زولاندر يعود بعد 15 سنة

نشر في 11-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 11-02-2016 | 00:01
بعد ثلاثة أسابيع من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، نزل فيلم بن ستيلر الفكاهي Zoolander (زولاندر) إلى دور العرض. ولكن في تلك الفترة، بدت أعمال التسلية الخفيفة غير ملائمة. لذلك أرجأت هوليوود إصدار أفلام مثل فيلم الحركة الخفيف لأرنولد شوارزنيغر Collateral Damage. فقد صعُب آنذاك تحديد ما يرغب محبو السينما في مشاهدته، هذا إن قصدوا دور العرض أساساً. ولم يكن نجاح انتقاد ستيلر هذا لقطاع الموضة السطحي أكيداً.
كتب روجر إبيرت في مراجعته الساخرة التي لم تلقَ قبولاً واسعاً: {قرأنا أخيراً مقالات تتساءل عن الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة مكروهة إلى هذا الحد حول العالم. أقدّم لكم هذا الأسبوع الدليل الأول من هوليوود: Zoolander}. ثم يصف هذا الفيلم بـ«العدائي} و«عديم الذوق}.

لكن قليلين وافقوا إبيرت رأيه هذا. يروي Zoolander قصة ديريك زولاندر، عارض أزياء غبي يتحوّل إلى قاتل مأجور يؤدي دوره ستيلر بشعره المشعث وملابسه الغريبة. وقد لاقى هذا الفيلم استحسان الكثير من النقاد، وحصد 60 مليون دولار على شباك التذاكر في وقت كانت فيه معظم الأفلام تخفق إخفاقاً ذريعاً. وبفضل أفلام الفيديو والكابل، تحوّل هذا العمل إلى فيلم كلاسيكي. وبعد مرور 15 سنة، ينزل Zoolander 2 إلى صالات العرض في 12 فبراير وسط توقعات عالية ومناخ ثقافي مختلف.

ردّة فعل

جاء Zoolander كردة فعل تجاه العقد الذي سبقه: تسعينيات القرن الماضي الخالية من أي تميز. صحيح أن هذا العقد شهد ازدهاراً اقتصادياً يعود الفضل في جزء منه إلى التبدلات المبتكرة في عالم التكنولوجيا (التي يعكسها هاتف ديريك الخلوي البالغ الصغر في Zoolander)، بيد أن التسعينيات خلت من أي عمق ثقافي بسبب انتشار قنوات التسلية عبر الكابل وتنامي شهرة عارضات مثل كلوديا شيفر وشخصيات عادية  على غرار باريس هيلتون (التي أدت دوراً ثانوياً في الفيلم). فلا عجب في أن تنطلق فكرة Zoolander من فيلمَين ساخرين قصيرين أُعدا لجائزة VH1 Fashion نحو منتصف التسعينيات.

حمل هذان الفيلمان القصيران، اللذان صدرا عام 1996 و1997، بذور شخصية زولاندر، شاب حالم محبوب تقتصر ميزاته على وسامته وجسمه المفتول العضلات. ترتكز معظم الفكاهة في هذا الفيلم على صعوبة ديريك في أداء مهام بسيطة (السير والالتفاف)، فضلاً عن تعابير وجهه المختلفة (ملقبة بفيراري وBlue Steel) التي تعجز عن تمييزها. وبما أن ستيلر يهزأ بعارضي الأزياء الذين يعجزون عن إنهاء جملة واحدة، فقد كان عمله هذا شديد الوقع على قطاع الموضة بحد ذاته. أما الفيلم القصير الثاني، فضم دوراً ثانوياً أداه عارض الأزياء الهولندي مارك فاندرلو، الذي يُقال إن الاسم زولاندر مستوحى منه.

رغم ذلك، قبلت شخصيات بارزة عدة في عالم الموضة، مثل توم فورد وتومي هيلفيغر، أداء أدوارها في الفيلم. وبمرور الوقت، صار هذا القطاع، على ما يبدو، يتقبل شخصيات مثل العارض الحكيم الذي يكثر الكلام هانسل (أوين ويلسون) والمصمم الشرير موغاتو (ويل فيريل)، الذي تستند تصاميمه المستوحاة من المشردين Derelicte إلى مجموعة تصاميم فعلية لجون غاليانو. يخبر مارك جاكوبز Vanity Fair، متحدثاً عن تجسيده نفسه في الجزء الثاني: {سرني التعاون مع بن. أعتقد أن الجزء الأول مضحك جداً}.

استقطاب وسخرية

لعل الأهم في شخصية زولاندر أنه ليس شريراً، بل مدلل جداً ومتعالٍ أكثر من اللازم. حتى إن الفيلم يصوره كشخصية قريبة من بيل إليوت: شاب منبوذ ولد في عائلة تعمل في منجم للفحم (يؤدي دور أفراد عائلته جون فويت، جوداه فريدلاندر، وفينس فون الذي لا حوار له في هذا الفيلم ولا يرد اسمه في الشارة) ويخجل جداً من جماله الطبيعي.

كذلك نرى زولاندر مراراً يتخبط مع مسائل وجودية. فيسأل زميله في السكن: {هل تساءلت يوماً عما إذا كان في الحياة مسائل أكثر أهمية من مجرد التمتع بوسامة فائقة}.

مسّ كل هذا جمهور ما بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، ما جعل Zoolander أحد الأفلام الفكاهية التي يقتبس الناس غالباً مقتطفات من حواراتها، إلى جانب أعمال مثل Office Space، The Big Lebowski، وAnchorman. لكن بعض التفاصيل التي ساهمت في نجاح الجزء الأول قد لا تنجح في الثاني. في مطلق الأحوال، لا يمكننا انتقاد ستيلر لرغبته في إعداد جزء آخر من أحد أفضل أفلامه.

فقد نجح هذا الفيلم في النهاية في استقطاب روجر إبيرت نفسه. أخبر ستيلر مجلة The Hollywood Reporter عام 2013: {من حسن الحظ أنني التقيته بعد خمس أو ست سنوات. قال لي آنذاك: ‘أود أن أقدم لك اعتذاري لأنني كتبتُ أموراً مماثلة عن Zoolander. أعتقد أنه مضحك حقاً}.

back to top