الشباب ومعرض الكتاب

نشر في 02-12-2015
آخر تحديث 02-12-2015 | 00:01
 طالب الرفاعي حين نشرت مقالي السابق عن معرض الكويت للكتاب في دورته الأربعين بعنوان: "يصيبك الوجع فأصرخ"، همسَت بي صديقة عزيزة هي الكاتبة ليلى العثمان بصوت عتب المحب: "نسيت ذكر كتب كثيرة من بينها روايتي الأخيرة : حكاية صفية، ورواية دلع المفتي: رائحة التانغو!" أخبرتها بأن الكتب الممنوعة كثيرة، وأنني لم أكن بصدد ذكرها ولكني كنتُ مهموماً بالتطرق إلى السبب الرئيسي وراءها، وأعني بذلك الرقابة.

في السنوات الأخيرة صارت الرقابة عنواناً لمعارض الكتب. وإذا كانت إدانة الرقابة واجبة بالنسبة للمبدع، فهو مخلوق يعشق معانقة الحرية والتحرر وتكره روحه القيود. وكذا الكتب ملّت من رقابة بليدة، تقف عند كلمة أو جملة وتتعامى عن رؤية إنسانية وعن مسوغ يتناسب وروح العصر. لذا وبمناسبة انتهاء الدورة الأربعين لمعرض الكويت للكتاب سأبتعد عن الخوص في بؤس الرقابة وأثرها الشنيع في الإساءة إلى سمعة الكويت الثقافية، وقطعها لوصل الفكر والإبداع بين المؤلف والقارئ، وتضرر الناشر الكويتي والعربي واستيائه من منع كتب كثيرة أدّت إلى تردّي مبيعاته. وسأتطرق إلى أمور أخرى يجب التوقف عندها، وعلى النحو التالي:

1- وجود الناشر المحلي خلال السنوات الأخيرة في المعرض وبالشكل اللافت، أعطى المعرض زخماً وروحاً جديدة، وجعل الكثير من الناشرين العرب يعيد حساباته، ليس فقط في معرض الكويت للكتاب ولكن في عموم معارض دول مجلس التعاون.

2- وجود الناشر المحلي كان محركاً أساسياً وفاعلاً في جذب الكاتب الشاب، وتهيئة فرصة مغرية له للظهور أمام الجمهور، وتقديم كتابه كمشاركة إبداعية في المشهد الثقافي الكويتي.

3- يبدو واضحاً أن العدد الأكبر من زوار المعرض هم من فئة الشباب والناشئة إلى جانب فئة مخضرمة يشكّل الفكر والأدب والقراءة جانباً مهماً في حياتها. ولأن الشباب هم رهان الغد المشرق، فإن الملاحظة تبدو سارة ومبشرة بولادة وتشكل جيل من الشباب الكويتيين المبدعين، وحتماً من بين هؤلاء سيبرز الكاتب المختلف والموهوب الذي سيضيف جديداً لنتاج الساحة الإبداعية الكويتية في القصة والرواية والشعر.

4- إصرار الكاتب الشاب على السير في طريق الكتابة وعدم الاقتناع والوقوف عند الكتاب الأول، يشير بوضوح إلى إصرار الشباب على أن يكونوا جزءاً أساسياً من المشهد الإبداعي. فكما يُقال: كل إنسان قادر على كتابة رواية واحدة، لكن المهم هو الاستمرار في الكتابة.

5- وجود دور نشر كويتية تهتم بأدب الطفل وتحرص على تقديم أسماء كويتية وعربية لافتة في هذا المجال يُحسب للمعرض، ويُحسب أكثر لأشخاص مخلصين للكويت ولأبناء الكويت وللثقافة، وذلك باختيارهم لمجال النشر للطفل. فهناك أسماء صارت تكرّس نفسها للكتابة للطفل مثل: هدى الشوا، ولطيفة البطي، وهبة مندني، وعايشة الفجري وغيرهن كثير، خاصة أن الملاحظة تشير إلى أن أغلبهم من النساء. ومنْ أقدر وأفهم من المرأة على مخاطبة عقول ونفسيات ومشاعر الأطفال والناشئة. وكم يبدو دالاً حصول بعضهن على اعتراف محلي وخليجي وعربي عبر جوائز أدبية رفيعة.

6- وجود عدد لا يستهان به من الأندية الأهلية الثقافية النشيطة والفاعلة، وتوليها مهمة تقديم أنشطة ثقافية طوال مدة المعرض إلى جانب النشاط الثقافي الأساسي الذي يقدمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يعدُّ إضافة مهمة لمعرض الكتاب.

7- ظهور الكتّاب المخضرمين الذين تركوا بصمة واضحة على مسار الإبداع الكويتي ومشاركتهم جنباً إلى جنب مع الكاتب الشاب هو وصل مهم لتجاوز الهوة بين مختلف أجيال الإبداع في الكويت، وبما يخلق حافزاً كبيراً ودافعاً لدى الكثير من الشباب على إكمال مشوار الإبداع.

8- رغم وجود ظواهر سلبية كثيرة في تواقيع الكتب، وطغيان الشللية والمراهقة والميديا عليها، فإن بعضها الذي يسير في درب تقديم الكاتب المبدع لجديده بشكل متزن ولطيف، يُعدَّ علاقة مهمة بين الكاتب وجمهوره.

معرض الكويت للكتاب يجتر شكله الرتيب الذي لم تمسّه الجدة منذ أربعين سنة، وتضربه الرقابة في مقتل. لكن، مظاهر الإيجاب وخاصة الشبابية حاضرة ومشرقة ولا يصح التعامي عنها.

back to top