الرضاعة السليمة... كيف يتشكّل حليبك؟

نشر في 06-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 06-02-2016 | 00:01
No Image Caption
يتألف ثدي المرأة بشكل أساسي من نسيج دهني يحيط بالغدة الثديية. يمكن مقارنة هذه الغدة بعنقود العنب لأنها تشمل عدداً غير محدود من الغدد الصغيرة المتراصة التي تنفصل عن الثدي الآخر. يتألف كل ثدي من 10 إلى 15 فصيصاً (مجموعات من الغدد المختلفة التي تتصل بالحويصلات الهوائية). يكون كل فصيص مزوداً بقناة لبنية أساسية تربطه مباشرةً بحلمة الثدي التي تشمل بعض الثقوب كي يخرج منها الحليب. تتوسع القنوات اللبنية قبل أن تتصل بحلمة الثدي مجدداً وتشكّل أحواضاً صغيرة تقع وراء حلقة داكنة تحيط بالحلمة. يتم تخزين الحليب في هذه المنطقة قبل خروجه. تكون كل حلقة محاطة بغدد صغيرة تفرز مادة لزجة طبيعية لإبقاء الحلمة ناعمة ومطاطية.

في الشهر الأخير من الحمل وبعد الولادة، ينتج الثدي سائل اللبأ الأصفر الذي يشكّل أول غذاء للطفل. يكون هذا “الحليب” السميك مثالياً للطفل في أيامه الأولى لأنه يسمح له بتقوية دفاعاته المناعية. تلبي تركيبة اللبأ حاجات المولود الجديد الأولية. فهو يحتوي على نسبة كبيرة من البروتينات، وعناصر أخرى مثل الليزوزيم واللاكتوفيرين لتحفيز دفاعات المولود الجديد، وأجسام مضادة للالتهابات، وفيتامينات ومعادن لمساعدة الطفل على النمو، والقليل من السكريات والدهون لتسهيل الهضم. يقوم اللبأ أيضاً بتليين الأمعاء لأنه يساعد الجهاز الهضمي على التحرر من العقي (أول براز ينتجه المولود الجديد). وإذا امتص الطفل اللبأ في أولى ساعات حياته، سيسهل عليه أن يرضع لاحقاً لأن الغدد الثديية ستنشط وسيصعد الحليب بوتيرة أسرع.

دور الهرمونات

• منذ بداية الحمل، تتأثر الغدد الثديية في المرحلة التحضيرية للرضاعة بمفعول بعض الهرمونات مثل البرولاكتين والأوسيتوسين والأستروجين والبروجستيرون. بعد الولادة مباشرةً وغداة التخلص من المشيمة، تتراجع معدلات الأستروجين والبروجستيرون وترتفع معدلات البرولاكتين والأوسيتوسين. يتولى هذان الهرمونان الأخيران على التوالي تنظيم إنتاج الحليب وتدفقه من الثدي.

• يؤدي الاحتكاك بين فم الطفل وبشرة الحلمة الحساسة والحلقة اللبنية إلى إنتاج البرولاكتين والأوسيتوسين: حين يمصّ الطفل ثدي أمه، هو يحفز بعض الأطراف العصبية التي تتلاقى في منطقة المهاد داخل الدماغ. رداً على ذلك، يرسل هذا العضو عناصر تتعرّف عليها الغدد النخامية تحت الدماغ. تطلق هذه الغدد أيضاً هرمون الأوسيتوسين الذي يؤدي إلى انقباض الألياف العضلية حول الغدد الثديية التي تستطيع إنتاج الحليب بدورها.

مرحلة صعود الحليب

في اليوم الثاني بعد الولادة، قد يبدأ حليب الأم بالتدفق. تدرك الأم ما يحصل لأن ثدييها يصبحان صلبَين وساخنَين جداً ويبدو محيط الثدي مشدوداً وقد تشعر بأن غددها تمتلئ بالسائل. يمكن أن تنتفخ منطقة تحت الإبط أيضاً، لكن لا تدعو هذه الحالة للقلق لأن الكتل تتألف بكل بساطة من فائض الغدد الثديية الموجودة في هذه المنطقة.

لكن يمكن أن يكون صعود الحليب مؤلماً في بعض الحالات، ويقضي الحل الوحيد بجعل الطفل يرضع في هذه المرحلة لتفريغ الثديين بالكامل. يُعتبر الحليب الذي ينتجه الجسم بعد أسبوع من صعود الحليب للمرة الأولى “انتقالياً” لأنه يكون مخلوطاً مع اللبأ وهو يبدو غنياً وسميكاً مقارنةً بالحليب “المائي” في المرحلة اللاحقة.

مسار إنتاج الحليب

يتفاوت إنتاج الحليب بين مختلف النساء بسبب اختلاف قابلية كل امرأة منهنّ أو لأن الأم تميل إلى التكيف مع حاجات الطفل. كلما تابع الطفل الرضاعة، يتشجع جسم الأم على إنتاج الحليب. نتيجةً لذلك، لا يمكن تحديد الكمية التي تدرّها جميع الأمهات. بشكل عام، يرتفع مستوى إنتاج الحليب مع نمو الطفل وتزداد الحاجة إلى المغذيات.

في الأسابيع الأولى

يزداد إنتاج الحليب تدريجياً ويصل إلى 500 أو 600 غرام في اليوم خلال الأسابيع الأولى قبل أن يبلغ 700 أو 800 غرام في نهاية الشهر الأول.

بدءاً من الشهر الرابع

في الشهر الثاني أو الثالث، يستهلك الطفل بين 800 وألف غرام من حليب أمه يومياً. لا تتغير هذه الكمية بشكل عام حتى بداية مرحلة الفطام.

مرحلة الفطام

حين يوقف الطفل الرضاعة، يتراجع إنتاج الحليب في جسم الأم بوتيرة تدريجية.

خصائص حليب الأم

• البروتينات: تضمن الرضاعة الطبيعية أن يمتص الطفل الأحماض الأمينية الأساسية. يحتوي حليب الأم على حمض اللورين الأميني الذي يؤدي دوراً مهماً جداً في نمو دماغ المولود الجديد.

• الدهون: يحتوي حليب الأم على 4% من الدهون وينجح الطفل في استهلاك 90% منها بعد أسبوع من ولادته. هكذا يحصل على العناصر التي تعزز نمو جهازه العصبي ودماغه.

• الفيتامينات: يحتوي حليب الأم على فيتامينات متعددة، لا سيما الفيتامينات A (لتقوية العظام والنظر) وB12 (لتحسين امتصاص الحديد وتسهيل نقل الأوكسجين في الدم وتطوير خلايا الجهاز العصبي) وE (لتعزيز نمو الخلايا وامتصاص الكالسيوم). يحتفظ الجسم بهذه الفيتامينات بأفضل طريقة لأن حليب الأم لا يتعرض لتقلبات الحرارة التي تخفّض كمية الفيتامينات.

• المعادن: يحتوي الحليب على كميات صغيرة من الصوديوم والكلور والبوتاسيوم كي لا تتعب كليتا الطفل بينما يترافق الحديد الذي يمنع فقر الدم ويسمح بنقل الأوكسجين إلى الأنسجة مع بروتين اللاكتوفيرين الذي يسهّل امتصاص المغذيات. يضمن الحليب أيضاً كمية صحية من النحاس فضلاً عن الكالسيوم والفسفور والمعادن الضرورية لتشكيل العظام والزنك المفيد للنمو.

حماية الطفل من الأمراض

يحتوي حليب الأم على عدد كبير من مضادات الجراثيم والفيروسات، أبرزها اللاكتوفيرين والليزوزيم لتحفيز جهاز المناعة، وبعض الأجسام المضادة التي لا تتعرض للهجوم خلال الهضم، وهذا ما يبرر قدرتها على التصدي للأمراض.

قد تصبح هذه الأمراض حادة لدى الطفل في أشهره الأولى لأنه يكون أكثر عرضة لالتقاط الالتهابات من الهواء (على شكل زكام) أو الإصابة بالتهابات معوية لأن جهازه المعوي يكون ضعيفاً.

كذلك، تؤدي الرضاعة الطبيعية دوراً مهماً للوقاية من الحساسية الغذائية. وتساهم تركيبة حليب الأم الخفيفة وسهولة هضمه في تقليص مخاطر الحساسية. تبقى مشاكل الربو والإكزيما والتهاب الأنف التحسسي أقل شيوعاً لدى الأطفال الذين يرضعون. وفق بعض الدراسات، يستطيع حليب الأم حماية الطفل من ظهور بعض الأمراض المتلاحقة مثل السكري والبدانة وتصلب الشرايين وتسوس الأسنان.

ما مدى سهولة هضم حليب الأم؟

يُعتبر حليب الأم أفضل غذاء يستطيع الطفل هضمه. تتماشى تركيبته مع جهاز الطفل الهضمي الذي لا يكون ناضجاً ويعجز عن هضم بعض السكريات والدهون. تنقل الأم لطفلها أنزيمات الليباز ويحتوي جسم المولود الجديد على نسبة منها فتسهّل مرور الحليب لأنها تتولى تفكيك الدهون وهضمها مسبقاً قبل وصولها إلى المعدة.

لا تحتاج البروتينات الموجودة في حليب الأم إلى مسارات هضمية طويلة. يحتوي حليب البقر من جهته على جزئية الكازيين المعقدة ولا يسهل هضمها. في حليب الأطفال، تكون هذه المادة منحلّة لتسهيل هضمها ولكنها تحتاج إلى البقاء في جهاز الطفل الهضمي لبضع ساعات كي تختمر. تفسر هذه المعطيات أيضاً اختلاف البراز بين الطفل الذي يرضع من أمه (براز سائل وفاتح اللون) والطفل الذي يشرب زجاجة الحليب (براز صلب وداكن).

الحليب يلبي حاجات الطفل

مع مرور الوقت، يتكيف حليب الأم مع حاجات الطفل. تختلف تركيبته بحسب عمر الطفل ووضعه الصحي ومدة الرضاعة وتوقيتها. لكن يتغير الحليب خلال جلسة الرضاعة نفسها ويختلف من ثدي إلى آخر. يكون الحليب في البداية سائلاً جداً ويفيد في إطفاء العطش، لكن يصبح الحليب في المرحلة اللاحقة مغذياً وسميكاً وغنياً بالبروتينات. ويحتوي الحليب في نهاية الرضاعة على كمية إضافية من الدهون والمعادن ويعطي كل غرام منه سعرة حرارية واحدة مقابل نصف الكمية في الحليب الأول. يسمح الانتقال من ثدي إلى آخر بإراحة الطفل وتحريكه والسماح له برضاعة الحليب الأكثر سماكة. في المرة المقبلة، يجب إعطاؤه الثدي الذي رضع منه آخر مرة لأنه يكون ممتلئاً أكثر من الثاني.

منافع للأم

تستفيد الأم كثيراً من الرضاعة كي تستعيد توازن جسمها. يؤدي إنتاج الحليب إلى تنقل مادة الأوسيتوسين (تلك التي تحرك انقباضات الرحم خلال المخاض) وعودة الوضع إلى طبيعته. تسهّل الرضاعة أيضاً فقدان الكيلوغرامات الزائدة لأنها تصرف نسبة كبيرة من الطاقة.

إذا كان وزن الأم زائداً، يجب أن تتحكم بنظامها الغذائي طبعاً. تمنع معدلات البرولاكتين المرتفعة الإباضة وكأنها وسائل طبيعية لمنع الحمل. لكن لا يكون هذا النظام موثوقاً دوماً: حين يتراجع مستوى البرولاكتين في الجسم، تحصل الإباضة رغم عدم تجدد الدورة الشهرية التي تبدأ بعد 14 يوماً من الإباضة. ووفق بعض الدراسات الحديثة، تحمي الرضاعة الأم حتى عمر متقدم من هشاشة العظام التي تنجم عن نقص في الكالسيوم. قد يبدو المشهد متناقضاً لكن يشير إنتاج الحليب في فترة الرضاعة إلى أن هيكل الأم العظمي يفقد جزءاً من المعادن التي يخزنها ثم يزيد قوة العظام في النهاية.

قواعد الرضاعة

مدة الرضاعة

في الأيام الأولى، يجب ألا تدوم الرضاعة طويلاً لأن الحلمة لا تحتمل ضغطاً شديداً في هذه المرحلة. لتجنب ظهور التشققات، يجب أن يرضع الطفل من كل ثدي لعشر دقائق تقريباً قبل إجباره على الانتقال إلى الثدي الآخر عبر إنزال ذقنه بعض الشيء أو التربيت على أنفه أو وضع إصبعك في فمه بنعومة. بعد تكيّف الثديين مع الرضاعة، يمكن إطالة المدة لكن ما من قواعد ثابتة. بحسب قوة تدفق الحليب وكميته، يمكن تفريغ الثدي خلال فترات متفاوتة، بين 5 دقائق على الأقل و20 دقيقة كحد أقصى.

يجب أن يختار الطفل مدة الرضاعة بنفسه. سيوجهه جوعه بطريقة طبيعية! لكن حين تدوم الرضاعة لفترة طويلة (أكثر من ساعة، مرات عدة في اليوم)، من الأفضل استشارة طبيب الأطفال للتأكد من عدم وجود مشكلة مثل تراجع كمية حليب الأم.

وجبة الليل

ما من عمر محدد لوقف الرضاعة الليلية. ينام بعض الأطفال في الأسبوع السادس طوال الليل بينما يتابع آخرون الاستيقاظ ليلاً بعد عمر السنة. كي يعتاد الطفل في أشهره الأولى على النوم طوال ساعات الليل، يجب استبدال الرضاعة الليلية بالعناق والمداعبات. إذا استيقظ الطفل، يجب أن تحمله الأم بين ذراعيها لكن من دون أن تطعمه.

يمكنها أن تزيد كمية الحليب التي يأكلها الطفل قبل النوم. يتطلب التغيير بعض الوقت لأن الطفل قد يبدو متوتراً في البداية. إذا استيقظ الطفل كي يأكل ووجد صعوبة في النوم أو لم يكن ينام لفترة كافية، قد تتعلق المشكلة بالغذاء الذي ينقله حليب الأم. إذا لاحظت الأم وجود رابط بين مأكولات معينة وأرق الطفل، يمكن أن تحاول حذفها من حميتها لبضعة أيام وتقيّم آثارها على نوم الطفل.

مواعيد ثابتة أو حليب على الطلب

يوصي معظم أطباء الأطفال اليوم بإرضاع الطفل حين يطلب ذلك. سيكون هذا السلوك إيجابياً جداً بالنسبة إليه لأنه يتماشى مع إيقاع النوم واليقظة بشكل تلقائي. لكن يتطلب هذا الخيار أن تتفرغ الأم بالكامل لطفلها وتتخلى عن أي نشاط آخر. في المقابل، تسمح الرضاعة في ساعات ثابتة بأن تنظم الأم وقتها وتبرمج يومها شرط الالتزام بإيقاعات الطفل الطبيعية. يمكنك التوصل إلى تسوية عبر تلبية متطلبات الطفل في أسرع وقت لكن من دون أن تشعري بالذنب إذا اضطررت أحياناً إلى فرض توقيتك الخاص على الطفل لأسباب شخصية. بشكل عام، يتراوح الإيقاع الطبيعي للرضاعة بين ست وثماني مرات في اليوم لكنه يتراجع تدريجياً على مر الأسابيع إلى أن يستقر على أربع أو خمس مرات في اليوم بحلول الشهر الثالث. لكن لا يلتزم الأطفال بهذه التعليمات بحذافيرها. لكل مولود جديد إيقاعه الخاص. لمساعدة الطفل على تخفيف حاجته إلى الرضاعة، يمكن إطالة المدة شرط ألا تتجاوز 20 دقيقة لكل ثدي، بما يضمن أن يرضع الحليب السميك الموجود في عمق الثدي. إذا تابع الطفل البكاء، يمكنك أن تداعبيه لكن لا تعرضي عليه الرضاعة.

وضعية الأم خلال الرضاعة

الوضعية الكلاسيكية: اجلسي وأسندي ظهرك كي لا تتشنج عضلات الظهر. لإسناد الذراع التي تحمل الطفل يمكنك وضع وسادة على بطنك أو اختيار كنبة مع مسند للمرفقين. يمكنك أيضاً أن تضعي مقعداً منخفضاً تحت قدميك لإرخاء عضلات البطن. في هذه الوضعية، يمكن حمل الطفل بطريقتين: احمليه بين ذراعيك أو بذراع واحدة بالاستناد إلى وسادة. تُعتبر هذه الوضعية الثانية فاعلة إذا كان الطفل يجد صعوبة في الرضاعة. أو يمكنك وضع الطفل إلى جانبك وإرضاعه فيما تستلقين. إنها وضعية مريحة حين تكون الأم متعبة.

وضعية الطفل خلال الرضاعة

يجب أن يحتكّ الطفل بأمه خلال الرضاعة ويسند رأسه وجسمه إلى ذراعها ويجب التأكد من وضعيته أمام الثدي كي لا يتعب كثيراً أو يؤلم والدته.

إذا كان الثدي كبيراً جداً، يجب ألا يشعر الطفل بأنه يختنق. يكفي أن تضغط الأم على الجزء الأعلى من الثدي كي تسمح للطفل بالتنفس بارتياح.

تغيرات خلال الحمل

الربع الأول

بعد الحمل، يشهد الثدي تغيرات بارزة تمهيداً لمرحلة الرضاعة. تتوسع القنوات اللبنية فيما تتضاعف الخلايا التي تنتج الحليب وينتفخ الثدي ويصبح ساخناً. تنجم زيادة حجمه عن احتباس الماء بتأثيرٍ من هرمون البروجستيرون.

الربع الثاني

في هذه المرحلة يصبح الثدي أكثر حساسية، وتحديداً في المنطقة المحيطة بالحلمة المتوسّعة. وتسمن الغدد الدهنية الواقعة بالقرب من الحلقة الداكنة وتحيط بها انتفاخات صغيرة. تساهم الدهون التي تنتجها هذه الحلقات في تليين الحلمة وتسهيل الرضاعة.

الربع الثالث

بدءاً من الشهر السادس أو السابع، قد يخرج سائل شفاف يشبه الماء من الحلمة. لكن لا يظهر اللبأ قبل الشهر التاسع. ويؤدي تدفق الدم الذي يزداد قوة في هذه المنطقة إلى ظهور الأوردة. تتضح هذه الظاهرة فيما يؤدي توسع الغدة الثديية إلى تراجع الطبقة الدهنية للثدي، ما يجعل البشرة أكثر شفافية.

نصائح للأم

خلال فترة الرضاعة، يحتاج جسم الأم إلى نظام غذائي متنوع ومتوازن وغني بالمأكولات الطبيعية والمغذيات والمعادن (لا سيما الحديد الموجود في اللحوم) والفيتامينات. كل يوم، تحتاج الأم إلى 500 سعرة إضافية يمكن استهلاكها في فترة العصر.

تشمل المأكولات المفيدة التي تساهم في إنتاج الحليب: الحبوب، الخضراوات النيئة (جزر، شمار، كرفس، خس، أفوكادو، صويا)، الفاكهة الطازجة (تفاح، إجاص، أناناس، مشمش، عنب)، حساء بالعدس، لبن...

لكن تسبب مأكولات أخرى المشاكل للطفل لذا يجب تجنبها، وتحديداً إذا كانت الأم تفرط في استهلاكها. يعطي الملفوف والزهرة والثوم والهليون والبصل رائحة كريهة للحليب. ويمكن أن تسبب أصناف أخرى المغص أو مشاكل هضمية للطفل، مثل الخل واللحوم المبردة والأجبان المختمرة والمعلبات والتوابل والشوكولاتة وعشبة المريمية والمأكولات الحمضية مثل عصير الفاكهة. يجب أن تحرص الأم على شرب الماء المعدنية وعصائر الفاكهة المخففة وقليلة السكر والحليب والنقيع المهدئ. يساهم بعض الخلطات في صعود الحليب وتدفقه بوتيرة ثابتة. قد تستفيد الأم من شرب نقيع مصنوع من بذور اليانسون بعد وجبات الطعام أو مشروب فيه بذور الشمار (3 ملاعق كبيرة في كل ليتر ماء) أو بذور الشوفان المغلية في ليتر ماء.

مواد يجب تجنبها

يجب أن تحد الأم التي ترضع طفلها من استهلاك المواد التي تسيء إلى الطفل، أبرزها التبغ لأن النيكوتين يغير تفاعل الجسم مع الحوافز التي تطلقها الرضاعة ويقلص إنتاج الحليب. وفق أحدث الدراسات، يؤثر التبغ على نوعية الحليب أيضاً لأنه يغير تركيبة الدهون والبروتينات التي يحتوي عليها. على صعيد آخر، يجب استهلاك القهوة والشاي والمشروبات الغازية باعتدال لأنها غنية بمواد الكافيين والتايين التي تصل إلى الحليب وتحفز جهاز الطفل العصبي وقلبه وأوعيته الدموية.

نظافة الثدي

• لا داعي لتنظيف الحلمة قبل كل رضاعة لأن الحليب يحتوي على مواد طبيعية تتولى تطهيرها. في المقابل، قد يؤدي غسل الثدي المتكرر إلى زوال المادة الرطبة الطبيعية التي تفرزها الحلمة.

• لكن بعد الرضاعة، يجب تنظيف الثدي كله بماء نظيفة قبل تجفيفه جيداً. تُعتبر نظافة الحلمة عاملاً مهماً كي لا يلتقط الطفل مرضاً مثل القلاع الذي ينجم عن فطر المبيضات.

• يجب ألا يحتك الثدي المبلل بحمالة الصدر لأن هذا الاحتكاك يسهّل ظهور التشققات والجروح الصغيرة المؤلمة التي يمكن أن تنزف. ويجب تجنب استعمال الصابون العادي أيضاً لأنه يجفف البشرة ويعرّضها للتشقق. لحماية الحلمة، يمكن دهنها بكريم خاص أو بقطرة من زيت اللوز الحلو أو الآذريون.

متى يتناول الطفل كمية كافية من الحليب؟

• يصعب التحكم مباشرةً بكمية الحليب التي يستهلكها الطفل. لا يمكن قياس وزن الطفل قبل الرضاعة وبعدها لأن الميزان لا يعطي نتيجة دقيقة دوماً ولا يمكن منع الطفل من التحرك والتأثير على النتيجة. لذا يكفي قياس وزنه مرة في الأسبوع.

• يمكن الاتكال على ثلاث مؤشرات للتأكد من أن الطفل يرضع كمية كافية: نشاط الطفل، والوزن الذي يكسبه، وعدد الحفاضات القذرة. إذا كان الطفل مرتاحاً، سيبدو حيوياً وسيتخذ نموه مساراً سليماً. في ما يخص الحفاضات، يجب أن يبلل بين خمسة وستة حفاضات منذ الأيام الأولى التي تلي ولادته ويتغوط مرتين إلى خمس مرات في اليوم. لكن قد لا يتغوط الطفل أحياناً بهذه الوتيرة: لا تشير هذه الحالة إلى إصابته بالإمساك بل يهضم الطفل كمية الحليب كلها ولا يترك أي رواسب صلبة. المهم أن يتابع الطفل التبول.

بعض المشاكل المحتملة

• يرفض المولود الجديد أحياناً الاحتكاك بالثدي. إذا وُلد قبل أوانه (أي قبل الأسبوع الثامن والثلاثين)، هل تنجم صعوبة الرضاعة عن ضعف في جسمه؟

يُعتبر حليب الأم بالغ الأهمية بالنسبة إلى الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم وغالباً ما يُطلَب من الأم في المستشفى أن تستعمل مضخة الثدي لاستخراج الحليب وإعطائه للطفل في زجاجة، أو قد تبرز الحاجة أحياناً إلى استعمال أنبوب صغير يمر بالأنف أو الفم ويصل إلى المعدة. يحتوي حليب الأم التي ولدت طفلها قبل أوانه على بروتينات وأملاح معدنية إضافية (كالسيوم، صوديوم، بوتاسيوم، فسفور، كلور).

• قد لا يحتكّ الطفل بوالدته أيضاً إذا كان الثدي منتفخاً جداً. في هذه الحالة، يمكن الاستفادة من ضغط بعض الحليب يدوياً قبل الرضاعة. على صعيد آخر، قد يشعر الطفل بأوجاع معينة بسبب المغص فيرفض الرضاعة. لذا يجب انتظار مرور الانزعاج الذي يشعر به.

• في مطلق الأحوال، يجب ألا تشعر الأم بالإحباط. في الأيام الأولى بعد الولادة، من الطبيعي أن يواجه الطفل مشاكل من هذا النوع لكنه ليس مبرراً لوقف الرضاعة.

back to top