متلازمة «داون»... التدخل الباكر

نشر في 06-02-2016
آخر تحديث 06-02-2016 | 00:01
No Image Caption
لا نملك اليوم أي تدخلات علاجية يمكنها أن تحول أو تعكس العجز الفكري أو علل الدماغ التي يعانيها مرضى متلازمة داون. لكن بعض الباحثين يعملون على تطوير أدوية تُستعمل لمعالجة متلازمة داون في الرحم. وطوال العقد الماضي، اتبعنا أنا وزملائي المسار عينه.
قبل عشر سنوات، حاولنا أن نحدد تدخلاً دوائياً يحسّن الوظائف المعرفية في حالة الفئران التي تعاني مرضاً يحاكي متلازمة داون. اقترح أحد الزملاء أن نتحقق من زيادة استهلاك الأم مادة الكولين المغذية الأساسية خلال مرحلتي الحمل والرضاعة، نظراً إلى الفوائد المعرفية المذهلة التي لوحظت لدى الجرذان الطبيعية خلال بحث أُجري في جامعة ديوك. راودني بعض الشكوك، إلا أنني فكرت في أن لا ضرر من المحاولة. كذلك بدا لي التدخل الغذائي جيداً لأن من السهل نسبياً اختباره على البشر، إن حققت دراساتنا نتائج إيجابية.

اكتشفنا أن إضافة الكولين إلى غذاء الأم خلال الحمل والرضاعة حسن إلى حد كبير المقدرات المعرفية المكانية، الانتباه، والتفاعل العاطفي لدى صغار هذه الفئران الذين يعانون نموذجاً من متلازمة داون. بالإضافة إلى ذلك، أدى هذا التدخل إلى إعادة عملية تشكّل الخلايا العصبية الجديدة في الحصين إلى حالتها الطبيعية وحَمَى الخلايا العصبية الكولينية القاعدية في مقدمة الدماغ، التي تضمر عادةً مع بلوغ مرضى هذا الاضطراب منتصف العمر، علماً أن التبدلات في هذا الجزء من الدماغ ترتبط بظهور مرض الألزهايمر.

كيف يمكننا تفسير هذه النتائج؟ نعتقد أن الإجابة تكمن في الدراسات التي أُجريت خلال العقود القليلة الماضية، والتي أظهرت أن مخزون الكولين يُستنفد خلال الحمل لدى القوارض والبشر على حد سواء. إذاً، يحتاج الجنين النامي على الأرجح إلى كمية من الكولين أكبر مما كنا نظن سابقاً.

لا شك في أننا ما زلنا بحاجة إلى تجارب سريرية عدة بغية تحديد ما إذا كان الإنسان يختبر تأثيرات مماثلة. لكن التقارير المتناقَلة عن النساء اللواتي يحملن جنيناً يعاني متلازمة داون ويزدن استهلاكهن مادة الكولين تبدو مشجعة. فتشير هذه التقارير إلى أن أطفالهن يبلغون مراحل نموهم المختلفة بوتيرة تُعتبر أقرب إلى الطفل الطبيعي منها إلى طفل يعاني متلازمة داون ولم تتناول والدته كمية إضافية من الكولين. علاوة على ذلك، تكثر الأدلة التي تؤيد نصح كل النساء بزيادة تناولهن الكولين خلال مرحلتَي الحمل والرضاعة، علماً أن هذا التغيير قد يعود بالفائدة على جميع الأجنة التي تعاني متلازمة داون منذ مراحل النمو الأولى، بغض النظر عما إذا خضعت الأم لفحوص قبل الولادة أو لا.

تُنصح اليوم النساء اللواتي يعرفن أنهم يحملن جنيناً يعاني متلازمة داون بالإجهاض غالباً. ولكن لأسباب عدة، منها الأخلاقي ومنها المختلف، لا يشكل هذا الأمر خياراً لكل النساء.

* باربرا ستروب

back to top