خرافة التشفير

نشر في 12-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 12-02-2016 | 00:01
No Image Caption
تملك قوى الأمن أدوات كثيرة للحصول على بياناتك رغم التشفير.
{يزداد الإرهابيون تخفياً}. عادت هذه العبارة إلى التداول بعد اعتداءات باريس نحو منتصف نوفمبر، علماً أنها تشير إلى أن التشفير يتيح لمنفذي اعتداءات مماثلة التفلت من المراقبة. لكن هذا الطرح يضعنا أمام خيار كاذب: إما نسمح لقوى الأمن بالاطلاع بالكامل على اتصالاتنا الرقمية أو يفوز الإرهابيون. لكن المسألة ليست بهذه البساطة.

صحيح أن الجزء الأكبر من عمليات التواصل حول العالم انتقل من رسائل نصية واتصالات هاتفية من السهل اعتراضها إلى تطبيقات هاتفية تحسّن الأمن والخصوصية، ولكن ما زال الكم الأكبر من البيانات غير مشفر بالكامل أو غير مشفر البتة في كل المجالات التي يدّعي المسؤولون أنهم يحتاجون إلى الاطلاع عليها للإمساك بالأشرار. علاوة على ذلك، لا تُعتبر كل المقاربات المعتمدة للحصول على البيانات قانونيةً. لذلك يعمل عدد كبير من مطوري التطبيقات (وأنا أحدهم) على التصدي لها، بما أنها تُستعمل غالباً لمراقبة الناشطين والصحافيين. ولكن علينا أن نقر بأن هذه المقاربات واسعة الانتشار اليوم. إليك بعض الأمثلة.

إن كان الشخص يحمل هاتفاً خلوياً، يستطيع مزود خدمات الاتصال تعقب كل حركاته، اتصالاته، واستعماله الإنترنت. ولا يتطلب الاطلاع على هذه البيانات عموماً الاستحصال مسبقاً على إذن من المحكمة.

رغم كل الجهود التي يبذلها القيمون على برنامج WhatsApp وشركة آبل، من الممكن تعطيل القدرة على استخدام التشفير أو الحد من فاعليته عند استهداف مستخدم محدد من دون أن يعلم بذلك.

من الممكن مراقبة دردشة مشفرة، إن كان التطبيق يقدّم دردشات بين مجموعات أو يقوم بعملية مزامنة للحوارات بين أجهزة عدة. وإن نجحت القوى الأمنية في إرغام مقدِّم خدمة التطبيق على إضافة جهاز جديد إلى الحساب من دون إبلاغ المستخدمين، تستطيع الاطلاع على البيانات كافة.

تخضع معظم البيانات السحابية للتشفير بغية حمايتها من الهجمات، لا من مزود الخدمات بحد ذاته. تدعي بعض الخدمات أنها تشفر البيانات في السحب، إلا أن المستخدم لا يملك مفتاح التشفير، بل يبقى حكراً على القيمين على هذه الخدمات. وهكذا تستطيع قوى الأمن ولوج نسخة السحابة الاحتياطية للاطلاع على كل الرسائل، جهات الاتصال، الروزنامات، الصور، مواقع البيانات، وغيرها مما يخزنه المستخدم في غفلة منه في هذه النسخة.

ربما لا نعي هذا الواقع، إلا أننا نولد باستمرار بيانات خاصة قد تُنتهك خصوصيتها، ولا سيما أن فرص المراقبة المستهدفة كبيرة، سواء كانت قانونية أو شبه قانونية.

back to top