الأسد يتقدم في درعا... والآلاف عالقون على حدود تركيا

نشر في 06-02-2016 | 00:05
آخر تحديث 06-02-2016 | 00:05
● واشنطن ترحب بعرض الرياض إرسال قوات برية لقتال «داعش» وأنقرة تنفي التحضير لعملية عسكرية
في مؤشر جديد على نية النظام السوري تحقيق انتصار كبير على الأرض، مستفيداً من التدخل الروسي إلى جانبه وتصاعد دعم إيران والميليشيات الموالية لها، تمكنت القوات النظامية من تحقيق انتصار في الجنوب، وذلك بعد انتصارات كبيرة تحققت في الشمال في الأيام الماضية، حيث فر الآلاف من بطش القوات النظامية المتقدمة باتجاه تركيا التي تغلق الحدود.   

تمكنت قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، بغطاء جوي روسي من السيطرة على بلدة عتمان الاستراتيجية في محافظة درعا في جنوب البلاد، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المرصد إن قوات النظام والمسلحون الموالون لها بدعم من مقاتلي حزب الله اللبناني والطيران الروسي، سيطروا بالكامل على بلدة عتمان الواقعة على بعد كيلومترين شمال مدينة درعا، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة والإسلامية منذ عام 2013، وكانت تقصف منها الأحياء التي يسيطر عليها النظام في درعا.

ولعتمان موقع استراتيجي، إذ تقع عند بوابة درعا من الجهة الشمالية، وعلى طريق يربط دمشق بدرعا (طريق دمشق درعا القديم)، كما لها منافذ عدة إلى مدينة درعا.

ويأتي تقدم قوات النظام في درعا بعد سيطرتها قبل أقل من اسبوعين على بلدة الشيخ مسكين الاستراتيجية شمال عتمان والقريبة من الحدود الأردنية. كما سيطرت نهاية العام الماضي على مقر اللواء 82 القريب من الشيخ مسكين. وتعمل قوات النظام، وفق مدير المرصد رامي عبدالرحمن، على «تقوية مواقعها شمال مدينة درعا، حيث لم يبق أمامها إلا السيطرة على قريتي داعل وأبطع الواقعتين بين الشيخ مسكين وعتمان».

وتسيطر الفصائل الاسلامية والمقاتلة على معظم محافظة درعا، في حين تسيطر قوات النظام على جزء من مدينة درعا، مركز المحافظة، وعلى بلدات عدة في الريف الشمالي الغربي بشكل رئيس.

حلب وآلاف العالقين

شمالا احتجز الآلاف من المدنيين، أمس، قرب الحدود التركية بعد فرارهم من محافظة حلب، حيث تشن قوات النظام هجوما واسعا بدعم جوي روسي، في وقت يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات تتناول الوضع في سورية، وذلك بعد تعليق محادثات «جنيف 3» الى 25 الجاري من الموفد الدولي الخاص ستيفان ديميستورا.

وفي منطقة أعزاز (شمال) قرب الحدود التركية، وجد الآلاف من المدنيين انفسهم عالقين عند معبر باب السلامة، مع استمرار السلطات التركية في إقفال الحدود.

وفر نحو 40 ألف شخص على الأقل، وفق المرصد، منذ الاثنين من بلدات ريف حلب الشمالي الذي يتعرض لهجوم عنيف بغطاء جوي روسي أسفر عن سيطرة النظام على العديد من القرى وفك الحصار عن قريتي نبل والزهراء الشيعيتين.

وقال قائد مجموعة من المعارضة السورية المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة، أمس، إن القوات الحكومية السورية والقوات الحليفة لها طوقت ريف حلب الشمالي تماما وإن القصف الروسي العنيف مستمر.

وقال قائد «لواء صقور الجبل» التابع لـ «الجيش السوري الحر» حسن حاج علي الذي تلقى تدريبا عسكريا أميركيا في قطر والسعودية إن القصف الجوي مستمر. وأضاف أن الغطاء الروسي مستمر ليل نهار، وأن المنطقة شهدت أكثر من 250 ضربة جوية في يوم واحد. ومضى قائلا إن النظام يحاول الآن توسيع المنطقة التي بسط سيطرته عليها، مضيفا أن ريف حلب الشمالي محاصر تماما الآن، وأن الوضع الإنساني صعب جدا.

روسيا تستخف

وفي لهجة مستهترة، قال السفير الروسي في جنيف إن المعارضة السورية يجب أن ترحب بهجوم النظام على مدينة حلب، زاعما أن الهجوم يستهدف «جبهة النصرة». وقال السفير أليكسي بورودافكين: «لماذا اشتكت المعارضة التي رحلت عن جنيف من الهجوم على حلب الذي استهدف في حقيقة الأمر جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المتطرفة؟»

وتابع: «مجلس الأمن الدولي يعتبر جبهة النصرة منظمة إرهابية. إنها جناح تنظيم القاعدة. ينبغي أن تسعد المعارضة بأن الإرهابيين يهزمون، لكنهم على النقيض شعروا بخيبة أمل وتركوا المفاوضات».

واتهمت دول إقليمية وغربية موسكو بتقويض المحادثات عبر التصعيد الميداني ومحاولة إحداث تغيير كبير على أرض المعركة.

ترحيب بالعرض السعودي

وأعلن وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، أمس الأول، تطلعه لمناقشة عرض السعودية المشاركة بقوات برية مع قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» في سورية، وقال إنه سيتناول قضية مشاركة المملكة و25 دولة أخرى الأسبوع المقبل في العاصمة البلجيكية بروكسل.

وأضاف كارتر في مؤتمر صحافي، «أشارت الحكومة السعودية إلى استعدادها لبذل المزيد من الجهد في مكافحة داعش، كما أعربنا عن رغبتنا في تسريع حملة هزيمة التنظيم، وسنقوم بذلك بشكل أفضل،

وستصبح هزيمته بكل الطرق غير العسكرية أسهل، إذا ساهمت الدول الأخرى مع التحالف».

وأعرب كارتر عن ترحيبه بالأنباء السعودية، قائلا: «أتطلع إلى مناقشة ذلك مع وزير الدفاع السعودي الأسبوع المقبل، ضمن أي نوع آخر للمساهمات يمكن أن تقدمه السعودية» متابعا، «على أيضا ذكر

إشارة المملكة استعدادها لأخذ زمام المبادرة في حشد بعض الدول ذات الغالبية المسلمة، وهو أمر متوقع، لأن السكان المحليين في سورية والعراق هم من سيبقي داعش مهزوما، وأشار السعوديون إلى أن المملكة أفضل من يرتب لذلك».

وكان المستشار العسكري في مكتب وزير الدفاع السعودي، العميد أحمد عسيري، أعلن استعداد السعودية للمشاركة بقوات برية في سورية مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش»، وتخطيط المملكة لتدريبات عسكرية تحضيرا لقواتها الشهر المقبل.

أنقرة تنفي

وقال مسؤول كبير في الحكومة التركية، أمس، إن تركيا لا تعتزم القيام بتوغل بري في سورية، وإن الحديث الروسي عن أي تحرك من هذا النوع ما هو إلا دعاية. وقال المسؤول لـ «رويترز»: «ليس لدى تركيا خطط أو أفكار عن بدء حملة عسكرية أو توغل بري في سورية»، مضيفا أن روسيا تكثف حملتها العسكرية في سورية يوميا، بدلا من العمل على إيجاد حل.

وقال المسؤول: «تركيا هي جزء من تحالف وتعمل مع حلفائها وستواصل ذلك. وكما قلنا مرارا فإن تركيا لن تتصرف بشكل منفرد». وكان متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية قال أمس الأول إن موسكو لديها أسباب قوية للشك بأن تركيا تعد لتوغل بري في سورية.

الأطلسي

وأعلن الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس، أن حملة الغارات الجوية الروسية في سورية "تقوض الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي"، متهما موسكو بأنها "تستهدف بصورة رئيسية مجموعات المعارضة".

وقال ستولتنبرغ لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء الدفاع والخارجية في دول الاتحاد الأوروبي في امستردام، إن "تصعيد روسيا وجودها ونشاطها الجوي في سورية يتسبب أيضا في توتر متزايد وانتهاكات للمجال الجوي التركي".

وتابع ان "هذا يولد مخاطر، ويزيد من حدة التوتر، ويطرح بالتأكيد تحديا للحلف الأطلسي، لأنه يشكل انتهاكا للمجال الجوي الأطلسي"، داعيا إلى "الهدوء ونزع فتيل التصعيد، والى حل سياسي في سورية".

ورأى ستولتنبرغ أن "تعزيز روسيا وجودها العسكري بشكل جوهري في سورية وشرق المتوسط يزعزع التوازن الاستراتيجي في المنطقة".

إلى ذلك تطرق وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى تعليق المفاوضات، مكررا انتقاداته للنظام السوري وحليفتيه روسيا وإيران.

وقال "الحقيقة هي ان (الرئيس السوري) بشار الاسد يلقى دعم روسيا وإيران كذلك من خلال حزب الله، وهذا ينسف بالكامل مفاوضات جنيف"، في اشارة الى تعليق مفاوضات السلام. وأضاف "لا يمكن إجراء حوار سياسي فيما يواصل معسكر قتل الآخر".

وأكد "يجب العودة الى الطاولة واحترام الواجبات الإنسانية، ووقف مجازر السكان وقصفهم ومحاصرة المدن وفيها مئات آلاف الجياع. هذه مسؤولية بشار الأسد، لكن الجميع يعلم أنه مدعوم بشكل خاص من الروس".

(دمشق، أنقرة، واشنطن -

أ ف ب، رويترز، د ب أ)

back to top