الوقود المثالي بين أيديكم

نشر في 05-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 05-02-2016 | 00:01
No Image Caption
اكتشف عالِم كيمياء متخصص بالمواد النانوية طريقة فاعلة لنسخ مفعول أوراق الشجر وتحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى مواد نحتاج إليها.
في يوم مشمس داخل جامعة كاليفورنيا، اكتشف الباحثون أن حفيف شجر الكينا الناعم لا يعكس قوة النشاط الكيماوي الحاصل داخل كل ورقة. من خلال عملية التركيب الضوئي، تستعمل الأوراق الطاقة الموجودة في أشعة الشمس لتحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى عناصر تحتاج إليها النباتات، فتبث الأوكسجين فقط خلال هذه العملية. في مختبر مجاور، يبني عالم الكيمياء بيدونغ يانغ نظاماً اصطناعياً يقوم بالعملية نفسها، فيستعمل مجموعات من الأسلاك النانوية إلى جانب جراثيم مُهندَسة. إذا تطورت هذه العملية يوماً، ستنشأ نسخة محسّنة من الوقود الذي نستعمله اليوم من دون أن ترفع مجموع ثاني أكسيد الكربون في الهواء.

لطالما كان تقليد عملية التركيب الضوئي في المختبر صعباً. خلال السبعينات، أثبت الباحثون في جامعة طوكيو للمرة الأولى أن الجهاز العامل بالطاقة الشمسية قد يقوم بما تفعله النباتات في المرحلة الأولى من التركيب الضوئي، أي تجزئة الماء إلى هيدروجين وأوكسجين. بعد أول دفعة من النشاط في هذا المجال، تباطأت الأبحاث. لكنها تجددت في مختبرات عدة بعد التركيز مجدداً على مشاكل الطاقة والتغير المناخي وبعد نشوء تقنيات جديدة.

يعمل مختبر يانغ على تحسين تصميم سابق كان قد تطور خلال السبعينيات في {المختبر الوطني للطاقة المتجددة}. يكون التصميم مزوداً بقطبين كهربائيين لديهما حساسية تجاه الضوء ومغطّيَين بمادة محفّزة (يستعمل يانغ النيكل غير المكلف) لتجزئة الماء إلى أوكسجين وهيدروجين. خلال العملية الأصلية، كان القطبان مسطحين. لكن يستعمل يانغ هذه المرة مجموعات من الأسلاك النانوية المصنوعة من السيليكون وأشباه موصلات أخرى. بما أن الأسلاك النانوية تشمل منطقة سطحية أكبر من العادة بمئة مرة وفيها أقطاب كهربائية مسطحة تسع في المساحة نفسها، تزيد قدرتها على تحمّل المادة المحفزة، ما يساهم في تعزيز فاعلية التفاعل بدرجة كبيرة.

لكن تكون تجزئة الماء سهلة في منتصف التركيب الضوئي. تبلغ النباتات مراحل متقدمة وتستعمل الهيدروجين المأخوذ من الماء في تفاعلات أخرى لتحويل الكربون الموجود في الهواء إلى جزيئات مركّبة. يريد يانغ تطبيق هذه العملية أيضاً. في النهاية، لا تعمل طائراتنا وسياراتنا على الهيدروجين، بل إنها تحتاج إلى البنزين وأنواع أخرى من الوقود المركّب كيماوياً.

لتنشيط هذا الجزء من العملية، يتكل يانغ على تقنية أخرى لم تكن موجودة خلال السبعينيات. فقد أثبت مع زملائه أن الجراثيم المُهندَسة وراثياً والمدسوسة وسط الأسلاك النانوية تؤدي دور {محفزات حية} كونها تأخذ الهيدروجين المجزأ من الماء وتخلطه مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الميثان وهيدروكربونات أخرى تكون ضرورية لصنع الوقود أو مواد البلاستيك. تطلق الجراثيم هذه العملية عبر أنزيمات طبيعية تنتج سلسلة تفاعلات لا يستطيع علماء الكيمياء حتى الآن التحكم بها عبر المحفزات الاصطناعية.

يقيّم يانغ راهناً مدى فاعلية التركيب الضوئي عبر تخزين ما يقلّ عن %1 من الطاقة المأخوذة من أشعة الشمس على شكل روابط كيماوية. لا تُعتبر هذه الطريقة سيئة لإثبات صحة ظاهرة معينة، لكن لا بد من زيادة فاعليتها وتخفيض كلفتها.

يأمل يانغ بأن يتمكن في النهاية من الانتقال إلى استعمال المحفزات الاصطناعية بدل الجراثيم التي يصعب أن تبقى حية. لكنّ التخلص من الجراثيم بالكامل قد لا يكون ضرورياً نظراً إلى وجود حاجة مُلِحّة إلى وقود نظيف: {لا ضير من اعتماد مقاربة هجينة إذا اضطررنا إلى ذلك}.

back to top