هل تتخذ اليابان طريقاً خاطئاً لحل أزمة الاقتصاد؟

نشر في 10-02-2016 | 00:02
آخر تحديث 10-02-2016 | 00:02
No Image Caption
ذكر تقرير لـ" بروجيكت سنديكيت" أن قرار بنك اليابان خفض معدل الفائدة استهدف محاولة رفع التضخم للمستهدف البالغ 2%، في حين أن الواقع يشير إلى أن خفض الفائدة للنطاق السالب أو زيادة وتيرة التيسير الكمي لن ينجحا في كبح جماح الضغوط الهبوطية التي تشهدها الأسعار في البلاد.

فاجأ البنك المركزي الياباني الأسواق المالية العالمية أواخر الشهر الماضي بقرار خفض معدل الفائدة على بعض الودائع الخاصة بالمصارف لديه إلى النطاق السالب.

وأشار تقرير نشره "بروجيكت سنديكيت" إلى أن قرار بنك اليابان استهدف محاولة رفع التضخم للمستهدف البالغ 2 في المئة، في حين أن الواقع يشير إلى أن خفض الفائدة للنطاق السالب أو زيادة وتيرة التيسير الكمي لن ينجحا في كبح جماح الضغوط الهبوطية التي تشهدها الأسعار في البلاد.

فشل التيسير الكمي

- توقع البنك المركزي الياباني في عام 2013 أن برنامجه للتيسير الكمي سيرفع معدل التضخم لمستوى 2 في المئة في غضون عامين، إلا أن التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الغذاء والوقود بلغ في عام 2015 مستوى 0.5 في المئة فحسب.

- يشير تراجع إنفاق المستهلكين ومتوسط الدخل في اليابان خلال شهر ديسمبر الماضي إلى أن مستهدف التضخم لايزال بعيدا تماما عن التحقيق في البلاد.

- في حين ألقى بنك اليابان باللوم على المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد الصيني، فإن الواقع يشير إلى أن ضعف الاقتصاد في بكين جاء كنتيجة متوقعة للديون، والأزمات التي تعود للركود الاقتصادي في عام 2008.

- أدى الإفراط في نمو الائتمان في الاقتصادات المتقدمة قبل عام 2008 إلى ارتفاع الديون على الشركات والأسر، ما دفع هذه الاقتصادات لخفض قيمة العملة بعد الأزمة، ما هدد الصادرات والتوظيف والنمو في الصين.

أزمة صينية وآثار عالمية

- أطلقت الحكومة الصينية طفرة استثمارية هائلة مبنية على الائتمان، ما قفز بمعدل الديون إلى الناتج القومي الإجمالي من 130 إلى أكثر من 230 في المئة، كما رفع معدل الاستثمار من 41 إلى 47 في المئة.

- تسبب النشاط الاستثماري الصيني في ازدهار كبير في أسعار السلع الرئيسة العالمية، وطلب مرتفع على واردات السلع الرأسمالية من دول مثل كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا.

- أسفر الاستثمار الصيني المفرط في مجالات البناء والطاقة عن ظهور طاقة فائضة كبيرة في القطاعات الصناعية الثقيلة مثل الصلب والإسمنت والزجاج، وهو ما حول اتجاه النشاط الصناعي للاتجاه الهبوطي الحاد، رغم توسع قطاع الخدمات في البلاد.

- سجل نشاط الصناعات التحويلية في الصين انكماشا متواصلا لمدة 6 أشهر على التوالي، ما تسبب في تراجع الطلب على السلع الرئيسة، لتدخل اقتصادات البرازيل وروسيا في مرحلة ركود اقتصادي، وسط مخاطر كبرى متعلقة باقتصاد إفريقيا.

- كما تسبب هبوط الواردات الصناعية الصينية في آثار سلبية ملحوظة على كثير من الاقتصادات الآسيوية، حيث انخفضت صادرات كوريا الجنوبية بنسبة 18 في المئة في يناير الماضي على أساس سنوي، بينما تراجعت صادرات اليابان بنحو 8 في المئة في ديسمبر.

- في ما يتعلق بأوروبا، بلغ معدل التضخم في منطقة اليورو 0.2 في المئة في الشهر الماضي، بعيدا عن المستهدف والبالغ 2 في المئة، بينما انخفضت صادرات ألمانيا إلى الصين بنسبة 4 في المئة.

- تشير التوقعات إلى دراسة البنك المركزي الأوروبي خلال اجتماعه في الشهر المقبل خفض أسعار الفائدة لمزيد من النطاق السالب، أو زيادة حجم برنامجه للتيسير الكمي.

الديون وخفض العملات

- لا يدعم الهبوط الحاد في معدلات الفائدة قصيرة وطويلة الأجل من الطلب الاسمي، حيث إن ارتفاع مديونية الشركات لا يجعل المؤسسات تقدم على القرارات الاستثمارية حتى في حال تراجع معدلات الفائدة.

- انخفض العائد على السندات اليابانية لأجل 10 سنوات من 0.2 إلى 0.1 في المئة، كما تراجع العائد على الديون الألمانية من 0.5 إلى 0.35 في المئة خلال الأسبوع الماضي، إلا أن هذا الهبوط لا يساعد بشكل كبير القرارات الاستثمارية والاستهلاكية في الاقتصاد الحقيقي.

- من شأن خفض قيمة الين الياباني أن يساعد الصادرات اليابانية في حال عدم تطابق معدلات الفائدة في الصين، ومنطقة اليورو، وكوريا الشمالية مع نظيرتها في طوكيو.

- على الصعيد العالمي، يعتبر خفض قيمة العملات "لعبة غير مجدية"، ولا تساعد على مكافحة عبء الديون العالمية، حيث إنه في حال تراجع قيمة كل العملات أمام الدولار الأميركي مثلا، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تباطؤ قطاع التصنيع الأميركي، وبالتالي الاقتصاد ككل، ما يقلص من الطلب على الواردات، ويضر الصادرات العالمية.

- يبرز التراجع في أسواق الأسهم وانخفاض عوائد السندات حول العالم في الشهر الماضي المشكلات الاقتصادية العالمية في الوقت الحالي، مع حقيقة تأثر الطلب سلبا بمعدلات الديون المرتفعة نتيجة الأزمة المالية العالمية.

- ارتفع إجمالي الدين العالمي (الدين الحكومي والخاص) من مستوى 180 في المئة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 210 في المئة، وهو ما رفع من مخاوف الأسواق المالية بشأن نفاد الحلول من الحكومات والبنوك المركزية.

حلول محتملة

- يعتقد التقرير أن البنوك المركزية والحكومات لا يمكن أن تنفذ من السياسات اللازمة، مع إمكان تمويل تخفضيات ضريبية أو زيادة الإنفاق العام من خلال طبع النقود.

- من الضروري توجه اليابان نحو شطب بعض من حيازتها الضخمة من السندات الحكومية المحلية، وإلغاء خطط رفع زيادة ضريبة المبيعات المقرر تنفيذها في أبريل 2017، والتي تهدد بمزيد من الركود في الاقتصاد.

- من المهم أن تعترف الحكومة اليابانية بعدم واقعية احتمالات سداد ديونها بشكل فعلي، كما أنه لا وجود لاحتمالية بيع البنك المركزي للسندات الحكومية المملوكة له إلى القطاع الخاص.

- تحتاج اليابان إلى تنفيذ سياسات خفض حيازة البنك المركزي من الديون الحكومية، ووقف أي زيادة في ضرائب المبيعات، والاعتراف بحقائق وضع الدين من أجل حل سريع لأزمة التضخم وتحفيز الطلب الكلي، بدلا من السعي إلى تحويل الأزمة لبلدان أخرى.

تراجع حاد للأسهم اليابانية... و«الين» يقفز

شهدت الأسهم اليابانية تراجعا حادا بنهاية جلسة تداولات امس، متتبعة خسائر الأسواق الأميركية والآسيوية، وسط حالة من القلق تسيطر على المستثمرين دفعتهم لحيازة الين بشكل مكثف.

وقادت أسهم قطاع البنوك السوق الياباني للهبوط الحاد، امس، مع مخاوف المستثمرين حيال قرار البنك المركزي خفض معدل الفائدة على بعض ودائع المصارف لديه إلى النطاق السالب.

كما جاء التراجع الملحوظ للسوق الياباني بفعل ارتفاع كبير للين، مع تكالب المستثمرين على حيازة العملة التي يعتبرونها "ملاذا آمنا".

وكانت الأسواق الأميركية والأوروبية قد تراجعت أمس، بفعل انخفاض أسعار التكنولوجيا والطاقة، خاصة مع الهبوط الحاد الذي سجلته أسعار النفط، والإشارات المتواصلة على ضعف الاقتصاد العالمي.

وتهاوى مؤشر "نيكي" الياباني بنسبة 5.4 في المئة إلى 16085 نقطة، كما تراجع مؤشر "توبكس" بنحو 5.5 في المئة ليصل إلى 1304 نقاط.

من جانبه، سجل الين الياباني ارتفاعا ملحوظا خلال تعاملات امس، ليقفز لأعلى مستوياته أمام الدولار منذ أكثر من عام، بدعم ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة.

واتجه المستثمرون لحيازة الأصول الآمنة مع الخسائر الحادة في أسواق الأسهم العالمية، والتراجع الحاد في أسعار النفط، الذي أشار إلى مخاوف متزايدة بشأن ضعف الاقتصاد العالمي.

وصعد الين أمام الدولار بنسبة 0.8 في المئة، لتتراجع العملة الأميركية لمستوى 114.8 ين، وهو أعلى مستوى للعملة اليابانية منذ نوفمبر 2014.

كما زاد الين مقابل اليورو بنحو 0.8 في المئة، لتنخفض العملة الأوروبية الموحدة إلى مستوى 128.6 ين.

وتراجع العائد على السندات الحكومية اليابانية لاجل 10 سنوات أدنى مستوى "صفر" خلال تعاملات امس، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق.

وجاء التراجع القياسي لعائد الديون اليابانية مع التقلبات الحادة التي شهدتها أسواق المال العالمية، أمس الأول، إضافة إلى قرار البنك المركزي الياباني بخفض معدل الفائدة للنطاق السالب، ما زاد من الطلب على السندات الحكومية.

وهبط العائد على السندات اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 7.5 نقاط أساس، ليتراجع لمستوى - 0.035 في المئة خلال تداولات أمس في طوكيو.

كما انخفض العائد على السندات الحكومية اليابانية لآجل 5 سنوات بنحو 7 نقاط أساس إلى - 0.25 في المئة، في حين تراجع العائد على الديون لآجل عامين بمقدار 5 نقاط إلى 0.245 في المئة، وهي مستويات قياسية منخفضة في سوق الدين الياباني.

back to top