اهدأ أيها القلب النابض!

نشر في 23-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 23-04-2016 | 00:01
No Image Caption
هل تشعر أحياناً بأن قلبك ينبض بقوة أو يثب، أو يخفق بسرعة، فتخال أنه سينفجر في صدرك في أي لحظة؟ بهذه الكلمات يصف كثيرون خفقان القلب الذي يعانونه. يشكّل الخفقان بمعناه البسيط تنبّه المريض إلى أن قلبه يخفق، وفق الدكتور وليام ستيفنسون وهو بروفسور متخصص في الطب في مستشفى Brigham and Women›s التابع لجامعة هارفارد. أما أسباب الخفقان الرئيسة، فتشمل التمرّن بقوة، مثل قيادة الدراجة الهوائية بسرعة لصعود أعلى قمة افتراضية في صف ركوب الدراجة الداخلي.
قد يشكّل خفقان القلب مصدر قلق، ولكن هل يُعتبر خطيراً؟ من الشائع أن يخيف خفقان القلب كثيرين لأنه  يظهر عادةً بشكل غير متوقع، فتحدث حالات غير متكررة منه عندما تتدفّق في الجسم كمية صغيرة من الأدرينالين، ما يجعل القلب يخفق بقوة أكبر من المعتاد. قد يعود هذا الدفق من الأدرينالين إلى مشاعر قوية، مثل الحماسة، الخوف، أو الغضب. كذلك قد ينجم عن استهلاك محفّز مثل الكافيين.

تشمل أسباب الخفقان الأخرى انقباض الأذينين المبكر. عندما تنقبض غرفتا القلب العلويتان قبل وقتهما المحدد بنحو جزء من الثانية، ترتاحان فترة أطول بقليل كي تستعيدا نظمهما الطبيعي، فيشعر الإنسان في هذه الحالة بأن القلب فوّت نبضة. ويلي هذه الحالة عادةً انقباض البطينين بقوة ملحوظة بغية التخلّص من كمية الدم الفائضة المتراكمة خلال فترة الراحة. لا تسبّب هذه النبضات المبكرة عموماً أي مشاكل، ما يعني أنها لا تهدد الحياة ولا تشكّل إشارة إلى نوبة قلبية وشيكة. يشير الدكتور وليام ستيفنسون: «يختبر كل إنسان عدداً من هذه النبضات المبكرة من حين إلى آخر، علماً أنها تزداد مع التقدم في السن، على ما يبدو».

مشاكل أكثر خطورة

قد يشكّل الإحساس بنبض قلب غير طبيعي أحياناً إشارة تحذّر من خلل في نظم القلب، فقد يؤدي نظم القلب السريع أو غير المنتظم الدائم، الذي ينشأ من الغرفتين العلويتين أو السفليتين، إلى أعراض مقلقة مثل تشوش الذهن، الدوار، أو ضيق النفس. في الحالات الخطيرة، يقود إلى مضاعفات مثل السكتة الدماغية أو حتى الموت المفاجئ، إن انقبض البطينان بشكل عشوائي يحول دون خروج الدم من القلب. لذلك، إن بدأت تعاني حالات لم تلحظها سابقاً من الرجفان ونظم القلب غير المنتظم، فمن الأفضل استشارة الطبيب، وفق د. ستيفنسون. وتصبح هذه الخطوة ضرورة ملحّة، إن كنت تعاني أعراضاً أخرى مقلقة، مثل ضيق النفس أو ألم في الصدر.

عند الإصغاء إلى القلب، قد يسمع الطبيب لغطاً أو صوتاً آخر يشير إلى خلل في أحد صمامات القلب، ما يسبب الخفقان. كذلك قد تكشف الفحوص الطبية خللاً في الغدة الدرقية، فقر دم، انخفاضاً في معدل البوتاسيوم، ومشاكل أخرى قد تؤدي إلى الخفقان أو تساهم فيه. وقد تشمل الفحوص أيضاً تخطيط كهربية القلب، تخطيط صدى القلب، وصورة للقلب بالموجات ما فوق الصوتية، ذلك بغية تقييم نشاط القلب الكهربائي وقدرته على الضخ.

ولكن لما كان الخفقان يظهر فجأة ثم يختفي، فلن تُصاب به على الأرجح خلال زيارتك عيادة الطبيب، ما يفرض على الأخير القيام بمزيد من الفحوص للتحقق من أسباب مشكلتك. قد يطلب منك، مثلاً، استخدام جهاز محمول يسجّل تخطيط كهربية القلب (يُدعى جهاز هولتر أو جهاز مراقبة)، فتُضطر إلى حمله طوال 24 ساعة إلى 48 ساعة أو حتى شهر في بعض الحالات بغية رصد نشاط القلب غير الطبيعي أثناء مواصلتك حياتك اليومية. يتوافر أيضاً جهاز مراقبة قابل للزرع يستطيع أن يتتبع نظم القلب طوال سنة أو أكثر من دون أن تلاحظ وجوده. وقد يكون هذا الجهاز ضرورياً، إن كانت نوبات خفقان القلب التي تعانيها عشوائية جداً.

متى يكون العلاج ضرورة؟

بعد استبعاد الأسباب الخطيرة، لا يحتاج معظم مَن يعانون حالات خفقان معزولة إلا إلى طمأنتهم إلى أنهم لا يعانون خطباً خطيراً، وفق الدكتور ستيفنسون. ولكن إن كانت حالات الخفقان التي لا مبرر لها تزعجك، تستطيع أولاً اتخاذ خطوت بسيطة.

من الممكن لانخفاض معدل السكر في الدم مثلاً أن يؤدي إلى الخفقان، لذلك احرص على تناول الطعام بانتظام. كذلك تجني الفوائد من الإكثار من السوائل ونيل قسط وافٍ من النوم. ولما كان الإجهاد والقلق يشكلان أيضاً أحد مصادر الخفقان في حالة كثيرين، يشكّل اللجوء إلى تمارين التنفس، التأمل، أو تقنيات الاسترخاء الأخرى حلاً مناسباً. كذلك، من الممكن للنيكوتين أن يسبب الخفقان، شأنه في ذلك شأن بعض الأدوية المزيلة للاحتقان التي لا تتطلب وصفة طبية وتحتوي على السودوإفدرين والفينيل إفدرين.

ولكن إن لم تكن تدابير الرعاية الذاتية هذه كافية، فقد يصف لك الطبيب بعض الأدوية. من الممكن، مثلاً، لحاصرات بيتا، التي تحدّ من تأثيرات الأدرينالين في القلب، أن تحارب بفاعلية معظم أنواع نظم القلب السريعة. كذلك يحصل بعض الناس على الراحة بتناولهم الأدوية المضادة للقلق.

أما إذا أظهر تخطيط كهربية القلب أنك تعاني خللاً محدداً في نظم القلب، فقد ينصحك الطبيب بالخضوع لجراحة تُدعى جذ قثطاري. يدخل أنبوباً دقيقاً (قثطرة) إلى القلب، حيث يولد دفقاً من الطاقة الراديوية ليقضي على الممر الكهربائي المختل في عضلة القلب، الذي يسبب النظم غير المضبوط. أما إذا كان المريض معرضاً لخلل قد يكون مميتاً في نظم القلب ينتج من البطينين، فيُزوَّد القلب بمزيل رجفان قابل للزرع يعيد تنظيم نبض القلب وينقذ حياة المريض.

back to top