التمييز: «حزب التحرير» جماعة تكفيرية محظورة

نشر في 09-02-2016 | 00:03
آخر تحديث 09-02-2016 | 00:03
No Image Caption
أكدت أنه يدعو إلى عصيان الدولة بغية هدم النظم الأساسية
أصدرت محكمة التمييز حكماً بتأييد حكم محكمة الاستئناف بإدانة مواطنين بالسجن ثلاث سنوات وأربعة أشهر مع الشغل والنفاذ، لاشتراكهما في جماعة محظورة هي «حزب التحرير».

ايدت محكمة التمييز، برئاسة المستشار سالم الخضير، حكم محكمة الاستئناف، بإدانة مواطنين بالسجن ثلاث سنوات وأربعة أشهر مع الشغل والنفاذ، ومصادرة المضبوطات التي بحوزتهما، بعد إدانتهما بتهم الاشتراك في جماعة محظورة هي حزب التحرير، الذي تقوم أفكاره على الفكر التكفيري المناهض للدولة، والداعي الى عصيان سلطات الدولة بغية هدم النظم الاساسية لها بطريق غير مشروع.

ووجهت النيابة العامة إلى المتهمين أنهما دعوا إلى الانضمام لجماعة محظورة هي حزب التحرير، الذي تقوم أهدافه على الفكر التكفيري المناهض للدولة، كما انهما نشرا مطبوعا يتعارض مع المصلحة الوطنية ويمس النظام الاجتماعي، وعرضا علنا وبمكان عام عن طريق القول على موقع يوتيوب عن طريق الكتابة بتوزيع منشور يدعو الى اعتناق مذاهب ترمي الى هدم النظم الاساسية.

كما وجهت النيابة إلى المتهم الثاني أنه حرض علنا وفي مكان عام بمقر ديوانيته بالعدان، وفي المساجد عن طريق القول على اعتناق مذاهب ترمي الى هدم النظم الاساسية للدولة بطريق غير مشروع.

طرق غير مشروعة

وقالت محكمة التمييز، في حيثيات حكمها، إن النص في المادة 30 من القانون رقم 31 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960، على ان (تحظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات التي يكون غرضها العمل على نشر مبادئ ترمي على هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة أو الى الانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في البلاد، ويعاقب كل من اشترك في هذه الهيئات وهو عالم بالغرض الذي تعمل له). يدل على ان الركن المادي لجريمة الاشتراك في تلك الكيانات المحظورة يتحقق بكل نشاط أيا كان نوعه او قدره يساهم به الجاني في مشروع يتسم بقدر من التنظيم- ايا كانت صورته- جمعية او جماعة او هيئة- بهدف تحقيق غرض مما نص عليه في هذه المادة، ويتحقق القصد الجنائي فيها بتوافر علم الجاني بالمشروع والغرض منه، وان تتجه ارادته الى تحقيق هذا الغرض، ولو لم يتم ذلك فعلا، وتقدير توافر كل من الاشتراك في هذه الكيانات والعلم بالغرض منها او نفيه مما تستقل به محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من الظروف المحيطة بالدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع هذا الاستخلاص، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد عرض للاركان القانونية لجريمتي الاشتراك في جماعة محظورة والدعوى الى الانضمام اليها المسندة الى الطاعنين، فان معناهما بان ما قاما به من افعال لا ترشح لارتكاب تلك الجرائم التي أدينا بها وانها من قبيل الافعال المباحة التي كفلها الدستور والقانون، يكون غير سديد».

وقالت «التمييز» في حكمها لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجزائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجزائي لم يحصل لإثبات الجرائم التي دان الطاعنين بها طريقا خاصا انما تثبت بكافة طرق الإثبات، وكان لمحكمة الموضوع أن نستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفهما من صور أخرى لم تقتنع بحصتها مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن اليه بغير معقب عليها، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد بأنها طرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان المشرع لم يقيد القاضي في المحاكمات الجزائية بنصاب معين في الشهادة، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن اليه- ولو كانت شهادة شاهد واحد- طالما أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكانت محكمة الموضوع في نطاق سلطتها التقديرية قد اطمأنت الى أقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره لها والمؤيد ببقية أدلة الثبوت، وهي أدلة تكفي لحمل قضاء الحكم بإدانة الطاعنين بالجرائم المسندة اليهم، وكان ما يثيره الطاعنان من أنه لم يثبت اشتراكهما في تلك الجماعة المحظورة المسماة بحزب التحرير أو الدعوة للانضمام اليها، وأن الحكم عول على اقوال شاهد الإثبات دون أن تكون مؤيدة بدليل آخر أو شهود آخرين، وما يقولان به من خلو الأوراق من ثمة دليل يقيني على إدانتهما لا يعدو في مجمله أن يكون تشكيكا في أدلة الثبوت التي اطمأنت اليها المحكمة تأديا من ذلك الى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.

أدلة الثبوت

وبينت «التمييز» أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه انه دان الطاعنين استنادا الى أدلة الثبوت التي أقام قضاءه عليها، ولم يعول في إدانتهما على تحريات الشرطة ولا تعدو العبارات التي نقلها الحكم عن ضابط الواقعة بالنسبة إلى هذه التحريات إلا جزءا من شهادته، ولم يأخذ بها الحكم دليلا بذاته مستقلا عن الشهادة التي أفصحت عن اطمئناتها اليها ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنين التشكي من التحريات.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو مخالفة منطوقة لما جاء بأسبابه أو هو ما يكون واقعا بين أسباب الحكم نفسها، بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة من ذلك، وكان البين من مدونات الحكم أنه لا تناقض بين ما أثبته الحكم من ان حرية الرأي والاعتقاد مكفولة بضمانات دستورية وبين اطراح الحكم دفاع الطاعنين القائم على عدم ارتكابهما للجرائم التي دينا بها وإدانتهما عنها لمخالفتها ذلك بالدعوى الى حزب محظور وإلى عصيان سلطات الدولة، بغية هدم النظم الأساسية في الدولة بطريق غير مشروع، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من تناقض الحكم يكون في غير محله.

المواد الجزئية

وقالت المحكمة إن الاعتراف بالمواد الجزئية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها الى أقواله، وكان الحكم قد اطمأن الى إقرار الطاعنين بتحقيقات النيابة، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى واستباط معتقدها منها، مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.

وبينت المحكمة أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالأخذ بالاعتراف بنصه وظاهره، بل لها في سبيل تكوين عقيدتها في المواد الجزائية أن تجزئ الاعتراف، وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكان البيّن من سياق الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه، والمكمل بالحكم المطعون فيه، أنه أخذ بما جاء بأقوال الطاعن الأول بتحقيقات النيابة العامة، وإقراره عضو في حزب التحرير، والذي يستهدف إقامة دولة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة بدلاً من القوانين الوضعية، وأنه تحصل من الطاعن الثاني على عدد من البطاقات التعريفية بهذا الحزب، ووضع بطاقتين منها عند مدخل نادي أوكسجين الصحي بمنطقة العديلية الذي ضبط فيه، وأنه نشر بواسطة هاتفه النقال مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي (يوتيوب) بعنوان «تهنئة ولاية الكويت بحلول شهر رمضان» للعمل مع هذا الحزب ومساندته في إقامة دولة الخلافة الإسلامية، وأنه يرى أن نظام الحكم في البلاد كافر، لأنه يقوم على الديمقراطية المخالفة للإسلام، وإلى أقوال الطاعن الثاني وإقراره بأنه عضو في حزب التحرير، وأنه زود الطاعن الاول بعدد خمس بطاقات تعريفية بهذا الحزب للاستفادة منها في حال ما إذا طلب أحد منه التعرف على فكره، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن تعويل الحكم على ما ورد بأقوالهما بالتحقيقات رغم أنها  لا تعد إقراراً صحيحاً أو اعترافاً لما نسب إليهما يكون غير مقبول.

وقالت المحكمة، إنه وبشأن ما يثيره الطاعنان من عدم أخذهما بالرأفة غير صحيح، إذ البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه، أنه نزل بالعقوبة المقضي بها عليهما إلى حبس كل من الطاعنين ثلاث سنوات وأربعة اشهر مع الشغل والنفاذ، وهي دون الحد الأدنى الجائز النزول إليه طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل أحكام قانون الجزاء وهي الحبس مدة لا تجاوز 15 سنة عن جريمة الدعوى للانضمام إلى جماعة محظورة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد والمادة 83/2 من قانون الجزاء، بيد انه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في الحكم، فإن هذه المحكمة - محكمة التمييز- لا تملك تصحيح هذا الخطأ، حتى لا يضار الطاعن بطعنه، هذا إلى أن التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب طبقاً للمادة 81 من قانون الجزاء هو أمر جوازي للمحكمة، فلا عليها إذ لم تستجب لطلب القضاء به، وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى ذلك إذ في قضائها بالعقوبة ما يفصح عن عدم اقتناعها بالاستجابة إليهما، ومن ثم فإن ما يثيره كل منهما من أن محكمة الموضوع لم تضع في اعتبارها عند تقدير العقوبة الظروف المخففة التي أشار إليها في أسباب طعنهما غير سديد.

لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار الجرائم موضوع التهم الثلاثة المسندة إلى الطاعنين والتهمتين المسندتين للطاعن الأول وحده، والتي دانهما بها مرتبطة معاً ارتباطاً لا يقبل التجزئة، وأعمل في حقهما حكم المادة 84 من قانون الجزاء وأوقع عليهما عقوبة واحدة هي الحبس لكل منهما ثلاث سنوات وأربعة أشهر مع الشغل والنفاذ، وهي العقوبة المقررة لجريمة الدعوى للانضمام إلى جماعة محظورة بحسبانها ذات العقوبة الأشد، والتي سلم الحكم مما نعاه الطاعنان من عوار بشأنهما على السياق المتقدم، فإن ما يثيرانه بأسباب طعنهما بشأن باقي الجرائم يكون غير مجد ويضحى نعيهما في شأنها غير مقبول.

back to top