى منزل عائلته في شيكاغو حيث ينصدم والداه من رؤية نينا سيمون تقرع على باب منزلهما.

لكن ثمة مشكلة مثيرة للجدل: يتعلق جزء أساسي من قصة سيمون الأصلية بعدم قبول عازفة البيانو في {معهد كورتيس للموسيقى} في فيلاديلفيا لمتابعة تدريبها الكلاسيكي لأنها كانت سوداء بحسب رأيها.

 (تكرر هذا الادعاء في الفيلم خلال مقابلة أُعيد ابتكارها لصالح قناة فرنسية. ورغم نفي المعهد، بقيت هذه الفكرة جزءاً أساسياً من القصة لأن سيمون شخصياً كانت مقتنعة بها).

على أرض الواقع، بعدما فشلت المغنية في دخول {معهد كورتيس}، عاشت في غرب فيلاديلفيا حيث علّمت العزف على البيانو. وفي صيف عام 1954، غنّت في {أتلانتيك سيتي}، في {ميدتاون بار} في شارع {باسيفيك}، حيث استعملت للمرة الأولى اسم الشهرة نينا سيمون.

لسبب معين، يغيّر سيناريو مورت الوقائع الجغرافية ويجعل سيمون تخبر محاورها الفرنسي بأنها اضطرت إلى الذهاب إلى أتلانتا (وليس {أتلانتيك سيتي}) لكسب المال بعدما فشلت في دخول {معهد كورتيس}، ما يعني حذف منتجع {جيرسي شور} الذي كان مشهوراً حينها من التاريخ. يبدو أن مدينة {أتلانتيك سيتي}، مثل نينا سيمون، لا تستطيع نيل الاحترام الذي تستحقه.

* دان ديلوكا

back to top