{معلقات} مهند عرابي... مشاهد عفوية تفرضها التحديّات

نشر في 01-05-2016 | 00:01
آخر تحديث 01-05-2016 | 00:01
{معلقات} عنوان المعرض الذي تنظمه {أيام} غاليري في بيروت للرسام التشكيلي السوري مهنّد عرابي (26 مايو- 16 يوليو 2016).
تتألف سلسلة {معلقات} للفنان السوري مهند عرابي (إشارة منه إلى القصائد الشعرية السبع التي اشتهرت في فترة الجاهلية وكتبت بماء الذهب وعُلقت على رداء الكعبة الأسود)، من ستائر معلقة رسمت عليها شخوص الفنان الضخمة، وهي السمة والبصمة التي تميّز أعماله، مجسداً كيفية تجلي التحوّل الذي يطرأ على موقف الفنان تجاه الحياة.

ترافق أكسسوارات مرحة وألوان مفعمة بالحياة أبطال عرابي الذين يبدون مثقلين عادة، فتضفي عليهم نفحة من البهجة، إذ تعكس نوعية العناصر والمواد الخفيفة الدالة على اللايقينيات التي تفرضها الحياة، ما يسمح بولادة أشكال عفوية تفرضها التحديات التي تمليها أي بيئة جديدة.

قصة فريدة

في وقت تروي فيه كل واحدة من المعلقات قصّتها الفريدة، تتداعى النقاط المشتركة في الشكل واللون البارزة في اللوحات المتجاورة كخيط أفقي، يوحّد حيوات شخصيات عرابي الشبيهة بالاسكيتشات: الأحمر الظاهر في أزهار فتاة شابة يماثل الأحمر في طربوش رجل، ويتدفق اللون على طول الجدران ليصبغ كرة يحملها أحد أبطال عرابي. بينما تستقرّ الشخوص جميعها على سجادات ذات نقوش متماثلة ومحبوكة بعناية. في موضع آخر، يطغى واقع سحري تقوده لغة الجسد، حين تهمس فتاة بأسرارها إلى القمر ويظهر طفل آخر وهو يصادق عصفوراً.

تبين ستائر عرابي بألوانها الراسخة تبدلا في أسلوبه. في السابق، كانت أعماله تبدأ ببناء تدريجي للطبقات المرسومة مجسّدة خبرات الحياة لشخوصه، أما اليوم فتظهر هذه الشخوص في صدارة اللوحة، في حين تخدم البيئة المحيطة غرض الخلفية.

ويمثل التطويع قناعة عرابي المتجسدة في إمكانية الإبداع باستخدام مواد بسيطة، ما يعطي المرء فرصاً لا تحصى في التعبير عن نفسه والنمو كفنان.

تعكس لوحات مهنّد عرابي التي طغت فيها شخوص طفولية مفعمة بالحيوية ضمن سيناريوهات متنوعة، اهتمامه بعفويته والتحرر في تأليف اللوحة اعتماداً على الحدس.

استخدم عرابي مواد مختلطة على قماش، بصفتها لوحات ذاتية (بورتريه)، ما يكشف افتتانه بتطوّر الوعي خلال مرحلة الطفولة والسحر والغرابة اللتين تتسم بهما سنوات تكوّن الشخصيّة الأولى وتشكّل إدراكنا الأولي للعالم من حولنا.

نهج واقعي

مع اندلاع الحرب السورية، تبنى عرابي نهجاً واقعياً في فن البورتريه، مستلهماً من المواد الإعلامية التي تشكل مخزناً بصرياً للحرب، بدءاً من بوسترات الشهداء، إلى صور «فيسبوك» الشخصية، أو مفلترة أو مركبة لسوريين تحت الحصار، أو نازحين أو من هم في المنفى، وتسجيل جانب من الصراع يتجاوز الانقسام الإيديولوجي ونقاط النقاش السياسي.

 اهتمّ الفنان بالنشأة الاجتماعية خلال مرحلة الطفولة، لكن تجاربه الخاصة في العيش بعيداً عن الوطن قادته إلى التمعن في طرائق جعلت من الثقافة البصرية ووسائل التواصل الاجتماعي والتواصل الرقمي بدائل لما كان في يوم من الأيام ملموساً.

نبذة

يقطن مهند عرابي (مواليد دمشق 1977) في دبي ويعمل فيها. تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق (2000)، حاز الجائزة الأولى في مسابقة معرض الشباب الوطني السوري (2006)، شارك في معارض جماعية وفردية من بينها: البندقية (2015)، أيام غاليري لندن (2014)، غاليري عشتار دمشق (2004- 2006)... أدرج ضمن قائمة صحيفة «فورين بوليسي» لعام 2014 من بين أبرز مئة شخصية مفكرة حول العالم. 

back to top