فلسطين... ما أثقل العبارات!

نشر في 30-04-2016
آخر تحديث 30-04-2016 | 00:01
 يوسف عوض العازمي يبدأ أي بحث تاريخي بتساؤل منطقي، ومنه تبدأ رحلة البحث عن الجواب الشافي المطلوب، وكثيرة هي القضايا التاريخية التي ثار حولها جدل ونقاش لم ينته حتى هذه اللحظة، ما بين اتجاهات مختلفة، وكل اتجاه يعتبر نفسه صاحب الحق في الجواب المنتظر المطلوب، وهكذا هي كواليس البحث التاريخي تختلف وتتنوع به الاتجاهات وتتباين الأطروحات، التي هي في حقيقة الأمر مفيدة وثرية، وقد تنتج من هذه الاختلافات والتباينات أن يصل الباحثون إلى فك شفرات بعض الوقائع التاريخية المستهدفة بالبحث، وفي هذه السطور البسيطة، سأتطرق إلى سؤال مهم ومنطقي، وهو: هل لليهود حق في فلسطين؟

بطبيعة الحال سأتناول هذا الموضوع الحساس، بحيادية (رغم صعوبة الحياد لكن لا مانع من التجربة)، ولن أسترسل كثيراً نظراً لموجبات الاختصار، لكنني سأحاول الوصول إلى الجواب قدر الإمكان.

الحقيقة في هذا البحث البسيط، كان تركيزي على الجانب الإنساني أكثر، لعلي أوفق في تقديم اجتهاد منطقي مقبول، وهنا سأذكر الأديب مريد البرغوثي وكتابه القيم "رأيت رام الله"، حيث اخترت هذه الفقرة الإنسانية البسيطة، التي تعظم من خلالها مأساة أهلنا في فلسطين:

"المرة السابقة مررت من هنا مغادراً وطني لأتعلم في الجامعة البعيدة، الآن تركت ابني ورائي في نفس الجامعة ليتعلم، المرة السابقة لم يكن أحد يجادلني في حقي في رام الله، الآن أتساءل عن دوري في حفظ حقه في رؤيتها، وهل سأخرجه من سجلات اللاجئين والنازحين، وهو لم يلجأ ولم ينزح، وكل ما فعله أنه ولد في الغربة؟ الآن أمر من غربتي إلى وطنهم؟ وطني؟ الضفة وغزة؟ الأراضي المحتلة؟ المناطق؟ يهودا والسامرة؟ الحكم الذاتي؟ إسرائيل؟ فلسطين؟ هل في هذا العالم كله بلد واحد يحار الناس في تسميته هكذا؟".

من تلك الحالة التي سردها الكاتب البرغوثي، يتبين أن اليهود يتعاملون على أن الأرض والبلد لهم، وليست لأهلها الفلسطينيين، ويمارسون حق الإدارة السياسية، والاقتصادية والأمنية وجميع حقوق الحكم على أرض فلسطين المغتصبة، وهنا أقف عند ناصية العبارة الأخيرة، لأجيب عن سؤال: هل لليهود حق في فلسطين؟

الجواب: لا ليس لهم الحق المطلق، رغم وجود عدة اعتبارات، إلا أن ذكر مثل هذه الاعتبارات لا تكفيه مقالات، ولا كتب، لاسيما أن الأسباب الموضوعية والتاريخية لا تبرر لليهود (كنت سأكتب الصهيونية، لكنني وجدت مفردة اليهود أشمل وأغنى) احتلال فلسطين، إذ كان احتلالهم الهمجي المسلح، والمذابح (منها مذبحة دير ياسين) التي ارتكبها الجيش اليهودي لا تشفع لهم بأي عذر، أو تبرير.

وهكذا هو العالم من يتحكم فيه ويحكمه هو القوة والمال، اللذان يتيحان لمن يملكهما تحقيق أي مشروع توسعي، باغتصاب الأراضي وحكم الشعوب بالقوة، حيث تآمرت بريطانيا وبعدها دول مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية لتحقيق الحلم اليهودي (أيضاً لا أقول الصهيوني!) على أرض فلسطين، وسط حالة عربية وإسلامية عنوانها الضعف والتهاون، استثمرتها قوى التآمر العالمية، وإلى الآن لا تزال فصول المأساة متواصلة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

back to top