«أربعة أخماس» في السجن

نشر في 06-02-2016
آخر تحديث 06-02-2016 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب ‏‫لماذا تصر الحكومات على استخدام أسلوب "ليّ الذراع" مع المواطنين عندما تريد أن تنفذ أي قانون؟ لماذا تصر على "كسر ظهور أرباب الأسر " وهي تنشد تطبيق القانون؟ لماذا تتعمد التراخي والاستهتار وعدم الجدية سنواتٍ طويلة، وتأتي بين عشية وضحاها تريد أن تعدل القانون ليكون أكثر شدة، وتريد أن ينفذ في الحال وإن استطاعت بأثر رجعي.

فعلى مدى سنوات، تراخت وزارة الكهرباء والماء في تحصيل رسوم الخدمة بشكل دوري، مما جعل أغلب المواطنين يسايرون هذا التراخي والإهمال حتى وصل الحال إلى تراكم كبير في المبالغ المطلوبة للدولة عليهم، وبعد سبات عميق كانت الفاجعة أن تصر الوزارة على تحصيل المبالغ المطلوبة للدولة، وإلا فستوقف الخدمة، فصار المواطن ورب الأسرة بين مطرقة قطع الخدمة وسندان المبالغ المتراكمة المطلوب دفعها.

نفس المشهد والسيناريو والأحداث والمونتاج والإخراج، يتكرر مع البلدية، التي تراخت لسنوات عن تطبيق القانون على المخالفين في البناء والتجاوز في مساحة البناء، لتأتي اليوم تطلب من الحكومة "كثر الله خيرها" تعديل قانون مخالفة البناء والتجاوز عن الحد المسموح ليأخذ الصفة الدستورية.

ومع الاحترام الشديد لرغبة الحكومة في تفعيل القوانين وحرصها على إرجاع هيبة القانون، ومجازاة المخالفين، نقول للحكومة "أبشري... أربعة أخماس الشعب الكويتي مخالف ومتجاوز للحد المسموح"، وبناء على المادة المقترحة لحل المشكلة وردع المخالفين، وهي الحبس مدة تتراوح بين ٦ أشهر و٧ سنوات حسب ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، فسيدخل أربعة الأخماس إلى السجن!

فلماذا هذا الجزاء وتلك العقوبة؟ هل المخالف بمنزلة من فجر مسجد الإمام الصادق ومن أعانوه؟ ألا يعادل بعض أفراد تلك الخلية الذين صدر في حق أحدهم البراءة أو السجن سنتين، هل المواطن الذي خالف في البنيان أو زاد على الحد المسموح به ليبعد أبناءه عن الغلاء الفاحش للإيجارات يستحق ٧ سنوات سجناً أكثر من عقوبة الإرهابي؟!

أما العقوبة الأخرى المقترحة فهي مهلكة وقاتلة لرب الأسرة الفقير الذي استدان ليوسع على نفسه وعلى أبنائه، وهي غرامة مالية بقيمة ١٠٠٠ دينار لكل متر (أغلى من سعر التثمين)، أي لو كانت الزيادة أو المخالفة ٥٠ متراً، فستكون الغرامة ٥٠ ألف دينار، في هذه الحالة سيسجن رب الأسرة لأنه لا يمتلك مثل هذا المبلغ الضخم.

وهنا نتساءل: قبل أن يطلب تعديل القانون، هل كانت هناك عقوبة على المخالفة والتجاوز؟ وما هي؟ وهل البلدية طبقتها من قبل؟ وإذا كانت قد طبقتها... فما الدافع إلى طلب تعديل القانون وتقديم اقتراح للحكومة بذلك؟ وهل سيطبق القانون على المخالفات الجديدة أم على الجميع؟

وإذا أصرت الحكومة على القانون الجديد والإجراءات التابعة له، ووافق مجلس الأمة، فنقول عندئذ ارصدوا ميزانية لتوسعة السجن المركزي، ونكون الدولة الوحيدة في العالم التي ستسجن أربعة أخماس الشعب.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top