النوم... افهم كوابيسك!

نشر في 13-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 13-02-2016 | 00:01
No Image Caption
يُعتبر الحلم (أو الكابوس) من أكثر الظواهر المدهشة والغامضة في حياتنا. يرتبط هذا المجال أيضاً بالنوم وعمل الدماغ. يمضي الإنسان نحو 90 دقيقة وهو يحلم خلال الليل. لكن هل تعلم الرسالة وراء أحلامك؟ أفكار في اللاوعي، رغبات مكبوتة، تحذيرات مسبقة؟ قد تكشف هذه اللحظات الليلية عن جوانب خفية في شخصيتك وقد تساعدك على اتخاذ قرارات صائبة. ما هو مصدر تلك الأحلام وما هي الرسائل التي توجّهها وكيف يمكن تفسير الأحداث التي تراها في الأحلام؟

ترسل لنا الأحلام رسائل مبطنة أو أجوبة عن تساؤلاتنا أو تحذرنا من أحداث مرتقبة وقد تكشف لنا أحياناً عمّا ينتظرنا مستقبلاً. تتعدد العلاجات التي يمكن اللجوء إليها لتفسير هذه الأحلام وتعلّم كيفية توجيهها كي نتمكن من رفع مستوى قدراتنا البشرية. من خلال الوقت الذي نمضيه داخل أحلامنا، يمكن أن نجد حلولاً للمشاكل. لكن نادراً ما يحمل عالم الأحلام كماً كبيراً من المعلومات أو الأسرار التي يجب استكشافها.

بعد إغلاق العينين...

يعني النوم فقدان الوعي والانقطاع عن العالم الخارجي (لكن من دون فقدان القدرة على تشغيل الحواس) ويترافق مع تراجع تدريجي في النشاط العضلي خلال فترات فاصلة منتظمة. يشير التنقل بين اليقظة والنوم إلى واحدة من الدورات الأساسية لدى الحيوانات: إيقاع الساعة البيولوجية. لدى البشر، يحتل النوم ثلث حياتهم تقريباً. يمكن التمييز بينه وبين اللاوعي (أو الغيبوبة) عبر غياب ردود الأفعال وتراجع قدرة النائم على فتح عينيه والتفاعل مع الكلام أو اللمس.

نبذة تاريخية

في عام 1937، اكتشف عالم ألماني اسمه كلاو مراحل النوم التي تترافق مع نشاط كهربائي سريع في قشرة الدماغ علماً أنه يختلف عن النشاط البطيء خلال النوم.

في عام 1949، اكتشف العالمان جوسيبي مرسييه وهوراس ماغون تركيبة شبكية في الدماغ تشمل الجهاز المسؤول عن اليقظة. إنها عبارة عن خلايا عصبية تقع في جذع الدماغ وتؤدي دوراً أساسياً في مستوى التركيز واليقظة.

في عام 1950، اكتشف الاختصاصي في علم الأحياء العصبي ميشال جوفيه مرحلة الحلم، أي {حركة العين السريعة}. حين تكون العضلات كلها جامدة، يصبح الدماغ في ذروة نشاطه.

تنظيم دقيق للنوم

يمتدّ النوم على ثلاث مراحل. يُستعمل إيقاع الساعة البيولوجية للتنقل بين اليقظة والنوم أو تنشط الدورة المتكررة بين النوم البطيء والنوم في مرحلة {حركة العين السريعة}.

النوم البطيء

يكون النوم البطيء الأكثر شيوعاً كونه يمتد على ثلاثة أرباع الليلة. يشير هذا الشكل من النوم إلى نشاط كهربائي بطيء جداً للخلايا العصبية الدماغية. يكون التفريغ الكهربائي لهذه الخلايا نادراً مقارنةً بما يحصل خلال اليقظة الهادئة، أي حين تكون العينان مغمضتين والفرد مسترخياً، ويرتفع مستواه حين يفكر الفرد أو يشاهد مواداً معينة. على صعيد آخر، تفرغ كل خلية عصبية شحناتها الكهربائية بالإيقاع الذي تتبعه الخلايا المجاورة لها. وتنتج الموجة الكهربائية المشتقة من هذه الخلايا العصبية كلها نسبة كبيرة من وحدات المكروفولط. يُقسَم هذا النوع من النوم إلى جزئين:

النوم الخفيف والبطيء: خلال مرحلة النوم البطيء، يمكن التمييز بين النوم الخفيف والبطيء حيث يتباطأ النشاط الكهربائي والنوم الأكثر عمقاً وتناسقاً.

النوم العميق والبطيء: تتلقى فروة الرأس موجات دماغية بطيئة وعميقة جداً بفضل أقطاب كهربائية. قد يؤدي الاستيقاظ المفاجئ إلى سلوك تخليطي أو سلوك تلقائي مشابه لما يحصل مع الشخص الذي يسير أثناء النوم. في هذه اللحظات تحديداً، يزداد إفراز هرمون النمو الذي يساعد الأولاد على النمو ويعيد بناء مخزون الطاقة لدى الراشدين. يتباطأ النشاط الكهربائي لأقصى حد ويزداد عمقاً.

مرحلة {حركة العين السريعة}

في عام 1953، ظهرت فرضية مفادها أن فترات {حركة العين السريعة} التي تُسجَّل خلال النوم تشير إلى مرحلة الأحلام وتكون معاكسة لحركات العين البطيئة والمتموجة خلال مراحل أخرى من النوم. تأكدت هذه الفرضية لدى القطط وسرعان ما اكتشف الباحثون اختفاء النشاط العضلي المحوري الذي يرتبط بنشاط دماغي قوي يحصل قبل فترة قصيرة من فتح العينين خلال اليقظة أو عند إغلاقهما خلال النوم أثناء فترة {حركة العين السريعة}. لذا أُضيفت هذه المرحلة إلى دورة النوم وأصبح الحلم ثالث حالة فيزيولوجية يعيشها الدماغ. في هذه المرحلة نقترب من اليقظة التامة، فيخفق القلب بسرعة وترتفع الحرارة. تصدر المناطق الدماغية الأوامر خلال هذه الفترة كي يتحرك النخاع الشوكي لكنه يمتنع عن تنفيذ الأمر بفعل رسالة مضادة من ناقل الغليسين الذي يشلّ الأعصاب الحركية.

آلية الأحلام

تنشأ الأحلام في مرحلة {حركة العين السريعة} فتتجدد الصور المسجلة على مر اليوم بواسطة الخلايا العصبية وتُنقل إلى الدماغ وتتخذ شكل أحلام عبر الفصوص الصدغية والقذالية التي تنشط خلال هذه المرحلة مع أن المناطق البصرية الأولية تتعطل.

يفيد الحلم في إعادة برمجة الجهاز العصبي المركزي. حين نحلم، يصبح الدماغ أكثر إبداعاً لأنه يخترع الأحداث التي تشكّل تفاصيل الحلم. يُعتبر الحلم أيضاً عاملاً أساسياً لدمج المعارف. باختصار، يؤدي النوم والحلم دوراً إيجابياً في حفظ المعلومات واستيعابها.

مؤشرات لتفسير الأحلام

حتى لو لم تحتفظ بأي ذكرى عن أحلامك أو كنت مقتنعاً بأنك لا تحلم مطلقاً، يجب أن تتعرف على هذا العالم لأن الحلم أو الكابوس يأخذنا في رحلة مدهشة إلى اللاوعي. أثبتت بعض الأبحاث التي جرت في المختبرات أن جميع الناس بلا استثناء يحلمون، حتى خمس مرات في الليلة الواحدة! لذا من الأفضل أن نفهم الرسائل التي نتلقاها ليلاً ونتعلم تفسيرها.

لطالما اهتم الناس بأحلامهم. كان الآشوريون منذ 6 آلاف سنة يحللون أحلامهم ويمكن أن نجد في بعض النصوص المقدسة أو العادية مقاطع مرتبطة بالحلم الذي كان يُعتبر رابطاً بين الحياة والموت. كان مؤسس الطب أبقراط (سنة 500 قبل الميلاد) يستعمل الأحلام لتشخيص الأمراض. لكن في العصور الوسطى، كان كل من يفسر الأحلام يُعتبر مشعوذاً ويتعرض للاضطهاد. بالنسبة إلى شعوب بابل ويهودا والمناطق الكلدانية قديماً، كان تفسير الأحلام يُعتبر علماً حقيقياً. وفي المجتمعات {البدائية}، احتلت الأحلام وتفسيرها مكانة مهمة. من الملاحظ أن هذه المجتمعات لم تتعرض لأمراض عقلية أو مشاكل نفسية كثيرة.

من فرويد إلى كارل يونغ

خصص بعض علماء النفس مثل فرويد وكارل يونغ وماكدوغال حياتهم كلها لاستكشاف هذا الموضوع. تعاون يونغ مع فرويد لتفسير الأحلام. وجد عالم النفس السويسري {الطريق الملكي} نحو اللاوعي، ما سمح له بابتكار مقاربة جديدة للتعامل مع عدد من المصابين بانفصام الشخصية. لكن لم يكن الاتفاق كاملاً بين العالِمَين ثم طور يونغ بعد انفصاله عن فرويد طريقة أخرى لتفسير الأحلام لكنها لم تنكر الروابط التي أقامها مؤسس التحليل النفسي بل حاولت تجاوز ما اعتبره يونغ تركيزاً حصرياً على الغريزة الجنسية.

بالنسبة إلى يونغ، لا يمكن تفسير الحلم في معظم الحالات إلا من خلال خصائصه، أي من دون الحاجة إلى الاتكال على نظريات مسبقة يمكن أن تحرّف معناه الحقيقي. وفق هذا المفهوم، يكون الحلم نتاج اللاوعي العميق الذي يحاول الكشف عن نفسه ولا يمكن فهمه إلا من خلال بذل جهود روحية.

بعض المفاهيم الأساسية

ارتباك وعقد: تتعدد الأمثلة التي يمكن أن تفسر ما يحصل، منها الارتباك بين الدور الأبوي للحالم (عقدة الأب) ووالده الحقيقي. تعبّر معظم شخصيات الحلم عن عقد وخصائص في شخصية الحالم لكن يجسدها أشخاص خارجيون. غالباً ما يسمح تفسير الأحلام بتحديد العقد وتوضيح ما نجهله عن نفسنا:

يكمن أفضل صديق لنا في داخلنا.

يكون أسوأ عدو لنا داخلياً أيضاً.

بين الماضي والحاضر: غالباً ما نفسر الأحلام عبر ربطها بأحداث خارجية أو قديمة. قد نظن أننا نفهم بسهولة الأحلام المقلقة والمتكررة والكوابيس وتلك التي تشمل الحوادث:

يُعتبر الحلم غرضاً حسياً لا يمكن تفسيره.

يفقد الحلم معناه وأهميته ويصبح مجرد حادث مزعج نحاول نسيانه.

يبقى الحالم أسير ماضيه.

خلال الأحلام يثبت التحليل الدقيق أن النظام النفسي يرد دوماً على موقف جديد، حتى لو استعاد وقائع قديمة وحقيقية ودراماتيكية. لا يحمل الماضي أهمية كبرى وتنقل الأحلام رسالة معينة لها منفعة فورية.

يجب تحليل الحلم على مستوى {الأنا} والحاضر.

يجب تفسير الحلم حتى لو ذكر حدثاً قديماً.

يثبت التفسير اليومي أهمية هذه المقاربة:

تتغير الأحلام وتختفي.

تؤكد الأحلام اللاحقة على تحرر الحالم وتطوره.

يشعر الحالم بالراحة وتتحسن نوعية نومه ووضعه الصحي أحياناً.

الأحلام المتكررة: غالباً ما ترتبط هذه الأحلام السلبية والمتكررة بصدمة حقيقية، قديمة أو حديثة، أو بخوف من وقوع حدث مزعج. حين تتكرر هذه الأحلام بعد سنوات عدة على حصول حادث أو صراع مسلح، يُربَط الحلم بتلك الأحداث. عملياً يمكن أن يقوم الحالم باكتشافات كثيرة عبر تحليل الحلم على مستوى فردي واستناداً إلى المعنى المبهم للأحلام التي تشمل الحوادث أو الحروب أو الأمراض.

الحوادث في الحلم: يسيء الحالم التصرف! يكون سلوكه خاطئاً ولا يجيد توجيه حياته وينجرّ وراء انفعالات سلبية.

الحروب في الحلم: يعيش الحالم حرباً داخلية ويخوض صراعاً مع نفسه. تكون شخصيته مفككة وتتعارض {الأنا} الواعية لديه مع لاوعيه.

الأمراض في الحلم: تكون الحياة النفسية مريضة، وتحديداً إذا كان الحالم يتمتع بصحة جيدة.

ترمز الصدمة التي يصفها الحلم إلى الوضع الراهن. لذا يمكن مساعدة الحالم كي يتحرر من ماضيه.

الطفل الداخلي: تكون بعض الأحلام مزعجة وقد تقلق الحالم كثيراً، كأن يشاهد طفلاً يقع في الماء أو يسقط ويطلب المساعدة. يبدو هذا الطفل ميتاً أحياناً ويكتشف الحالم المرعوب جثته. قد يكون الطفل ابن الحالم أو ابن أحد أصدقائه أو طفلا ًمجهولاً...

قد تعكس هذه الأحلام السلبية صدمات من الطفولة أو الخوف من الماء أو الموت أو تجربة سيئة مع السباحة. نادراً ما تسمح هذه التفسيرات للحالم بالتخلص من مخاوفه وكوابيسه وأحلامه. لكنها قد تصبح متماسكة ومفيدة عند تحليلها على مستوى فردي. لا يكون ماضي الحالم في هذه الحالة مهماً بقدر حاضره:

في كل إنسان روح طفولية وبريئة.

يواجه جيل كامل هذه المشكلة، وتحديداً حين تطغى مشاكل الراشدين (المال، الطموح، الحياة المادية...) على البساطة والعفوية.

في هذه الأحلام، يكون الحالم والطفل شخصاً واحداً. يحمل كل فرد طفلاً في داخله وقد يصبح معرضاً للموت.

قد يدرك الحالم الذي يشاهد هذه الصور القاتمة أنها ستختفي إذا حرر روحه الطفولية المكبوتة في أعماقه. حين يموت طفل في أحلامنا، تموت الطفولة في داخلنا.

أفضل صديق في الحلم: قد يكون الحلم سخيفاً جداً كأن يتشاجر الفرد مع صديقه المفضل. لكن يكون الوضع غريباً بالنسبة إلى الحالم لأنه لا يجد سبباً للشجار مع صديقه. هل يشير هذا الحلم إلى رغبات عدائية مكبوتة ولاواعية؟ كان فرويد ليفترض أن الفرد يتمنى في لاوعيه موت صديقه. لكن يصبح تفسير الحلم مفيداً عند تحليله على المستوى الفردي:

يجسد الصديق جانباً من شخصية الحالم ومن صراعه الداخلي.

يجب تعريف مكانة الصديق: بحسب الحالم، كان ذلك الصديق مستعداً دوماً لتقديم خدماته!

تفسير الحلم: يعيش الحالم صراعاً مع قدرته الذاتية على إسداء الخدمات.

عاد الحالم واعترف بأنه يظن أن بعض الأشخاص يستغلونه منذ فترة طويلة وقد قرر تغيير هذا الوضع. يتفاعل الحلم مع هذا الموقف السلبي ويدعوه إلى التنبه حتى لو استغل البعض لطفه أحياناً.

يمكنك أن تبدأ بتدوين أدق تفاصيل أحلامك وتحاول تفسيرها. قد تعزز بذلك مستوى معرفتك لنفسك.

تذكّر الأحلام

يمكن أن يستفيد كل من لا يتذكر أحلامه من هذه النصائح:

حين تستيقظ، حاول ألا تتحرك لأن حركة واحدة مثل التمطط قد تنتج شعوراً كفيلاً بتلاشي الحلم حين يصبح واعياً.

تساءل عن حلمك لكن لا تركز على الموضوع بشكل مبالغ فيه. انتظر بضع دقائق وقد تنجح في استخراج حلمك من أعمق جوانب اللاوعي.

طور اهتمامك بالأحلام عبر قراءة مؤلفات عن هذا الموضوع وابحث عن الكتب التي تقدم تفسيرات لها.

لا تشعر بالإحباط إذا لم تحصل على نتائج فورية. ستحتاج إلى الوقت وزيادة المعارف في هذا المجال.

فكّ رموز أحلامك...

الطائرة

تغيير، مخاطر، فرص يجب اقتناصها: لا تعني الطائرة في الحلم أنك معرّض للخطر بل إنك تخشى التعرض للخطر!

الغرق

قلق، مشاعر مزعجة: تشعر بأنك مهدد أو تخشى أن تخسر جزءاً منك إلى الأبد...

القمر

 رمز الأنوثة واللاوعي والعالم الماورائي والخصوبة.

النار

شغف، طهارة، تجدد، غضب شديد، وإعادة بناء الحياة أحياناً.

الكتاب

حكمة، تواصل، معرفة: غالباً ما يشير موضوع الكتاب إلى معنى الحلم.

الماء

عواطف، إبداع، طهارة: يتحدد وضعك بحسب خصائص الماء (عكرة، صافية، جامدة، متحركة، جارفة، هادئة...).

اللون الأزرق

مشاعر، ماضٍ، حدس: غالباً ما يرتبط هذا اللون بمشاعر محتدمة أو قناعات دينية.المال

طاقة، حوافز، نضال: جميع الوسائل التي تملكها أو تستعملها لبلوغ أهدافك.

الحصان

طاقة، حاجات، مخاوف: إنه تعبير عن أعمق مشاعرك وقد يخيفك هذا الوضع أو يجذبك.

السرير

راحة، حميمية، علاقات عاطفية، وتحديداً المتعة الجنسية والحياة المشتركة مع الآخرين.

العين

 إدراك، مشاعر، حميمية، أحاسيس قوية جداً، قلق خفي، أو حتى البحث عن الذات وعن معارف مهمة.

back to top