الأغلبية الصامتة: العقل هو الحصن الأول

نشر في 26-11-2015
آخر تحديث 26-11-2015 | 00:05
هناك شبه إجماع على وجود أخطار تحيط ببلادنا، وشبه إجماع على أن الحلول الأمنية ليست هي الحل الوحيد، لكن الجميع مختلف على الطرق الأخرى، فإذا لم نكن مجتمعا حصنه الأول لمحاربة الأفكار المتشددة العقل فلن تحمينا القصائد والأغاني الوطنية.
 إبراهيم المليفي تبدأ الكذبة بأن الحوار مفتوح ثم نكتشف أنه مغلق بين أشخاص بعينهم، حفلة الكذب تتواصل بخصوص اتساع مساحة النقد لأي شيء وما إن تكتمل الجلسة حتى يبدأ الكذابون بسد أفواه الحاضرين بشريط لاصق يحمل علامة تجارية شهيرة اسمها "ثوابت".

هناك شبه إجماع على وجود أخطار تحيط ببلادنا، وشبه إجماع على أن الحلول الأمنية ليست هي الحل الوحيد، لكن الجميع مختلف على الطرق الأخرى، وأولها زرع الحصانة الفكرية التي تجعل الفرد قبل المجتمع يخنق الأفكار المنحرفة في مهدها.

متخذ القرار يريد من المجتمع محاربة الإرهاب معتمدا على منتجي الفكر الإرهابي فكيف يكون ذلك؟ هي مجرد أوهام وركون الى الحلول السهلة المباشرة لعجز في مواكبة الحدث أو قصور في استيعاب الفكرة المكررة، الفكر المنغلق الاستعلائي المحتكر للحقيقة وتفسير أحداث الماضي والحاضر جزء من المشكلة لا جزء من الحل، لقد تم تجريب ذلك مئات المرات والنتيجة تأتي دوما عكسية.

يريدون من العقول الطرية أن تختار معسكر الاعتدال واحترام الدستور وقوانين الدولة في بيئة أفرغت من الخيارات الجيدة ولم يبق فيها غير سيئ وأسوأ، بين أن تبارك القتل بصوت عال أو بابتسامة مخفية، كيف سيتقبلون وجود مخلوقات وأفكار غير التي عرفوها في المنزل والمدرسة، والاحتكاك مع الثقافة العالمية محرم خشية الذوبان فيها وضياع الهوية؟

مئات الوسائط الرقمية القادرة على حقن عقولنا بالأسئلة وتوسيع آفاق مداركنا نستعملها في زيادة الكراهية والبغضاء لأن الأساس ضعيف والصدمة التكنولوجية التي دفعتنا دفعا نحو اكتشاف الآخرين أذهلت البعض وأربكت البعض الآخر، فلم يكن هناك خيار غير الخيار الذي أفرغت الساحة لأجله إما السيئ وإما الأسوأ.

لا أعلم من أين يبدأ الحل طالما أن متخذ القرار مصرّ على محاصرة الكتاب والمسرحية والنقد والرسم والعلم وكل الألوان التي رسمت الكويت فيما مضى بأجمل الصور، ولكن التعليم ومن يقوم عليه عامل مهم وخطير في صياغة تعليم يعزز الهوية الوطنية التي هي فوق كل الهويات الفرعية، ويغرسها في وجدان آلاف الأجيال القادمة، وتلك مهمة جبارة قياسا بحالة التردي والتراجع التي نعانيها، ولكن لكل شيء بداية والأمثلة الناجحة تجر النجاح خلفها.

لندرس إعادة الاعتبار للكتاب والبحث العلمي والمسرح الجاد والرياضة من خلال رصد الجوائز الكبرى التي تمتد دوائرها الإيجابية لأبعد من ثلاثة فائزين، ولندرس إعادة الاعتبار للروح القتالية في الجهاز الإداري عبر تغليب الكفاءات ومحاربة الفساد الذي يمثل البوابة المثالية لدخول الإرهاب والإرهابيين.

في الختام إذا لم نكن مجتمعا، العقل فيه هو الحصن الأول لمحاربة الأفكار المتشددة فلن تحمينا القصائد والأغاني الوطنية في السير عكس كل ما نتمناه في قيام مجتمع صحي قوي متماسك يموت فيه التطرف ويحيا به الاعتدال.

back to top