هل تنتهي البشرية في القرن الحادي والعشرين؟

نشر في 29-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 29-01-2016 | 00:01
No Image Caption
عدّد بسرعة حوادث مهمة وقعت في القرن الحادي عشر. إن لم تكن مطلعاً على دراسات القرون الوسطى، فلن تتمكّن على الأرجح من الإجابة عن هذا السؤال، مع أن مئة السنة تلك شهدت عدداً من الحوادث البارزة، مثل معركة هاستينغز وبدء الحملات الصليبية. عندما نتطلّع إلى الوراء نحو ألف سنة، يصعب علينا تمييز حتى أبرز الفواصل في التاريخ. رغم ذلك، بدلت تلك الوقائع البعيدة المستقبل تبديلاً جذرياً. ولكن ماذا عن القرن الحادي والعشرين؟ ما الذي قد يحققه أولادك وأحفادك وقد يُعتبر مهماً بعد ألف سنة من اليوم؟ سيث شوستاك من «هتفنغتون بوست» جاء بالتالي.
3 تطورات

أعتقد أن ثلاثة تطورات مهمة سيشهدها القرن الحادي والعشرون وستكون بالغة العمق، مع أن ذلك لا يعني بالضرورة أنها ستكون سيئة.

أولاً، سنتمكّن أخيراً من فهم علم الأحياء على المستوى الخلوي. اكتُشف سلم الحمض النووي الحلزوني المزدوج قبل أكثر من ستة عقود، وتستطيع اليوم، لقاء ألف دولار تقريباً، إعداد تسلسل جينوم كلبك أو جينومك.

نظراً إلى التفاعل النشط بين العلوم والتكنولوجيا، ستشمل المعرفة الوراثية هذه عدداً متنامياً من التطبيقات، منها شفاء الأمراض، وهذا ما نرجوه بالتأكيد. لكننا لن نكتفي بإصلاح أنفسنا، بل سنسعى أيضاً إلى إجراء بعض التحسينات. قد تتردد في القبول بفكرة الأطفال المصممين وفق الطلب، إلا أن تعديل الأولاد صار اليوم وشيكاً بقدر شمس الصباح التي تلوح في الأفق.

ثانياً، يحتل المرتبة الثانية على لائحتي لتطورات القرن الحادي والعشرين التوسع في الفضاء القريب. نحتاج إلى مزيد من الموارد، سواء من ناحية المساحة أو المواد الخام، إلا إذا أردنا أن نحكم على ذريتنا بعيش نمط حياة محدود، وفي حالة حروب دائمة. قد نخشى نفاد النفط، إلا أن الأخير يجب ألا يكون مصدر قلقنا الأكبر. فسنستهلك الاحتياطات السهلة الاستخراج من مواد مثل النحاس، الزنك، ومجموعة معادن البلاتينيوم في غضون عقود.

يمكننا العثور على عدد أكبر من هذه العناصر في الكويكبات، علماً أن شركات عدة تخطّط اليوم لاستثمار موارد مماثلة. لكن الفضاء القريب قد يتحوّل أيضاً إلى منطقة عقارية مناسبة لإقامة الشقق السكنية في المستقبل. لا أحد يتوقّع أن تقيم ذريتنا مستعمرات على القمر أو المريخ. لكن الصفقة الأفضل تشمل بناء مساكن ضخمة تدور حول الأرض يمكننا أن نعيش فيها من دون بزة فضائية. تخيل بناء مساكن أكبر من محطة الفضاء الدولية بآلاف المرات. يمكننا أن نسكن عدداً لا محدوداً من الناس في بيئات مماثلة معدة هندسياً. وسنبدأ في مرحلة ما من هذا القرن بتحقيق هذا الحلم. إذاً، شارفت الأيام، التي نمضي فيها حياتنا محتجزين على الكوكب الذي ولدنا عليه، على نهايتها.

ثالثاً، يمكنك أن تتوقع قبل عام 2100 تطوير الذكاء الاصطناعي العام. لا نقصد بذلك الآلات التي تستطيع لعب الشطرنج أو المشاركة في برنامج Jeopardy، بل تستطيع التفكير بمسائل يقوم بها الموظفون الذين يجلسون وراء مكاتبهم اليوم، بما فيها الوظائف القيادية. لا داعي لأن تكون هذه الآلات ضخمة. يبلغ حجم المشبك العصبي في دماغك بضعة آلاف من الأمتار النانوي، في حين أن الترانزستور في الرقاقة أصغر بمئات المرات. من الممكن، إذاً، إدراج القطع الضرورية للتمتع بذكاء يضاهي ذكاء الإنسان (حتى اليوم) في جهاز iPad.

لا شك في أن هذه التطورات ستساهم على الأمد الطويل في الحد من المخاوف اليومية في مجالات مثل السياسة، الحرب والاقتصاد.

لكنها ستغيرنا نحن أيضاً.

من المؤكد أن وضع أعداد كبيرة من الناس في مستعمرات خارج الأرض سيؤدي إلى “الانتواع” (speciation). فبما أن بيئتهم الحسية مختلفة عن الأرض، يظهر التاريخ أن بيئتهم الاجتماعية ستكون مميزة أيضاً. وبعد ألف سنة من اليوم، سيكون سكان مستعمرة في المريخ مختلفين عمن يعيشون على الأرض.

بالإضافة إلى ذلك، ستساهم إعادة هندسة أولادنا في تغيير جنسنا بسرعة أكبر. فسيتيح لنا ذلك إنتاج أولاد مختلفين كثيراً عنا، تماماً كما أن الكلب مختلف كل الاختلاف عن الذئب الرمادي. وهكذا، تحلّ  التحسينات المباشرة التي يطورها المهندسون في المستقبل محل التبدلات العشوائية الأساسية التي شهدها جنسنا أحياناً بسبب التطور الدارويني.

لكن تطوير الذكاء الاصطناعي العام سيكون الحافز الأكثر أهمية وراء التغيير، لأنه لا يقوم على تحسين ذريتنا، بل على استبدال ذرية معدة هندسياً بها. فربما نتمكّن من نشر ثقافتنا وأنفسنا بتزويد دماغنا برقاقات أو تحميل دماغنا في آلة. ولكن كن أكيداً أن النتيجة ستأتي مختلفة تماماً عن الإنسان العاقل، كما عرفناه طوال 50 ألف سنة.

لن تؤدي هذه التغييرات إلى صوغ مستقبلنا فحسب، بل ستصنع منه أمراً مختلفاً بالكامل لا يمكننا تخيله. إلا أنك قد تشكك في أن كل ما وصفته سيحدث خلال هذا القرن، ولكن ألا تعتقد أنه سيتحقق خلال ألف سنة؟

قد يقف مَن عاشوا في القرن الحادي عشر مذهولين أمام التكنولوجيا العصرية اليوم. إلا أنهم لن يواجهوا صعوبة في التعرف إلينا؟ ولكن من المستبعد أن نتمكّن نحن من التعرف إلى البشر بعد ألف سنة من اليوم.

إذاً، نعيش في زمن لا يُعتبر مثيراً للاهتمام فحسب.

back to top