ترامب وساندرز يفوزان في نيوهامشير ويبشران بـ «رئاسية» حامية

نشر في 11-02-2016 | 00:05
آخر تحديث 11-02-2016 | 00:05
روبيو الخاسر الأكبر لدى الجمهوريين بعد «المناظرة المشؤومة» وجيب بوش عاد بـ «خجل» إلى السباق
فاز المرشحان غير التقليديين، الديمقراطي بيرني ساندرز والجمهوري دونالد ترامب، في انتخابات ولاية نيوهامشير التمهيدية، في خطوة وصفت بأنها تعبير عن غضب الأميركيين من المؤسسات الحزبية التقليدية لدى الحزبين، وقال مراقبون إنها تبشر بمعركة رئاسية حامية وتاريخية بكل المقاييس.    

في تطابق مع استطلاعات الرأي بخلاف ما حصل في ولاية أيوا، فاز سيناتور فيرمونت الديمقراطي الاشتراكي بيرني ساندرز، والجمهوري قطب العقارات دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية بولاية نيوهامشير.

ومنيت الديمقراطية هيلاري كلينتون بهزيمة نكراء، كما فشل مرشحو الحزب الجمهوري الآخرين في الاقتراب من ترامب، في خطوة اعتبرها المراقبون تعبيرا عن غضب الناخبين تجاه مؤسسات الحكم.

الجمهوريون

نيوهامشير التي تصنف من بين الولايات المعتدلة، حيث إن أصوات المتدينين لا تشكل عصباً أساسيا فيها، أعطت التقدم للملياردير دونالد ترامب بنسبة 34 في المئة، في حين حل ثانيا جون كاسيتش بنسبة 16 في المئة، ليصنع المفاجأة التي تحدث عنها الجميع بعد المناظرة الأخيرة التي خاضها مرشحو الحزب الجمهوري السبت الماضي.

مفاجأة أعطت للحزب الجمهوري أملا في إعادة تقديم مرشح قادر على إعادة تقديم خطاب وسطي ليس فقط من أجل الفوز في السباق في نوفمبر المقبل، بل ومن أجل إعادة توحيد الحزب.

وكان لافتا حجم الأصوات التي دعت الى خوض نقاش جاد مع مرشحي هذا الحزب لإقناعهم بالتنازل لمصلحة مرشحين يمكنهم من تشكيل «حالة» سياسية تعيد للحزب بريقه، على الرغم من سيطرته على مجلسي الشيوخ والنواب.

ففي بلد كالولايات المتحدة، حيث الرئيس هو رأس السلطة، تبقى كل المواقع دونه مرتبة.

ترامب الذي فاز بـ 34 في المئة من الأصوات، خسر في المقابل نحو 66 في المئة من الجمهوريين الذين توزعت أصواتهم على المرشحين السبعة الآخرين.

واعتبر المعلقون أن التحدي الأبرز أمام الجمهوريين هو في تكتيل تلك النسبة وراء مرشح واحد إذا أمكن ما قد يمكنه من هزيمة كل من ترامب وكروز، الأول كـ «دخيل» على الحزب والثاني كمتمرد عليه لمصلحة «حزب الشاي» الأكثر تشددا.

خطاب النصر الذي ألقاه ترامب بعد إعلان النتائج لم يقدم شيئا جديدا، لا بل أمعن في سطحيته وفي ترديد مقولاته الممجوجة عن إعادة قوة أميركا وهزيمة منافسيها من الصين واليابان الى المكسيك وبناء الجدار العازل والدفاع عن حمل السلاح وتعزيزه لحمايتها.

في المقابل، جاء خطاب جون كاسيش الذي حل ثانيا أكثر عقلانية وهدوءا، مشددا على كيفية إعادة توحيد الأميركيين، وعلى الحفاظ على القيم التي نشأت عليها أميركا، مبتعدا عن اللغة التحريضية والخلافية.

ومع التنافس الشديد بين تيد كروز وجيب بوش على احتلال المركز الثالث في نيوهامشير، يمكن القول ان المؤسسة الحزبية انتقمت بشكل غير مباشر من المتطاولين عليها، في حين تولت النتائج نفسها التحدث عن الوقائع.

وقال الخبير السياسي ستيفن سميث من جامعة واشنطن في سانت لويس إن نيوهامشير «تنعش ترشيحه، إذ تثبت أنه يحظى بتأييد يوازي روبيو أو كروز»، كما أن «لديه على الأرجح أموالا أكثر من كاسيش أو روبيو لينفقها، وسيتمكن من خوض حملة على نطاق واسع» في الانتخابات التمهيدية المقبلة في كارولاينا الجنوبية في 20 الجاري ونيفادا في 23 منه».

والصفعة الكبرى تلقاها ماركو روبيو الذي حل خامسا، ليحصد نتائج المناظرة «المشؤومة» السبت الماضي، مع تراجع حجم مؤيديه وتشبيهه بباراك أوباما، قائلين إن قلة خبرته ستسبب خسائر تضاف الى تلك التي سببها أوباما.

ويذكر كثيرون أنه منذ عام 1944 فإن الفائز الأول أو الثاني في انتخابات نيوهامشير هو الذي ينال ترشيح الحزب الجمهوري.  

الديمقراطيون

في الجهة الديمقراطية لم يكن أحد يتوقع فوز هيلاري كلينتون التي أعطتها الاستطلاعات نتائج مبكرة عن خسارتها للولاية، رغم أنها فازت فيها عام 2008 مقابل باراك أوباما.

لكن تحليل معطيات الفوز الذي حققه منافسها بيرني ساندرز، لعله يقرع جرس إنذار لحملتها، خصوصا أن مسيرة الانتخابات ستسلك من الآن فصاعدا وتيرة سريعة، مع توالي الانتخابات في ولايتي ساوث كارولينا ونيفادا الاسبوع المقبل، ثم «الثلاثاء الكبير» الشهر المقبل، حيث تجرى الانتخابات التمهيدية في 17 ولاية معا.

ساندرز الذي فاز بنحو 60 في المئة من أصوات ديمقراطيي نيوهامشير مقابل نحو 40 في المئة لكلينتون، حقق أرقاما لافتة، حيث نال 83 في المئة من أصوات الشباب مقابل 16 في المئة لكلينتون، في حين حصل على 70 في المئة من أصوات المترددين مقابل 30 في المئة لكلينتون. أما المفاجأة الكبرى فكانت حصوله على 55 في المئة من أصوات النساء مقابل 44 في المئة لكلينتون.

واعتبر المحللون أن هذه النتائج قد تشكل مقياسا خطرا لكلينتون مستقبلا، وهو ما حاولت تبريره واستدراكه في خطابها بعد إعلان النتائج، قائلة إنها ضحية حملات منظمة وقوية جدا من اليمين الجمهوري لتشويه سمعتها، وحرمانها من الفوز أمام منافسها الذي يعتقد الجمهوريون أنهم قادرون على هزيمته بسبب عدم انتمائه للمؤسسة الحزبية الديمقراطية الصلبة، ولخطابه «الاشتراكي» الذي يراهنون على أن غالبية الأميركيين لا تؤيده.

وأكد ساندرز أمام مناصريه في خطاب الفوز أن تقدمه في الانتخابات التمهيدية يعني أن الناخبين باتوا يرفضون المؤسسات السياسية الأميركية. وقال إن «ما أراد الناس قوله هنا هو أن مؤسسات الحكم السياسية والاقتصادية هي مؤسسات عفا عليها الزمن أمام الأزمات الهائلة التي تواجهها بلادنا. الناس يريدون تغييرا فعليا». وأضاف: «معا وجهنا رسالة ستصل أصداؤها من وول ستريت إلى واشنطن ومن ماين إلى كاليفورنيا».

وقالت كلينتون بعد النتائج: «أعلم أنه لدي عمل لأقوم به، وخصوصا مع الشبان»، واعترفت في الوقت نفسه بأن الناخبين الأميركيين غاضبون من سياسة واشنطن. وقالت «للناس كل الحق بأن يكونوا غاضبين، لكنهم أيضا ينتظرون حلولا».

نيوهامشير تبشر بمعركة

ومرة كل 4 سنوات تتجه أنظار الأمة الى نيوهامشير، الولاية الصغيرة التي تعد 1.3 مليون نسمة الواقعة شمال شرق الولايات المتحدة. وهي ثاني ولاية تصوت، بعد 8 أيام من المجالس الناخبة في أيوا في إطار الانتخابات التمهيدية التي ستحدد عند اكتمالها في كافة الولايات مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري للانتخابات الرئاسية.

على مدى السنوات الستين الماضية، حقق معظم المرشحين الذين وصلوا إلى البيت الابيض فوزا في الانتخابات التمهيدية لحزبهم في ولاية نيوهامشير. لكن آخر ثلاثة رؤساء، باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون، انتخبوا جميعا رغم خسارتهم في نيوهامشير.

وتقوم هذه الولاية بدور مميز يتجاوز حجمها، بحيث تحدد التوجهات وتخلق دينامية وتلزم المرشحين الأكثر ضعفا بالانسحاب وتنقذ أحيانا مرشحين متعثرين.

وبعد انتخابات أمس الأول، تستمر معركة الانتخابات التمهيدية محتدمة في المعسكرين وتتجه الأنظار إلى نيفادا وكارولاينا الجنوبية اللتين تصوتان نهاية فبراير.

ومع تسجيل نيوهامشير سابقة في عدد الناخبين الذين توافدوا على مراكز الاقتراع، الأمر الذي أخر اقفال عدد من مراكز التصويت بسبب كثافة المتجمهرين على مداخلها، يتوقع العديد من المراقبين ان تكون انتخابات هذا العام تاريخية بكل المقاييس، سواء بعدد الناخبين ونوعيتهم، وخصوصا فئة الشباب،  فضلا عن نوعية الخطابات السياسية التي بدأت تشير الى ما قد تتجه اليه الولايات المتحدة.

back to top