المدارس الخاصة... وجمع المال

نشر في 06-02-2016
آخر تحديث 06-02-2016 | 00:01
 مشاري ملفي المطرقّة  يبدو أن مسلسل زيادة مصروفات المدارس الخاصة مستمر، لاسيما بعد تضارب التصريحات التي خرجت من وكيل وزارة التربية الذي قال إن المدارس الخاصة سترفع رسومها 5 في المئة، وأن على أولياء الأمور أن يدركوا أن العلاقة التعاقدية مع المدارس الخاصة تحتم عليهم الانصياع لما يقره أصحابها فإن امتعضوا من ذلك فعليهم فسخ هذا التعاقد مع أن هذا الوكيل نفسه كان قد أكد في تصريح له بتاريخ 16 يونيو الماضي أنه لا زيادة على الرسوم الدراسية وفق القرار الوزاري رقم 28/2015 الصادر في 12/2/2015 الذي ينص على "وقف زيادة الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة بجميع أنظمتها الأميركية والإنكليزية وثنائية اللغة والفرنسية والعربية الأهلية والعربية النموذجية والهندية والباكستانية والفلبينية الخاصة"، ولكن يبدو أن المدارس الخاصة فوق القانون والقرارات الوزارية.

ورغم أن وزير التربية خرج لينفي كلام وكيل الوزارة ويؤكد كالمعتاد أنه لا زيادة في رسوم المدارس الخاصة، وأن الوزارة لن ترفع يدها عنها وستظل رقيبة عليها، ورغم أن مجلس الأمة دخل على الخط ووجد بعض النواب في الموضوع ضالتهم للتكسب السياسي، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع يضرب بكل ما يقال وسيقال عرض الحائط حيث إن الكثير من المدارس الخاصة رفعت رسومها العام الدراسي الحالي بالفعل، ليس فقط 5 في المئة بل بنسب تجاوزت 25 في المئة، ولم يعر أصحابها والقائمون عليها اهتماماً بحالة الاستياء الكبيرة بين أولياء الأمور الذين تبتزهم هذه المدارس وتستنزفهم مالياً بطرق ملتوية، حيث إن إداراتها لم تكشف لهم عن هذه الزيادات المبالغ فيها عندما سددوا الدفعة الأولى من الرسوم لأبنائهم مع نهاية العام الدراسي الماضي وأكدوا لهم أنه لا زيادات وأنهم ملتزمون بقرار وزارة التربية، ولكنهم أخلوا بهذا الوعد في ظل غياب رقابة المسؤولين الذين تركوا مُلاك هذه المدارس يمارسون جشعهم من دون التدخل والتصدي لهم.

كما أن الكثير من المدارس الخاصة تستنزف جيوب أولياء الأمور تحت بنود مختلفة منها رسوم الكتب والزي و"النقليات" والتي لا تدخل ضمن القرار الوزاري الذي يترك إدارات المدارس لتحديد قيمة هذه البنود، الأمر الذي يفتح مجالاً للتلاعب، كل ذلك في ظل تدني الخدمات التعليمية والترفيهية التي تقدمها هذه المدارس بشهادة تقارير أعدتها شركات محايدة ورفعتها إلى وزارة التربية، خصوصاً أن المباني الضيقة لهذه المدارس تضم مراحل التعليم المختلفة، وإداراتها لا تلتزم بالكثافة الطلابية فتحولت الفصول إلى ما يشبه علب السردين، كما أن بعض المدراس الخاصة تحت شعار "هل من مزيد لجني الأرباح" أنشأت فصولاً للروضة عبارة عن شبرات استقطعتها من الفناء الذي من المفترض أن يكون مخصصاً للأنشطة الرياضية في ظل غياب رقابة وزارة التربية وعدم قيام المسؤولين بزيارات لهذه المدارس للتأكد من التزامها بالمواصفات والاشتراطات المطلوبة.

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد فإن المواطنين في أشد الحاجة لمن يخفف عنهم الأعباء المادية، وإذا كان قد كتب عليهم أن يذهبوا إلى التعليم الخاص بسبب تدني مستوى التعليم الحكومي، فليس معنى هذا أن نترك الساحة مفتوحة لهؤلاء  لنهب جيوبهم من خلال الرسوم الدراسية التي تصل إلى أرقام خيالية والدروس الخصوصية، ويجب على المسؤولين التدخل الحازم وتطبيق القانون عليهم كما أن على المدارس الخاصة الاهتمام بتطوير التعليم والارتقاء به وتنشئة أجيال قادرة على خدمة الوطن، وليس البحث عن جمع المال الذي هو مصدر لكل الشرور كما تقول الحكمة.

back to top