قصة أشهر لاجئ سوري... تعثّر وسقط فتغيّرت حياته!

نشر في 19-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 19-01-2016 | 00:01
راح رجل قصير وممتلئ الجسم يركض في ميدان على طول الحدود المجرية الصربية، على مسافة غير بعيدة من روسكيه. كان يحمل في يده اليسرى حقيبة تسوق قماشية كُتبت عليها عبارة ألمانية تعني «المنتجات العضوية تزيد جمالك». وحمل على ذراعه الأخرى ابنه الباكي سعيد الذي يبلغ 7 سنوات، وقد دسّ في ملابسه الداخلية مبلغ 600 دولار. كان اسمه أسامة عبد المحسن (53 عاماً)، وهو أستاذ تربية بدنية ومدرب كرة قدم باختياره ولاجئ سوري بحكم الظروف.    

في 8 سبتمبر 2015، اتخذت حياة عبد المحسن منحىً حاسماً.

كانت ركلة واحدة كافية لجعل مدرب كرة القدم السوري المحترف أسامة عبد المحسن أحد أشهر اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا في السنة الماضية. بعدما عرقلته مصوّرة مجرية، اتخذت حياته منحىً غير متوقع. «شبيغل» جاءت بالتالي.

كان عبد المحسن وابنه سعيد اثنين من مئات آلاف الأشخاص الذين شقوا طريقهم إلى أوروبا في عام 2015 بحثاً عن الأمان والإنسانية أو سعياً وراء حياة أفضل بشكل عام. تنتهي قصص بعض اللاجئين بمأساة. غرق نحو 4 آلاف لاجئ في البحر الأبيض المتوسط في عام 2015 ولا يزال بعضهم مفقوداً. لكن يصل بعض القصص إلى نهاية سعيدة وينطبق ذلك على قصة عبد المحسن وابنه.

في ميدان روسكيه، تجمّع نحو 1500 شخص ومئات ضباط الشرطة والصحافيين والمصورين المجريين. تحضر الحافلات أحياناً لنقل اللاجئين إلى بودابست، لكن لا تكون المقاعد كافية مطلقاً.

كان عبد المحسن وابنه آخر شخصين بقيا في الميدان وقد أمضيا الليالي الأخيرة في الهواء الطلق. فأصيب سعيد بالسعال وبحمى خفيفة.

الشعور باليأس

أتى الأب وابنه من دير الزور في شرق سورية على أمل بأن يشقا طريقهما إلى ألمانيا حيث ينتظرهما ابن عبد المحسن الذي يبلغ 18 عاماً. حتى تلك اللحظة، كانا محظوظين لأنهما لم يتعرضا للسرقة بل فقدا بطانية فقط وقد تقدّما سريعاً في رحلتهما. يحتفظان بمبلغ من المال والأهم من ذلك أنهما لا يزالان على قيد الحياة.

لاحظ عبد المحسن منفذاً في صفوف الشرطة فركض في اتجاهه قبل أن تمدّ المصورة بيترا لازلو ساقها في محاولةٍ لركله وإسقاطه أرضاً. تعثّر عبد المحسن ووقع، فصرخ سعيد.

تعمل لازلو كمراسلة في روسكيه لصالح قناة يمينية، وربما طغى انتماؤها إلى المجر على عملها الصحفي في تلك اللحظة. أو ربما شعرت بأنها تدافع عن بلدها وتساعد الشرطة. أو ربما فقدت السيطرة على نفسها، وقد لا تكون امرأة لطيفة بكل بساطة. حاولت صحيفة {دير شبيغل} الاتصال بها بشكل متكرر لإجراء مقابلة معها أو أخذ تصريح منها، لكنها لم تنجح. يبدو أن لازلو قررت الانسحاب من الأضواء بالكامل ولا يمكن لومها لأن اللقطة التي عرقلت فيها عبد المحسن صُوّرت أمام الكاميرات وشاهدها ملايين الناس. خسرت الصحافية عملها وانهارت حياتها.

استعاد عبد المحسن توازنه ونهض وبدأ يصرخ في وجه ضابط شركة قريب منه لأنه ظنّ أنه من المعتدين عليه. فهتف في وجهه: {إنه عمل همجي!}. وصل الأب والابن أخيراً إلى بستان في نهاية الميدان. وعند هبوط الليل، شقّا طريقهما نحو بودابست. لكنهما لم يعرفا أن الكاميرات صوّرت حادثة سقوطهما أو أنهما سيشتهران قريباً بسبب هذه الحادثة.

على مرّ حياته، لم يظن أسامة عبد المحسن يوماً أن مصيره سيكون مميزاً. نشأ في بلدة محطة آل زانيا بالقرب من الحدود العراقية السورية، وهو الابن الثامن لسائق شاحنات من أصل عشرة أبناء. في تلك الفترة، بدأ الوضع السوري يتغير. بالكاد كان والد أسامة يجيد كتابة اسمه، لكن درس عبد المحسن في حلب واختار مهنة كانت تُعتبر غريبة حينها في العالم العربي: مدرب كرة قدم.

بعد دخول الجيش، تزوج وأنجب أربعة أولاد وأصبح أستاذ تربية بدنية ودرّب فِرَق الشباب قبل أن يصبح مدرباً في بطولة المحترفين. تمكن عبد المحسن من التعويض عن الضغوط والإهانات التي سبّبها الحكم الدكتاتوري السوري (تدخل النظام الدائم في الشؤون الرياضية، التلاعب بالمباريات، تجسس الشرطة السرية) بالحرية التي كان يشعر بها خلال المباريات.

أشهر تحت القصف

يقول عبد المحسن: {كرة القدم تشبه الحياة. بين صفارة البداية وصفارة النهاية، تكون الاحتمالات لامتناهية، وهذا ما يحصل أيضاً بين الولادة والموت}. يجب أن نكتشف تلك الاحتمالات بكل بساطة. تقبّل حياته وكان سعيداً بها. ثم بدأ {الربيع العربي} واندلعت بعده الحرب.

تلازمه ذكريات عن أشهر القصف المتواصل حتى هذا اليوم. حين يبدأ وابل القصف المكثف، بمعدل ثلاث أو أربع مرات في اليوم، كان عبد المحسن يمسك حقيبته المليئة بالماء وعيدان الثقاب وعلبة الإسعافات الأولية ويحمل سعيد ويرافق عائلته إلى ملجأ يحميهم من القصف في القبو. كانت شقتهم تقع في المدينة القديمة (إنه هدف شائع للمدفعيات الأرضية التي تمركزت ضمن حلقة الحصار حول دير الزور). كانت مسألة وقت قبل أن تتعرض عائلة عبد المحسن للقصف.

في بداية عام 2012، كان الهرب من المدينة لا يزال ممكناً. لكن كان الناس يحتاجون إلى المال للهرب ولم يكن عبد المحسن يملك شيئاً. في إحدى الأمسيات، حضر شقيقه إلى شقته وفتح خزانة في غرفة المعيشة ووضع فيها رزمة من الأوراق النقدية وقال له: {إليك 3500 دولار. إنه كل ما أملك. خذه إذا كنت تحتاج إليه}.

كان المبلغ كافياً كي تهرب العائلة كلها. هكذا بدأت المرحلة التي ستتحول قريباً إلى ملحمة تمتد على ثلاث سنوات.

وصل أفراد العائلة إلى أول محطة من رحلتهم في مدينة مرسين التركية المطلة على البحر المتوسط. كان يمكن أن يبقوا هناك لكنّ الأعمال الوحيدة التي يتقنها عبد المحسن لا تضمن راتباً كافياً. لذا تابعت العائلة طريقها لكن على مراحل. قرروا أن تبقى زوجة عبد المحسن في تركيا مع ابنتهما وابنهما الأكبر بينما يهرب ابنهما الثاني محمد إلى أوروبا عن طريق إيطاليا. أما عبد المحسن وابنه الأصغر سعيد، فسلكا درب البلقان.

يقع المعبر الحدودي في روسكيه على بُعد 164 كلم من بودابست، وهو أحد الأماكن القليلة التي لا تزال مفتوحة على طول الحدود بين صربيا والمجر.

المصوّرة المجرية

كانت الشرطة تستعمل رذاذ الفلفل والهراوات، مع أن أحداً لم يتعرض لضرب وحشي بعد. ربما حصل ذلك بسبب حضور الصحافيين، فقد تجمّع نحو 30 مراسلاً وفريقاً تلفزيونياً هناك. كان الصحافي ستيفن ريتشر الذي يعمل في قناة {RTL} الألمانية حاضراً معهم.

لكن واجه ستيفن ريتشر، ذلك الرجل الطويل والهزيل والودود، مشكلة. فقد أضاع مصوّره وسط تلك الفوضى العارمة. شاهد ريتشر على مسافة قريبة منه مصورة مجرية تعمل مع شبكة «N1TV} في بودابست وتضع قناعاً على فمها: إنها بيترا لازلو، تلك المرأة الشقراء التي تبدو في منتصف الأربعينات من عمرها. كانت ترتدي قميصاً باللون الأزرق الفاتح مع سروال جينز.

أخرج ريتشر جهاز {آي فون} الخاص به ورفعه فوق رأسه. أراد أن يصور بعض اللقطات على الأقل، حتى لو اختفى مصوره عن الأنظار. في غضون ذلك، بدأ عبد المحسن يشق طريقه، بأكبر حذر ممكن، نحو البستان في نهاية الميدان. حين حاول الهرب من الشرطة، مدّت المصورة المجرية قدمها وعرقلته. صوّر الصحافي التلفزيوني الألماني ريتشر المشهد كله.

عشية ذلك اليوم، نشر ريتشر الفيديو في تغريدة على تويتر، فحصد 945 ألف مشاهدة. وعلى فيسبوك، حصد الفيديو نفسه في البداية 95 ألف مشاهدة. لكن حين تدخلت قناة Channel4 البريطانية وأعدّت تقريرها الخاص عبر استعمال فيديو ريتشر، بدأت تلك المشاهدات تزداد بنسبة قياسية. يقول ريتشر الذي كان يراقب أصداء الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي إن المقطع شوهد حتى الآن بين 30 و40 مليون مرة.

يتمتع المقطع بجميع الخصائص التي تسمح له بالانتشار على أوسع نطاق ممكن، فهو قصير ويعكس أزمة مأساوية بطريقة بسيطة: يركض لاجئ فتركله سيدة شقراء وتطرحه أرضاً، لكنه يعاود النهوض. يطرح الفيديو بكل بساطته جانباً أخلاقياً معيناً: لا يفترض أن يتصرف الأوروبيون بهذه الطريقة ويتجاوز هذا السلوك جميع الخطوط المتعارف عليها. ربما أفادت بيترا لازلو قضية اللاجئين أكثر من المنتقدين والواعظين في القارة كلها. أقل ما يمكن قوله هو أنها غيرت مصير عبد المحسن.

دعوة إلى إسبانيا

شاهد رجل في إسبانيا التسجيل الذي يظهر فيه عبد المحسن وهو يتعثر: إنه ميغيل أنخيل غالان وهو رئيس {الرابطة الإسبانية لمدربي كرة القدم}. حين انتشرت معلومة مفادها أن عبد المحسن كان من محبي كرة القدم، شعر غالان، الذي كان يجلس على بُعد مئة كلم في مكتبه الفخم الواقع في ساحة إسبانيا في خيتافي، بوجود قاسم مشترك بينه وبين ذلك الرجل المسكين الذي يظهر في الفيديو، وكأنهما زميلان بطريقةٍ ما. بدا غالان أشبه بمدرب غاضب يحتج على قرار غير عادل في المباراة. يوضح: {أدركتُ فوراً أننا مضطرون إلى تقديم المساعدة. هذا الرجل هو واحد منا، لذا دعوناه إلى إسبانيا}.

لا تخلو خطوة غالان طبعاً من الغطرسة وهي تطرح سؤالاً واضحاً: لو كان عبدالمحسن يدرب رياضات أخرى مثل القفز بالعصا، هل كان ليبقى وحيداً في مواجهة مصيره؟

في مطلق الأحوال، تلقى عبد المحسن حين وصل إلى ألمانيا اتصالاً هاتفياً لن ينساه في حياته. كان غالان على الخط وتحدث معه عن طريق مترجم وقدم له عرضاً: هل يهتم عبد المحسن بالمجيء إلى مدريد كي يدخل كلية المدربين ويحصل على عقد عمل ودروس لغة وشقة ومختلف وسائل الراحة؟ شعر عبد المحسن بالصدمة أمام هذا العرض.

في ميونيخ، قابل عبد المحسن ابنه محمد الذي نجح في الوصول إلى هناك بدوره، ثم ركبا القطار واتجها إلى مدريد معاً. نظم ميغيل غالان حفلة لاستقبالهما في محطة القطارات {بويرتا دي أتوشا}. بعد أيام، تصور عبدالمحسن مع النجم الشهير كريستيانو رونالدو. حتى أن ابنه الأصغر سعيد سيتمكن من مرافقة رونالدو إلى الملعب قبل موعد المباراة. تبدو النهاية سعيدة حتى الآن على الأقل.

بعد أسابيع عدة، جلس عبد المحسن على كرسي قديم تحت مصباح خافت في غرفة المعيشة داخل شقة صغيرة في ضواحي مدريد. حصل على الشقة كتقدمة له.

خلد سعيد ومحمد للنوم لأنهما سيذهبان إلى المدرسة في يوم الغد. كان يجب أن ينظف عبد المحسن المطبخ ويغسل الأطباق ويرتّب الشقة ويخرج النفايات، لكنه كان مرهقاً جداً. لم يعتد يوماً على التنظيف بهذه الطريقة. كانت والدته ثم زوجته تهتمان بهذه المسائل دوماً. بشكل عام، لا يمضي الرجال العرب وقتاً طويلاً في المطبخ.

عالم مختلف

لكن يبذل عبد المحسن قصارى جهده لتدبّر أموره. لا يجيد طبخ أطباق كثيرة، لكنه متخصص بتحضير البيض المخفوق مع الطماطم ويستطيع إعداد الدجاج والفاصولياء، لكن تعمّ الفوضى في مطبخه كلما حاول أن يطبخ.

وجد المسؤولون في {الرابطة الإسبانية لمدربي كرة القدم} شقة لعبد المحسن وفرشوها ووضعوا فيها أغطية للأسرة ومناشف وأدوات مطبخ وكراسي وتلفازاً. جلبوا له أيضاً تصريح العمل وأمنوا له وظيفة. رسمياً، يفترض أن ينشئ قسماً مسؤولاً عن التواصل مع جمعيات كرة القدم في العالم العربي.

لكن بدا وكأن هذه الوظيفة مجرّد واجهة ظاهرية. يعلم عبد المحسن أنه مضطر إلى تعلم اللغة أولاً، وهو تحدٍّ صعب بما يكفي. لكنه يقبض على الأقل نحو ألفَي يورو في الشهر. بعد تسديد نفقات الإيجار والطعام، يبقى معه بين 200 و300 يورو ويرسل المبلغ إلى زوجته. عدا هذه التحديات، يركز على الاستقرار في إسبانيا.

لكنه لم ينجح في مساعيه بعد. صحيح أن منطقة خيتافي الإسبانية أصبحت وطنه الجديد، لكنه يعترف بأنه لم يتصور يوماً أن يكون هذا العالم الجديد مختلفاً لهذه الدرجة.

فيما يتكيف أبناؤه مع بيئتهم الجديدة بكل حماسة عبر تعلم مفردات إسبانية وتذوق الباييلا وفهم طريقة تصنيف الزجاجات، لا يزال والدهم يجد صعوبة في الاستفسار عن ثمن كيلوغرام من الطماطم! في هذه الأيام، يتعلم مجموعة من الأفعال باللغة الإسبانية. لكن حين يتحدث ثلاثة إسبان أمام عبد المحسن، لا يفهم كلمة: {أشعر حينها بأن حجارة تنهمر علي}.

لمشاهدة مباريات كرة القدم، يفضل عبد المحسن التواجد في مقهى {كافيه ماروكين}.

«يسألني دوماً عن أمه»!

منذ فترة غير طويلة، فهم عبد المحسن أنه لن يحقق على الأرجح أهم أمنية لديه سريعاً: تتعدد العوائق التي تحول دون مجيء زوجته وولدَيه الآخرَين إلى إسبانيا. يفرض قانون الهجرة الإسباني تقديم شهادة رسمية تثبت أن أفراد عائلته تربطهم قرابة حقيقية. لا بد من تقديم الأوراق الثبوتية المناسبة أيضاً ولا يمكن الحصول عليها إلا من السفارة السورية في أنقرة لكنها رفضت على نحو مفاجئ استقبال زوجة عبد المحسن.

لكن من دون تلك الوثائق، لا يبدو الإسبان مستعدين للموافقة على لم شمل عائلة عبد المحسن. أصرّت الحكومة على عدم اتخاذ قرار استثنائي يسمح بجمع هذه العائلة المؤلفة من ستة أفراد.

قبل فترة قصيرة من عيد الميلاد، عقد غالان مؤتمراً صحفياً مع زميله الجديد عبد المحسن. وباسم عبد المحسن، وجّهت رابطة المدربين الإسبان رسالة إلى وزير الخارجية الإسباني ماريانو راخوي وطالبته بأن يسرّع معاملات اللجوء الخاصة بعائلة عبد المحسن. لكن لم يتضح بعد مفعول تلك الرسالة.

مع حلول عيد الميلاد، حجز غالان رحلة لعبد المحسن كي يتمكن من تمضية بضعة أيام على الأقل مع بقية أفراد عائلته في تركيا بعد أن ابتعد عنهم لأربعة أشهر. يقول عبد المحسن: {يسألني سعيد دوماً عن أمه}.

قبل الانغماس التام في أجواء الحياة في أوروبا، كان عبد المحسن يتمنى رؤية عائلته مجتمعة. لكنه ممتنّ في الوقت نفسه لأنهم لا يزالون على قيد الحياة. لم يكن سوريون كثيرون محظوظين بقدرهم.

مخاوف وتحفظات

يبقي عبد المحسن مخاوفه وتحفظاته لنفسه. يعيش لاجئون سوريون آخرون في الخيم أو في ملاجئ موقتة ويتسوّل بعضهم في شوارع بيروت علناً. مقارنةً بتلك الأوضاع المأساوية، يعيش عبد المحسن في جو من الرفاهية. اعتُبر قدوة للاجئين السوريين الآخرين ويتصل به بعضهم لطلب المساعدة لأنهم يعتبرونه رجلاً مهماً ونافذاً.

خلال فترة قصيرة، كانت الإشاعات بشأنه مختلفة وأكثر سوءاً. انتشرت معلومات على شبكة الإنترنت مفادها أن هذا اللاجئ الشهير يتعاطف مع {جبهة النصرة} وشارك في أعمال العنف ضد الأكراد. لكن يردّ عبد المحسن على هذه الادعاءات قائلاً: {لا علاقة لي بالموضوع. أرفض جميع أشكال العنف}. لكنه لا يستطيع عملياً الدفاع عن نفسه في وجه هذه الاتهامات غير المثبتة.

يبدو وضع عبد المحسن راهناً أشبه بتجربة يراقبها عامة الناس لاختبار مدى نجاح مفهوم الاندماج. إذا فشل في التكيف مع هذه الثقافة الجديدة، رغم دعم أرباب عمله ونواياهم الحسنة تجاهه، كيف يمكن أن تتوقع أوروبا أن يتكيف اللاجئون الآخرون؟

حصل عبد المحسن على شقة ومفروشات ودروس في اللغة، لكن كان يجب أن يتدبر الجوانب الأخرى من حياته بنفسه. أمضى 50 عاماً في سورية ولم تحضّره حياته هناك لأجواء أوروبا. يحتاج إلى التحلي بالصبر والقوة، لكنه خسر هاتين الميزتين في السنوات الأخيرة التي أمضاها في الهرب. لذا يبدو وحيداً في مناسبات كثيرة.

back to top