شعراء وأدباء: الفالنتين يجدّد الأمل ويشعل جذوة الحب

نشر في 14-02-2016 | 00:00
آخر تحديث 14-02-2016 | 00:00
{الورود والقلوب والدباديب الحمراء والخيوط الذهبية تتشارك مع أضواء النيون ورقة النسائم لتضفي هالة من البهجة والفرح على عيون الأحبة والسهارى في ليل الفالنتين غير أن الأدباء يبتسمون لهذه الصورة التي لم تغب ولم تطوها السنوات رغم طغيان التكنولوجيا الحديثة والعيش في زمن {المسجات} والرسائل السريعة وكذا رغم الأزمات الاقتصادية}.

يمر عيد الحب على الشعراء والأدباء في مصر هذا العام وسط زخم أزمات عدة وأجمع عدد كبير منهم على أنه عيد الحب الضائع وصار الاحتفال به ظاهريا بعد طغيان المادة ورغم ذلك يرون أن الحياة هي حب ومفتاح سعادتها هو العيش البسيط من دون توقعات مسبقة والحب هو الدواء الوحيد لكي يكون بإمكاننا الاستمرار.

قال الشاعر عبد المنعم رمضان الحب لا يرتبط بيوم الفالنتين فحسب، بل هو موجود في كلّ لحظة من حياتنا .ويتذكر رمضان دوماً قصة حبه بقوله: {إنها قصة خيبتي المثالية تماماً كما وصفتها في سيرتي الذاتية التي كتبتها تحت عنوان {متاهة الإسكافي}، وكانت سيرة مشتركة مع الفنانة التشكيلية اللبنانية نجاح طاهر}.

أضاف رمضان كنت أستطيع أن أنزه محبوبتي، وما كنت أنظر إليها كمستوعب للرغبات الجسدية. كنت أشعر أنني ألوّثها متى تطلعت إلى جسدها، وصرت أؤمن بهذا التصور حتى اصطدمت بعبارة لأحد القديسين، قال فيها: {الجسد هو قبة العالم}. تغيرت هنا رؤيتي للحب ووجدت أنه لا يمكن إدراكه إلا بحضور الروح والجسد معاً، وهو ما جعلني جريئاً في التعبير عن غرامياتي بكتاب السيرة الذاتية.

وأشار رمضان إلى أنه سيكمل الكتاب مجدداً ولكنه لن يكتب عن غرامياته لأنه اختبر فيها الخيبة المثالية، بل سيكتب عن ولعه بالكتابة لمواجهة الموت.

يروي الأديب سعيد الكفراوي أنه عايش مجمل قصص الحب التي كتب عنها، وأن الحب هو الأساس لوجود الإنسان عامةً، لأنه الوقود الذي يشعل الوجدان والقريحة، وهو موجود في كل زمان ومكان، ولم يقتصر على الأقدمين فحسب، لأنه عاطفة والعاطفة ملازمة للإنسان في كل عصر، ولكن قد يصيبها بعض الجمود بسبب ظروف التطور والعصر.

ويعترف  الأديب هاني عبد المريد أن أول قصة حب في مرحلة مراهقته دفعته لكتابة الشعر قبل اتجاهه لكتابة الرواية. ويرى أن قصص الحب كلّها التي مرّ بها في مراهقته لم تعبّر عن قصص حب حقيقية نمت عبر السنين، لأن قصص الحب حينها كانت مجرد مساحة لاكتشاف العالم ليس إلا. وأضاف أن الكتابة هي فائض حب لمكان أو زمان أو شخص أو فكرة، فشخوص الكاتب هي شخوص قد يخترعها هو ويتفاعل معها ويحبها،  فالحب قد يخلقه الكاتب ثم يصدقه ويقنع به الآخرين.

بدوره يرى الناقد الأدبي والروائي سعيد مصطفى، عضو اتحاد كتاب مصر أن {الفالنتين} تحول إلى مجرد يوم مادي، ما جعله يوماً لمحاصرة الحب والتضييق عليه، وأن العواطف اتجاهه تغيرت واقتصرت على الهدايا بغياب الروح التي تميزه، ما جعل العلاقات مهددة تهديداً مباشراً بغياب العاطفة، مضيفا أن العلاقات صارت مهددة من كل ناحية وصار هناك تربص مباشر لها، لكنه في الوقت نفسه أعرب عن غضبه لاستخفاف البعض بهذا اليوم من المثقفين مؤكدا أنّ ذلك إنما يدل على افتقادهم للحب ولو أنهم كانوا ينتظرونه بشغفٍ لما سخروا منه الى هذا الحد.

عاشق سيئ الحظ

وفيما يدعو الأدباء والكتاب إلى إشعال جذوة الحب يرى البعض أن الأدباء أنفسهم عانوا من قصص الحب وكانوا عشاقاً سيئي الحظ كما وصفهم الشاعر الفلسطيني محمود درويش في قصيدته {أنا العاشق السيئ الحظ { التي جاء فيها:

{ أنا العاشق السييء الحظ قلت كلاماً كثيراً

وسهلا عن القمح حين يفرِّخ فينا السنونو

وقلت نبيذ النعاس الذي لم تقله العيون

ووزعت قلبي على الطير حتى تحطّ وحتى تطيرا

وقلت كلاماً لألعب قلت كلاما كثيرا

عن الحب كي لا أحب وأحمي الذي سيكون

من اليأس بين يدي}.

تحمل مناسبة الفالنتين أسماء شعراء كثر لكن يظل نزار قباني صاحب الصلة الوثيقة بالحب والمرأة وأجمل الهدايا في عيد الحب وحسبما قال الناقد الأدبي شريف الجيار خلال احتفالية أقيمت في ذكرى ميلاد الشاعر: {إن مرارة الفقد جعلت من الشاعر الراحل نزار قباني مسانداً للمرأة ومدافعاً عنها بصدق فنزار مر بتجربتين مريرتين في الفقد، حيث انتحرت أخته بسبب العشق، كما قال نزار في كتابه {قصتي مع الشعر}، بالإضافة إلى مقتل زوجته بلقيس الراوي في حادث تفجير السفارة العراقية ببيروت عام 1981 فحياة المرأة جزء أصيل من قصائد نزار قباني، حيث رسخ لفكرة المرأة الفرد، التي تتناول حرية الاستقلال والرأي والقرار والتمرد، كما رسخ للمرأة الرمز، أي المرأة الوطن، وعمد إلى تحطيم كلّ ماهو جامد ومقيد لها، مشيراً إلى أن نزار رأى أن حرية الوطن تُقاس بحرية المرأة فيها، وكان نزار قباني امتداداً لتراث شعري عظيم لأمثال الشعراء عمر بن أبي ربيعة وجميل بثينة، وحتى الآن لم نجد من يمثل امتداداً حقيقياً لنزار قباني فهو شاعر الوطن والحب والجمال والعدل والمرأة}.

أجمل ماقيل عن الحب

{يا سيِّدتي

أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ

ووردةُ كلِّ الحريات

يكفي أن أتهجى اسمَك

حتى أصبحَ مَلكَ الشعر

وفرعون الكلمات

يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلك

حتى أدخلَ في كتبِ التاريخِ

وتُرفعَ من أجلي الرايات}

  * {الحبّ ليس روايةً شرقيّةً

     بختامها يتزوّجُ الأبطالُ

     لكنّه الإبحارُ دونَ سفينةٍ

    وشعورنا أنَّ الوصولَ مُحالُ}  

                         نزار قبّاني

* {أحبُّكَ في القنوط ، وفي التمنّي، كأنّي منكَ صرْتُ وصُرْتَ منّي}

                                                                     (أمين نخلة)

***  

* { الحب الذي تغسله العيون بدموعها يظلّ طاهرًا وجميلاً وخالداً} (جبران خليل جبران )

      

* {نظرةٌ، فابتسامةٌ، فسلام

 فكلامٌ، فموعدٌ، فلقاءُ}

أحمد شوقي

{أنا العاشق السيئ الحظ {تمرد قلبي عليّْ

أنا العاشق السيىء الحظ

نرجسة لي وأخرى عليّْ

أمر على ساحل الحب ألقي السلام

سريعاً وأكتب فوق جناح الحمام

رسائل مني إليّ

*

كم امرأة مزقتني

كما مزق الطفل غيمة

فلم أتألم، ولم أتعلم ولم أحم نجمهْ

من الغيم خلف السياج القصيّْ

*

أمر على الحب كالغيم في خاتم الشجرة

ولا سقف لي، لا مطر

أمر كما يعبر الظل فوق الحجر

وأسحب نفسي من جسد لم أرهْ

*

أخاف الرجوع الى أي ليل عرفته

أخاف العيون التي تستطيع اختراق ضفافي

فقد تبصر القلب حافي

أخاف اعترافي

بأني أخاف الرجوع إلى صدر شربته

فألقي بنفسي في البئر.. فيّْ

*

أنا العاشق السيىء الحظ قلت كلاما كثيراً

وسهلا عن القمح حين يفرِّخ فينا السنونو

وقلت نبيذ النعاس الذي لم تقله العيون

ووزعت قلبي على الطير حتى تحط وحتى تطيرا

وقلت كلاما لألعب قلت كلاما كثيرا

عن الحب كي لا أحب وأحمي الذي سيكون

من اليأس بين يدي

*

ويا حب، يا من يسمونه الحب، من أنت حتى تعذب هذا الهواء

وتدفع سيدة في الثلاثين من عمرها للجنون

وتجعلني حارساً للرخام الذي سال من قدميها سماء

وما اسمك يا حب، ما اسم البعيد المعلق تحت جفوني

وما اسم البلاد التي خيمت في خطى امرأة جنة للبكاء

ومن أنت يا سيدي الحب حتى نطيع نواياك ونشتهي

أن نكون ضحاياك؟

إياك أعبد حتى أراك الملاك الأخير على راحتيّْ

*

أنا العاشق السيىء الحظ نامي لأتبع رؤياك نامي

ليهرب ماضي مما تخافين نامي لأنساك نامي لأنسى مقامي

على أول القمح في أول الحقل في أول الأرض نامي

لأعرف أني أحبك أكثر مما أحبك نامي

لأدخل دغل الشعيرات في جسد من هديل الحمام

ونامي لأعرف في أي ملح أموت وفي أي شهد سأبعث حيا

ونامي لأحصي السموات فيك وشكل النباتات فيك وأحصي يديا

ونامي لأحفر مجرى لروحي التي هربت من كلامي

وحطت على ركبتيك لتبكي علي

*

أحب، أحب، أحبك لاأستطيع الرجوع إلى أول البحر

لا أستطيع الذهاب إلى آخر البحر قولي

إلى أين يأخذني البحر في شهوتك

وكم مرة سوف تصحو الوحوش الصغيرة في صرختك

خذيني لآخذ قوت الحجل

وتوت زحل

على حجر البرق في ركبتيك

أحب، أحب ، أحبك لكنني لا أريد الرحيل عن موجتك

دعيني اتركيني كما يترك البحر أصدافه على شاطئ العزلة

الأزلي

أنا العاشق السيىء الحظ لا أستطيع الذهاب إليك ولا أستطيع

الرجوع إليّ

تمرد قلبي عليّ

محمود درويش

back to top