{Facebook} يرسم خريطة مستقبل العمل

نشر في 19-03-2016 | 00:00
آخر تحديث 19-03-2016 | 00:00
No Image Caption
أعلنت شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في مدوّنتها أن نظام الذكاء الاصطناعي فيها احتاج إلى أسبوعين ليرسم خريطة تغطي 4% من كوكب الأرض، ما يعني تحليل صور فضائية تخصّ 14% من سطح اليابسة (تغطي هذه المنطقة 21.6 مليون كلم مربّع) وتحويلها إلى كيان رقمي للطرقات والمباني ومختلف المواقع التي تشملها.

علمنا أن برنامج الذكاء الاصطناعي في «فيسبوك» يستطيع على الأرجح رسم الخرائط خلال أسبوع أكثر مما فعلت البشرية على مرّ تاريخها.

إنه أبلغ مثال حتى الآن على أهم ظاهرة في مجال التكنولوجيا: قدرة الحواسيب على أداء عمل الإنسان بسرعة فائقة. ستكون لهذا الوضع تداعيات هائلة على طريقة اكتسابنا المعلومات وتعاوننا في المشاريع الكبرى، وحتى فهمنا للعالم.

أعلن فريق علم البيانات في {فيسبوك} أنه يهدف إلى رسم الخرائط كي تتمكّن شبكة التواصل الاجتماعي من إيصال خدمة الإنترنت إلى المناطق التي تفتقر إليها. تبدو نقطة الانطلاق مشبوهة، لكن بغض النظر عن رأينا باحتكار شركة {فيسبوك} عالم الإنترنت، لن تتمكّن طائراتها بلا طيار من نقل الخدمة اللاسلكية إلى المناطق المنفصلة عن الشبكة قبل أن تحدّد مواقعها.

تمكّن هذا النموذج من رسم خرائط 20 بلداً بعد التدرّب على 8 آلاف صورة فضائية التقطها البشر في بلد واحد، مع أن فريق علم البيانات في {فيسبوك} لم يكن يحاول العمل بسرعة أصلاً.

تقول الشركة إنها حسّنت الآن مستوى العملية لدرجة أنها تستطيع رسم الخرائط بالطريقة نفسها خلال بضع ساعات. إذا كانت تملك الصور اللازمة، يعني ذلك أنها تستطيع رسم خارطة الأرض خلال ستة أيام تقريباً. ما زلنا لا نستطيع إتمام هذه العملية بالكامل.

تقليد البشر

استعمل {فيسبوك} ذكاءه الاصطناعي لتقليد طريقة البشر في صنع الخرائط خلال القرن الواحد والعشرين. تحمل إحدى المقاربات اسم {خارطة الشارع المفتوح} ويستعمل هذا المشروع عمل المتطوعين لتعقب الصور الفضائية يدوياً واختيار الطرقات والمنازل. يستطيع هذا الابتكار إنشاء خرائط لمناطق لا خرائط لها خلال بضعة أيام، وقد استُعمل في جميع أنحاء العالم للتعامل مع الكوارث غالباً.

لكن سيحتاج أي فريق بشري، بغض النظر عن حجمه، إلى عقود عدة كي يبتكر الخرائط بالوتيرة التي سجّلها نظام الذكاء الاصطناعي في {فيسبوك}.

الذكاء الاصطناعي الذي يرسم الخرائط في {فيسبوك} واحد من آلاف أنظمة الذكاء الاصطناعي المحددة (كتلك التي تدرّبت للتركيز على مهمّة واحدة) التي تحرك المشاريع البشرية حول العالم بمقياس أسرع وأوسع مما فعل البشر يوماً. يستعمل مختبر {سيرن} للفيزياء الجزيئية بالقرب من جنيف، سويسرا، مفهوم التعلّم العميق لإيجاد أنماط موحّدة في كتلة البيانات المتضاربة، وتستعمله شركات الأدوية لإيجاد أفكار جديدة لصنع الأدوية ضمن بيانات لم يصل إليها البشر يوماً.

من المدهش أن تتمكّن الشبكات العصبية كافة من تحسين نفسها كما فعل الذكاء الاصطناعي الذي يرسم الخرائط في {فيسبوك}. هل لديك نظام محدد من الذكاء الاصطناعي لرصد مؤشرات السرطان في الفحوص؟ هذا أمر جيد: إذا كنت تملك البيانات اللازمة، يمكنك أن تبحث الآن عن آثار السرطان لدى كل إنسان على وجه الأرض خلال بضع ساعات. هل لديك ذكاء اصطناعي يجيد رصد أي انهيار في الأسواق؟ هذا أمر ممتاز: سيتمكّن النظام في الوقت نفسه من مراقبة أهم 20 بورصة في العالم، فضلاً عن أسعار الأسهم في الشركات الفردية.

لا تكمن قوة الذكاء الاصطناعي الحقيقية في ما يستطيع فعله لأن أداءه لا يبلغ مستوى الأداء البشري مطلقاً. ولا تُعتبر الخرائط التي ينتجها الذكاء الاصطناعي في {فيسبوك} قريبة من تلك التي تصمّمها الشركات التي تتكل على البشر مثل شركة تطوير الخرائط Mapbox.

بل تكون الأنظمة الذكية التي تُبنى في مختبرات {غوغل} و}فيسبوك} و}مايكروسوفت} قوية بسبب سرعة عملها ونطاقه. قد يرتكز مستقبل عمل البشر على الاختيار بين أداء متوسط بسرعة آلاف المرات في الثانية أو أداء بشري ممتاز مرة كل بضع دقائق.

بدأ عصر الذكاء الاصطناعي وتبدو هذه الظاهرة حقيقية وقوية. لكن ما زال البشر يسيطرون على الوضع. ربما نوشك على تلقي مساعدة فائقة الذكاء بكل بساطة.

back to top