تقرير بريطانيا عن الإخوان... من هنا نبدأ

نشر في 26-12-2015
آخر تحديث 26-12-2015 | 00:09
 عبداللطيف المناوي تعامل البعض مع التقرير البريطاني بحالة من عدم الرضا عن محتواه، وقلل بعض آخر من أهميته، على الرغم من أنه أول موقف حاسم وقوي وحقيقي من دولة غربية ضد جماعة "الإخوان المسلمين"، بل جاء من الدولة التي يعتبرها البعض معقل "التنظيم الدولي" في أوروبا.

لا أحبذ أن يتم التعامل مع التقرير بشكل جزئي، بل يجب التعامل معه بشكل كلي، والنظر إلى محتواه الكلي، الذي يدين جماعة "الإخوان" لأول مرة، ويعتبرها معبراً إلى تنظيمات التطرف، واعتباره أن أيديولوجية الإخوان وأنشطتهم تتعارض مع مبادئ بريطانيا، من ناحية الديمقراطية، وسيادة القانون، والحرية الشخصية، والمساواة، والتسامح بين مختلف الأديان، بالإضافة إلى أنه يدفع الحكومة البريطانية للقيام بالعديد من الإجراءات، منها منع الأعضاء المرتبطين بالجماعة من الحصول على التأشيرة البريطانية، ووعود بإبقاء أنشطة الجماعة تحت المراقبة.

جاء التقرير في لغة شديدة الإحكام، شديدة "الإنكليزية"، بكل ما تعنيه هذه الكلمات من انضباط، والتزام بالقانون. ربما لم يحمل التقرير عبارات طنانة وفضفاضة، لكنه دان الإخوان، ولا سيما أنه تتبع تاريخ الجماعة منذ نشأتها قبل أكثر من 80 عاماً، وخلص إلى أن مؤسسها حسن البنا قبل باستخدام العنف لأغراض سياسية، ومنها تنفيذ الاغتيالات.

 وأشار التقرير إلى سيد قطب وترويجه لـ "عقيدة التكفير"، والسماح باللجوء للعنف لبناء "المجتمع المثالي"، وهي الأفكار التي نتج عنها "بروز الفكر التكفيري"، وتأكيد التقرير أن كثيراً من قيادات الإخوان الآن يؤيدون أفكار سيد قطب التكفيرية، وتوصل التقرير إلى سعي المرتبطين بالجماعة في لندن إلى "إقامة دولة إسلامية".

التقرير لم يقل هذا فقط، بل أشار إلى أن الجماعة كثيراً ما اعتبرت "بريطانيا عدوة أيضاً، وكانت عدائية تجاهها"، ثم بعد هذا وضع عدداً من المحددات أمام المملكة المتحدة، مثل منع ذوي الصلات بالجماعة من دخول بريطانيا، ووضع خطوط حمراء تحت أسماء مؤسسات وجماعات تروج لنفسها بأنها "خيرية"، ذكر العديد منها في التقرير بالفعل، الذي اعتبرها متطرفة، كما وضع علامة استفهام بشأن الأفراد المنتمين للجماعة، والذين يشغلون مناصب في الجامعات والدوائر الحكومية في بريطانيا.

توصل التقرير إلى كل هذا عن طريق قراءة تاريخ الإخوان، وتحركاتهم وأفكارهم. واللافت في التقرير، هو عمق التناول والتحليل، والاستنتاج القائم على معلومات ووثائق تاريخية، وهو ما يدفعنا جميعاً إلى ضرورة التعامل معه بشكل إيجابي، والاعتماد على ما فيه، والبناء عليه، والبدء منه، لكي يصدر مثل هذا التقرير من دول أخرى غربية وأوروبية، ووقتها يمكن القول إننا نجحنا في محاربة الإرهاب.

أهمية هذا التقرير يمكن معرفتها من ردود فعل التنظيم الدولي للإخوان المرتبكة، التي دفعتهم للاستعانة بفريق قانوني يترأسه محامي الدفاع البريطاني الشهير طيب علي، لمتابعة موقف التنظيم قانونياً، وحماية أعضائه المقيمين في لندن من الترحيل أو الإبعاد.

تقرير الإخوان هو انتصار حقيقي، ضد التنظيم الدولي للإخوان في معقلهم، ويكفي أنه يأتي من الدولة التي يعتبرها البعض معقلاً لهم وبيتهم الآمن، لذا يجب البدء منه، والبناء عليه، لكشف الأفكار التكفيرية التي تتبناها الجماعة في باقي دول العالم، وهو ما يحتاج منا إلى مجهود كبير نضيعه في انتقاد التقرير البريطاني.

back to top