{داعش}... لمَ ينتصر في الحرب على الإنترنت؟

نشر في 01-12-2015 | 00:01
آخر تحديث 01-12-2015 | 00:01
عقب اعتداءات باريس، تزداد السلطات قلقاً حيال مهارات داعش في استخدام الإنترنت. لكن التدابير التي اتخذتها أوروبا حتى اليوم للتصدي لذلك جاءت عقيمة.

يبدو هذا أشبه بجنون العظمة الجهادي: «سنحتل روما، ونكسر صلبانكم، ونستعبد نساءكم». ويضيف المتطرفون أن على كل مسلم أن يقتل «صليبياً»، وخصوصاً في الولايات المتحدة، وبريطانيا العظمى وأستراليا، وفرنسا، وألمانيا. ويحذرون من أن ما سيواجهه الغرب سيكون أسوأ من أي أمر مضى.

نُشرت هذه الكلمات في «دابق»، مجلة تابعة لداعش متقنة جداً على شبكة الإنترنت، في عدد شهر فبراير بالتحديد، أي قبل بضعة أسابيع فقط من الاعتداءات على المجلة الساخرة «شارلي إيبدو» في باريس.

ندرك اليوم أن المتطرفين يعنون كل كلمة يقولونها. «شبيغل» تناولت التفاصيل.

حتى الأسابيع الماضية، كانت قد وقعت حادثة واحدة فجر فيها انتحاريون أنفسهم في مدينة أوروبية كبرى: لندن عام 2005. لكن الخبراء الأمنيين الألمان يعتقدون اليوم أن الاحتمالات كافة باتت ممكنة. تفاعلت الحكومة الألمانية في الحال مع الاعتداءات في باريس، فعززت الضوابط على الحدود والتدابير الأمنية في محطات القطار، المطارات، والأماكن الحساسة. كذلك بدأ المكتب الفدرالي لحماية الدستور، وهو جهاز الاستخبارات المحلي الألماني، بتركيز انتباهه على نحو 420 شخصاً في ألمانيا مصنفين إسلاميين قد يكونون خطرين. نتيجة لذلك، شددت ألمانيا شبكة مراقبتها المجتمع السلفي إلى أقصى حد ممكن.

رغم ذلك، أُرغمت القوى الأمنية على الإقرار بأن أيديها مكبلة في مجالات أخرى. فقد لاقت الاعتداءات في باريس التهليل في جزء من شبكة الإنترنت الناطق باللغة الألمانية، وتشارك الإسلاميون الشبان الكثير من صور القتلى والمواطنين المصدومين على موقعي Snapchat وتويتر.

كتب مؤيدو Wacht auf (اصحُ)، مجموعة سلفية في أوفنباخ قرب فرانكفورت، على موقع فيسبوك: {لا تصلوا لأي ممن ماتوا ولا تقفوا عند قبورهم لأنهم لا يؤمنون بالله ومرسليه وساروا في درب الشر}. كذلك ذكر أحد داعمي الجهاد يتحدث الألمانية من {قلب الخلافة} حسبما يُفترض: {داعش قوي وقادر على الانتقام}.

في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، لداعش تأثير مدمر. وما زالت السلطات في ألمانيا وغيرها من الدول عاجزة عن التصدي له في هذا المجال.

دعاية متطورة

تنمو المخاوف من أن يزداد الإسلاميون في ألمانيا تطرفاً نتيجة اعتداءات باريس، وأن ينتقلوا من العالم الافتراضي إلى العالم الفعلي. يعبر هولغر ميونخ، رئيس مكتب الشرطة الجنائية الفدرالي، عن خوفه قائلاً: {قد تتحول سلسلة الاعتداءات في فرنسا إلى نموذج أو على الأقل إلى حافز يستند إليه القتلة المقلدون ليرسموا خططهم}. وفي الإطار عينه، يضيف أن ردود الفعل على الإنترنت، التي بدا بعضها {متحمساً جداً}، تشكل مصدر قلق.

تجلت مخاوف الحكومة بوضوح أخيراً، عندما اعتُقل عدد من {الإرهابيين المشتبه بهم} في بلدة قرب مدينة آشن الغربية ليُطلق سراحهم بعد بضع ساعات. كذلك ظهرت المخاوف جلية حين ألغيت مباراة كرة قدم بين الفريقين الوطنيين الألماني والهولندي في الدقيقة الأخيرة، بعدما تلقت السلطات معلومات عن اعتداء وشيك. ولا شك في أن هذه المخاوف لن تختفي.

لطالما عرف الخبراء من مكتب الشرطة الجنائية الفدرالي، جهاز الاستخبارات الفدرالي، والمكتب الفدرالي لحماية الدستور أن هذه كانت نية داعش بالتحديد منذ البداية. لكنهم تفاجأوا من مستوى التطور الذي يستخدم به داعش، الذي يُفترض أنه خارج من العصر الحجري، كل القنوات الرقمية المتوافرة. فقد نسبت باحثون في مجال الإسلام السياسي أكبر من 46 ألف حساب على تويتر إلى مروجين لدعاية داعش وداعمين له.

بالإضافة إلى ذلك، ثمة ألف لقطة مسجلة لداعش يجري تداولها على شبكة الإنترنت. نرى في بعضها بالحركة البطيئة عمليات قطع رأس أو إعدام بالرصاص أو الذبح في ساحة القتال، في حين تصور أخرى أولاداً في المدارس يضحكون، عمالاً يحصدون المحاصيل في جو معد بإتقان فني عالٍ، ورجال شرطة يوجهون السير. الرسالة واضحة: انظروا كم {الخلافة} قوية ومميزة!

على سبيل المثال، نُشر في أواخر شهر سبتمبر الماضي شريط فيديو مدته تسع دقائق ونصف دقيقة  يُدعى {يوم الاحتفال بمجاهد}. يصور الشريط الحياة الجميلة التي يعيشها {أبو يوسف الألماني}، الإسلامي الذي يظهر دوماً في أشرطة مماثلة بعينيه الزرقاوين ولحيته الحمراء. فتراه يقود سيارته بهدوء من مكان هادئ على الجبهة ليأخذ ابنه من رجل مسن، ثم يتنقل في السوق حيث تمتلئ الأكشاك بالمنتجات. يشتري الحفاضات، الشوكولاتة ، ولعبة كلاشنكوف لابنه، الذي يلبسه بعد ذلك زي داعش.

يشكل هذا {واقعاً} عاطفياً معداً بطريقة محترفة يقدّمه داعش لداعميه حول العالم. وبخلاف ما يظنه كثيرون، تحقق هذه النسخة المجمّلة من الجهاد فاعلية أكبر كأدات تجنيد، مقارنة بأفلام التنظيم العنيفة.

في شهر أكتوبر نشرت مؤسسة Quilliam الفكرية البريطانية مقالاً بعنوان {توثيق الخلافة الافتراضية}. ولإعداده، أمضى الباحث تشارلي وينتر 30 يوماً في دراسة منشورات داعش. فتحقق من نحو 1146 شريط فيديو، مجموعة صور، ملفات سمعية، وأعمال أخرى من مواد داعش الدعائية.

إليكم الخلاصة التي توصل إليها: صحيح أن العنف الوحشي كثير الانتشار في عدد كبير من المستندات، إلا أن أكثر من نصفها يصور المناطق التي يسيطر عليها داعش في سورية والعراق على أنها المدن المثالية في الشرق الأوسط. وتنقل مقتطفات أخرى مشاعر الأخوة والزمالة وكرم داعش نحو المهتدين، علماً أن هذا الوصف لا يمت إلى الواقع بصلة.

أشرطة فيديو خطيرة

رغم ذلك، تؤدي هذه الرسالة الغاية المرجوة، حتى في ألمانيا. فمنذ أن أعلن داعش بفخر {خلافته} في شهر يونيو عام 2014، سجل المكتب الفدرالي لحماية الدستور زيادة كبيرة في عدد السلفيين. يُفترض أن عددهم اليوم وصل إلى 7900 شخص في أكثر من 100 شبكة تتألف من 10 إلى 80 فرداً. وقد حملت كلمات مسؤول بارز في مجال الأمن علامات الاستسلام، حين قال: {لدعاية داعش على شبكة الإنترنت تأثير عاطفي كبير لا يمكننا المغالاة في وصفه}.

في معظم الحالات، تلقى رسالة المتطرفين القبول بين الشبان الذين لا يملكون فرصاً كبيرة ويبدو مستقبلهم قاتماً. فهذا ما لوحظ في بعض الأحياء في برلين وأجزاء مختلفة من منطقة الراين-ماين قرب فرانكفورت. وينطبق الأمر عينه على لوبيرغ، منطقة تعد نحو 6000 نسمة في مدينة دنسلاكن الشمالية الغربية، حيث كانت الرسائل من شبكة الإنترنت وعدد صغير من المجنِّدين كافية لحض نحو 12 رجلاً شاباً على المشاركة في الحرب باسم الله، علماً أنهم كلهم تقريباً ماتوا.

تطرّف

لا يختلف الوضع في تاننبوش، قسم من مدينة بون، حيث يُعتبر الإمام المتطرف إبراهيم أبو ناجي شخصية واسعة النفوذ. يمثل ماركو ج. من تاننبوش راهناً أمام المحكمة الإقليمية العليا في دسلدورف، بعد أن اتُّهم بمحاولة تنفيذ اعتداء على محطة قطار رئيسة في بون عام 2012 والتآمر لقتل يميني متطرف.

لا تزال تاننبوش معقلاً للتطرف حتى اليوم. فما عاد الرجال الملتحون بقلنسواتهم والنساء المرتديات البرقع يلفتون الأنظار في هذه الشوارع التي تحدها أبنية سكنية شبيهة بالثكنات. أما الأحياء الثرية في هذه العاصمة الألمانية السابقة، فتقع في الجانب الآخر في أوتوبان.

على نحو مماثل، غادر عدد من الرجال الشبان من تاننبوش للمشاركة في القتال في سبيل دولة فاضلة إسلامية في سورية. فقد أحصت السلطات أكثر من 750 شخصاً سافروا من ألمانيا إلى سورية والعراق، ويبدو أن ثلثهم فقط عادوا إلى ألمانيا. نتيجة لذلك، يتلقى المدعون العامون أعداداً كبيرة من القضايا، حتى إن عدد التحقيقات والقضايا الجنائية التي يتولاها مكتب المدعي العام الفدرالي في مدينة كارلسرويه الجنوبية الغربية ازداد بنحو الضعف منذ شهر مارس. وارتفع عدد الملفات المرتبطة بسورية والعراق من 68 في شهر مارس إلى أكثر من مئة اليوم.

حتى أولئك الذين لم يذهبوا يوماً إلى الشرق الأوسط يخضعون لمراقبة مشددة منذ نهاية الأسبوع الماضي. فقد عملت الشرطة في الحال على تحديد مواقع المتطرفين المعروفين بعيد اعتداءات باريس. كذلك زار رجال الشرطة الإسلاميين الذين يُعتبرون خطراً محتملاً وأبلغوهم أنهم خاضعون للمراقبة.

ولكن نظراً إلى تأثير دعوات داعش القوية والوعود الكثيرة التي يقدمها، ما زلنا نجهل مدى فاعلية تدبير مماثل. يوضح عميل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي السابق علي صوفان أن داعش {المجموعة الأولى من هذا النوع التي اكتشفت ما يمكنها تحقيقه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي}. فتمثل الدعاية الإسلامية على شبكة الإنترنت مادة قابلة للانفجار، وفق أحمد منصور، عالم نفس في برلين وإسلامي سابق نشر أخيراً كتاباً بعنوانGeneration Allah: Why We Need to Rethink Our Approach in Fight Against Religious Extremism (جيل الله: لمَ علينا أن نعيد التفكير في مقاربتنا إلى محاربة التطرف الديني).

يوضح منصور أن عدداً كبيراً من الشبان المسلمين اليوم يستمدون معلوماتهم عن الإسلام من شبكة الإنترنت. ويشدد على أنهم يعيشون في عالم رقمي موازٍ يحل في فيسبوك، تويتر، وSnapchat محل التجمعات في المساجد.

صحيح أن المساجد ما زالت متوافرة، مثل مسجد النور في حي نيوكولن في برلين، حيث يُسمح للمنادين بالكراهية بنشر أفكارهم. إلا أنهم لا يستطيعون نقل رسالتهم إلا في أوقات محددة ولمجموعات صغيرة من الناس.

في المقابل، تنتشر خطب الدعاة المتطرفين كالنار في الهشيم على موقع يوتيوب. على سبيل المثال، يحظى بيتر فوغل من كولونيا، الذي اعتنق الإسلام، والذي يتحدث بالحصافة ذاتها عن مشروبات الطاقة، ألعاب الفيديو، والجنة، بأكثر من 120 ألف معجب على موقع تويتر. يقول منصور: {قد تبدو المعتقدات السلفية كما لو أنها خارجة من العصور الحجرية، إلا أن معتنقيها يبرعون في العالم الديني الرقمي}.

بالنسبة إلى مَن تركوا الدراسة، العاطلين عن العمل، والمنبوذين اجتماعياً، تبدو عروض المروجي للخلافة رسالة مقنعة: كونوا جزءاً من النخبة التي تكتب التاريخ، لا تتبعوا الكفار، بل اتبعونا. ويتابع منصور منتقداً: {يشكل السلفيون راهناً عمالاً اجتماعيين أكثر مهارة}. علاوة على ذلك، نجح داعش بمفرده في تحويل نفسه إلى ماركة عالمية. قدّم مغني الراب الألماني السابق دينيس كاسبرت أناشيد داعش، ويتمتع بمكانة مرموقة جداً في الأوساط السلفية الألمانية. أشار بعض التقارير إلى وفاته مرة أخرى عقب الضربات الجوية الأميركية في سورية، إلا أنها قد لا تكون دقيقة، فتعتقد السلطات الأمنية الألمانية أن كاسبرت ما زال حياً، مشيرةً إلى دليل محتمل هو عبارة عن تسجيل لمحادثات بين سورية وألمانيا اعترضتها السلطات بعد إعلان وفاته. وإن كان حقاً لا يزال حياً، فقد يواصل هذا المتطرف الذي ولد في برلين نشر رسائل الكره ضد وطنه السابق. يبدو السياسيون عاجزين تماماً في وجه حملة داعش الدعائية المحترفة، العالمية، واللامركزية هذه. ففي شهر سبتمبر عام 2014، أعلن مسؤولون في وزارة الداخلية الألمانية أن من المهم الإقرار {بأن هذا النوع من الثقافة الشعبية الذي يمجد داعش ينتشر في ألمانيا}.

في تلك الفترة، أصدر وزير الداخلية توماس دي ميزير حظراً على نشاطات داعمي داعش في ألمانيا. ومنذ ذلك الحين، صار كل مَن يوزع رموز داعش في الشارع أو على شبكة الإنترنت عرضة للسجن سنوات عدة. يوضح ممثلو هذه الوزارة: {صار المزودون أكثر حذراً منذ ذلك الحين، وصاروا يحذفون المواد بسرعة أكبر}. لكن هؤلاء المسؤولين يعرفون أن كل ما يظهر على شبكة الإنترنت تقريباً يظل عليها. فما حُذف سريعاً عن موقع فيسبوك قد يعاود الظهور على Snapchat، Diaspora، أو الشبكة الروسية vk.com. بالإضافة إلى ذلك، تزيد خدمات الرسائل مهمة السلطات تعقيداً. ولعل الأبرز بينها Telegram، تطبيق مجاني طوره أخوان روسيان هما نيكولاي وبافيل دوروف. ومن المفترض أن مقر هذه الشركة يقع في برلين، إلا أنها ترتبط أيضاً عبر بريطانيا العظمى بشركات وهمية في بليز والجزر العذراء البريطانية.

تدعي هذه الشركة أنها تمنع المحتويات الإرهابية. ولكن حتى أيام قليلة، يبدو أن هذه المحتويات لم تشمل رسائل داعش. فقد ظهرت في الآونة الأخيرة على Telegram صور لإسلاميين يوزعون الحلوى في شوارع سورية احتفالاً باعتداءات باريس. يقول مسؤولون في وزارة الداخلية عند سؤالهم عن هذا التطبيق: {تحقق السلطات الأمنية في هذه المسألة}. وقبل أيام، أعلن القيمون على التطبيق أنهم منعوا عشرات القنوات التابعة لداعش، وأنهم يعملون على طرق أبسط تسمح للمستخدمين بالإبلاغ عن أي {محتوى علني مسيء}.

مبادرات ألمانية غير مدروسة

يشبه الوضع الراهن بالنسبة إلى السلطات سباقاً بين السلحفاة والأرنب. ففي فصل الصيف الماضي (بعد مرور أشهر على حظر نشاط داعمي داعش)، اعتقل صبي في الثالثة عشرة من عمره كان يحاول العثور على مَن يساعده في السفر إلى سورية. وتفيد التقارير إلى أنه بات متطرفاً بعد أن تلقى المعلومات على خدمة رسائل تابعة لبرنامج WhatsApp. يزداد عدد الفتيان والفتيات المراهقين الذين يقعون ضحية تجار الجهاد المنافقين. لهذا السبب، لم تبدو السلطات متفاجئة عندما سمعت إشاعات عن أن قتلة صغار السن كانوا متورطين في اعتداءات باريس.

في أوروبا تتساءل السلطات عن الوسائل التي قد تتيح لها منع وقوع الأولاد والمراهقين في دوامة التطرف. فكان رد الاتحاد الأوروبي العاجز إلى حد ما حتى اليوم تقديم روايات مضادة للمراهقين الأوروبيين تُظهر زيف القصص الجميلة التي تصوَّر عن الجهاد.

بالإضافة إلى ذلك، تبحث السلطات الأمنية عن {شهود أساسيين} في مختلف أنحاء أوروبا، أي مقاتلين سابقين خاب أملهم وعادوا من الشرق الأوسط ويستطيعون اليوم تقديم روايات عالية المصداقية عن الحياة اليومية القاسية في ظل حكم داعش. تكمن المشكلة الوحيدة في أن أعداد هؤلاء قليلة. لا شك في أن كثيرين يندمون على مشاركتهم في الحرب في سورية والعراق، إلا أن ذلك لا يعني أنهم نموا حباً جديداً للدول الأوروبية التي يأتون منها.

في ألمانيا، تطور الوكالة الفدرالية للتربية المدنية هجمات رقمية مضادة بمساعدة نجوم على موقع يوتيوب، مثل فلوريان موندت الذي يعرف كل شيء في برلين، أي LeFloid، حتى إنه حظي بفرصة إجراء مقابلة مع المستشارة الألمانية في الصيف، وهاتيس شميدت التي تجذب عادةً عشرات آلاف الفتيات المراهقات بنصائحها عن التبرج.

بدأت شميدت أخيراً بتوضيح مفاهيم أساسية في الإسلام من وجهة نظر معتدلة في #whatIS. يوضح مدير هذه الوكالة توماس كروغر أن مستخدمي يوتيوب يتمتعون {بمصداقية كبيرة على شبكة الإنترنت. ونأمل أن نحقق تأثيراً ملحوظاً}.

لكن نيكو بروشا، باحث في شؤون الجهاد في فيينا، يشير إلى أن عليه الانتظار طويلاً على الأرجح. ويتابع موضحاً أن الروايات المضادة التي تروج لها الحكومة لا تشكل وسيلة لاختراق شبكات المتعاطفين مع داعش. فمن الجلي، وفق بروشا، أن الغرب يفتقر إلى إستراتيجية لمحاربة عقيدة داعش. ويضيف: {نشبه ملاكمين يضربون الهواء}. يوافقه بيتر نيومن، خبير الإرهاب المشهور وبروفسور في الجامعة الملكية في لندن، الرأي. يذكر: {كلما ازدادت السلطات استياء من داعش ودانته، جعلته أكثر جاذبية في نظر الناس}. لذلك يبقى الخيار الوحيد أن نقدم لهم برنامجاً على القدر ذاته من الجاذبية. ويشير نيومن إلى أن إلمانيا ما زالت متأخرة عن دول مثل بريطانيا العظمى وهولاندا في تدابير الوقاية. فتفتقر برلين، وفق نيومن، إلى الهدف والبنية الضروريين. يقول: {تحتاج ألمانيا إلى خطة عمل وطنية}.

يشير نيومن إلى بعض المقاربات الواعدة. ففي بريمن مثلاً، تتولى مبادرة الوساطة بين الثقافات {كتاب} راهناً 150 حالة. فكان شبان كثر يخططون للسفر إلى سورية، إلا أن المجموعة نجحت في ردعهم من خلال المحادثات والنشاطات المكثفة. يدير المشروع مدرّسان يعملان بدوام جزئي، علماً أن نيومن يعتبر هذا العمل {دعابة}.

في المستقبل، سيتولى مكتب على صعيد الدولة تنسيق العمل الوقائي في مبادرات مثل «كتاب». وقد وافقت لجنة الموازنة في البرلمان الألماني أخيراً على تخصيص 320 ألف دولار للمشروع.

لكن نيومن يعتقد أن على الحكومات أن تتعاون أيضاً مع مشغلي شبكات التواصل الاجتماعي لمنع انتشار ثقافة الإسلاميين الشعبية، وأن تطلق صندوقاً مشتركاً لتسديد تكاليف أي مشاريع إضافية. يقول: «تخيلوا ما يلي: تعلن عن مسابقة على موقع يوتيوب يُطلب فيها من المشاركين توضيح لمَ داعش على خطأ. يحصل الفائز على 10 آلاف يورو. فتتلقى 5 آلاف شريط مسجل في غضون فترة قصيرة. يكون أربعة آلاف منها تافهاً، إلا أن الألف المتبقية تشكل دعاية فاعلة ضد داعش». يخبر نيومن أنه طرح هذه الفكرة أخيراً على المسؤولين في الولايات المتحدة، حتى إن نائب وزير الخارجية اجتمع به مدة ساعة. يذكر نيومن: «ظن الجميع أنها فكرة ممتازة». لكنه يؤكد أن اهتمامهم بها لم يتحول إلى خطوات عملية حتى اليوم.

back to top